حالة من الجدل تسيطر على الساحة المصرية سياسيا وشعبيا واقتصاديا حول احتمالية مد «الطوارئ» مع اقتراب نهاية مدته التى أصدر الرئيس «عدلى منصور» قرارا بإقرارها شهرا، كل هذا وسط أنباء حول مده مرة أخرى ل3 شهور خاصة مع الدخول فى مرحلة التفجيرات الإرهابية والسيارات المفخخة، ورغم اتفاق الجميع على أن الطوارئ «سيئة السمعة» وفيها ضرب لكل المعايير القانونية إلا أن الاختلاف ما بين استمراره من عدمه هو أبرز سمات هذه الأيام! وتجاوز الأمر إلى المطالبة باستمراره من أجل مواجهة العنف والإرهاب الذى وصل للتفجيرات!! عبدالله السناوى الكاتب الصحفى قال لنا إن «الطوارئ» معيبة ولا تصلح للشعوب الديمقراطية حتى لو اقتضت الحاجة إليها، واصفاً القانون بأنه قانون سيئ السمعة، لأن المخلوع مبارك طوال عهده كان يحكم بالطوارئ للتنكيل بخصومه السياسيين.
السناوى أضاف أنه من أهم مميزات ثورة 25 يناير إلغاء الحكم بالطوارئ لكن الدولة اضطرت للجوء إليه بعد ثورة 30 يونيو بعد الأعمال التخريبية التى ارتكبتها جماعة الإخوان من اقتحام لأقسام الشرطة وحرق الكنائس وترويع الآمنين، مشيرة إلى أن الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور ترك الباب مفتوحا أمام طرح مد حالة الطوارئ وإن كنت أتوقع تمديده لمدة شهر واحد فقط.
«السناوى» أوضح أنه رغم العمل بقانون الطوارئ الآن معظم الإجراءات التى تتم تسير بطرق قانونية فكل إحالات المتهمين للمحاكم كانت بإذن من النيابة العامة، ومع ذلك أطالب الرئيس والحكومة برفعه فى أقرب وقت من أجل التحول الديمقراطى واستكمال خارطة الطريق.
بينما استنكر اللواء محمود زاهر الخبير العسكرى والاستراتيجى، حدوث أى مشاكل من تمديد العمل بقانون الطوارئ قائلا: عشنا 30 سنة تحت حكم الطوارئ فى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك، وكانت هناك حياة طبيعية فى كل المجالات.. من مستثمرين وبنية تحتية وتعليم دون أى تأثير سلبى ولكن التأثير يأتى من حظر التجوال.
وقال زاهر إن القانون عادى والاستثناء الوحيد فيه هو تقصير الإجراءات فيتخطى حدود التوقيتات فيبيح أمر الضبط والإحضار دون اللجوء إلى النيابة العامة، مشيرا إلى أنه طالما هناك مظاهرات وأعمال تخريبية، فالأمر يستدعى استمرار العمل بقانون الطوارئ متوقعا تمديده لمدة 3 أشهر.
وأكد زاهر أن قرار تمديد العمل بقانون الطوارئ لا يحتاج طرحه على استفتاء شعبى، فهو قرار سيادى يتم اتخاذه طبقا لما تقتضيه الظروف الأمنية.
إلهامى الزيات، رئيس اتحاد غرف السياحة أكد أن حالة الطوارئ ليس لها أى تأثير سلبى على السياحة بل قد تساعد فى زيادتها، موضحا أن السائح الغربى ليس سياسيا وكل ما يعنيه هو حالة الشارع الأمنية، وإذا كانت الطوارئ ستقضى على الأعمال الإرهابية فهذا سيدعم السياحة ويشجع السائحين.
وأضاف الزيات ما يثار حول التأثير السلبى للعمل بالطوارئ هو لعبة سياسية من قبل بعض الشخصيات والدول لتشويه صورة مصر فقط، مؤكدا أن قانون الطوارئ الذى كان يستخدم قبل ثورة 25 يناير لن يعود مرة أخرى لأن مصر بدأت مرحلة جديدة قائمة على الديمقراطية وملامح هذه المرحلة محددة من خلال خارطة الطريق.
وقال الزيات إن موسم السياحة فى الصيف لايشغله إلا العرب، ويقل عددهم مع بداية العام الدراسى وبالتالى فتأثيره غير موجود على السياحة، وأكد على أن السياحة ستشهد تحسنا أفضل فى السنوات المقبلة كاشفا عن تنسيق يتم بين اتحاد غرف السياحة ووزارة الطيران لرسم المتاحف والمعابد المصرية على هياكل الطائرات للترويج للآثار المصرية فى كل دول العالم.
نجاد البرعى، الناشط السياسى والحقوقى، أكد أنه لايوجد أى مبرر للعمل بقانون الطوارئ وكفانا ما عانينا منه خلال ال 50 عاما الماضية فلا يمكن أن يقوم المصريونبثورتين لكى يطبق بعد ذلك قانون الطوارئ.
البرعى أعرب عن اندهاشه من التلميح من بعض المسئولين بتمديد العمل بقانون الطوارئ، مؤكدا أنه التقى بوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وناقشه فى قانون الطوارئ فكان رد الوزير أنه لم يوقع على أمر اعتقال واحد حتى الآن وأنه يوقع وينفذ قرارات النيابة العامة.
وأضاف البرعى: بالتالى لاتوجد أى ضرورة لوضع قانون الحكومة لاتستخدمه، موجها رسالة إلى الحكومة «كفاية إساءة لسمعة البلد».. فمصر دولة ديمقراطية لايليق بها قانون الطوارئ. د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية أكد ضرورة تمديد قانون الطوارئ مادام الإرهاب مستمرا، ولايوجد مانع أن نتحمله شهرا أو أكثر من أجل القضاء على الفئة الباغية أما الذين يرون أنه ضد الديمقراطية فهؤلاء دعاة الحرية المطلقة، يريدون أن يعيشوا فى كوكب آخر.
وأشار زهران إلى أنه ضد قانون الطوارئ لكن مصر الآن فى ظروف استثنائية والمجتمع يعيش واقعا غير طبيعى والدولة لديها تقديرات للحالة الأمنية وعليه ستحدد إذا كنا فى حاجة إلى تمديده من عدمه.
وأكد ضرورة أن تكون الحكومة حاسمة فى تطبيقه حتى تزيل القلق من المجتمع فلا يجوز أن نسمع عن حوار ومصالحة فى ظل حالة الطوارئ وبالتالى سيمنعهم القانون لظروف أخرى وليس لصالح المجتمع.
د.صلاح جودة، الخبير الاقتصادى، يرى أن حالة الطوارئ لها تأثير سلبى كبير على الاقتصاد وأهمها البورصة لأن عدم الاستقرار السياسى يؤدى إلى انسحاب المستثمرين وكذلك هروب السائحين خاصة أن كثيرا من الدول حذرت رعاياها من التواجد فى أماكن الشغب والمظاهرات فى مصر، وتوقف حركة القطارات فى كل أنحاء الجمهورية مما أدى إلى خسارة السكة الحديد ملايين من الجنيهات، وتوقف حركة المترو قبل الوقت المحدد لها، وتوقف كثير من الشركات وتقليص عدد العمالة.
وأضاف جودة أن هناك جانبا إنسانيا يجب مراعاته فهناك الكثير من المصريين الذين يعملون فى فترة مسائية لزيادة دخولهم وتلبية متطلبات الحياة، فهؤلاء لن يستطيعوا العمل بسبب الطوارئ، مؤكدا ضرورة تحقيق الاستقرار الأمنى والدفع بعجلة الاقتصاد التى لا تتحمل مزيدا من الانهيار.
د.كمال مغيث، الخبير التربوى، قال إن حالة الطوارئ لها تأثير سلبى على المجتمع وتؤكد على أننا لانعيش فى ظروف طبيعية مؤكدا على أن الطوارئ تعصف بكل الإجراءات القانونية.
وأضاف مغيث أن استمرار حالة الطوارئ مع دخول العام الدراسى الجديد سيؤدى إلى مشاكل ضخمة، فالطلاب يريدون أن ينعموا ويمارسوا الحرية والديمقراطية التى حصلوا عليها من ثورتى 25 يناير و30 يونيو مثل قيامهم بتنظيم مظاهرات ضد سياسات الحكومة أو الاعتراض على بعض القرارات، وتوزيع منشورات كنوع من الممارسة السياسية لحقوقهم أو إلصاق مجلة حائط ضد شخصية مسئولة لكن الطوارئ قد يؤدى فى حال ممارسة مثل هذه الأفعال إلى القبض عليهم والتنكيل بهم استنادا إلى قانون الطوارئ، هذا إلى جانب أن الطلاب سيخضعون للتفتيش من قبل الشرطة أثناء عودتهم من دراستهم.
وأكد مغيث أن التأثيرات الإنسانية السلبية للطوارئ كبيرة ولذا يجب تقليصها إلى أضيق الحدود منعا من حدوث احتكاكات بين الطلاب والشرطة فى الفترة القادمة فالعرف أن الطوارئ لها بداية ونهاية وخارطة الطريق حددت شهرا لها فلا داعى للتمديد.