بعيدًا عن المبالغات.. حوالى 40 ساعة عاشها فريق اختيار الحكومة الجديدة بدون نوم فعلاً، وسط حالة من الجدل والفرقعة الإعلامية وبورصة من الأسماء بين المرشحين والمكلفين والمستبعدين، وفى هؤلاء من يطرح أسماءهم الإعلام لأهداف ما، إما تلميعهم أو حتى حرقهم، كانت هناك وزارات معقدة كان من الصعب اختيار وزير لها، وأبرزها «الثقافة» و«العدل» و«التعليم العالى»، وهناك وزراء عادوا بعد الرحيل الأكيد مثل «عادل عبدالحميد» وهناك وزراء رحلوا بعدما اطمأنوا على البقاء مثل «أيمن أبو حديد» وزير الزراعة! وهناك وزراء فتحت ملفات فسادهم وأثيرت علامات استفهام مستفزة حولهم، وعن حيرة الحكومة بسبب اختيارهم، وطبعًا كان هناك جدل خاص جدًا لوزير الدفاع حتى الساعات الأخيرة لمثول الجريدة للطبع، وأحبط الكثيرون لعدم تغيير وزير الداخلية رغم القصور الأمنى الذى نعانى منه! «روزاليوسف» رصدت هذه الكواليس، وكان لها هذه التغطية الخاصة جدًا حتى اللحظات الأخيرة لأداء الحكومة اليمين أمام رئيس الجمهورية.
فور تكليف «إبراهيم محلب» بتشكيل الحكومة الجديدة بدأت الاتصالات واللقاءات والترشيحات فى كل مكان، وكان بعض الوزراء يتعاملون مع محلب باعتباره رئيس الوزراء ويهتمون بالتقرب إليه على اتصالاتهم وعلاقتهم بالببلاوى نفسه!
وأبقى «محلب» على 15 وزيرًا من حكومة الببلاوى وتم دمج ثلاث وزرات وهى دمج التخطيط مع وزارة التعاون الدولى وتولى الوزارتين د.أشرف العربى.. ودمج وزارة التعليم والبحث العلمى وتولى المسئولية فيها د.«أشرف منصور» رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية والذى استبعد فى اللحظات الأخيرة بعد ضغوط كبيرة من المجلس الأعلى للجامعات قادها «جابر نصار»، واقترب منها د.سيد عبدالخالق رئيس جامعة المنصورة، وكان من أول المستبعدين حتى قبل التعيين، طاهر أبو زيد وزير الرياضة بعد أزماته المتكررة ومنها مع النادى الأهلى واللجنة الأوليمبية برئاسة خالد زين رغم أن أبو زيد حاول الحفاظ على ميزانية الرياضة التى تقدر ب900 مليون جنيه، إلا أن ضغوط اللجنة الأوليمبية وتصعيد الأهلى ضد أبو زيد أطاح به وتولى وزارته خالد عبدالعزيز بجانب «الشباب» لتكتل الجميع ضد «أبو زيد».
ومع عدم ظهور د.هانى محمود وزير التنمية الإدارية بدور كبير فى الفترة الماضية دمجت وزارته مع التنمية المحلية لأول مرة منذ فترة كبيرة تحت قيادة اللواء عادل لبيب، وأداء منير فخرى فى وزارة الاستثمار كافأه بإضافة ملفات اقتصادية أخرى، ورحيل أسامة صالح وزير الاستثمار المحسوب على الحزب الوطنى ولجنة السياسات ويرجع استبعاده أيضًا إلى إغلاق الوزارة على نفسها، وعدم أداء دورها فى أزمة الحد الأدنى للأجور وتصدير المشاكل إلى «المالية» ورئاسة الحكومة!
وتبقى وزارة الصحة حائرة حتى الساعات الأخيرة، وتبقى الأسماء المرشحة حتى الآن د.أحمد على مؤنس ود.محمد غنيم وآخرين وربما تستمر مها الرباط، وأثار استبعاد د.محمد عبدالمطلب وزير الموارد المائية والرى ردود أفعال مختلفة، رغم قيامه بدور جيد فى أزمة سد النهضة الإثيوبى وتخاذل دور الوزراء السابقين عن تحسين العلاقة مع دول المنبع للنهر، خاصة إثيوبيا، وألمحت مصادرنا إلى رفض عبدالمطلب الأسماء التى طلبها «محلب» عندما كان وزيرًا للإسكان بتولى نقابة المهندسين التى تتبع إداريا إشراف وزير الرى، وذلك أثناء عقد جمعية عمومية للوزارة باستاد القاهرة، وكان «محلب» قد طلب من «عبدالمطلب» تولى أسامة شوقى رئيس اللجنة لإنقاذ نقابة المهندسين من الإخوان، إلا أن «عبدالمطلب» شكل لجنة أخرى برئاسة «فاروق الدسوقى» ونجح «عبدالمطلب» فى حل أزمة المهندسين، وهو ما جعل «محلب» يقرر التخلص منه وترشيح «د.طارق حنفى قطب» لتولى الوزارة، ورغم صدور تصريحات من قطب عن أزمة السد والحكومة الجديدة، فإن محلب عاد والتقى مع د.عبدالمطلب وزير الرى ظهر أول أمس الخميس وأعاده للاستمرار فى الوزارة لوجود بعض الملاحظات على د.طارق قطب، ومازال مترددا فى استمراره.
ويتردد حتى اللحظات الأخيرة أن التشكيل الجديد شهد صفقة مع الإخوان من خلال تعيين وزير العدل وهو المستشار محفوظ صابر مساعد وزير العدل للتفتيش والقضاء بأنه عضو بتيار استقلال القضاء وكان أحد قيادات وزير العدل الإخوانى أحمد مكى، والمدهش أن هذا الوزير سوف يكون عضوا بالمجلس القومى الأمنى الذى صدر قرار به من رئيس الجمهورية ويضم 7 وزارات.
الغريب أن الترشيحات كانت تصب فى صالح المستشار عادل الشوربجى، لكن مع تغييرات اللحظات الأخيرة ظهرت مستجدات أخرى لهذه الوزارة المثيرة، منها عودة المستشار بركات عبدالمجيد للصورة من جديد بعد استبعاده مع ظهور أيضا المستشار عزت خميس المتولى ملف قضايا الإخوان فى وزارة العدل، وتبقى العدل فى حالة ترقب لحسم الأمر ومراجعة المواقف. ويأتى اعتذار د.أحمد إمام وزير الكهرباء عن منصبه أكثر من مرة لظروفه الصحية سببًا أساسيًا فى استبعاده، لكن ترشيح د.أحمد شاكر المرقبى وهو أستاذ هندسة الكهرباء بجامعة القاهرة، ليحدث أزمة جديدة فى تشكيل الحكومة، خاصة أنه كان مرشحا على قائمة الإخوان فى نقابة المهندسين، ولم يعترض على قرارات الإخوان داخل النقابة، خاصة القرار الخاص بإعمار غزة بين حماس والإخوان، واستمر بالنقابة خلال فترة الإخوان ولم يعترض على دعم النقابة لاعتصام رابعة والنهضة والملايين التى تم إهدراها من النقابة وكان يشغل منصب وكيل أول النقابة، وهو ما أدى إلى صدمة بين المهندسين.
وتصور البعض أنها صفقة أخرى مع الإخوان والحكومة لتهدئة الأجواء، لكن البعض أكد أنه اتخذ مواقف إدارية مضادة للجماعة الإرهابية.
وكان أمام «محلب» العديد من الأسماء لتولى المنصب، خاصة من داخل تيار استقلال النقابة الذى أطاح بالإخوان من نقابة المهندسين أو من أساتذة الجامعة فى مجال الكهرباء.
وتبقى أزمة وزارة الثقافة بعد ترشيح د.أسامة الغزالى واعتراض غالبية المثقفين عليه ورغم لقائه بمحلب فإن ضغط المثقفين عليه جعله يتراجع عن قرار ترشيح «حرب» والتقى بالدكتور «أحمد مجاهد وهو المرشح الأقرب للوزارة بعد تراجع ترشيحات د.صابر عرب عن الاستمرار فى الوزارة وقوة شخصيته داخل حكومة «الببلاوى» بجانب استقبال «محلب» للفنان محمد صبحى مرشحا جديدًا للوزارة حتى مساء أول أمس الخميس، ولكنه اعترض حتى لا يكون فنانًا مساءً ووزيرًا صباحًا، وظهر اسم أشرف غريب.
ورغم المخاوف من ذكر عائلة «والى» وعودتها للسياسة مرة أخرى، فإن «محلب» اختار د.«غادة والى» أمين عام الصندوق الاجتماعى وابنة د.فتحى والى خلفا لدكتور أحمد البرعى الذى يتفرغ لتولى منصب دولى وهو مدير منظمة العمل العربية، ورغم التحفظ على عائلة «والى» وذكرياتها مع الشعب المصرى ود.يوسف والى تبقى خبرة د.غادة فى العمل الأهلى والمنظمات الدولية داعما لها فى تولى الوزارة.
ومازالت الاتصالات واللقاءات مستمرة بين رئيس الوزراء وبعض المرشحين لحسم باقى الوزارات أو التراجع عن بعض الأسماء التى تم الاعتراض عليها من العديد من الاتجاهات خاصة وزيرى العدل والكهرباء!
وفى اللحظات الأخيرة لا يزال لم يتحدد مصير لقاء محلب مع المشير السيسى بسبب تعقيدات المشهد، فيما ظهر اسم «د.عبدالمنعم البنا» فى ملف وزارة الزراعة بعد استبعاد «أيمن أبو حديد».