فى نفس الوقت الذى يصور فيه الفيلم الإيرانى «طفولة محمد» للمخرج مجيد مجيدى والذى يدور حول قصة طفولة وشباب سيدنا محمد عليه الصلاة السلام. أعلنت إحدى شركات الإنتاج الفنى القطرية (النور) أنها سوف تقدم سلسلة من الأفلام عن قصة الرسول الكريم. المنافسة التى اشتعلت بين البلدين حسب موقع «هوليوود ريبورت» تعود إلى أسباب سياسية أكثر منها فنية. خاصة أن لكل بلد منهما مذهبا دينيا. ف«إيران» هى مهد الشيعة بينما تميل «قطر» للمذهب السنى.
ولعل الدليل على ذلك أن قطر أعلنت عن نيتها لتقديم هذه السلسلة من الأفلام عقب زيارة المرشد الإيرانى «آية الله خامنئى» لموقع تصوير فيلم «طفولة محمد».. وقامت قطر كذلك بإعلان ميزانية مليار دولار فى مقابل 50 مليون دولار أعلنتها إيران واستعانت قطر بمنتج منفذ من هوليوود، كما استعانت إيران ببعض الفنانين العالميين فى التصوير والمؤثرات.
ولكن بينما يقوم الآن المخرج الإيرانى «مجيد مجيدى» بعمل اللمسات النهائية على الفيلم فى مدينة ميونخ الألمانية.حتى يعرض هذا العام. فإن قطر لم تعلن عن أى جديد حول مشروعها منذ أكثر من عام.
فيلم «طفولة محمد» الإيرانى بدأ التحضير له منذ عام .2011 بعد الاستعانة بآراء مجموعة كبيرة من المؤرخين الإسلاميين ورجال الدين من مختلف الدول الإسلامية من المغرب وحتى لبنان والعراق ، وجاء ذلك لعدة أسباب أهمها: محاولة جمع معلومات عن طفولة وشباب النبى والتى لم تتوافر عن هذه الفترة فى حياته معلومات كافية. فقد كشف المخرج أنه سافر إلى الأماكن التى عاش فيها النبى، ولكن معظم آثار هذه الاماكن قد طمس تماما.
ومنها على سبيل المثال المكان الذى عاشت به حليمة السعدية.
والسبب الثانى حتى يتوافق السيناريو مع الأفكار الإسلامية عامة سواء سنة أو شيعة.
ولذلك فالفيلم لم يظهر فيه تجسيد لشخصية النبى وسوف يتم تظليل وجه الممثل الذى يقوم بدوره بدائرة من النور. ويحاول الفيلم إحداث توازن بين الروايات التى تحكى عن النبى فى المذهبين السنى والشيعى. لأن هناك بعض الاختلافات بين الاثنين مثل عمل الرسول فى طفولته كراعٍ للغنم، هذا الأمر ينكره الشيعة. أما بالنسبة لنصوص سلسلة الأفلام القطرية. فقد أعلنت الشركة المنتجة اكتفاءها بمراجعة الشيخ «يوسف القرضاوى» لها كى يؤكد على تطابقها مع القرآن.
أما بالنسبة للإنتاج فدولة إيران تدعم فيلم «طفولة محمد» بميزانية وصلت ال 50 مليون دولار. مما أثار استياء الكثيرين من أبناء الشعب الإيرانى الذين يعانون من أزمة اقتصادية نتيجة العقوبات الدولية. ولكن الفيلم يحظى باهتمام شخصى ودعم من المرشد «آية الله خامئنى» خاصة أن مخرج الفيلم «مجيد مجيدى» من المقربين ل «خامئنى» وهو المسئول عن تنظيم لقاءات بينه وبين السينمائيين. كما أن «مجيدى» من أكثر المخرجين الموالين للنظام منذ قيام الثورة الإيرانية فى عام 1979 وحتى الآن.
وبعيدا عن وهمية المشروع القطرى الذى اختفت أخباره. فالمشروع الإيرانى الذى أوشك على الانتهاء جعل مخرجه يبدأ فى الحديث عن أسباب وظروف تنفيذه. حيث أوضح «مجيدى» أسباب صناعة الفيلم أثناء ورشة عمل كان يشرف عليها. وانتهت بطرح عدة أسئلة عليه أجاب عنها ونشرت على موقع «ٌفَُّّ ُِِْومُّ - آخر الأنبياء». قال «مجيدى» إن هناك حوالى 250 فيلما عن السيد المسيح h120 فيلما عن النبى موسى h80 فيلما عن باقى الأنبياء و 40 فيلماً عن بوذا. فى حين لم يقدم عن سيدنا محمد سوى فيلم واحد هو «الرسالة» إخراج مصطفى العقاد. والذى يراه «مجيدى» مجرد فيلم حربى لم يكن ملائما للإسلام ولم يعكس سماحته وروحانيته. كذلك ما أصبحنا نعانى منه من الإسلاموفوبيا التى أصبحت منتشرة فى العالم وتوجيه الإهانات المستمرة للإسلام والمسلمين من الغرب. ووصف الإسلام بأنه «دين الارهاب والاستبداد والغضب» دون أن يتحرك ساكن من أى مسلم للرد على ذلك أو تقديم مشروع يجسد الصورة الحقيقية للإسلام بل يزيد على ذلك ما تقدمه دولة مسلمة مثل تركيا من أعمال تليفزيونية مليئة بالفجور ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن الأخلاق الإسلامية بل هى تجسيد قوى لأفكار الاعداء.
«مجيدى» ذهب إلى مكة والمدينة لمحاولة الاطمئنان حيث ذهب إلى قبر الرسول وعبر عن كل مخاوفه. لتأتيه علامة على مباركة مشروعه من المصور الإيطالى «فيتوريو ستورانو» الذى كان «مجيدى» يتوق إلى توليه مهمة تصوير الفيلم. وقد نصح الكثيرون «مجيدى» بالتخلى عن هذه الفكرة فهذا المصور الذى تجاوز السبعين من الصعب أن يقبل العمل فى إيران التى توصف فى العالم بأنها دولة الإرهاب. وبعد اتصالات بين «مجيدى» ووكالة العمل التى ينتمى إليها «فيتوريو» صاحب الخمسة ترشيحات للأوسكار وثلاث مرات فوز ومصور أفلام «نهاية العالم الآن» ل«كوبولا» و«الإمبراطور الأخير» ل«بيرتولوتشى»، قام «فيتوريو» بإرسال رسالة شخصية إلى مجيدى تبدأ ب «بسم الله» ويوضح فيها «فيتوريو» أنه يتشرف بالعمل فى فيلم عن حياة آخر الأنبياء. عندما سأل «مجيدى» فيما بعد «فيتوريو» لماذا قبل العمل فى هذا الفيلم قال أنه شعر بأنه مدعو لهذا المشروع. لأنه كان يقوم بتأليف كتاب عن «نور الأنبياء» من إبراهيم إلى محمد وكان لمدة ثلاثة أشهر يقرأ عن سيدنا محمد. وأنه فى اليوم الذى أرسل إليه السيناريو كان يقرأ معجزة الإسراء والمعراج. لم يكن ما قاله «فيتوريو» ل «مجيدى» مجرد إشارة لتنفيذ الفيلم بل أيضا علامة لمحو الارتياب حول مشاركة غير المسلمين فى صناعة الفيلم. ولعل ذلك ما دفع «مجيدى» أيضا للاستعانة بمصمم المؤثرات البصرية الشهير «سكوت آى أندرسون» منفذ المؤثرات فى أفلام «مغامرات تان تان» و«عودة سوبرمان».
الفترة التى يتناولها الفيلم هى فترة الجاهلية التى يعتبر «مجيدى» أننا نعايشها من جديد فى هذه الأيام. أما عن أهم الأحداث فى الفيلم فتأتى بداية من يوم ميلاد الرسول وهو اليوم الذى تمت فيه محاولة هدم الكعبة بالأفيال وقد استعان «مجيدى» بأفيال من جنوب أفريقيا، وهناك معجزة أخرى وقعت للرسول وهو فى السادسة من عمره بجوار غار حراء حيث امتلأت الأرض بالنباتات التى فرشت سجادة كى يسير عليها الرسول. وعندما اشتبك ثوبه بأحد الأشواك مالت النباتات حتى يتمكن من استخلاص ثوبه دون أن يمزق. وسوف يتضمن الفيلم أيضا المغامرة التى قام بها عليه السلام وهو فى الثانية عشرة من عمره. عندما ذهب إلى الشام بصحبة عمه «أبوطالب». وهناك التقى براهب مسيحى كان عالما بالإنجيل. عندما رأى النبى طالب عمه «أبوطالب» أن يعود به إلى مكة وأن يحذر من اليهود الذين من الممكن أن يؤذوه. لأن الراهب وجد فيه صفات النبى القادم.
الأبطال المشاركون فى فيلم «طفولة محمد» كل من: «أمين تارخ» فى دور «عبدالمطلب»، «مهدى باكديل» فى دور «أبوطالب»، «بنتيا ماهدينى» فى دور زوجة أبوطالب - فاطمة بنت أسد، والنجمة «سارا بيات» بطلة فيلم «انفصال» فى شخصية «حليمة السعدية»، وكل من الممثل: «حميد فرخ نزاد» فى دور «أبوسفيان»، «محمد أسغارى» فى دور «أبولهب» و«رعنا أزاى ور» فى دور زوجة أبولهب. وكذلك «مينا سعاداتى» فى دور «آمنة» والدة الرسول، «حميد رضا تاجدولت» فى دور «حمزة بن عبد المطلب».