«الحرملك» عالم المرأة الإخوانية الذى تحول من نادى اجتماعى لعقد الزيجات وتفريخ أجيال إخوانية تحمل علم الجماعة فوق جبين مصر بعد أن أخطأوا وظنوا أن الجماعة هى الوطن الأول والأوحد.. إلى ثورة نسائية «فشنك» داخل مكتب الإرشاد للمطالبة بحقها وتصعيدها كالرجل، ووفقًا لسياسة الإخوان فى تطييب الخواطر لعبت الجماعة على كل الحبال، وأدخلت المرأة على قوائمها الانتخابية وعندما صار حزبًا حاكمًا أنزل المرأة إلى المحافظات للحشد له، وعندما أوشك على السقوط أعطاها درعًا وسيفًا لتحارب باسم الشرعية.. وأخيرًا تنبأ «محاورى» أبو الفضل الإسناوى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية وفق دراسة أعدها بأنه إذا أعطت القيادات الضوء الأخضر للنساء بالعنف فسيكون التصعيد والذى قد يصل إلى حد التفخيخ. ∎ ما بداية نشأة قسم الأخوات داخل تنظيم جماعة الإخوان؟
- كانت بداية نشأة «فرقة الأخوات» داخل الجماعة فى نفس الوقت الذى نشأت فيه الحركة وانتقالها إلى القاهرة عام 1932، ووفقًا لما ورد فى كتاب حسن البنا «مذكرات الدعوة والداعية» من أن البنا نفسه كان رئيس فرقة الأخوات، وكانت وكيلتها لبيبة أحمد والتى كانت تمثل حركة الوصل بين المرشد والأخوات، ثم تطور الدور النسائى داخل التنظيم ليشهد انطلاق أول لجنة تنفيذية «للأخوات المسلمات»، والتى ضمت 12 عضوة برئاسة آمال العشماوى زوجة المستشار منير دلة ووكيلتها فاطمة عبدالهادى، زوجة محمد يوسف هواش من أهم شخصيات تنظيم 1965 والذى أعدم مع سيد قطب 1966.
∎ وماذا كان دور نساء الجماعة فى هذه الفترة؟
- كان دور نساء الجماعة خلال الفترة من 1932 وحتى محنة الجماعة الأولى عام 1965 مقتصرًا على الدور الدعوى والاجتماعى وذلك من خلال «دار الأخوات المسلمات»، والتى أسسها البنا عام 1944 والتى مكنت نساء الجماعة من الانتشار عبر الشارع والهيئات الحكومية والأماكن العامة، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بأسر الجماعة التى اعتقل رجالها عن طريق جمع التبرعات وإيصالها لبيوتهم.
∎ وهل كان هناك هيكل تنظيمى لنشاط نساء الجماعة؟
- بعد انتهاء المحنتين الأولى والثانية للجماعة بدأ التفكير فى إنشاء قسم للنساء بكل شعبه وتتولى مسئوليته إحدى الأخوات والتى تكون عادة زوجة مسئول الشعبة، كما يكون هناك طابع السرية حول هذا القسم، بمعنى أن المرأة التى تنتمى لأسرة لا تعرف سوى المسئولة عنها لأنه غير مسموح لها معرفة أكثر من ذلك، بينما تقتصر المعلومات والتفاصيل على زوجات وبنات قيادات الإخوان.
∎ معنى ذلك أن الهيكل التنظيمى لنساء الجماعة كان يعانى من الطبقية؟
- بالتأكيد، لأن التصعيد داخل هذا التنظيم النسائى يكون وفق شروط وهى أن تثبت العضوة ولاءها وطاعتها العمياء لقيادات الجماعة ومدى التزامها بالقواعد المنصوص عليها.
∎ وما ترتيب الطبقات الوظيفية داخل الهيكل التنظيمى لقسم النساء؟
- هناك لجنة الدعوة الفردية ولجنة التربية ولكل منهما مسئولة ترأسها، فلجنة التربية عبارة عن مجموعة من الأسر يتراوح عدد عضوات كل أسرة من خمس إلى سبع، ولكل أسرة أخت مسئولة عنها ويخصص لقاء أسبوعى تربوى تتم فيه دراسة كتاب «فى رياض الجنة» والذى يمثل المنهج الثقافى للأخوات.
أما لجنة الدعوة الفردية فهى تعمل على مستويين، الأول وهو «الزهراوات» والذى يختص باستقطاب من هن فى سن الطفولة من تلميذات المرحلة الابتدائية والإعدادية، والمستوى الثانى يضم لجنة الفتيات وهى تختص بطالبات المرحلة الثانوية والجامعية والتى يتم بعدها تصعيد الفتاة الأكثر ولاءً وطاعة للتدرج فى الهرم التصاعدى للتنظيم من محب إلى مؤيد إلى منتسب وهكذا.
∎ وكيف تقوم نساء الجماعة باستقطاب الفتيات من خارجها
- بالنسبة لفتيات الجماعة يكون المسجد هو نقطة الانطلاق الأولى لعملية التجنيد، وتكون شريحة هذه الفتيات ما بين الطبقة الفقيرة والأخرى الثرية بمعنى أن الفتاة ذات المستوى البسيط تكون فى حاجة لمن يساندها ويدعمها داخل الكلية، وبالطبع تكون الأسرة الإخوانية هى من تقدم لها هذا الدعم وتمد لها يد العون بدون مقابل والذى يحقق بالفعل لدى الفتاة البسيطة حالة من الاستقرار النفسى.
بينما ذوات المستوى الاجتماعى الراقى أحيانا ما تبحث هى الأخرى عن نفسها أى أنها يتم استدراجها لهذه الأفكار لإحساسها بالضياع فجأة ورغبتها فى القرب من الله. وبالتالى تعمل الأسرة الإخوانية داخل الجماعة على هذه الأوتار جميعا.
والجديد فى هذا الأمر أنه كانت هناك تعليمات صدرت من مكتب الإرشاد بعد عام 2005 تتمثل فى تغيير زى سيدات الإخوان من النقاب والخمار إلى الحجاب المودرن وكان لذلك الأمر أثر كبير فى جذب أعداد كبيرة من شرائح مختلفة لهذا التنظيم.
أما عن الوسط المجتمعى ودور النساء فيه فيكون من خلال الدروس بالمساجد والتى تكون محددة بأنها تخص الجماعة إضافة إلى الندوات داخل البيوت والتى يكون الحديث فيها حول الدين بشكل عام وحتى تأمن السيدة من وسطية الحوار يتم الدخول إلى المرحلة الثانية وهى الحديث عن الجماعة ونشأتها وأهدافها وكيف تدعو إلى الحفاظ على مبادئ الدين، وهنا تقوم الداعية التى تقوم بإلقاء الدروس بالربط بين الدين وبين الإخوان على المدى الطويل حتى تصل الفكرة أخيرا بأن الإخوان هم رعاة الدين الإسلامى فى مصر.
بالإضافة إلى أن القائمين على هذه الدروس يقومون بإعداد رحلات لليوم الواحد التى تساهم فى ربط نساء التنظيم معا داخل إطار الجماعة ويقوى صلتهن ببعضهن وهنا تبدأ المصاهرة التى يتم الوعد بها لكل فتاة التزمت وسارت على خطى الجماعة على أن تكون هذه جائزتها كزوجة إخوانية.
∎ وفقا لعمليات الاستقطاب هذه للفتيات والنساء.. ما هى خريطة انتشار نساء الإخوان فى مصر؟
- تباينت معدلات كثافة نساء الإخوان من محافظة لأخرى بل من قرية لقرية وذلك وفق دراسة الجماعة لتلك المناطق ومدى إمكانية الاستفادة منها.
وعلى ذلك احتلت محافظة الجيزة أعلى نسبة لتواجد نساء الإخوان بها خاصة الحيز الريفى المحيط بالمحافظة من قرية ترسا البلد وكرداسة وضواحيها والصف والعياط وجزيرة محمد وأبوالنمرس وغيرها من تلك المناطق ذات الطابع القروى.
هذا بالإضافة إلى محافظة القليوبية التى مثلت نساؤها فى اعتصام رابعة العدوية نسبة تقارب 60٪ من نساء الاعتصام برابعة والنهضة تحديدًا.
∎ ولماذا تركيز الجماعة على استقطاب نساء هذه المحافظات تحديدًا؟
- قوة اختراق تنظيم نساء الإخوان لهذه المناطق بشكل جيد، وذلك من خلال تنوع وانتشار الخدمات الإخوانية بها، فيتم دعم الأسر الفقيرة غذائيًا لضمان دعمها للإخوان فى أى وقت، بما يمثل حشدا إخوانيا سريعا غير مكلف- على عكس المحافظات البعيدة- هذا بالإضافة إلى انتشار لجان التربية والدعوة الفردية بها والتى تقوم بإلقاء المحاضرات وعقد الندوات التى تدعم الفكر الإخوانى إلى جانب توزيع الكتب الإخوانية بالمجان.
كما أن هناك فكرة أكثر خطورة وهى تيسير الزواج الإخوانى هناك والذى ساهم فى تفريخ جيل من الإخوان ولاسيما فى جزيرة محمد وضواحى كرداسة.
∎ ألم يكن للصعيد حظ من هذا الاحتلال النسائى الإخوانى؟
- جنوب الصعيد خلا تمامًا من نساء الإخوان باستثناء محافظتى المنيا وبنى سويف، هذا بالإضافة إلى محافظة الوادى الجديد، والتى ظهر بها مؤخرًا عدد من نساء الجماعة فى محاولة لتشكيل فرع لحركة نساء ضد الانقلاب، والتى كانت بدايتها برابعة العدوية، وترجع أسباب نجاح انتشار نساء الإخوان بتلك المحافظات إلى عدة أسباب منها أهمها وجود عدد من قيادات الجماعة بالمنيا وبنى سويف، وبالتالى دعم تلك المحافظات ماديًا وخدميًا.
∎ انتقال نساء الجماعة إلى ممارسة السياسة.. كيف بدأ؟
- كانت البداية مع عام 1944 حيث إنشاء أول جمعية تنفيذية للأخوات المسلمات، والتى تم تفعيلها فقط مع عام 2000 حيث اتجاه المرأة الإخوانية نحو الترشيح فى الانتخابات والتى ترأسها فى تلك الفترة جيهان الخلفاوى عن دائرة الرمل بالإسكندرية.
∎ وماذا كان موقف مكتب الإرشاد وقتها؟
- الجماعة لم تكن تؤمن بدور حقيقى للنساء فى الحياة السياسية، إضافة إلى تخوفهم من تعرض نساء الجماعة للملاحقات الأمنية، ولكن كان لطموح جيهان الخلفاوى ومساندة بعض نساء الإخوان لها من أجل إعطائهن الفرصة للعمل الإدارى والسياسى داخل التنظيم رد فعل قوى داخل مكتب الإرشاد، حيث لقى اعتراضا من بعض القيادات وقتها أمثال محمود عزت ومحمد حبيب، إلا أن موقف مهدى عاكف- المرشد وقتها- كان أكثر مرونة ثم توالت المشاركات النسائية للجماعة فى الانتخابات البرلمانية لعام 2005 والتى كان على رأسها جيهان الخلفاوى مرة أخرى ومكارم الديرى عن مدينة نصر.
∎ ولكن ألم تخالف مشاركة المرأة الإخوانية سياسيًا تعاليم حسن البنا؟
- بالفعل هو يخالف ما ذكره حسن البنا فى رسائله والتى حدد فيها دور المرأة قائلاً: علموا المرأة ما هى فى حاجة إليه بحكم مهنتها ووظيفتها التى خلقها الله لها، تدير المنزل وترعى الأطفال، ولكن القيادات وجدت مخرجًا لذلك حيث أشار البنا إلى أن الإسلام قد أباح للمرأة شهود العيد وحضور الجماعة والخروج للقتال عند الضرورة الملحة وهنا اشترط شرطًا بأن تبتعد عن كل مظاهر الزينة وستر الجسم وإحاطة الثياب.
وهكذا اعتبرت الجماعة أن تلك الفترة هى أقصى درجات الشدة وبالتالى خرجت النساء.
∎ 25 يناير.. ماذا يمثل هذا التاريخ للمرأة الإخوانية؟
- ثورة 25 يناير تمثل ثورة أيضًا فى فكر المرأة الإخوانية، حيث كان لهذه الفترة التى أعقبت الثورة الفضل فى ظهور نساء الجماعة إلى الواقع السياسى بصورة أكثر انفتاحًا وهذا بالطبع لم يكن إلا أمرًا اضطراريًا من قيادات التنظيم، حيث اشتراط قانون الانتخابات.
ثم اقتحمت المرأة الإخوانية مجلس الشورى ومنها إلى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بمشاركة ما يقرب من ثلاث سيدات إخوانيات، إلا أن أكثرهن استفزازًا هى «البروفة» التى تمت فى انتخابات رئاسة الحزب بترشح صباح سقارى أمام عصام العريان وسعد الكتاتنى والذى كان الهدف منه رسالة «زائفة» للعالم الغربى باهتمام الإخوان للمرأة وتقديرهم لها.
∎ ألم يرتق طموح المرأة الإخوانية إلى قيادة مكتب الإرشاد؟
- إطلاقًا.. ولن يرتقى فكرها لذلك لأنها مؤمنة بولاية الرجل عليها.
∎ من المشاركة إلى الاستغلال الوطنى من قيادات الجماعة لنسائهم فما تطور تلك المرحلة؟
- عقب ثورة يناير صدرت أوامر من مكتب الإرشاد بتكثيف نشاط الأخوات فى القرى، خاصة قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
∎ ولماذا يلجأ مكتب الإرشاد إلى المرأة طالما غير مقتنع بأدائها السياسى؟
- مكتب الإرشاد لم يصدر تلك الأوامر عبثًا ولا اعترافًا منه بدور المرأة ولكنها مجرد حلقة فى سلسلة الاستغلال الإخوانى لتلك النساء، حيث رأت قيادات التنظيم أن النساء كتلة تصويتية قوية لابد أن يتم استغلالها من خلال نساء الجماعة، كما أن فى هذه الفترة تراجع تأثير رجال الإخوان فى الشارع لعدم التزام مرشحى الجماعة بوعودهم أمام ناخبيهم.
∎ ثورة 30 يونيو كيف أثرت فى المرأة الإخوانية؟
- كشفت ثورة 30 يونيو عن وجه عنيف لنساء الجماعة ارتبط بخروجها فى تظاهرات مسلحة إيمانًا منها بأنها أقصى درجات الشدة للجماعة والمباح فيها الخروج للقتال، وبالتالى شاهدنا فى اعتصامى رابعة والنهضة من مواجهة نساء الجماعة للقوات واستخدام الحجارة، كما أن قيادات الجماعة فكروا فى اقتناص الدور الذى لعبته نساء تنظيم القاعدة، والذى كان يتم استغلاله وقت الأزمات لصعوبة تعقبهن من قبل الأمن.
∎ معنى ذلك أن نتوقع ظهور إخوانيات مفخخات يقمن بعمليات تفجيرية على غرار نساء القاعدة؟
- هذا يتوقف على مدى استمرار رجال الجماعة فى استخدام العنف، لأن ذلك مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتحول النساء إلى العنف بل تصعيده وتطوير وسائله والتى قد تصل إلى التفخيخ.. ووفقًا للمشهد الحالى فنساء الجماعة هن من يقودن المسيرة الإخوانية الآن.
∎ إذا تحدثنا عن التحريض، فمن أكثر المحرضات الإخوانيات؟
- النائبة السابقة بمجلس الشعب عزة الجرف، لما لها من تصريحات خطيرة أثناء اعتصام رابعة والتى كان منها «نبشر بأعداد كبيرة من القتلى فى صفوف الجيش والشرطة المصرية إذا لم يتم الإفراج عن محمد مرسى»، وفى 4 أغسطس حرضت على عدم الاستجابة لإخلاء الميادين وقالت «إن الدماء التى سالت ستكون لعنة على كل من أمر بها»، وأضافت «صامدون، صابرون، مرابطون، حتى نستعيد مصر الحرة ولن نعود إلى منازلنا إلا بعودة الرئيس مرسى»، وفى 11 أغسطس تحدثت من فوق منصة النهضة مستدعية جميع نساء الإخوان للتظاهر ضد القوات المسلحة والشرطة.
∎ ولكن ماذا عن زوجات القيادات أمثال زوجة خيرت الشاطر وتواصلهن مع التنظيم الدولى للإخوان؟
- ليس هناك ما يسمى التنظيم الدولى للإخوان وإنما هو مجرد تنسيق بين الإخوان المسلمين فى كل الدول العربية والأوروبية والتى لم ينجح منها سوى فى تركيا، وإن كان أصل الأحزاب فى تركيا هى أحزاب صوفية الأصل والتفكير والبعض حمله الطابع الإخوانى.
ومن يقود الإخوان بالشارع الآن هو التنظيم الوسطى الذى يضم قيادات الجماعة الوسطى، وبالتالى فليس هناك رأس تحرك هذا التنظيم، كما أن نساء القيادات الإخوانية تنسق من بعد بين القيادات المسجونة والقيادات الوسطى ولن تظهر على الساحة بشكل واضح إنما تتعامل بطريقة المرأة الخفية، وتقوم بتحريك النساء الإخوانيات من الصف الثانى أمثال عزة الجرف وغيرها، كما تدعم حركات نسائية إخوانية وعلى رأسها «نساء ضد الانقلاب»، والتى تحاول من خلالها تفعيل دورها واستفزاز الشارع كما فعلن 22 يوليو من الخروج فى مسيرات نسائية وقطع الطريق الزراعى بمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية مطالبات بعودة الرئيس المعزول.