العربية لحقوق الإنسان: البعثة الدولية للمنظمة ستتابع المرحلة الثانية من انتخابات النواب في 20 لجنة عامة ب8 محافظات    وزير الإسكان ومحافظ الفيوم يتفقدان توسعات محطة معالجة "كحك" بمركز يوسف الصديق    مشروع البتلو| طفرة في إنتاج مصر من اللحوم والألبان.. نائب وزير الزراعة: مشروع البتلو وفر فرص العمل للشباب الخريجين.. الصياد: المشروع يمول شراء الماشية والتغذية ويقدم الإشراف البيطري المستمر    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا العدوان الإسرائيلي    غزة والسودان والاستثمارات.. تفاصيل مباحثات وزير الخارجية ونظيره النيجيري    الأهلي ينعي نبيل خشبة أمين صندوق اتحاد كرة اليد    سلوت: تحميل صلاح مسؤولية الخسارة أمام مانشستر سيتي «ليس عدلا»    الإعدام شنقا لصاحب محل أحذية قتل صديقه وألقى جثته داخل مصرف بالشرقية    الصحة: الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية في مصر مستقر تماما.. ولقاح الإنفلونزا متوفر بالوحدات الصحية    كيف تحمي الأغذية الصحية الدماغ وتؤخر الأمراض المزمنة في الشيخوخة؟.. دراسة تجيب    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    شهيد في غارة إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    يخدم 950 ألف نسمة.. وزير الإسكان يوجه بالإسراع في تنفيذ مجمع محطات مياه بالفيوم    مؤتمر عبد الرؤوف: هذا ترتيب حراس الزمالك.. وشيكو بانزا أرسل شهادة وفاة أخيه    يلا شووووت بث مباشر YouTube... مشاهدة مباراة الهلال والفتح في دوري روشن السعودي | شاهد البث دون تقطيع أو تشفير    بث مباشر.. الهلال والفتح.. مواجهة نارية تحمل تاريخًا طويلًا وهيمنة زرقاء مستمرة في دوري روشن    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    الإحصاء: 10.6% ارتفاعا في حجم الصادرات المصرية إلى مجموعة دول العشرين خلال 9 أشهر    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    أبرز 6 مواصفات للسيارة الحضارية بديل «التوك توك» في الجيزة    وزير الثقافة يختتم فعاليات الدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    تحضيرات خاصة لمسلسل "أنا وهو وهم" قبل تصويره لموسم رمضان 2026    نسرين طافش وأحمد صلاح حسني بطلا مسلسل أنا وهو وهم في رمضان 2026    موعد عرض الحلقة الرابعة من برنامج دولة التلاوة على قنوات المتحدة    الحكم على مها الصغير في قضية سرقة اللوحات 27 ديسمبر    مايان السيد: "عانيت من الخوف سنين ومعنديش مانع أتابع مع طبيب نفسي"    الإفتاء يوضح حكم التأمين على الحياة    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    كيف نحمي أطفالنا في المدارس؟.. خبيرة تربوية ونفسية تجيب | فيديو    الرعاية الصحية: الوعي أساس إنقاذ الحياة.. وبرنامج ترشيد المضادات مشروع وطني استراتيجي    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    آخر تطورات سعر الين الياباني أمام الجنيه في البنك المركزي    الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدتين جديدتين في زابوروجيه ودونيتسك    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    إصابة 28 عاملا وعاملة فى حادث انقلاب سيارة بمركز سمسطا ببني سويف    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    بالأسماء.. إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب تروسيكل بالبحيرة    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    ليلة فرحها.. جنازة مهيبة لعروس المنوفية بعد وفاتها داخل سيارة الزفاف    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قليل من الزهد.. كثير من الجهل

حالة من الجهل والعجز تنتاب السينما المصرية عندما يتعلق الأمر بالدين، سواء كان الحديث عن التاريخ أو الشخصيات أو حتى فى التعبير عن أسلوب العبادة الذى يتخذه البعض وبشكل أكثر تحديداً - التصوف. الذى لم يتم التعبير عنه بشكله الصحيح والحقيقى لا فى الأعمال التى تناولته بشكل صريح ولا الأعمال التى حاولت إلقاء الضوء عليه. وفى الأغلب لا يظهر التصوف أو المتصوفون إلا فى صورة ربما لا تمت للواقع بصلة. والأعمال الفنية التى ظهرت فيها أحياناً مشاهد عن المتصوفين لم تخرج عن تصوير حلقات ذكر من خلال شخصيات تهز رءوسها يمينا ويساراً كما لو أن حالة هيستيرية انتابتها. ولم نر فى أعمال كثيرة صورة قريبة أو صادقة لشكل الحضرات أو للشخص المتصوف.

وعلى الرغم من أن الدين كان له تواجد كبير فى السينما منذ سنوات طويلة، والأعمال الدينية تنتج منذ الخمسينيات، لكن الاقتراب من التصوف والمتصوفين كان محدوداً ونادراً. وغالباً ما يأتى من خلال فنانين يكونون فى حياتهم الحقيقية متصوفين ولديهم علم وإدراك وثقافة بالمعنى الحقيقى للتصوف. وكان من بداية المحاولات التى ينتمى أصحابها للتصوف فيلم للفنان «عباس فارس» وهو «السيد البدوى» من إخراج «بهاء الدين شرف» عام ,1953 حيث قام «عباس فارس» - الفنان المتصوف - بتجسيد شخصية السيد أحمد البدوى وشاركه بطولة الفيلم «تحية كاريوكا»، «كوكا»، و«سراج منير».. وقد ارتكز الفيلم فى الأساس على محاولة أميرة العراق «فاطمة بنت برى - تحية كاريوكا» إغواء السيد البدوى ثم هدايتها على يده، واهتم الفيلم بتمثيل حياة اللهو والعبث من خلال مشاهد الرقص والعرى للتعبير على قدرة البدوى على تغيير ذلك. وهداية وإرشاد الناس لطريق الله أو المغالاة فى إظهار مشاهد تبين كرامات البدوى.. وفى محاولة مجتهدة ولكنها متعجلة لإظهار بعض من القصص والمواقف المعروفة عن البدوى يسير الفيلم. ويبدو أن هذه المحاولات جعلت الفيلم غير متماسك دراميا ومفتقدا إلى الدقة والسرد المحكم. وهذا ما أدى بدوره إلى حالة الظلام المحاطة بالفيلم الذى لم يعلم عنه الكثيرون شيئا وربما لم يره معظم المصريين.
ثم تقدم السينما المصرية فى السنوات اللاحقة لفيلم «السيد البدوى». فيلمين عن نفس الشخصية «رابعة العدوية» واحدة من أشهر الشخصيات المتصوفة فى التاريخ الإسلامى.. الفيلمان تم التحضير لهما فى نفس الوقت. وعقب موافقة رجال الأزهر على إمكانية تقديم حياة رابعة على الشاشة. الفيلم الأول هو «شهيدة الحب الإلهى» إخراج «عباس كامل» عام .1962 بطولة الممثلة اللبنانية «عايدة هلال»، «رشدى أباظة» وحسين رياض» والفيلم الثانى هو «رابعة العدوية» إخراج «نيازى مصطفى» عام .1963 بطولة «نبيلة عبيد»، عماد حمدى» و«فريد شوقى».

الفيلمان تصارعا طوال فترة تنفيذهما بداية من اختيار العنوان وحتى اختيار نفس المصدر كمرجع للسيناريو وهو كتاب «رابعة العدوية شهيدة العشق الإلهى» من تأليف «عبدالرحمن بدوى». ولكن الفيلم الأول «شهيدة الحب» اختصر إلى حد كبير النصف الأول من حياة رابعة وكان تسليط الضوء على النصف الثانى الذى زهدت به، وأيضا ابتعد عن تجسيد شخصية رابعة» على أنها بائعة هوى أو تلقى بجسدها لمن يريد، فهى ترفض أن تمنح جسدها لأى رجل وتكتفى بالغناء مضطرة لأنها جارية. وقد اختار المخرج صوت المطربة «سعاد محمد» لأداء الأغانى. بينما جاء الفيلم الثانى «رابعة العدوية» - وهو الأشهر حتى الآن - فى صورة أكثر ترفاً. فالفيلم قدرت له ميزانية ضخمة 40 ألف جنيه. وقامت «أم كلثوم» بأداء الأغانى وظهر الفيلم بالألوان. ولكن وقع الفيلم فى فخ التكثيف من إظهار النصف الأول من حياة رابعة وهو النصف الملىء بالمجون، و«رابعة» هنا تعيش حالة عشق للأمير «عصام - عماد حمدى» ولكنها تنهار بعد مقتله وتندرج فى حياة السكر وتمنح جسدها لأى رجل فى محاولة للنسيان.. فى كلا الفيلمين يظهر رجل زاهد ليهدى رابعة إلى طريق الله وتستجيب له وتذهب لتعيش منعزلة فى الصحراء وتكون أشهر المتصوفات. تعرض الفيلمان لانتقادات عنيفة بسبب نصفهما الأول الذى رآه الباحثون مليئا بالأخطاء وغير حقيقى ولا يلتزم بالواقع التاريخى .خاصة أن الدراسات التاريخية عن رابعة تؤكد أنها قد نشأت فى بيئة إسلامية صالحة، حفظت القرآن ودرست الحديث.. ورفضت الزواج وعاشت طوال حياتها عذراء لأنها انصرفت إلى التعبد والزهد.

بعد هذه الأعمال المحدودة عن المتصوفين ابتعدت السينما تماما عن تجسيد أى شخصيات متصوفة، وعلى الرغم من أن تاريخ التصوف ينتمى إليه شخصيات مثل: صلاح الدين الأيوبى والعز بن عبدالسلام فإن الفيلمين اللذين ظهرت بهما هذه الشخصيات. لم تسلط الأضواء على هذه الناحية عندهما. فى فيلمى «الناصر صلاح الدين» و «وا إسلاماه».

واستمرت السينما فى تجاهل تجسيد أى من الشخصيات الصوفية على الشاشة وذلك على الرغم من أن التاريخ يمتلئ بمثل هذه الشخصيات والبحث وراء بعضها كان من الممكن أن ينتج عنه حكايات درامية تليق بالسينما وتجذب المتفرجين خاصة بعد نجاح «رابعة العدوية».. ولكن السينما لم تتعامل بشكل جاد مع التصوف.. وقررت بعض الأفلام فقط الاكتفاء بإظهار بعض المقامات أو الأضرحة كضرورة درامية تتعلق بلجوء الفقراء والمظلومين والمغلوبين على أمرهم إلى الأولياء. ليس تصوفا منهم ولكن تظهرهم الدراما على أنهم جهلة يكتفون بالدعاء والتوسل للأولياء لتلبية مطالبهم أو إزالة الظلم عنهم ويظهر ذلك على سبيل المثال فى «الزوجة الثانية» إخراج «صلاح أبو سيف» عندما تشكو فاطمة - سعاد حسنى محنتها ويأتيها الرد من أحد المشايخ ليطمئنها. وفى «الأرض» إخراج «يوسف شاهين» عندما تدعو «وصيفة» لوالدها أو يدعو «عبد الهادى» كى تكون «وصيفة» من نصيبه وكذلك نجد مشاهد متشابهة فى «قنديل أم هاشم» إخراج «كمال عطية»، «بين القصرين» إخراج «حسن الإمام» و«الأرض الطيبة» إخراج «محمد ذو الفقار».

وفى سنوات لاحقة ومع موجة الواقعية الجديدة التى ظهرت فى الثمانينيات، يبدأ المخرجون فى إعلانهم للتمرد على مثل هذه المواقف فينتقدونها فى إفلامهم ويعتبرون أصحابها سواء الأولياء أو المريدين نماذج سيئة للدين والتدين.. ويتجلى ذلك فى أفلام «للحب قصة أخيرة» إخراج «رأفت الميهى»، «سارق الفرح» و«الكيت كات» إخراج «داود عبدالسيد».. بينما يقدم الراحل «عاطف الطيب» نموذجاً يعد هو الأهم فى التعامل مع أزمة الصراع بين العلم أو الفكر والدين من خلال فيلم «قلب الليل» عام 1989 المأخوذ عن رواية بنفس العنوان ل«نجيب محفوظ». ومن بطولة «نور الشريف» و«فريد شوقى» فى الرواية ثم الفيلم تتجسد شخصية الجد - فريد شوقى وهو شخص متصوف، متدين يقيم فى قصره أمسيات لكبار المنشدين ويأمل أن يتخذ حفيده نفس الدرب ولكن الحفيد يحاول - كما حاول الأب من قبله - الخروج عن هذا العالم واكتشاف العالم الخاص به والمنهج الذى يجمع بين الفكر الشيوعى والإسلامى معا.

وبعد سنوات من «قلب الليل» يظهر البطل المتصوف من جديد فى فيلم «ألوان السما السبعة» إخراج «سعد هنداوى» عام 2007 ومن بطولة «فاروق الفيشاوى» و«ليلى علوى».

الفيلم يحاول الذوبان فى عالم من الروحانيات التى تتجسد فى الموسيقى والتصوير ليوصل إحساس البطل الذى تتلاشى نفسه وتسمو روحه لتكاد أن تصل للسماء السبعة.

ومع ذلك تستمر السينما فى التعامل مع التصوف بنفس أسلوب مخرجى الستينيات، فالمقامات والأضرحة لا تخص إلا الفقراء والجهلة والحضرات وحلقات الذكر تصور على أنها حالات من الهيستيريا الجماعية البعيدة. أو حتى يذهب البعض دون أن يدرى ماذا يفعل أو يقول أو من يناجى. مثل «فرنسا - عبلة كامل» فى فيلم «خالتى فرنسا» إخراج «على رجب» عندما تقف أمام المقام وتلغز جارتها لتسألها «هو اسمه إيه يا أختى؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.