اللواء حبيب العادلى حارس ملف التوريث لجمال مبارك نجل الرئيس الأسبق حسنى مبارك والذى تنحى عن الحكم بعد خروج مظاهرات غاضبة فى 52 يناير. الريس كما كانوا يلقبونه فى وزارة الداخلية ومساعدوه الذين كان يثق فيهم ثقة عمياء، الرجل القوى فى مصر الذى يخشاه الجميع ويحاولون نيل رضاه كان لواء شرطة متوسط الكفاءة، ضابطاً عادياً جدا شبه منطو فى الكلية وعلى غير المنتشر بأن حبيب العادلى تأخر فى تخرجه 6 أشهر فهذا لم يحدث وتخرج العادلى فى ميعاده بترتيب متأخر فى الدفعة بين زملائه ثم عمل بالمباحث الجنائية بعد عمله فى قوات النظام بأقسام الشرطة المختلفة ثم فى جهاز أمن الدولة قسم «السياسة العربية الخارجية» لأكثر من 21 سنة بعد توصية من أحد اللواءات بنقله إلى أهم وأفضل قطاع متميز فى الداخلية وكان مسئولاً فيها عن متابعة ومراقبة النشطاء ومعارضى الحكومة الذين يقيمون فى الدول العربية.
بعدها سافر إلى دولة خليجية وعمل بها ضابطا فى السفارة المصرية لمدة 3 سنوات ونصف ثم عاد مرة أخرى إلى جهاز أمن الدولة بنفس القسم وبعد سنة تقريبا أصبح رئيس القسم الذى يعتبر «ركنة» بلغة الداخلية حيث رقى حبيب العادلى إلى رتبة لواء وكانت شهرته وقتها لم تتعدى حدود مكتبه وكان رئيس الجهاز وقتها هو اللواء مصطفى عبدالقادر المعروف بنشاطه وتاريخه المهنى المشرف.
ولعب القدر وخبث حسن الألفى وشلة مساعديه فى صالح حبيب العادلى حيث قام مدير جهاز أمن الدولة وقتها لواء آخر يدعى أحمد العادلى تعدى كل الخطوط الحمراء وبدأ يعرض ملفات على رئاسة الجمهورية متخطيا وزير الداخلية ليعود الهاجس مرة أخرى إلى حسن الألفى بضياع وزارة الداخلية فقرر الإطاحة به أيضا وإحالته على المعاش بعد قضية سفينة السلاح التى تم ضبطها وكانت المخابرات تتبعها للقبض على الرأس الكبيرة لكن العادلى أضاع الفرصة وكذلك حادث فندق أوروبا الشهير فى السابعة صباحا ثم إطلاق النيران أيضا على أتوبيس سياحى كما أطيح أيضا وقتها بمدير أمن الجيزة ومدير المباحث وهو اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق.
وكان قبل إقالة مدير جهاز أمن الدولة المبيتة خطوات أهمها إعادة الدماء لحبيب العادلى من منصبه «الركنة» إلى مدير أمن القاهرة وسط ذهول قيادات الداخلية جميعها حيث إن منصب مدير أمن القاهرة تحديدا كان لابد من موافقة مبارك شخصيا عليه.
وقتها مكث حبيب العادلى فى منصب مدير أمن القاهرة فترة قليلة وظهر ضعفه وكبر المنصب عليه وفجأة قرر الألفى الإطاحة بأحمد العادلى من أمن الدولة لينهى الصداع المزمن الذى سببه العادلى له وقرر تعيين حبيب العادلى مديرا للجهاز متخطيا 3 قيادات كان يحق لها تولية الجهاز وأكثر مهنية عنه بمبدأ أهل الثقة وليس أهل الخبرة على أمل أنه لواء هادئ غير مهنى يلتزم بمبدأ السمع والطاعة وظل حبيب العادلى ينصب الكمين للألفى الذى أطاح بمديرين للجهاز قبل ذلك حتى جاءت مذبحة الأقصر الشهيرة فى سنة 1997 وفور علم حبيب بالكارثة أسرع بتقديم تقارير لكمال الجنزورى تؤكد أن جهاز أمن الدولة الذى يرأسه حذر من أعمال إرهابية منذ شهرين حيث تضمن أيضا التقرير محلوظة مهمة وهى أن جهاز أمن الدولة هو جهاز معلوماتى فقط وليس جهة ضبط أو تعامل مع الإرهابيين وما كان من الجنزورى بسبب علاقاته الطيبة مع حبيب العادلى إلا أن أخبر مبارك الذى خرج عن شعوره على الهواء أثناء تفقده مكان الحادث ومقولته الشهيرة «ده تهريج» وقبل صعوده للطائرة التى تحمل الوزراء أمر مبارك بتولى حبيب العادلى وزارة الداخلية وتم إنزال حسن الألفى من على سلالم الطائرة حيث أخبره أحد الحرس قائلا: سيادتك ممكن ترجع بالقطار.
تولى حبيب العادلى وزارة الداخلية وكان التشاؤم سيد الموقف فكيف بضابط ضعيف مهنيا تولى الوزارة فى مثل هذا التوقيت العصيب وكيف سيواجه الإرهاب ولكن حبيب العادلى كان للحرس القديم للألفى وأصحاب النفوذ داخل الوزارة بالمرصاد فأطاح بهم جميعا من مناصبهم فى مذبحة للقيادات وتم تعيين مساعدين له يثق فيهم وبدأ حبيب العادلى القضاء على الإرهاب وساعده فى ذلك اللواء أحمد رأفت نائب مدير جهاز أمن الدولة الذى استطاع إقناع قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد بعمل مراجعات داخل السجون حتى أنه عند وفاة اللواء رأفت حضر جنازته جميع قيادات الجماعات الإسلامية.
انتهى الإرهاب جزئيا وبدأ نجم حبيب العادلى يلمع وبدأ فى السعى لمشروع التوريث وخطط له وأقنع جمال مبارك بمقدرته على حمايته حتى صعوده إلى سدة الحكم بكل سلام حيث كانت قوة علاقته بجمال مبارك ووالدته سوزان ثابت سر قوته وبدأ يدير وزارة الداخلية بطريقة قمعية للسياسيين لتأمين الرئيس ونجله أيضا وبكل مهنية كان له بعض الإيجابيات أبرزها الأمن فى الشوارع ومراقبة الضباط بواسطة جهاز التفتيش وفيما يلى خطايا حبيب العادلى.
∎ قمع السياسيين
اعتمد العادلى على طريقة قمع السياسيين والإسلاميين وتجسس على تليفونات الجميع وحصل على مخالفات وعلاقات شخصية لا تليق ببعض السياسيين وبدلا من تقديمهم للمحاكمة بدأ يتفاوض معهم حتى يصبحوا تابعين له حيث يأمر فيطاع على غرار وجود معارضة للرئيس وخلق جو من الحرية والديمقراطية المزيفة.
∎ كيف أدار وزارة الداخلية
أدار حبيب العادلى وزارة الداخلية بمبدأ أهل الثقة وليس أهل الكفاءة فكان يصدر قرارات بتعيين لواءات شرطة فى مناصب مدراء أمن غير مهنيين فى مجال البحث الجنائى مثلما فعل مع مدير أمن الجيزة الذى تم تعيينه لمدة 3 سنوات حيث تم أيضا التجديد مرتين للواء محسن حفظى بعد بلوغه سن ال60 وكان معروفا وقتها أن من يدير مديرية أمن الجيزة هو مدير مكتب حفظى وقتها العميد سامى عتيق ولأنه لا يصح إلا الصحيح أطاح العادلى بمحسن حفظى بعد كارثة كنيسة العمرانية وتجمهر الأقباط بشارع الهرم واقتحموا ديوان محافظة الجيزة وتم نقله بعدها إلى قطاع الأمن الاقتصادى تمهيدا لإحالته على المعاش.
أيضا تسببت محاباة حبيب العادلى لشلته ومساعديه فى «خنق» رتب وجيل من الضباط والقيادات المميزين حيث يتم التجديد للقيادات التى تخطت سن ال60 سنة مما يؤدى إلى اختناق وظيفى للقيادات التى يأتى تدرجها بعد هذه القيادات ومن المفترض توليها هذه المناصب ومع التجديد الثانى يضطر وزير الداخلية لإحالة عدد كبير من أهل الخبرة إلى المعاش مما أدى إلى فراغ فى الخبرة والمهنية وهو ما حدث بعد الإطاحة والقبض على حبيب العادلى حيث استعانت حكومتان ب3 وزراء للداخلية كانوا على المعاش وهم اللواءات محمود وجدى ثم منصور العيسوى وأخيرا محمد إبراهيم.
كما ارتكب العادلى خطأ فادحا بإشراك الشرطة فى العمل السياسى وأصبحت أداة قمع لكل من يعارض ملف التوريث أو يعارض الرئيس السابق مبارك ووضعها فى مواجهة أمام الشعب فى الاحتجاجات والمظاهرات حتى فى الانتخابات ورط العادلى الضباط فى اللعب بنتائج الانتخابات والتزوير وكان أشهرها انتخابات 2010 والتى كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
∎ تفتيش ورقابة العادلى
رغم ما ظهر من فساد فى عهد العادلى والظلم والسحل فى أقسام الشرطة فإنه فعل دور إدارة الرقابة والتفتيش بوزارة الداخلية وهى التى كانت مسئولة عن مراقبة جميع قيادات وضباط الوزارة ورفع تقرير إلى الوزير مباشرة فقد خصص العادلى 3 مفتشين داخلية فى كل مديرية أمن بجميع المحافظات وبالرغم من المكتب والغرفة البسيطة التى يتواجد فيها مفتشو الداخلية إلا أنهم كانوا أقوى من مدراء الأمن بالفعل لأنهم باستطاعتهم كتابة تقرير توصية للإطاحة بأى قيادة يتم إثبات فساد عليها.
∎ ملف التوريث
كان جميع من فى وزارة الداخلية على يقين أن الإطاحة بحبيب العادلى من رابع المستحيلات لأنه مسئول عن ملف التوريث وهو الحارس الأمين على عملية وسيناريو صعود جمال إلى حكم مصر.. فملف التوريث كان حلم حبيب العادلى أيضا وليس جمال مبارك فقد كان العادلى بسطوته يتحكم فى تعكير مزاج الشعب المصرى حيث ترددت أقوال قوية بعد قيام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من ضبط أكبر شحنة «حشيش» فى تاريخ البلاد وكانت آلاف الأطنان قادمة من لبنان لإغراق البلاد لمدة سنة بالحشيش حيث تسبب الضبط فى انعدام تام للحشيش وهو ما أعطى انطباعاً أن حبيب العادلى أراد خنق الشعب المصرى قرب انتخابات الرئاسة الجديدة حيث كان من المقرر خلق حالة من الخنق ثم فكها بعد تولى جمال الحكم بطريقة كانت معدة سلفا.
ويعلل الفريق الذى أكد هذه الفكرة بأنه لماذا قرر العادلى ضبط أطنان الحشيش فى هذا التوقيت بالذات؟ وإذا كان جهاز الداخلية متمكناً لهذه الدرجة فلماذا لم يمنع الحشيش منذ سنوات؟
ولكن علمت روزاليوسف أن هذه العملية تحديدا استغرقت أكثر من 6 أشهر من الجهد والمراقبة لضباط وقيادات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات للتجار الأجانب حيث تنكر بعض الضباط فى زى عاملى النظافة لمدة طويلة.
وبالرغم من انشغال العادلى بملف التوريث فإنه كان يهتم بالأمن الجنائى وأمن المواطن تحديدا رغم الجرائم التى تحدث ولكنه كان يستخدم قانون الطوارئ لدحر البلطجية وأرباب السوابق كما كان يشدد على الضرب بيد من حديد وضبط المتهم فى أقل من 24 ساعة فى حالة المشاجرات بالأسلحة النارية وهو ما نشهده الآن ليس فى المشاجرات فقط إنما فى حفلات طهور الأطفال أيضا.
ورغم فساد العادلى وقهره للمواطنين فإنه حتى الآن يتمنى أغلبية المصريين أن يعود معدل الأمن للشارع مثلما كان عليه أيام العادلى!.. وسبحان مغير الأحوال!