كان لقسم الأخوات داخل جماعة الإخوان المسلمين أدوار محددة وخطة عمل تطورت وتباينت خلال 80 عاما وهو عمر جماعة الإخوان المسلمين عن طريق ثلاث مراحل، المرحلة الأولى بدأت منذ نشأة قسم الأخوات عام 1983 على يد البنا وحتى عام 1971 عندما سمح السادات لجماعة الإخوان بممارسة عملهم الدعوى وأطلق سراحهم من السجون، وكان يقتصر دور الأخت فى هذه المرحلة على تزويج الفتيات لشباب الإخوان وجمع الأموال للمعتقلين وغيرها من الأعمال البسيطة. وبدأت المرحلة الثانية منذ عام 1972 وحتى قيام ثورة يناير 2011 وكان دور الأخوات فى هذه المرحلة دورا محوريا فى نشر الأفكار الإخوانية واستقطاب غير إخوانيات للانضمام للجماعة ثم الحشد للانتخابات والاستفتاءات والترويج لآراء سياسية بعينها. وبدأت المرحلة الثالثة بعد انتخابات رئاسة الجمهورية الأخيرة وفوز محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية 2012 واستمرت هذه المرحلة التى كان مخططا لها أن تستمر عشرات السنين، عاما واحدا فقط وانتهت بسقوط النظام الإخوانى فى 2013 وكان دور الأخوات فى هذه المرحلة هو تجميل صورة النظام الإخوانى والحشد له ولمرشحيه وتنفيذ مشروع الطفل الإخوانى ومشروع المليون إخوانى الذى يعتمد على اقتحام الأخوات للمنازل والأماكن العامة واستقطاب الجمهور لخانة الجماعة سواء بالانضمام إليها أو تأييدها، وفجأة قامت ثورة 30 يونيو لتغير المسار الإخوانى وبدأت بعدها مباشرة مرحلة جديدة اضطرارية لم تشهدها جماعة الأخوات من قبل.
بعد سقوط جماعة الإخوان فى 30 يونيو 2013 عقب ثورة شعبية أطاحت برئيسهم من سدة الحكم فى مصر، ثم اعتقال العديد من قيادات الصف الأول والثانى لجماعة الإخوان بعد تورطهم فى قضايا جنائية تتعلق بالتحريض على العنف وتمويل عمليات إرهابية وغيرها.
لم يكن أمام الجماعة سوى استخدام قسمى الطلبة والأخوات بشكل أكبر من استخدامهم السابق وأصبحت الأخت داخل الحماعة بمختلف أعمارها مسئولة عن عدة أدوار أهمها تقدم مظاهرات الجماعة الرافضة لخارطة الطريق وتكليفهم بالحشد من خلال أسر الأخوات التى تجتمع أسبوعيا فى المساجد الصغيرة والمنازل والنزول إلى الشوارع فى توقيتات مختلفة عن مظاهرات الرجال أو الانضمام إلى مظاهرات الرجال فى حال الحاجة إلى ذلك، وتكليف كل أخت باقتحام منازل جيرانها التى تجمعها بهم صداقة أو علاقة تسمح لها بعرض أفكارها المناهضة لما حدث فى 30 يونيو ومحاولة التأكيد على أن ما حدث هو انقلاب عسكرى واستخدام كل الوسائل لإقناع غير المنتميات لجماعة الإخوان بأن ما يحدث فى مصر الآن مناهض للدين وللحريات ولثورة 25 يناير والتأكيد على عودة نظام مبارك الذى ثارت عليه الملايين منذ ثلاثة أعوام تقريبا، وتوزيع نسخ مزيفة من مسودة الدستور الذى سيتم الاستفتاء عليه قريبا لحث الجماهير على رفض الدستور أو مقاطعة الاستفتاء والحالتان تصبان بشكل مباشر فى مصلحة جماعة الإخوان المسلمين لتعطيل خارطة الطريق، وللأخت عدة روافد أخرى لنشر أفكارها مثل مواقع الإنترنت والصفحات غير المعروف أنها إخوانية وكذلك استخدام الحدائق العامة والأماكن التى تشهد تجمعات مثل الحديقة الدولية والمساجد الكبرى والمواصلات العامة لنشر هذه الأفكار، إما من خلال المناقشات المباشرة أو من خلال اللافتات والإشارات والرموز التى يتم ارتداؤها أو تعليقها.
كل هذه الأفكار هى مجرد تطوير بسيط لما كانت تفعله الجماعة فى المراحل السابقة طوال ثمانين عاما، ولكن رغم كل هذه التحركات لم تستطع الجماعة خلال أربعة أشهر كسب تعاطف الشارع أو تغيير ما يحدث بعد الثورة أو تعطيله بل بدأت تفقد كثيرا من شعبيتها ومؤيديها أيضا، بسبب اقتران تحركات الجماعة بالإرهاب واستخدام العنف، وهنا كان لابد من اختلاق أحداث أو مواجهات تدين الطرف الآخر وتساعد الجماعة على كسب تأييد واستعادة شعبية فقدت بسبب استخدام العنف، فقررت الجماعة عن طريق قياداتها الهاربة والتى تتحكم فعليا فى كل مفاتيح الجماعة وعلى رأسهم محمود عزت ومحمود حسين فى وضع مخطط جديد لاستعادة ما فقدته الجماعة والتركيز على محورين هامين للغاية خلال الفترة القادمة وهم قسم الطلبة بأكمله داخل الجامعات والمدارس والمحور الآخر استخدام الأخوات التابعات لقسم الأخوات والقاصرات التابعات لأقسام الطلبة والأشبال والأخوات أيضا.
وكان هذا المقترح الخاص بتصعيد دور الفتيات والطلبة يخص إخوان الإسكندرية وتحديدا قياديا إخوانيا سكندريا تقدم بفكرته لإعادة التعاطف والتأييد الشعبى للجماعة من خلال دفع الفتيات القاصرات والطلاب فى مواجهة مباشرة مع الشرطة، وسواء كانت النتيجة ضرب الفتيات أو حبسهن، حيث تصب فى النهاية فى صالح الجماعة، وبدأ صاحب المقترح فى تطبيق الفكرة بشكل عملى فى الإسكندرية وتواصل مع فتيات الجماعة عن طريق مجموعة من مسئولى قسم الطلبة داخل كلية الهندسة، وأمرهم بإنشاء حركة نسائية طلابية ضد ما أسموه بالانقلاب للتعبير عن آرائهم والنزول إلى الشارع ومناهضة الحكومة والسلطة الحالية، وبعدها بأيام قليلة نزلت الفتيات فى أول فعالية لحركتهم الصغيرة وتم القبض عليهن وإحالتهن للمحاكمة وتطورت قضيتهن لتصبح قضية رأى عام وما عرف إعلاميا بفتيات 7 الصبح لتأتى المرحلة الثانية من الفكرة وهى المتاجرة بالقضية وجذب التعاطف».
نجحت فكرة القيادى السكندرى نجاحا منقطع النظير فبدأت الجماعة فى تعميم الفكرة على كل قطاعات الجماعة وأقسامها، وبدأت بعدها العديد من التحركات النسائية داخل جامعة الأزهر والتى تنتهى دوما باشتباكات مع أفراد الأمن، وأصبح للأخوات دور مهم داخل الجامعة فى جذب الانتباه عن تحركات شباب الطلاب الجامعيين أثناء الترتيب لمظاهراتهم التى تشتعل بشكل يومى وسنتحدث عنها فى حلقة قادمة خاصة بقسم الطلاب داخل الجماعة والذى يعتبر العامل الرئيسى الآن فى تحركات الإخوان.
وازداد نفوذ قسم الأخوات بشدة بعد 30 يونيو بسبب حساسية المجتمع فى التعامل مع المرأة ولسبب آخر أهم بكثير وهو نفوذ خيرت الشاطر الواضح داخل الجماعة والذى انتقل لأبنائه بالوراثة فشكل أبناء القيادات الإخوانية وعلى رأسهم عائشة ابنة خيرت الشاطر تكتلا يضم أبناء القيادات الجامعيين والشباب أطلقوا عليه مكتب الإرشاد الموازي بعد أن أصبح مكتب الإرشاد الكبير داخل السجون وتزعمت ابنة الشاطر التنظيم الحركى وأصبحت بمثابة المرشد العام، وقام زوج ابنة الشاطر وبعض قيادات الصف الثانى بالجماعة وغير المعتقلين حاليا بالإضافة إلى رجال الأعمال الداعمين للإخوان بتمويل هذه الحركات التى تنطلق فى كل محافظات مصر، والفكرة الرئيسية لاستخدام الأخوات فى المقدمة تعتمد على إشعال أحداث عنف مبررة لصالح الجماعة، فاستخدام العنف بالشكل التقليدى المعتاد والذى كانت تستخدمه جماعة الإخوان أصبح منبوذا من الشعب ولا يساعد على كسب أى تعاطف، فاصبح التحرك لمربع الأخوات ضروريا من أجل اصطناع اشتباكات يكون بطلها الرئيسى النساء لتبرير ردود الأفعال التى ستصدر من شباب الجماعة ورجالها بحجة الاعتداء على نسائهم، فأصبحت الأخت تستخدم أساليب عنيفة مثل إلقاء الحجارة والزجاجات والاعتداء الجسدى على الآخرين من أجل افتعال معركة عنيفة يتورط فيها الطرف الآخر إما بالاعتداء الجسدى أو الاعتقال وفى الحالتين سيكون رد فعل الرجال والشباب الإخوان مبررا.
والهدف من كل هذه الاشتباكات على المدى القصير استعادة دور وقوة الجماعة فى الشارع وتعطيل خارطة الطريق وإظهار ما يحدث فى مصر بأنه انتهاك لحقوق الإنسان مما يؤكد مزاعمهم الخارجية حول ما حدث فى 30 يونيو والتأكيد على أنه انقلاب عسكرى مكتمل الأركان.