(الأنوثة مقابل الحرية) هكذا اعتبرها الخبراء وهتفت بها آراء الفتيات ليجمعن على الثمن الذى فى مقابله تنال المرأة العربية والمصرية (تحديدا) حريتها كما هى الغربية. تطور مفهوم الحرية فى المجتمع الغربى ومنحت المرأة الحق الكامل فى حريتها فنالت ما تريد من المساواة بالرجل فى الحقوق والواجبات والوظائف العامة والتجنيد وغيرها، من الطبيعى أن يكون لكل شىء ثمن هكذا ارتضت المرأة الغربية فيحق لها الانفصال عن أهلها فى سن 18 عاما ويعتبرها القانون فردا عاملا تماما كالرجل أما المصرية فدفعت الثمن فى أوائل القرن الماضى فى حرية ارتداء الملابس بعد ثورتها على البرقع واليشمك.
كذلك دخول الوظائف الحيوية والتى كانت حكرا على الرجل كالعمل فى المصانع والقضاء والتجنيد وحمل السلاح والتدريس بالجامعة والطب والهندسة وغيرها من المهن التى كانت مقتصرة على الرجال؛ بينما تنازلت مقابلها عن حلم الأمومة.
فى المقابل ظهرت العشرات من الحقوقيات والمناديات بمساواة المرأة بالرجل، حيث عانت المرأة المصرية فى الآونة الأخيرة من انتهاك لحقوقها الإنسانية كانتشار التحرش الجنسى بشكل لافت فى ظل غياب وتواطؤ من الأمن ضدها، وختان البنات، وتصاعد سطوة الجماعات المتشددة، مما جعل وضع المرأة يصبح سيئا للغاية ووفق دراسة أجريت مؤخرا كشفت أن مصر أسوأ مكان يمكن للمرأة أن تعيش فيه وشملت الدراسة 21 دولة أعضاء فى الجامعة العربية.
حلم الحرية راود الحقوقيات بعد تفاقم الأوضاع وتردى أحوال المرأة المصرية وتراجع المكتسبات التى حققتها فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى.
ثمن الحرية
وأشارت دراسة حديثة إلى أن كثيرات من طالبات الجامعات فى فرنسا يوفرن أقساطهن الجامعية من خلال عملهن كمرافقات للرجال الذين يدفعون، كما أن أمريكا بها أكثر من مليون امرأة تمارس الدعارة رسميا.
كما أكدت الدراسات أن المرأة لا تعطى أجرا مساوياً للرجل وأنها تستغل جنسياً فى أحوال كثيرة أثناء العمل. وأصبح الحال أن المرأة فى الغرب يجب عليها أن تعمل إن أرادت الحياة وليس مطلوباً من أى رجل الإنفاق عليها ما يجعلها تمتهن وتستغل فى أحيان كثيرة حين تعمل من أجل قوت يومها.
وبدافع إثبات الذات والوجود وحق المساواة قد تضطر العديد من الفتيات لارتداء عباءة (الاسترجال) أى التشبه بالرجل فى تصرفاته وأقواله وأحيانا ملابسه، مُنحية الأنوثة جانبا، والاستقواء على الرجل بمظهر الرجل، كذلك لوحظت هذه الظاهرة فى العديد من المناطق الشعبية حيث تقوم المرأة بمهام الرجل بل وتكون لها أحيانا الكلمة الأولى والأقوى.
د. فرخندة حسن الأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة، تقول إن هناك فرقا بين الحق والحرية، والأولى أبدى من الثانية فالحرية تعطى للمرأة، حينما تنال حقها الإنسانى فى العيش بكرامة كالرجل، نافية أن تكون المرأة الغربية فقدت أنوثتها مقابل حريتها بل العكس هو ماحدث، وأضافت: عشت معهن ولم أشعر أنهن فقدن الأنوثة، بعضهن اضطر لذلك مقابل العمل، كنوع من الحرية ومثال على ذلك نجاح العديد من الشخصيات النسائية فى المجال السياسى والعمل العام دون التنازل عن حلم الأسرة أو الأنوثة كهيلارى كلينتون.
وأوضحت حسن أن البعض يُسئن استخدام مفهوم الحرية وتعتبره إلغاء كاملا لإنسانيتها وشخصيتها مقابل الحصول على شىء ضد التقاليد؛ لكن لابد من مراعاة البيئة الاجتماعية والمحافظة عليها، المرأة لها الآن الحرية فى التحدث ومناقشة آرائها وأن تصل لتوافق بينها وبين زملائها فى العمل وزملائها واختلف مفهوم الحرية الآن بأن أضحى لها حرية الاختيار فى إتمام الدراسة أو العمل.
د.عزة كامل، مدير مركز «أكت» للمرأة قالت إنه حتى الآن لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة فى كل بلدان العالم فالمرأة فى الخارج تمتهن أكثر من العربية والمصرية ومتخلية عن إنسانيتها أكثر من العربية.
ولفتت كامل إلى أن المرأة طوال الوقت تدفع ثمن حريتها دون نيلها، تدفعها فى تخليها عن حقوقها وعدم نيلها المناصب التى تستحقها، والمرأة المصرية بصفة عامة لم ينصفها أحد لتأخذ حقوقها كاملة.
وأضافت كامل أن الحرية بمفهومها الحالى تغير كثيرا فأصبح لابد ألا ينتقص أحد من حق المرأة فى العيش والحياة، وألا يتخذ أحد القرار بدلا منها وألا يتحكم بها أو بمصيرها أحد.
وتنوعت آراء الفتيات لتتفق على مطلب الحرية لتؤكد على الاستعداد الكامل لدفع الثمن، «أنا شايفة إن الثمن إنها بتخسر حياتها الشخصية على حساب حياتها العملية» بدأت به شيرين أبوالعز، مذيعة براديو أرابيسك، رأيها حول ثمن الحرية الواجب دفعه من الفتيات، وأضافت أن هناك اختلافا جوهريا بين المرأة الشرقيةوالغربية، الأخيرة يمكن أن تحصل على حرية كاملة لكن تربية الشرقية وثقافتها والتقاليد تقف حائلا ضد نيلها حرية كاملة.
ولفتت أبوالعز إلى أن المرأة الشرقية تستطيع تحمل المسئولية أكثر من الرجل، فهى تستطيع حمل مسئولية العمل والمنزل وفقا لثقة الرجل بها .
وتؤكد أبوالعز أن الحرية اختلف مفهومها قديما عما هى عليه فأصبح بإمكان الفتاة العيش بمفردها والعمل والدراسة والإنفاق على ذاتها بدون مساءلة أما وجود الرجل فى حياتها، فلم يعد تواجده بشكل أساسى فى حياتها لأنها تريد الاستقلالية.
أما دعاء حمزة، طالبة، فتقول المرأة لن تحصل على حقوقها كاملة وأبدأ بمصر، لأن الرجل الشرقى تربى على فكرة واحدة وهى الصوت الأعلى والأقوى ولابد من الطاعة العمياء دون تفكير أو مناقشة؛ ورغم ذلك أصبح لها الحق فى اختيار شريك الحياة دون ضغط من الأهل، كما أصبح لها حق إتمام التعليم، أما العمل بالطبع فهناك وظائف متاحة للرجل فقط دون المرأة.
وترى دعاء أن للفتاة المصرية حتى تنال حريتها كاملة أن تدفع الثمن وعليها أن تتشجع فى نيل ذلك وألا تخاف المجتمع مهما كانت العواقب وإن فرض عليها أسلوب معين فى الحياة، وبعض التدخلات فى الحياة الشخصية قائلة «خليها تسترجل».
10 سنوات هى المهلة التى أكدتها دعاء حتى تنال الفتاة الحق فى العيش بحرية وشخصية مستقلة فى مصر شأنها شأن الغربية ورفضت التخلى عن فكرة الزواج مقابل نيل جزء من الحرية، قائلة إن حريتها ستنالها مجتزأة أفضل من التخلى عن حق إنسانى ولافتة إلى أنه من الممكن بعد كل هذا العناء ألا تحصل الفتاة على حريتها .
ريم أبوعيد الكاتبة والروائية قالت إن الحرية معناها القدرة على اتخاذ القرارات فى الحياة وتحمل تبعاتها؛ لكن مقابلها يكون الثمن انتقاد بعض الناس فى المجتمع من المفتقدين للثقافة والوعى؛ لكن يظل من حق كل إنسان الدفاع عن حريته والتمسك بها وممارستها طالما لا يتعدى على حريات الغير.
شيماء عادل مبرمجة كمبيوتر، ترى أن لحرية المرأة مفهوما آخر وهى أن تكون هى الرقيب على تصرفاتها وليست بحاجة لأن يكون عليها رقيب عليها بل تعتمد على حسها الداخلى وضميرها وأن تتمسك بقيمها ومبادئها وأهدافها الخاصة مهما كان الثمن، وقتها ستصبح حرة ومتحررة .
وأضافت أن بعض الفتيات قد يكن عبيدا لفكرة التحرر نفسها ما يفرض التصرف بطريقة معينة لتنالها وقد تضطر الفتاة للعيش بحياة أخرى كأن تكون مسترجلة لتمردها على الوضع الحالى وأن تنادى بحرية لا تعى معناها ولفتت إلى أن بعض الفتيات قد يلجأن لذلك حتى يكن مختلفات وللفت الأنظار إليهن وبذلك تظل أسيرة لأفكارها الخاصة.
ومن اللافت أن تنتشر فى الآونة الأخيرة مواقف للفتيات المصريات تثير التساؤل والحيرة فى آن واحد، كأن شاركن عصر الجمعة، قبل الماضية، فى احتفالية راقصة بالشارع فى منطقة الكوربة للمشاركة فى حملة (مليار ثائر من أجل العدالة 2014) وعلى أنغام أغنية أجنبية تقول (اكسرى السلاسل) رقصن للتأكيد على مناهضة العنف وتأكيد العدالة والمساواة.
كما انتشرت العديد من الحملات لمشاركة الذكور هواياتهم واهتماماتهم الخاصة كلعب كرة القدم والطاولة والتنس وغيرها وراحت الفتيات تنشر هذه الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعى تحت هاشتاج جديد (لا عيب ولا حرام)، وتحت عنوان ( كرنفال الحرية ) دشنت رواد مواقع التواصل الاجتماعى من الفتيات حملة لالتقاط الصور الفوتوغرافية وهن يفعلن أشياء أطلق عليها حملة المجتمع لفظ العيب واقتصر أداؤها على الشباب كأكل الفول وركوب الدراجات.