بالفعل يستحق الشعب المصرى عن جدارة لقب (شعب أم الصابرين)، بسبب تضحياته ومعاناته الطويلة والتى من المنتظر ألا تتغير فجأة، هذا الشعب البسيط باستثناء نخبته الزائفة طبعا عانى طيلة الثلاث سنوات الأخيرة من الأزمات الاقتصادية والارتباك السياسى والحرمان من الأمان وفقدان الثقة فى الجميع وخراب البيوت، وكان من الضرورى أن نعرف هل يشعر هذا الشعب أن حلمه ضاع أم تعقد الأمر لبعض الوقت، ومن الممكن أن يكون المستقبل أفضل لو أصر الشعب على أن يضغط على (السيسى) ليرشح نفسه للرئاسة! (شعب أم الصابرين) ليس مهتما بإن كان يناير ثورة أم مؤامرة، ولكنه مهتم فقط بلقمة العيش والاطمئنان على مستقبل أبنائه، ولذلك خرج الكبار فى الاستفتاء أكثر من الصغار، لأنهم يريدون أن يطمئنوا على شبابهم، ولا يتركوا البلد لهم فى هذه الحالة! خرج ليحارب الظلم والجور الذى تفشى فى كل نواحى الحياة لأن إهمال ورشوة وفساد وطغيان، خرج الشعب المصرى بجميع طوائفه لينادى بحياة طيبة آدمية كريمة وعندما تأكد لديه أن حلمه مازال صعبا وآماله مازالت متجمدة خرج فى 30 يونيو لينادى بتحقيق آماله وأحلامه التى خرج من أجلها فى 25 يناير.
هذه الأحلام الضائعة التى كانت تطارد المصريين صعبت عيشة مصريين كثيرين، أولهم الشباب الذى يعمل من أجل وطنه دون تمويل أو أجندات، كما أوضح مجموعة عمال التقينا بهم: قمنا بالثورة بسبب المعاناة والتدنى فى الدخل وارتفاع الأسعار وعدم توفير الاحتياجات المعيشية وعدم توفير الرعاية الصحية لذلك نتمنى أن تكون ثورتا 25 يناير و30 يونيو إشارة إلى الحكومة بأن تهتم بالعمال وأن توفر لهم احتياجاتهم وحقوقهم فنحن نتمنى حياة اجتماعية سليمة وعدالة وأمنا وأمان وحرية وعدم التفرقة بين هذا وبين ذاك.
ولا يزال العاطلون يعانون أكثر وأكثر من طيلة فترة بطالتهم لعدم وجود فرص عمل وعدم وجود مسكن وعدم توفير رغيف الخبز وانتهاك كرامتهم باعتبارهم أعضاء فاسدين فى المجتمع لا يحق التعامل معهم وإذا نظرنا إلى حقيقة القول لوجدنا أن النظام هو المسئول عن كل هذه الأزمات التى يمرون بها!
وإذا انتقلنا إلى السياسة الخارجية فمبارك استأنف العلاقات المصرية العربية، وأصبحت القاهرة مقرا لجامعة الدول العربية بعد أن انتقلت إلى تونس وعادت إلى عضوية منظمة المؤتمر الإسلامى وفى نفس الوقت حافظ على مكانتها والتزاماتها فى إطار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، هذا كله تم فى فترة الرئيس مبارك وكان هذا مجهود الشعب المصرى والدولة المصرية ويعلق السفير حسين هريدى على المشهد قائلا إن ما حدث فى 25 يناير كان نتيجة فشل النظام فى تجديد شرعيته عن طريق إجراء انفتاح ديمقراطى على جميع القوى الوطنية إلى جانب عدم النجاح فى استيعاب الشباب والموضوع الذى آثار جدلا وحزازية عند المصريين هو موضوع التوريث والتزاوج بين الثروة والسلطة وهذا هو العامل الأساسى بتقديرى فى تقدير ما حدث فى يناير وفبراير 2011 مع العلم أن هناك فرقا بين 11فبراير و25 يناير
ففى 25 يناير الجموع التى نزلت لم تكن تطالب بالإطاحة بالرئيس مبارك وكانت مطالبهم عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية لا يوجد أحد من المتظاهرين قال فى المظاهرات ارحل.
أما 11 فبراير نتيجة دخول الإخوان فى المشهد اللى كانوا غائبين عنه يوم 25 يناير ومن السابق لأوانه أننا نقول على 25 يناير ثورة هذه كانت انتفاضة لم تشارك فيها كل القوى الشعبية والتاريخ هو الذى يحكم عليها، هل هى كانت ثورة أم لا فى اللحظة الراهنة لا أستطيع من الناحية الموضوعية والعلمية أن أصفها بثورة هذه انتفاضة وتم الاستيلاء عليها بمعرفة قوى تيار الإسلام السياسى تم احتكارها وتوظيفها لمصلحة الإسلام السياسى ، لكن الشعب المصرى منذ أحمد عرابى يكافح من أجل هدفين رئيسيين الاستقلال الوطنى التام وإقامة حكم دستورى ديمقراطى حقيقى.
وأوضح هريدى أن الشعب المصرى عانى من عدة ظواهر متداخلة 1- غياب رؤية واضحة على المسار المستقبلى للبلاد راجع إلى أنه لم تكن هناك قيادة تقود عملية التغيير السلبى.
2- الحالة الاقتصادية لانسداد الأفق السياسى، ونظرا للهجمة الشرسة من الجماعات التكفيرية والإرهابية على مصر، ونظرا لتسوية حسابات الماضى على حساب المستقبل أدى للوصول إلى ما نحن فيه اليوم.
3- غياب الديمقراطية وغياب العدالة وسوء توزيع الدخل القومى وإهمال الريف المصرى والاقتصاد المصرى ارتهن بالعواصم الغربية إلى جانب الفجوة المتزايدة بين الأثرياء والفقراء كانت شيئا غير مقبول.
4- مشكلات البطالة وطرق التشغيل.
وقال إن احتفال المصريين يوم 25 يناير يكون قائما على المعانى الوطنية فتضحيات رجال الشرطة يوم 25 يناير 1952 (بلوكات النظام فى الإسماعيلية) بالدفاع لمقاومة قوات الاحتلال الإنجليزى ولافتة القائد العام للقوات المسلحة بتهنئة الشرطة 25 كان عمل سعادة لأن هذه المعانى الوطنية يجب أن نرسخها فى عقول الناس والشباب المصرى.
كما تمنى (هريدى) من الشعب المصرى أن يحتفل فى إطار المصلحة الوطنية العليا وأن مصر لكل المواطنين ويجب أن تحول 25 يناير إلى طاقة للبناء والنضال الوطنى بدلا من أن تصبح علامة للانقسام والدمار والقتال 25 يناير و30 يونيو نقطة انطلاقة جديدة فى مشروع مصر التقدمى.
وأضاف هريدى أنه يجب أن تهتم الدولة بمصالح الغلابة والفلاحين وأن تكون مصالحهم فى مقدمة اهتماماتنا وأولوياتنا كقوى سياسية وكدولة وكحكومة فنحن لا نقبل أن ثلاثة ملايين و600 ألف عاطل أغلبهم من الشباب، يجب أن نعمل ليل نهار من أجل خلق فرص عمل لهؤلاء الشباب
د. على مبروك استاذ الفلسفة بجامعة القاهرة قال لنا :
وأوضح د. على مبروك أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة أن العامل الأساسى فى سقوط مصر هو بعض النخب غير القادة على تحمل المسئولية والقيام بممارسة المهام المنوطة بها. الأمر الذى أدى إلى سقوط مصر فى أيدى جماعة الإخوان.
وأوضح مبروك أن الشعب المصرى عانى الكثير مادام أن التنمية ليست على المستوى فهذا أظهر عجزا كاملا على التعامل المنتج فى مصر يشكل عام فهذا أدى إلى مشكلات كبيرة لقطاعات واسعة أولها زيادة معدلات البطالة بشكل مخيف نتيجة لمصانع تم إغلاقها.
والانفلات الأمنى فالأمن والاقتصاد أكبر مشكلتين عانى منهما المصريون وسيظلون يعانون منهما ربما سنة أو سنتين.
وأضاف أنه يحب التركيز على النخب لأن الاضطرابات التى تحدثها هذه النخبة تعجز السلطة عن فعل شىء وعندما تكتشف أن قطاعا من النخبة يقول «يسقط يسقط حكم العسكر» تعتقد أن يصدق عليهم ما قيل أنهم لا يتعلمون شيئا.
وأوضح (مبروك) أن مصر تمتلك الآن وثيقة حديثة وسياسية وهى الدستور، أظن أنها بالفعل تساعد على إدخال زمن الحداثة، فالوثيقة وحدها غير كافية فهى فى حاجة إلى تطبيق وإلى وعى يفعل هذا التطبيق وهذا الوعى يتحقق على مدى زمنى فهذه الوثيقة فى حاجة إلى الاستقرار والتوافق، حولها لأنه لا يوجد قطاع رافض للدستور إلا تيار الإخوان وليس التيار الإخوانى ككل بل جزء من ذلك التيار وافق على الدستور.
كما أشار مبروك إلى أن الشعب المصرى يتمنى استقرار الأوضاع بالشكل الذى يترتب عليه انفراجة فى الأمن والاقتصاد وهذا لا يتحقق إلا باستقرار الوضع السياسى، كما بين لنا بأنه لا شىء يحدث يوم 25 يناير القادم شأنه شأن الأيام الأخرى لا يوجد خوف كل هذه أمانى واهمة من جماعة الإخوان.
كما وجه مبروك نصائح إلى الشعب المصرى وهى أن يتحلى بالحكمة والهدوء وفهم الحالة التى تمر بها مصر، لأن مصر فى حاجة إلى من ينصت إلى ظروفها والأوضاع التى تمر بها.
د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة تقول لنا: إن الشعب المصرى ما فى شك أنه «شعب أم الصابرين» كما كنت ألقبه فى المرحلة الفائتة كان يصير بشكل فيه مبالغة على حب الصمت وتحمل المعاناة وأشارت نصير إلى أن طول النفس فى الصمت والصبر انقلب بعد ذلك إلى عدم اتزان أقف قليلا فى الجزء الذى قبل الثورة من صفات الشعب المصرى بجانب الصبر الطويل وبجانب السلبية والاستكانة والردوخ بلغة الواقع فى أرض الواقع إلى أن حدث ما يقال ثم التنويه فى فكرة التوريث.
وأوضحت نصير أن التوريث أدى إلى غضب الشعب المصرى ومن هنا بدأت تزداد مرارته وتشتعل فى داخله وتنبه إلى التحرك وأحسب كما تقول تونس بأن بوعزيز أشعل الانتفاضة وأشعل الثورة أنا أُذكر الشعب المصرى بهذا الرجل الذى يمتلك مطعم فول وطعمية وأخذ عشرة أرغفة من المدعم، وهنا أشعل هذا الرجل من الإسماعيلية النار فى نفسه فى ميدان التحرير هذا الإشعال كأنه أيقظ عصب الكرامة فى الشعب المصرى هذا الشعب الصبور على الفقر والضيم والإهمال عندما بدء مس عصب الكرامة الذى أيقظه هذا الرجل الذى أشعل النار فى نفسه من أجل عشرة أرغفة مدعومة.
وأضافت «نصير» إن من عصب الكرامة عند الشعب المصرى ولد الكثير من الاحتقانات التى خرجت من صدورهم إلى أن تجمعت الأسباب سواء الرسائل الإلكترونية أو غضب الناس الذى بدأ يتم الفضفضة فيه إلى أن أشار إليه واجتمع الشباب بتيار على التواصل الإلكترونى بالرسائل وكانت إرادة الله التى تراحمت الأسباب حتى يتم ما أراده الله لهذا الشعب.
وأضافت إنه لابد من احترام حركة الشعوب واحترام الثورتين وعدم انتهاكها وبدلا من أن تتقاطع وتتخاصم وتتعصب تكون يدًا واحدة لأن تلك الثورتين هما نجاح الشعب المصرى، كما أوضحت نصير أن الشعب المصرى عانى الكثير أثناء الثورتين من عدم رعاية مصابين وعدم وجود قيادة قوية تستثمر قوة الثورة وأخذها إلى الأمان إلى جانب التطاول على بعضها البعض وانتشار الطبقات الشريرة من اللصوص من خطف الأطفال والتعدى على السيارات بجانب غياب الأمن والأمان عن المال وعن الأبناء وعن الشوارع.
كما تمنت نصير من الشعب المصرى أن يتقارب وأن يتعافى من كل أمراض الماضى ونتاج ما حدث بعد الثورة إن كان غرورًا أو قمعًا أو غضبا وألا يضعوا دماء الشهداء وعظمة هذا الشعب وألا يفسدوا ما بذلوه وضحوا من أجله من دماء ومن صحة وإعاقات.
ووجهت كلمة إلى الشعب المصرى طالبة منه بناء مصر ومستقبلها العظيم بأن يتوحدوا جميعًا ولا يتركوا من يتلاعب بهم فى تقسيم الثورة أو تقسيم عمل وأن يتركوا السفسطة الكلامية ويتوجهوا إلى حسن العمل كل منا فى موقعه مهما كان هذا الموقع وألا يتفككوا لأن التفكك الاجتماعى من أخطر ما يواجه المجتمعات ويفتت عزيمتها ويهين كرامتها.