* أرفض التطاول الإعلامى على رئيس الجمهورية.. والبعض يعتبر السب "بطولة"! * برامج ال "توك شو" مليئة بالأكاذيب.. وتوقفت عن قراءة الصحف الخاصة * الملايين التى يتقاضاها مذيعو الفضائيات أكبر دليل على فساد الإعلام * مطلوب وضع ميثاق شرف لوقف الفوضى.. وأقول للإعلاميين: "اتقوا الله فى مصر" عملت فى مجال الإعلام منذ أكثر من 50 عاما، راعت فيها قواعد المهنة وأصولها وقدمت خلال مشوارها الإعلامى الطويل برنامجها الأشهر "على الناصية"، إنها الإعلامية الكبيرة آمال فهمى، التى حازت على جائزة مصطفى وعلى أمين للصحافة، وحصلت على لقب "ملكة الكلام" للوطن العربى، وكانت أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964، ثم كانت وكيلا لوزارة الإعلام فمستشارا لوزير الإعلام. كما تولت منصب مستشار الإذاعة فى ثمانينيات القرن الماضى، إلا أنها طوال هذه السنوات وعلى الرغم من مسئولياتها العديدة، لم تتخل عن تقديم برنامج "على الناصية". "الحرية والعدالة " التقت الإعلامية آمال فهمى، للتعرف على آرائها فى واقع الإعلام خلال الفترة الراهنة ورؤيتها لحالة الانفلات الإعلامى وتقييمها لبرامج ال"توك شو" ومقدميها.. وإلى تفاصيل الحوار . * من واقع خبرتك الإعلامية الكبيرة، ما تقييمك للإعلام المصرى الآن؟ هناك نوعان من الإعلام؛ إعلام رسمى يقوم بتقليد الإعلام الخاص، وإعلام خاص فوضوى يعتقد نجومه أن البطولة هى استعداء الشعب ضد الدولة والسخرية منها، وهذا الإعلام الخاص غير محايد ويعرض السلبيات فقط دون الإيجابيات، ولا يستخدم فى لغته الأدب والرقى المطلوب. * البعض يرى أن القنوات والصحف الخاصة تلقى رواجا أكثر فى الساحة، فما رأيك؟ الإعلام الخاص يستخدم أسلوب السب والقذف والشتائم، وهذا يعجب الناس ويجعل المشاهد يقبل عليه ويتابعه، والمثل على ذلك برنامج باسم يوسف وخروجه عن الآداب العامة، وهو ما جعل البعض يلتف حوله، وهذا بالطبع شىء مكروه ولا يليق بالإعلاميين المحترمين. * عاصرت الإعلام فى عصور عبد الناصر والسادات ومبارك، كيف تقيمين تجربة كل منهم مع الإعلام؟ كانت البداية فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وهو كان -فى اعتقادى- مؤمنا جدا بالحريات، ولكن البطانة من حوله لم تكن تعترف مطلقا بالرأى الآخر ولا حرية الكلمة، وكانوا يضعون قيودا شديدة للغاية على الإعلام، وكانت الإذاعة والتلفزيون لا يعبران إلا عن رأى واحد، لكننى لا أنسى أن الرئيس عبد الناصر كان يطلب أن تعبر برامج الرأى عن وجهة نظر الجماهير بأمانة وصدق. وبعد ذلك جاء عهد الرئيس أنور السادات، وهو عكس عبد الناصر، فقد كان شديد الاعتداد برأيه الشخصى ويعده الرأى الأمثل، ولم يكن هناك رأى آخر فى عهده وبذلك أيضا كان الإعلام يعبر عن رأى السادات بمفرده. أما فى عهد مبارك فقد أصيب الإعلام بصدمة ويكاد يكون قد مات إكلينيكيا، ولم توجد ديمقراطية ولا حرية، وإنما هى مجموعة أفكار فرضت على الشعب، فى مقدمتها قضية التوريث وما تراه قرينة الرئيس من حقوق المرأة وما يتعارض مع عاداتنا وكان يهدد الأسرة ويتم الترويج له فى الإعلام . * ما تقييمك لتجربة الإعلام فى ظل انتشار القنوات الخاصة المملوكة لرجال الأعمال وكذلك الصحف؟ لا بد أن نعرف أن رجال الأعمال تعطلت مصالحهم وأصبح لا وجود لها بعد قيام الثورة ونجاحها فى الإطاحة بالمخلوع ورجاله، وفى ضوء إصرار الشعب على المطالبة بحقوقه ورفض استيلاء قلة قليلة على ثروات ومقدرات البلد، استخدم رجال الأعمال القنوات الخاصة ليبثوا فى نفوس الشعب شعورا بالخوف وعدم الأمان، وللأسف انتهز مجموعة من الإعلاميين هذه الفرصة وقفزوا على هذه القنوات الفضائية وكل همهم تحقيق مصالح رجال الأعمال وضرب ثورة 25 يناير وإثارة الشعب ونشر الفُرقة، بحيث أصبحت الأمور على أسوأ ما يمكن، فمثلا وصل عدد الأحزاب إلى 80 حزبا، كلها متشابهة تعبر عن أشخاص بعينهم، كذلك القنوات الخاصة الكثيرة والتى تعبر فى نهاية المطاف عن شخصيات بعينها ممن ارتبطت مصالحها بالنظام البائد. * هل ما تمارسه تلك القنوات يدخل فى إطار حرية الرأى؟ بالطبع هؤلاء المتسلقون أبعد ما يكونون عن أصول الإعلامى الصادق والأمين وواجباته، ويكادون يبتعدون ولو بالتفكير عن مصلحة الشعب المصرى والبلد عموما، فهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية والمادية فقط. * ما الذى يحتاجه التلفزيون الرسمى كى يستعيد مكانته؟ أن يضع مصلحة مصر فوق كل شىء، وألا يجعل من القنوات الفضائية الخاصة نموذجا يحتذى به؛ لأن التاريخ سيسحق رواد الفضائيات الخاصة. * قدمتِ برنامج "على الناصية" والذى حقق نجاحا كبيرا، فأين دور الإذاعة الآن؟ الإذاعة وضعها مثل التلفزيون الرسمى تماما، وتعرضت لما تعرض له تلفزيون الدولة من تهميش وسيطرة رموز وفكر النظام السابق عليها . * ما الشكل الذى تتمناه آمال فهمى لإعلام دولة بحجم ومكانة مصر؟ أتمنى أن نصبح يدا واحدة، وأن تؤجل جميع الطلبات والمشاكل إلى حين تقف الدولة على قدمين ثابتتين، ويتحسن الاقتصاد ويسترد عافيته؛ فنحن نريد إعلاما يبنى البلاد لا يهدم فيها. * كيف يتم وقف الفوضى الإعلامية التى تشهدها البلاد حاليا؟ وقف الفوضى يكون من خلال وضع ميثاق يحدد أصول المهنة ويعاقب كل من يخرج عن هذا الميثاق، وفى هذا الحال ستختفى كل هذه الوجوه التى أصبحت تسيطر على الفضائيات، وهم سبب ما تجتازه مصر من أزمات ومتاعب. * فى السابق برزت على الساحة رموز إعلامية لها مصداقية ويستمع الناس لآرائهم، لكن الآن لا يوجد هذا الرمز، ما السبب؟ فى السابق لم يكن الإعلامى يتعامل مع الإعلام كسلعة وتجارة، وإنما يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار، لكننا الآن نسمع عن ملايين يتقاضاها من يعمل ببرامج التوك شو والصحف الخاصة، وهذه الملايين أكبر دليل على الفساد الذى يسطر على جو الإعلام وعلى الفضائيات والصحف الخاصة. * فى رأيك هل تعود برامج "التوك شو" بفائدة على المجتمع؟ هذه البرامج أضرت بالمجتمع المصرى لأنها مليئة بالأكاذيب وتعبر عن وجهات نظر مريضة ولا تقدم إلا ما يضر ولا تعطى أملا للشعب لكى يعيش على أمل أن غدا سيكون أفضل من اليوم. * هل أنت راضية عن طريقة التعامل الإعلامى مع رئيس الجمهورية؟ بكل تأكيد لا.. وأنا أدعو الرئيس محمد مرسى إلى الحزم والحسم فى مواجهة التجاوزات الإعلامية، وكذلك الشفافية؛ لأن مصلحة مصر فوق أى اعتبار. * ما خطورة تعبير الإعلام عن وجهة نظر واحدة؟ خطورة كبيرة جدا؛ لأن النتيجة المباشرة لإعلام وجهة النظر الواحدة؛ هى التنافس على نشر الأكاذيب والتهجم على القيادات وعدم إعطاء فرصة لأى مسئول لتحقيق ما فيه مصلحة مصر، وعدم حياد المشتغلين من الإعلام، وهذا ما نراه الآن من هجمات شرسة على الدولة والرئيس من شخصيات أبعد ما يكونون عن الإعلام؛ فهم غرباء، وهناك صحفيون هجروا مهنة الصحافة وألقوا بأنفسهم فى أتون برامج التوك شو ليتاجروا بالسياسة . * ما تقييمك للبرامج الإعلامية قبل الثورة وبعدها؟ ما زال التخبط وعدم وجود رؤية واضحة هو المنهج الذى يعتمد عليه التلفزيون، وهذا شىء موجود من قبل الثورة وأصبح استمراره الآن غير مقبول. * هل ترين أن الصحف الخاصة تعالج القضايا من منظور المهنية؟ الصحافة والفضائيات يتنافسون بنفس الطريقة والأسلوب، وقد لاحظت أن رؤساء تحرير بعض الصحف الخاصة أصبحوا الآن مقدمى برامج فى الفضائيات، وأنا لا أحب قراءة الصحف الخاصة؛ لأنها تتنافس على اتخاذ مواقف غير محايدة، وأرفض ذلك الإعلام الخاص سواء كان مرئيا أو مكتوبا. * ما أهم الصفات التى يجب أن تتوافر فى الإعلامى؟ الأمانة فى الكلمة، وأن يجعل حب مصر ومصلحتها فوق كل اعتبار. * هل هناك رسالة ترغبين فى توجيهها للإعلاميين فى القنوات الخاصة؟ أقول لهم: اتقوا الله فى بلادنا؛ لأننا وصلنا إلى أسوأ مرحلة بسبب أكاذيبكم، وأصبحنا فرجة لدول كنا نسبقها بمراحل فى كافة المجالات خاصة الإعلامية.