دائما يفاجئ الشعب المصرى العالم بأشكال مختلفة من الاعتراض على الأوضاع السياسية فى مصر، فمنذ ثورة 25 يناير ومرورا بكل الأحداث التى تلتها ووصولا لثورة 30 يونيو ظهرت العديد من الأشكال والحركات المعترضة دائما على سوء إدارة البلاد من حكم مبارك إلى الحكم العسكرى ووصولا إلى حكم الإخوان وسقوطه بعد عام واحد فقط من توليه مسئولية الحكم. أما فى هذه الأيام وبعد أن لجأ الإخوان المسلمين إلى الخروج إلى الشوارع والميادين اعتراضا منهم على ما حدث فى ال 30 من يونيو وخروج الشعب عن بكرة أبيه ليعلن للعالم عزم المصريين على مواصلة طريق الكفاح ضد الظلم والاستعباد. وبعد نجاح حركة «تمرد» والتى كانت فى حد ذاتها دليل عبقرية الشباب المصرى على ابتكار طرق جديدة لم يعرفها العالم حتى المتحضر منه على إسقاط النظام الفاشل فى إدارة شئون البلاد.
وبعدنجاح الأجهزة الأمنية فى فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة» بعدما كانا ورقتى ضغط على السلطة الحاكمة وبعدما ثبت خروج هذه الاعتصامات عن إطارها الديمقراطى والسلمى.
وخسارة جماعة الإخوان للعديد من قياداتها التنظيمية والإدارية إثر سلسلة من الملاحقات الأمنية الناجحة.
بدأت جماعة الإخوان فى تنظيم العديد من المليونيات الخائبة والعديد من المسيرات لإثبات حقهم المزعوم فى أن ما حدث فى مصر ليس ثورة شعبية، وإنما هو انقلاب عسكرى على شرعيتهم وحكمهم للبلاد.
وهنا جاء دور الشعب المصرى العظيم فى مقاومة «الإخوان المخربين» أو جماعة «الإخوان الإرهابيين».
وبدأت حيل المقاومة والتى أثبت المصرى أنه وبلا فخر رائد فى هذا المجال،ومن هذه الحيل والتى كانت تتميز وكالعادة بخفة الدم المصرى المعهودة تعليقات الشباب المصرى على «الفيس بوك» والتى تصف مليونيات «الإخوان» فى الشارع فمثلا كان هناك تعليق على ما يصفونه بالمليونية «حد يفهم الإخوان إن المليون واحد وجنبه ست أصفار مش واحد وجنبه ست أنفار»، و«إن جماعة الإخوان أحرزوا نجاحا باهرا فى حل مشكلة اللحوم هذا العيد.. لأن الخرفان كتير زى ما احنا شايفين» وعلى نفس المعنى «الشعب المصرى جعان.. عايز ياكل الخرفان» وتعليق آخر من أحد مستخدمى «الفيس بوك» ردا على فيديو رشق سكان إحدى المناطق لمسيرت الإخوان «بالبيض» حيث علق «والله يا أخونا خسارة فيهم دا البيضة بقت بجنيه»، والعديد من التعليقات الساخرة على مسيرات الإخوان فى الشوارع والميادين.
وحتى بعد أن فقدت جماعة الإخوان القدرة على تنظيم مظاهرات حاشدة وأصبحت أعدادهم فى تآكل مستمر من جمعة إلى جمعة بدأت تظهر العديد من التعليقات الساخرة على هذه المسيرات الضعيفة، فمثلا هناك تعليق على صغر مليونية الإخوان الأسبوع قبل الماضى بأن الإخوان سوف ينظمون مليونية جديدة تحت شعار «أنت مجتش ليه الجمعة اللى فاتت» وردا على حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية أن الإخوان سينظمون مليونية تحت شعار «وربنا ماأنا .. دى اختى منى» والكثير من التعليقات الساخرة والتى تنم عن خفة ظل أبناء هذا الشعب.
ولكن جاء رد الشعب المصرى كله بالشكل العملى على هذه المسيرات بالعديد والعديد من أنواع الردود الغاية فى الغرابة والطرافة والعنف أحيانا!
فبغض النظر عن المصادمات والاشتباكات التى تقع بين الأهالى وأنصار الإخوان المسلمين فى كل مسيرة تقوم بها الجماعة،والتى يكون الإخوان فيها دائما وأبدا هم المعتدون.
فيحكى لنا المعلم «مصطفى عبدالرحمن» صاحب قهوة فى منطقة الوايلى: «أنا حاطط صورة «الفريق السيسى» على يفطة قهوتى لأنى بقدر الراجل دا والظاهر إن صورة الراجل دا بتجنن الإخوان لأن الجمعة اللى قبل اللى فاتت كانت فيه مسيرة للإخوان معدية من قدام القهوة وفجأة لاقيتهم طلعوا على اليافطة وراحم مقطعين الصورة ولاقيت جماعة تانية بيكتبوا بالبويه على حيطة القهوة «السيسى» خاين وطبعا حصل بينا خناقة والناس نزلت وانتهت بأنهم جريوا زى الخرفان وعلمناهم الأدب، عايز تعمل مسيرة امشى بأدبك وملكش دعوة بحد ومن بعدها مبقاش فيه مسيرات بتعدى من هنا».
أما إسلام صلاح محاسب من منطقة شبرا الخيمة فيقول: «إن كل مسيرة بتعدى بتشتم فى الجيش المصرى واللى خدمت أنا فيه وكتير من الشباب خدموا فيه زىِّ ودى حاجة بتستفز الناس جدا وبتخليهم يشتبكوا معاهم فهما اللى بيبدأوا دايما».
أما عن أساليب الشعب المصرى فى مقاومة هذه المسيرات فكانت كثيرة ومتنوعة جدا فنجد أن سكان منطقة «سيمون بوليفار» قاموا بإلقاء البيض على المسيرة المؤيدة لجماعة الإخوان.
وفى الإسكندرية قام الأهالى برشق مسيرات الإخوان بالطماطم وكل هذه الأساليب طريفة جدا.
بالنسبة لبعض الأساليب الأخرى فهناك من يلقى الماء على المسيراتهذه أيضا طريقة عادية.
أما الطرق غير العادية فنجد مثلا من يلقى بالقمامة على المسيرات وهناك من السيدات من تقوم بتنفيض السجاجيد على المسيرات.
وهناك من يقوم برفع الأحذية لهم ومنهم من يقوم برفع صورة «الفريق السيسى» أمامهم ومنهم من يرفع صورة «محمد مرسى» نفسه ولكن عليها تعليقات مثل «مطلوب» أو «ارحل».
بل وصل الأمر إلى أن هناك بعض الأهالى قاموا باستئجار سماعات ساوند ووضعوها فى البلكونات وتشغيل أغنية «تسلم الأيادى» أثناء مرور مسيرات الإخوان أسفل هذه البلكونات مما يصيب هذه المسيرات بالجنون.
والغريب أن أكثر ما يصيب هؤلاء الناس بالجنون فعلا كلمتان «خرفان» و «سيسى»، فبمجرد ذكر أى من هاتين الكلمتين أمام أحد من الإخوان أو حتى المناصرين لهم فهى كفيلة بإثارة غضبه وجنونه وقد يصل الأمر وقتها إلى الاشتباك بالأيدى.
أما عن رد فعل هذه المسيرات من جراء هذه الأفعال الاعتراضية من جانب الأهالى فهى متعددة أيضاً،فبعض المسيرات تقوم بإطلاق بعض الهتافات مثل «امشى على طول. سيبك دول فلول»
وهتافات أخرى مثل «دول ولاد السيسى».
وهناك بعض المسيرات التى تلجأ إلى السباب والشتيمة بالألفاظ النابية وقد يصل الأمر إلى الإشارات البذيئة باليد.
وفى بعض الأحيان تصل الأمور إلى قيام هذه المسيرات برشق الأهالى فى البلكونات بالحجارة أو حتى الاشتباك مع أصحاب المحلات التجارية والمقاهى كما حدث فى العديد من المناطق مثل شبرا الخيمة والعباسية، وبعض المحافظات مثل دمياط والشرقية والفيوم وبعض محافظات الصعيد والتى قد يصل الأمر فيها إلى الاشتباك بالأسلحة النارية والخرطوش.
وقد أدت تلك الطرق إلى تقليص عدد المسيرات والمظاهرات بشكل كبير، حيث بدأت الجماعة فى الإحساس بالفشل فى تنظيم مسيرات ذات أعداد كبيرة تقوم من خلالها بالضغط على النظام وكسب المزيد من التعاطف الدولى معها.
ولكن الرسالة الأقوى والتى وصلت إلى جماعة الإخوان ومناصريهم هى رفض الشارع المصرى بأكمله وفئات الشعب المختلفة لهذه الجماعة وهو ما أدى إلى تخلى الكثير من المؤيدين لهم عن مناصرتهم وبذلك أصبحوا وحدهم فى الشارع فى مواجهة الشعب والنظام معا.
والثابت هنا أن الشعب المصرى يمتلك قدرات غير عادية على ابتكار أساليب غير مسبوقة بعضها يتسم بالجرأة والكثير منها يتسم بالطرافة والغرابة فى التعبير عن نفسه ضد أى ظلم أو عدوان يواجهه.