لا يهم فتوى «مظهر شاهين» عن تطليق الزوجة الإخوانية، فالأهم فتوى سعاد صالح، والأكثر أهمية أن الجدل حولهما تزامن مع قنابل الخلافات العائلية التى تتفجر فى البيوت المصرية لأبعاد سياسية، فهذه أم تبلغ عن ابنها عضو 6 ابريل، وهذا زوج يبلغ فى زوجته الربعاوية بتهمة انضمامها لجماعة إرهابية، وكأن أحدهم حذره، خد بالك.. خلايا نائمة فى سريرك! الداعية خالد الجندى يرد على فتاوى سعاد ومظهر بقوله: إن هذا الكلام ليس بفتوى ولكنه رأى شخص فالإسلام أباح الزواج بالنصرانية المختلفة فى الملة فكيف لا يبيح الزواج بالمرأة المختلفة فى الفكر السياسى وأضاف أن هذا خلاف سياسى وليس دينيا ويجب أن يبقى فى إطاره فنحن لا نريد للمرأة أن تنساق وراء زوجها دون إعمال عقلها بل يجب أن يكون لها استقلاليتها الثقافية ومن يلام هو الرجل الذى لم ينجح فى تبنى الفكر الوسطى وأوضح الجندى أنه إذا كانت الزوجة إرهابية فيجب تقديمها للسلطات للعقاب المناسب والزوج من حقه أن يمنع الزوجة مما هو ضار بها وبالأسرة والمجتمع. فلماذا لا يمنع الزوجة من لقاء تلك الفصائل التى يراها إرهابية ولماذا لا يمارس سلطاته ويمنعها من الاتصال بهذه الجهات. لكن تطليقها سيجر ضررا أكبر عليه وعلى الأسرة فلابد أن يتخذ معها الإجراءات القانونية ويبلغ عنها السلطات القانونية.
كما أكد د. مختار مرزوق عبد الرحيم - عميد كلية أصول الدين بأسيوط - أنه لا يجوز شرعًا للمسلم أن يطلق زوجته بسبب الخلافات السياسية لأن أسباب الطلاق معلومة وليس بينها الانتماء السياسى ولكن الطلاق يكون لأسباب أخرى يعلمها الجميع فيكون الطلاق إذا استعصى على الزوج تقويمها بالدرجات التى بينتها سورة النساء بالوعظ والضرب وغيرها والقول بغير ذلك مهما كان قائله لا تعبر عن الأزهر وإنما عبرت فقط عن قائلها وهو رأى يرفضه الشرع ونفس الأمر ينطبق على الخطبة فليس هناك ما يدعو لفسخ الخطبة أو حظر الزواج بمسلمة تنتمى إلى فصيل سياسى كجماعة الإخوان أو غيرها ومن المؤسف أن يصل بنا الخلاف السياسى فى مصر إلى هذا الحد من خراب البيوت ولكن يبدو أنه لا يزال بيننا وبين الديمقراطية أمد طويل وبعيد جدًا.
يقول د. شريف رجب قزامل - عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر طنطا - إن الظروف السياسية التى تحيط بمصر لا تحتمل مثل تلك الفتاوى أما بخصوص العلاقة الزوجية ينبغى أن يكون الزوج قدوة صالحة لزوجته فى سلوكه وأخلاقه وحسن عشرته تأسيًا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى الزوج إذا رأى فكرًا مختلفًا لزوجته وفيه إفساد وإتلاف للوطن أن يأخذ بيدها وفكرها إلى الصواب وهذا هو واجب الزوج لا أن يطلقها.
وردًا على كلام مظهر شاهين يقول الشيخ صلاح البدير - إمام وخطيب الحرم النبوى الشريف - إن مظهر شاهين ليس أهلاً للفتوى لأنه لا يفتى إلا الفتوى التى ترضى الكنيسة وحذر البدير قائلا «فلا يجوز مطلقا لأى مسلم على وجه الأرض أن يأخذ بفتوى هذا القزم قليل الدين والعقل فلا هذا هو الإسلام ولا هذه هى الدعوة وعار على دعاة مصر أن يصمتوا على هذا الانفلات فى الفتوى ولينزعوا عن هؤلاء الشياطين أقنعة الدعاة حتى يرى المسلمون أن هؤلاء ليسوا إلا صنيعة الكنيسة والمخابرات اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.
كما انتقد الدكتور سالم عبدالجليل - وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة سابقًا - فتوى شاهين التى تجيز طلاق الإخوانية قائلا لشاهين «سامحك الله يا مولانا للأسف ابتلينا فى هذا الزمان ببعض من يتجرأون على الفتوى ولا يحسبون أبعادها ولا ينظرون فى مآلاتها وبدلا من أن يعملوا على عودة الوحدة للأمة وإنهاء حالة الانقسام يخرجون علينا بفتاوى تمزق الأمة وتهدم الأسرة.
ويرى الشيخ إبراهيم الظافرى- الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف- أن أمر هذه الفتوى الكيدية التى تدعو إلى تطليق الإخوانية بل تدعو إلى الإبقاء على الزوجة الإخوانية فى كفة والمحافظة على مصلحة البلد فى كفة أخرى هى ومثيلاتها من الفتاوى منقطعة السند عن الدين والعقل والخلق لما اشتملت عليه من تنابذ بالألقاب، واتهام للناس وتحريض لتؤدى إلى خراب البلاد لا إلى صلاحها وعمارها، وإنه كان الأولى لصاحب الفتوى أن يدعو إلى توحيد الصف ونبذ العنف والكراهية والعداء وإعلاء مصلحة البلاد والعباد.
فيما انتقل الصراع السياسى إلى أدق التفاصيل فى حياة المواطنين، فأفسدت السياسة حياة بعض الأسر التى تواجه اختلافًا فى الرأى، ففى مصر فقد أفسد اختلاف الرأى للود قضايا عديدة تنظر أمام محكمة الأسرة ومحاكم أخرى للفصل فى الخلافات الزوجية كما أصبح من المألوف فى الوضع الحالى أن تسمع عن صداقات انتهت بسبب اختلاف الآراء السياسية ورجال يطلقون زوجاتهم لمشاركتهن فى مسيرات مؤيدة ومعارضة فمثلاً طلق زوج زوجته لمشاركتها فى مظاهرات الإخوان، وطلق رجل زوجته بسبب مشاركتها فى مظاهرات أنصار المعزول أو تأييدها للجيش والشرطة، فعلى سبيل المثال شاهد زوج زوجته بالصدفة تسير فى مسيرات المعزول المؤيدة للإخوان فطلب منها الرجوع معه إلى المنزل فرفضت فألقى عليها يمين الطلاق، وطلب منها الذهاب لبيت والدها انتظارًا لورقة الطلاق وقام بالفعل بطلاقها وانتهت الحياة بينهما بعد عشر سنوات، وعلى النقيض حالة طلاق أخرى بسبب أغنية «تسلم الأيادى» حيث طلبت السيدة هيام الطلاق من محكمة الأسرة بسبب سماع زوجها لأغنية «تسلم الأيادى» دائمًا بعد حياة دامت لمدة 17 عامًا لأن الزوجة كانت تميل إلى معارضة الجيش، وتتعدد الحالات فتقول السيدة نهى أن زوجها قام بتعذيبها وإجبارها على التصويت للمعزول وصعقها بالكهرباء حيث تحول سلوكه تحولاً غريبًا منذ أن ترك الإخوان الحكم، وبدأ يفكر تفكيرا إرهابيا ويشترك فى العمليات الإرهابية فطلبت منه الطلاق، أما ريهام فتضيف قائلة: لم أكن أحلم بفارس الأحلام الذى سيخطفنى على حصانة الأبيض ولكن كنت أبحث فقط عن زوج يتقى الله ويحفظنى ويرعانى وكان زوجى يبحث عن أنثى تربى الأبناء وترعاهم وكان متدينًا ولم يعكر صفو حياتى إلا بعد تولى مرسى فأصبح متشددًا وعصبيا وتحول تحولاً كبيرًا ولم يكن يسمع سوى قناة الجزيرة والقنوات الدينية وذات يوم عندما دخل المنزل شاهدنا نسمع خطابا للسيسى فانهال علينا بالضرب والإهانات والتعذيب، فلم أعد أطيق الحال والعيش معه، حيث إنه أصبح يجند أبناءه ويحاول أن يصطحبهم معه فى كل مكان وخوفى عليهم أن يتحولوا وينساقوا إلى جماعة الإخوان.. ولم يقتصر الحال فقط على الخلافات الزوجية والأسرية ولكن امتد بين الآباء والأبناء، يحكى الحاج محمود السيد أن والده منتمى لجماعة الإخوان لذا حاول إقناعه بأنها جماعة إرهابية خائنة لكنه لم يقتنع واشتد بينهما الخلاف حتى وصل إلى حد ترك الابن المنزل لأنه لم ينسق لكلام والده بل رد عليه بصوت عال وكلمات غليظة، واتهم الجيش والشرطة بأنهم القائمون على كل العمليات الإرهابية، وأنهم يلصقونه بجماعة الإخوان ويطلقون عليها جماعة إرهابية متناسين أنها جماعة دينية ولها شعبية كبيرة بين مختلف طبقات المجتمع.
وهناك العديد من المحاضر التى قدمت بأقسام الشرطة والنيابات فى هذا الشأن، حيث تقدمت السيدة وفاء أم أحد المنتمين إلى جماعة الإخوان ببلاغ إلى قسم شرطة النزهة تتهم فيه ابنها على 27 سنة حاصل على ليسانس حقوق بانضمامه إلى جماعة الإخوان الإرهابية وبقيام قوات الأمن بالقبض عليه وضبطه وبحوزته فوارغ قنابل غاز وقناع بلاك بلوك وأوراق خاصة بحركة 6 إبريل ولاب توب يحوى معلومات خاصة بالحركة ومنشورات معادية للجيش والشرطة، وعن هذه الحالة يقول المحامى مختار منير عندما تقدمت للدفاع عن ابنها صرخت فى وجهى وطالبتنى بالمغادرة قائلة: «أنا مطلبتش محامين ولازم يتربى يا أنا يا الإخوان و6 إبريل»!!
كما تقدم زوج ببلاغ فى زوجته يسرد فيه معاناته معها ويكشف عن انضمامها لجماعة الإخوان الإرهابية بدأت تفاصيل الواقعة ببلاغ تقدم به أحمد للنائب العام ضد زوجته أسماء المعيدة بجامعة القاهرة قسم الصحة العامة، مؤكدًا أنه تزوج منها منذ سنوات واستمرت الحياة الزوجية بينهما إلى أن تولى محمد مرسى الحكم فانقلبت عليه وكشفت عن وجهها الحقيقى من كونها ضمن أعضاء هذه الجماعة الإرهابية وفور سقوط حكم الإخوان بدأت تتصل بأعضاء الجماعة الإرهابية وبدأ يسند إليها مهام وسافرت إلى لندن بتاريخ 21 / 1 / 2013 ثم سافرت مرة أخرى بتاريخ 24 / 12 / 2013 إلى ألمانيا. وأضاف الزوج فى بلاغه الذى قدمه من خلال محاميه الدكتور سمير صبرى بأن الخلاف بينه وبين زوجته اشتد بعد أن رفض المثول إلى طلباتها بالموافقة على انضمامه لهذه الجماعة الإرهابية لافتًا إلى أن الزوجة معيدة بجامعة القاهرة قسم الصحة العامة وتساعد وتحرض طلاب الجماعة الإرهابية على التظاهر.
وقدم سمير صبرى المحامى حافظة مستندات تحوى صورة ضوئية لها وهى تشير بعلامة رابعة وخلفها برج بيج بلندن، كما قدم شهادة تحركات تفيد سفرها إلى لندن وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الزوجة لكونها منضمة إلى إحدى الجماعات الإرهابية مستغلة وظيفتها كمعيدة بالجامعة قسم الصحة العامة وهو ما يضعها تحت طائلة العقاب بأحكام قانون العقوبات وقيد البلاغ برقم 1611 لسنة 2014 عرائض النائب العام.
وتعليقًا على ما سبق ترى المستشارة الاجتماعية والأسرية أميرة بدران- أن السياسة أثرت بالسلب على تناغم الحياة الزوجية فى الفترة الماضية وكانت تتسبب فى مشاجرات وخلافات بين الزوجين وبين الآباء والأبناء والأقارب، وأكدت أن من يقود إلى هذا يساعد فى الحرب العامة على الوطن، مستغلاً علماء الدين لما لهم مكانة خاصة فى قلوب المسلمين والمصريين بصفة عامة فهى محاولة رديئة غير أخلاقية لتفكيك الحياة الزوجية والأسرية بروابطها داخل جماعة معروف عنها أن الزواج فيها يتم فى الغالب على أساس أيديولوجى ولكن الواضح أنهم لم ينتبهوا بعد أن المصريين أصبحوا يرون أكثر من ذى قبل، فالفتاوى تلك تفكيك من وجهة نظرهم لحسم الوطن بالإضافة إلى أن هذه الفتاوى وسيلة مبتذلة لمغازلة من فى الحكم واستجلاب رضاهم على الرغم من التفكك الأسرى بين الأزواج بل بين أفراد الأسرة بأكملها لاختلاف انتماءاتهم السياسية.
ويضيف الدكتور عمرو أبو خليل- طبيب نفسى- أن تلك الفتاوى لا علاقة لها بالدين ولا يجب التعامل معها فى هذا الإطار، فالأمر له علاقة بالصراع السياسى وعدم التورع عن استخدام أحط الأساليب فيه حتى ولو أحرقنا الوطن وقضينا على المجتمع، وقال هذا نوع من المكارثية فى أبشع ثورها لزرع مزيد من الكراهية وأن المجتمع الأمريكى مازال يعانى من آثار المكارثية حتى اليوم ويعتبرها سبة فى تاريخه.
وعلينا الابتعاد عن هذه الأمور التى تؤدى إلى العداوة والتقسيم بسبب الانتماءات السياسية التى لابد أن تعالج تحت إطار الأسرة الواحدة لا تفكيك الأسرة بل ربطها بروابط المحبة والتفاهم والتعايش السلمى الطبيعى للأسرة المصرية.