واحدة من أغرب مفارقات الحدث خلال هذا العام «المرساوى» المنصرم، كان صراع «أهل الدين، أو بالأحرى من روجوا بين السذج أنهم أهل الدين - على الدنيا»، الإسلاميون كانوا فى خندق واحد بدأ الانهيار منذ الانتخابات البرلمانية، ولكن كانت النهاية بالتناحر بين الدعوة السلفية والإخوان على الرضاء الأمريكى، والكل ترقب الحلقة القادمة من الصراع النورى الإخوانى. مع بداية ماراثون الانتخابات الرئاسية وتقدم أكثر من مرشح إسلامى كان على رأسهم حازم صلاح أبو إسماعيل.دخل المنافسة من التيار الإسلامى كل من محمد مرسى مرشح الإخوان وعبدالمنعم أبوالفتوح، وكانا سببا أساسيا فى بداية الصراع بين الإخوان والدعوة السلفية خاصة أنهما اتفقا على دعم خيرت الشاطر فى حالة نزوله سباق الانتخابات، ولكن الإخوان دفعوا بمرشحين بدون الرجوع اليهم وبعد خروج الشاطر من السباق طلبوا منهم دعم مرشحهم الثانى فرفض سلفية الإسكندرية وقاموا بدعم عبدالمنعم أبوالفتوح فى الجولة الأولى ونزلوا على موقفهم فى جولة الإعادة بدعم محمد مرسى على اعتبار أنه المرشح الإسلامى فى وجه الفلول. ∎ قدوم مرسى للرئاسة وبدأت حكايات الشد والجذب والصراعات فى عهد مرسى من تشكيل مرسى لمجلسه الرئاسى وهيئة مستشاريه فاختار 3 أشخاص فقط من الدعوة السلفية وحزب النور،ومع تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل كأول حكومة منتخبة لم يتم اختيار قيادى واحد من الدعوة السلفية بالإسكندرية ولا حزب النور فى الحكومة الجديدة، ، وهو ما أزعجهم كثيرا حتى مع إسناد حقيبة الأوقاف لأحد القيادات السلفية القادم من الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح طلعت عفيفى، التى أحكم الشاطر سيطرته عليها وعلى مشايخها واستخدم كلا من محمد حسان والدعوة السلفية للتخديم على جماعة الإخوان المسلمين. مع تشكيل أول حكومة منتخبة، وأثناء انعقاد مجلس الشعب وتشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور والخلافات الكثيرة التى حدثت حولها وقف الإسلاميون صفا واحدا وفى خندق واحد لإقصاء اللبراليين والعلمانيين والأزهر، وتشكيل دستور إسلامى يعلن عن تأسيس الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، وكانت المادة الثانية من الدستور الجديد ومرجعية الأزهر الشريف هما الشغل الشاغل للسلفيين والإخوان . كانت جماعة الإخوان المسلمين تحيك المؤامرات لتفتيت الدعوة السلفية خاصة بعدما ظهرت ندا قويا للإخوان فى الشارع وفى القواعد من خلال رجلها الدكتور عماد عبد الغفور وإشعال الفتن داخل حزب النور والدعوة السلفية بين برهامى وعبدالغفور وصل ذروته بعد قيام عبد الغفور بإصدار قرار بإعادة تشكيل الهيئة العليا لحزب النور لتشمل 30 عضوا بدلا من 15 لإنهاء سيطرة برهامى عليها بعد قرارات الأخير باستمرار الانتخابات الداخلية داخل النور، لكن جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية، التى يتزعمها «برهامى» تمكنت من الإطاحة ب«عماد عبد الغفور». ∎ تغير خارطة التحالفات فى نهاية ديسمبر من العام الماضى تغيرت خارطة التحالفات الإسلامية نسبيا مع مرور الوقت خاصة بعدما قررت الدعوة السلفية الخروج من عباءة الإخوان بعد كشف النقاب عن محاولات الإخوان تفتيت الدعوة السلفية وكسر حزب النور ورفض الدعوة السلفية نهائيا المشاركة فى المليونيات التى دعا اليها حلفاء الإخوان الجدد.. الجماعة الإسلامية التى ظهرت فى الشارع بعد سحب البساط منهم من قبل الدعوة السلفية بالإسكندرية وحزب النور وقررت الاعتماد على حليف قوى وكانت جماعة الإخوان المسلمون هى الملاذ لهم، ونفس الامر بالنسبة للإخوان بعدما ضاقوا ذرعا بالدعوة السلفية وحزب النور فكانت تبحث عن بديل ولم يجدوا أمامهم سوى الجماعة الإسلامية والجبهة السلفية وذراعها السياسية حزب الشعب، وحازم صلاح أبوإسماعيل وأنصاره من خلال الائتلافات المشكلة باسمه لتلعب بهم كبديل وتجلى ذلك فى مليونيات، لم ينته الأمر عند هذا الحد بل استمر الصراع وتجلت فى المنتخب الإسلامى الذى سعى الإخوان لتكوينه وتشكيل تحالف إسلامى قوى من أجل تفويت الفرصة على الدعوة السلفية بالإسكندرية من منافستهم فى أى انتخابات قادمة وهو الأمر الذى رفضه برهامى معتمدا على القاعدة العريضة. ∎ مليونية النهضة لم يتمكن برهامى من تجفيف عرقه من مليونية النهضة، حتى فاجأه الشاطر بأن طلب منه أن يتوجه وقواعده لمساعدة الإخوان فى فك الحصار عن الرئيس مرسى فى قصر الاتحادية، الأمر الذى رفضه برهامى، خاصة أن معركة السلفيين عن الشريعة، وأن معركة الإخوان للدفاع عن شرعية رئيسهم ووجودهم.رفض برهامى كان نزولا على رغبة القواعد السلفية ولم يشارك فى معارك الإخوان أمام الاتحادية، ورفض كل محاولات مكتب الإرشاد حتى الآن فى الدخول فى تحالف إسلامى لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة وقرر الدخول فى قوائم منفردة ومستقلة وعدم مشاركته فى أى تحالفات، إيمانا بأنه منافس قوى لحزب الحرية والعدالة ولن يترك الإخوان فرصة الانفراد بالحكم وبالأغلبية البرلمانية، وإمكانيات تشكيل الحكومة وأن الدعوة السلفية سوف تبقى رقما صعبا فى المعادلة السياسية والاقتصادية فى مصر. ∎ أزمة خالد علم الدين اجتمع عدد من علماء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح الذين ينتمون للإخوان على السالوس رئيس الهيئة، ومحمد عبد المقصود نائب مع الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى قصر الرئاسة مساء الأحد الماضى لإنهاء ملف الخلافات مع الدعوة السلفية بالإسكندرية وذراعها السياسية حزب النور فى أزمة الدكتور خالد علم الدين الذى تمت إقالته نهائيا من رئاسة الجمهورية، وأن يعلن الرئيس مرسى أن إقالة علم الدين كانت لرؤية شخصية وسياسية كان يراها خاصة أن له الحق فى إقالة من يشاء من أعضاء فريقه الرئاسى. وكان رد الفعل قويا فى البداية حيث قام برهامى بتقديم التهنئة لخالد علم الدين وباسم الزرقا على استقالتيهما من رئاسة الجمهورية وقال بالنص: لا نريد مسئولا بلا صلاحيات، وتم الكشف عن الحقيقة المرة «للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» التى يديرها خيرت الشاطر ويتخذها كمقر لعقد صفقاته ويستخدم علماءها كعرابين لها، ولابد من تقديم الاستقالات الجماعية منها فى نوع من الاعتراض وفرض فلسفة القوة، ونوع من الضغط على الإخوان.اعتراف برهامى بدور الشاطر فى تدوير الهيئة كان واضحا فى نص الاستقالة وهو ما كشفنا عنه مسبقا، فالشاطر استخدم الهيئة وعلماءها كثير فى عديد من المواقف السياسية، وبعد رفضه مشاركة ميليشيات الإخوان فى فض اعتصام الاتحادية أواخر ديسمبر الماضى، لجأ الشاطر إلى تأسيس تشكيل الائتلاف الإسلامى من خلال علماء الهيئة الشرعية، على رأسهم محمد حسان ويسرى إبراهيم، وعلى السالوس. كل ما سبق كان وسيلة ضغط قوية لم يتحملها القطب السلفى الكبير الشيخ محمد حسان، وكان أول من دق مسماراً فى نعش الهيئة وأعلن استقالته منها، بعدما اكتشف مؤخرا أنه يتم استخدام اسمه وعلمه وأتباعه لخدمة أغراض الإخوان.ولكن الشاطر رفض مبادرة محمد حسان وألقى بها فى غياهب الجب، ولم يلتفت إليها، واعتبرها مجرد حبر على ورق، وأن مبادرته ما هى إلا محاولات سياسية لكسب الوقت ومحاولات شق الصف بين قيادات جبهة الإنقاذ واستمالة بعضهم وما حسان إلا مجرد ورقة لعب بها الشاطر. لم ينته دور الهيئة عند هذا الحد بل وصل اهتمام الإخوان بالهيئة وعلمائها لدرجة منحهم حقيبة وزارية فكان طلعت عفيفى عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وعميد كلية الدعوة الإسلامية سابقا ولم يلبث عفيفى أن استعان بعضو الهيئة محمد الصغير وقام بتعينه مستشارا خاصا له، وتولى خطة الأخونة وإدارة «عفيفى والصغير» عبدالرحمن البر مفتى الجماعة وعضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح نيابة عن خيرت الشاطر، الذى وضع خطة الأخونة وقاما بتنفيذها بحرفية عالية. ∎ المساس بهيبة الأزهر خيرت الشاطر لم ينس للدكتور أحمد الطيب، شهادته فى أحداث العرض العسكرى، الذى قام به طلاب الإخوان فى جامعة الأزهر فى عام ,2007 عندما كان رئيسا لها، واتهم فى تحقيقات النيابة طلاب الإخوان بالتخريب فى الأزهر، وتنظيم العرض العسكرى، لكنها كانت القشة التى قصمت ظهر خيرت الشاطر، وحرمته من الوصول إلى كرسى الرئاسة، خاصة بعد قيام المجلس العسكرى بإسقاط قضية غسيل الأموال عنه، بينما وقفت قضية ميليشيات الأزهر حائلا بينه وبين الترشح.فى نفس الوقت الذى تغير فيه موقف السلفيين من الأزهر ل360 درجة، فبعد المطالبة بعزله، قام السلفيون بزيارة الدكتور أحمد الطيب فى مقر مشيخة الأزهر، وقام بتقبيل يديه ورأسه كل من عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية وياسر برهامى الرجل القوى فى الدعوة وطالبا بالعودة للأزهر خاصة بعد الخلاف القوى مع الإخوان على قانون الصكوك والمطالبة بعرضه على هيئة كبار العلماء. ∎ استرضاء الغرب يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين فشلت فى قطع طريق الولاياتالمتحدةالأمريكية، على الدعوة السلفية بالإسكندرية وذراعها السياسية لحزب النور، خاصة بعد قيام الجماعة بالعمل بشكل أساسى، على تشويه صورتهم لدى القيادات الأمريكية، سواء لدى مسئولى السفارة الأمريكية بالقاهرة، أو اثناء لقائهم بأعضاء وقيادات من الكونجرس والخارجية الأمريكية، خاصة بعد قيامهم بتصوير الدعوة السلفية وتيارات الإسلام السياسى، على أنهم جماعات راديكالية رجعية، يمارسون جميع أشكال الإرهاب والتطرف وأنهم الخطر الحقيقى على الحريات العامة والخاصة خاصة حرية الاعتقاد وحرية التعبير والرأى وأنهم ضد المرأة على طول الخط ولن تنال أيا من حقوقها فى مصر.هذا الأمر الذى اكتشفه برهامى، وأشرف ثابت نائب رئيس حزب النور، أثناء لقائهما بالسفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون، خاصة أن التقارير الأمريكية رصدت انفتاح السلفيين وامتلاكهم مساحات تفاهم مع كل التيارات السياسية الموجودة على الساحة. ولقاء عدد من قيادات وصناع القرار فى الاتحاد الأوروبى، بدأت جولة النور ببلجيكا وشارك كل من نادر بكار وأحمد خليل عضوى الهيئة العليا لحزب النور فى مؤتمر حول الجوار الجنوبى لأوروبا، حاضر فيه العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين وشارك السفير الإسرائيلى السابق فى المانيا فى المؤتمر، ولكنهم أثناء تواجدهم فى المؤتمر فوجئ وفد النور بوجود عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين منهم جهاد الحداد وحسن مالك. والتقى الوفد عدد من مراكز صناعة القرار فى بروكسل ويملكون اتصالات قوية مع قيادات الاتحاد الأوروبى وعرضوا تجربة مصر الخاصة بكتابة الدستور وتوفيق الآراء المختلفة، وتناقشوا حول الأوضاع السياسية الحالية وحالة الأحتقان فى الشارع وقدم النور ملفا شاملا عن انفراد جماعة الإخوان المسلمين بالحكم واقصاء كل الفصائل الإسلامية والسياسية الأخرى. كما التقى وفد حزب النور وفدا من ممثلى المفوضية الأوروبية فى بلجيكا، وهولندا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا خاصة أن الجانب الأوروبى أبدى تفهما كبيراً لأطروحات حزب النور، لا سيما أن الجاليات العربية والإسلامية تجتاح أوروبا بشكل كبير ولديهم مراكز إسلامية ومساجد كبرى فى جميع الدول العربية، وتعجب النور من التفاهم الأوروبى لطبيعة الشخصية السلفية لأنها منتشرة تقريبا فى أوروبا.