«من الذى لايحب آمال».. أحد رموز الإعلام المصرى، عندما كان رائدا.. أو يتجاهل جرأتها المسئولة أو ينسى توحيد سيدة الإذاعة المصرية الأولى للآذان المصرية عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع فى برنامجها الأشهر «على الناصية».. آمال فهمى الإذاعية القديرة شاهدة على عصر الإعلام الرائع والقائد. الإذاعية آمال فهمى تكشف فى حوارها معنا عن ذكرياتها مع رؤساء الجمهورية الذين عاصرتهم، وكذلك وزراء الإعلام وذكرياتها مع ثورة 52 يناير وأحداث ما بعد الثورة، كما تتحدث الإعلامية الكبيرة آمال فهمى عن أسباب عزوف المواطن المصرى عن التليفزيون والإذاعة المصرية، وعبرت عن رأيها فى القنوات الفضائية والبرامج الحوارية وحللت أداء مذيعى هذه البرامج. ∎ ما ذكرياتك مع ثورة 25 يناير؟
- أنا كنت أول مذيعة غطت أحداث ثورة 25 يناير، وتوجهت إلى ميدان التحرير لتغطية فعاليات هذا اليوم وقد تم صرف مكافأة مالية قدرها 5 آلاف جنيه تقديرا من الإذاعة المصرية لتوجهى إلى الميدان وتغطية الأحداث.
ومن أهم ذكرياتى فيها هو أننى كنت متفائلة بشدة واستبشرت خيراً بها وكنت على ثقة من أنها ستحقق آمال الشعب المصرى، وأن الشباب الذى نزل إلى الميدان للتعبير عن مطالبه سينجح فيما يسعى إليه وكانت هناك حالة من الإجماع بين الشباب على المطالب والأهداف وتوحدت الكلمة فى الميدان ووقف الشعب كله صفاً واحداً فى الميدان.
∎ كيف ترين الثورة الآن؟
- للأسف ما نراه الآن فى مصر خيب أملى وتحول ميدان التحرير إلى رمز للفوضى وعدم التنظيم من قبل القائمين على هذه الثورة، وهو ما أخرجها عن إطارها الطبيعى الذى كنا نحلم به، ولذلك هى لم تحقق الهدف المنشود منها.
∎ هل تعتبرين أن هذه الثورة فشلت؟
- أنا لا أفضل استخدام الألفاظ العنيفة ولا أصف أى شىء بالفشل، ولكن كل ما أستطيع أن أقوله إنه للأسف ما كنا نتمناه لم يتحقق.
∎ ما أحلامك التى لم تتحقق؟
- كنت أتمنى القضاء على كل السلبيات التى يعانى منها المجتمع المصرى، مثل الواسطة والمحسوبية وعدم الانضباط والأمية وغياب الضمير وهذه السلبيات هى التى كنت أناقشها دائما فى برنامجى «على الناصية» وكنت أتمنى أن ينصلح الحال ونقضى على هذه السلبيات ولكن الثورة تولد عنها وعى الشعب بعدم قبول هذه السلبيات ولكنه لم يتمكن من القضاء عليها ولكن الوعى أصبح رافضا لها وبشدة ولكن حالة الفوضى التى تعانى منها البلاد وعدم تقدير الظروف الراهنة التى تمر بها البلاد هى السبب، وهذا ما نراه كل يوم من انتشار المطالب الفئوية وقطع الطرق كوسيلة ضغط على الحكومة لتنفيذ هذه المطالب، وكأن هؤلاء يريدون قلب الليل إلى نهار فى دقيقة واحدة لأننا فقدنا الصبر.. وأنا أرى أنه كان يجب أن تؤجل هذه المطالب حتى يسير الإصلاح خطوة بخطوة ونتأمل الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر فى الوقت الحالى وبعد أحداث الثورة ونحاول تحقيق مطالبنا تدريجيا ولكن بما تسمح به هذه الظروف.
∎ كيف ترين من يقولون إن مصر قبل الثورة كانت أفضل بكثير من مصر بعد الثورة؟
- لا طبعا، أنا أرفض هذا الرأى بشدة فهذا يعد خلطاً للأمور وسؤالى كيف يرى من يقول هذا الرأى أن مصر قبل الثورة كانت أفضل من مصر بعد الثورة يكفى أننا كنا سنورث مثل أى عزبة أو تكية يورثها أب لابنه.. من يقبل هذا، وأعتقد أن سياسة التوريث التى كان يريدها مبارك هى من الأسباب القوية للإطاحة به وبنظامه.
∎ كيف ترصدين حالة الإعلام المصرى الآن؟
- أولا هناك فرق بين النقد الهادف والمهاترات، فمثلا فى أيامى كان هناك نقد هادف يهدف إلى الإصلاح فى المجتمع، دون تجريح أو إهانة وسب وقذف، فقد كانت لدى اللغة الرقيقة فى تناول الأمور، ويكفى أنى نحيت جانبا من عملى كمديرة لإذاعة الشرق الأوسط بسبب ما تم تقديمه فى برنامج «على الناصية»: كما أننى منعت من السفر، ولكن ما يحدث الآن ليس إعلاما هادفا فنحن أصبحنا فرجة لأننا أصبحنا فى مباراة تهدف إلى من الذى يستطيع سب النظام القائم فى البلاد وسب الحاكم وهناك لاعبون كثيرون فى هذا الملعب الأعمى ويتسابقون على سب الحاكم والنظام فى الدولة والغريب أن هؤلاء اللاعبين يتباهون بمن يستطيع مهاجمة رئيس الدولة، معتبرين هذا العمل شطارة ولكنهم مخطئون لأن هذا ليس إعلاما هادفا على الإطلاق.
∎ هل تعتقدين أننا نعيش عصر الفوضى الإعلامية؟
- طبعا، وهذه الفوضى الإعلامية مثل الفوضى التى نراها فى الشارع المصرى لأن الإعلام، يعكس فوضى الشارع فى لغة الإعلام فالإعلام مرآة لما يحدث فى الشارع.
∎ كيف نستطيع الخروج من هذه الفوضى ليعود الإعلام لما كان عليه فى الماضى؟
- أهم شىء لنخرج مما وصل إليه الإعلام هو إبعاد الدخلاء على المهنة، خاصة أن هؤلاء الدخلاء لا يتحدثون سوى عن الجانب الأسود والمظلم فقط فى البلاد، فهم لا ينظرون إلا للسلبيات فقط التى يعانى منها المجتمع المصرى ولا يتحدثون نهائيا عن أى جوانب إيجابية فى المجتمع أو على الأقل الحديث عن وجود أمل ليعطى الناس إحساساً بالمستقبل، وإنما هؤلاء لا يلعبون إلا على الأسود فقط وهذا ما دفع الناس للاعتقاد بأن العهد البائد كان أفضل من العهد الحالى.
∎ هناك من يعتقدون أن هناك حرية فى التعبير عن الرأى وهى أيضا من إيجابيات الثورة.. ما رأيك؟
- الحرية لا تعنى السباب فقد كنت أنا وزميلى رحمة الله عليه طاهر أبوزيد نقدم برنامج «رأى الشعب» وكان هذا البرنامج يلتزم بالأسلوب الراقى المهذب، وكنا كمذيعين نلتزم بالحيادية فى تناول الموضوعات فقد كنا نعرض ما لهم وما عليهم، ولكن للأسف الآن كل ما يقدم سلبيات فقط.
∎ لماذا عزف المشاهد والمستمع عن التليفزيون والإذاعة المصرية؟
- بسبب الواسطة، خاصة أن كل من يعملون فى التليفزيون ومعظم العاملين فى الإذاعة أقارب وأصبح لا يوجد اختيار حقيقى للأكفاء للأسف.
∎ هل تعتقدين أننا فى مصر فى حاجة لوجود سقف للحرية؟
- سقف الحرية تقيمه الحرية المسئولة لتبرز ما يجب أن يذاع وما لا يجب أن يذاع والتقييم سيكون على أساس حب مصر وسيكون نابعاً من كل مذيع على الهواء.
∎ ماذا عن المطالبات باستقلال الإذاعة والتليفزيون عن وزارة الإعلام لتصبح هيئة مستقلة؟
- دى مسائل إدارية ولا شأن لأى شخص بها، وفن الإعلام ليس له دخل بها، سواء إن كان التليفزيون والإذاعة هيئة مستقلة أو تابعان لوزارة الإعلام كما أن هذا الأمر لا يهم الجمهور فى شىء.
∎ هل معنى ذلك أنك لا ترين ضرورة فى وجود جهاز رقابى على الإعلام؟
- لسنا فى حاجة إلى جهاز رقابى، فالرقابة تأتى من الإحساس بالوطنية وعلى الإعلامى أن يكون على علم بما ينفع البلد وما يضرها.
∎ كيف تصفين البرامج الحوارية والقنوات الفضائية الجديدة التى انتشرت فى الآونة الأخيرة؟
- هذه القنوات لعبت دورا كبيرا فى إشاعة الفوضى ونشر الأفكار الهدامة، وخاصة قناة «الجزيرة مباشر» فهى قناة لا محل لها من الإعراب، وأنا أتساءل: هل تستطيع مصر إنشاء أى قناة فى أى دولة بحيث نتدخل فى شئونها مثلما تتدخل الجزيرة فى الشأن المصرى؟ كما أن هناك بعض الفضائيات. الأخرى تقبض ثمن ما تقوم به من تهييج الرأى العام.
∎ ما تقييمك لباسم يوسف والنجاح الذى يحققه مع المشاهد فى برنامجه؟
- باسم يوسف ما هو إلا أراجوز وما يقدمه لا يمثل إعلاماً هادفاً.
∎ من المذيع الذى يذكرك بآمال فهمى فى الجرأة والوضوح والقدرة على إجراء حوار؟
- لا أعتقد أن هناك أحداً يشبه أحد، فلكل إنسان أسلوبه وطريقته وأدواته ولكن أهم شىء أن يحصل المذيع على ثقة الناس وهو شىء صعب وغالى الثمن ويتوقف على التزام المذيع ولكن هناك مذيعا لفت نظرى فى الآونة الأخيرة وهو شريف عامر، لأنه مذيع معتدل ويفهم معنى لغة الإعلام المنضبطة كما أنه إنسان موضع ثقة وقد لا يعجب هذا الناس التى تحب السباب، ولكنى أرى أن هذا المذيع نموذج جيد جدا لمذيع التوك شو.
∎ ماذا عن الفضائيات الدينية؟
- هذه القنوات ليس لها جمهور سوى من القرى المصرية، وأنا فى رأيى أن هذه القنوات تسىء للدين بما تعرضه من فتاوى وأفكار، وفى النهاية فكرة إقحام الدين فى العمل السياسى أفسد الحياة السياسية والاقتصادية والعلاقات الدولية وكل شىء، وما رأيناه من أتباع التيار الدينى وأتباع حازم أبوإسماعيل بمحاصرة مدينة الإنتاج الاعلامى ما هو إلا «عبث»، وللأسف هناك أحداث كثيرة أفقدت الثقة فى الأحزاب التى كانت تتمتع بالقوة فى عهد الملك فاروق وكان هناك من يعملون فى هذه الأحزاب إلى أن ألغيت وكانت هذه الأحزاب تفكر دائما وتعمل لتكون مصر أولا وليست آخرا.
∎ لقد عاصرت مجموعة من رؤساء الجمهورية ما هى مميزات وعيوب كل رئيس من وجهة نظرك؟
- الرئيس جمال عبدالناصر أحيا فى الشعب المصرى روح الوطنية والعروبة والقومية وجعلنا نشعر بمصريتنا وبحب مصر وبالمشروعات العملاقة للنهوض بمصر كمشروع السد العالى، ولكن أكبر عيب كان فيه هو أنه أحاط نفسه بشخصيات لا تؤمن بمصر ولا تعرف معنى الأمانة والصدق، وهؤلاء الناس كانوا فى غاية السوء ومنهم شعراوى جمعة ومحمد فايق فهؤلاء لم يكونوا يفكرون فى مصلحة مصر نهائيا.
أنور السادات يكفى أنه كان صاحب العبور وكان فناناً يقدر الفن وكان يؤمن بحق المواطن المصرى فى الحياة وللأسف الشديد لو كان عاش هذا الرجل لأصبح لمصر شأن آخر غير الذى وصلت إليه اليوم، وأنا لا أرى فى هذا الرجل عيوباً.
حسنى مبارك هو من أبطال حرب أكتوبر عام 1973 فهو الذى أعد الطيارين الذين عبروا فى أكتوبر، لكن للأسف الشديد وقع هذا الرجل فى أكبر خطأ وهو أنه ترك الأمور لزوجته وابنه وهما اعتبرا أن مصر من أملاكهما الخاصة.
محمد مرسى أكبر عيب فيه أنه ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا الانتماء هو الذى أساء له ولم يخدمه كرئيس للبلاد، كما أنه غير متمرس على السياسة ولكن هناك ميزة واحدة أراها هى أنه رجل متواضع.
∎ ماذا عن وزراء الإعلام الذين عاصرتيهم طيلة عملك فى الإعلام؟
- صفوت الشريف عمل حاجتين يحسبوا له إعلاميا وهما الرعاية الطبية داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون ومطعم الدور العاشر الذى يطل على النيل، بعد أن كنا نأكل من عند زكى السماك فى بولاق، ولكن ماضى هذا الرجل كان فيه أكبر إساءة له، بالإضافة إلى تابعيته الشديدة لسوزان مبارك، فهذه كانت من الأشياء الكريهة فيه، وهذا الرجل ظلمنى لأنه لم يجعلنى أحضر أى احتفالية إعلامية يحضر فيها الرئيس مبارك فقد كان يرفع اسمى من قوائم الحضور لأى احتفالية خوفا منى بحكم أننى إذاعية قوية وربما أتحدث مع الرئيس بما لا يحب صفوت الشريف.
أما باقى الوزراء للإعلام بعد صفوت الشريف لا يصلون لمستوى الوزراء فقد مروا مرور الكرام ولم يتركوا أى بصمة والوزير الحالى صلاح عبدالمقصود انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين جعله موضع حذر من قبل الإعلاميين بسبب توجهاته وتعليماته، كما أن الوزير الحالى يقف عاجزا أمام الفوضى التى نالت كل مصر بما فيها الإعلام المصرى.
∎ من هو أحسن وزير إعلام عملت تحت قيادته؟
- الوزير عبدالمنعم الصاوى.
∎ هل تعتقدين أن الإعلام تراجع فى عهد الإخوان المسلمون؟
- الإعلام لم يتقدم ولم يتطور حتى الآن.
∎ فى العام الماضى انفردت إذاعة البرنامج العام فى شهر رمضان الماضى ببرنامج «أنت تسأل والرئيس يجيب» ما هو الجديد هذا العام فى رمضان المقبل؟
فى هذا العام الجديد هو برنامج «الرئيس يسأل والشعب يجيب» والرئيس هو من سيختار وسيكون ضيوف البرنامج الذى سيقدم فى 5 دقائق على شبكة البرنامج العام متنوعين مثل الكاتب الصحافى إبراهيم عيسى ومجموعة من الوزراء كوزير الكهرباء وغيره من الوزراء الذين يواجهون أزمات ومشكلات، بالإضافة إلى بعض الشخصيات المسيحية، وسيقوم بتقديمه الإعلامى على مراد وهناك شبه اتفاق مع رئيس الجمهورية ولكن البرنامج لم يأخذ حيز التنفيذ حتى الآن