الباقون أقرب لمكتب الإرشاد من الرئاسة.. وموعودون بحقائب وزارية أو صلاحيات أوسع! من تبقى حولك أيها الرئيس من مستشاريك؟ من الآن موجود منهم لتأخذ برأيه قبل أن تصدر قراراتك؟ استقالة محمد فؤاد جاد الله «مستشارك للشئون القانونية» فجرت العديد من التساؤلات، خاصة أن مسبباتها كانت فاضحة، باعوك كل حلفائك يا سيادة الرئيس ولم يتبق لك سوى «باكينام الشرقاوى وأميمة كامل وأيمن على وعماد عبدالغفور وعصام الحداد»! وأغلبهم مقربون لمكتب الإرشاد أكثر من الرئاسة ووعدوا بحقائب وزارية أو صلاحيات أوسع!
المستشار عبدالله فتحى - وكيل نادى القضاة - رفض التعليق على استقالة جادالله وقبله مكى لكنه اعتبر ما يحدث الآن سلسلة لغياب الرؤية، التى انتهجتها الدولة ومؤسسة الرئاسة لذبح السلطة القضائية، وهذا «اللغط القضائى» ما هو إلا لوقف النظر فى بعض القضايا المعروضة أمام القضاء، هناك غياب للدولة بعد أن سقط قضاؤها بموجب الإعلان الدستورى المعيب، ولم تكتف مؤسسة الرئاسة بهذا، بل تريد السلطة التنفيذية وجماعة الإخوان حصار القضاء واستهداف المحكمة الدستورية العليا لإقصاء 3500 قاض هم من شيوخ القضاة فى مصر، واستبدالهم ببعض القضاة من فصيل الحرية والعدالة.نعيش فى «فوضى » وهناك تغول للسلطة التشريعية والتنفيذية على السلطة القضائية، ولا يوجد أمام الإخوان الآن سوى القضاء، فهو العقبة الوحيدة التى يواجهونها يريدون إقصاءه للاستحواذ والانفراد بالسلطة، هناك قضايا بعينها يريدون عدم نظرها أمام القضاء، منها قضية هروب الرئيس من سجن وادى النطرون والمنظورة الآن فى محكمة جنح استئناف الإسماعيلية، وأيضا السيطرة على مقدرات هذا الشعب، والذى حان دوره ليدعم القضاء وينتفض لنصرته لأن نصرة القضاة هى نصر لدولة العدل».
«خالد علم الدين» القيادى بحزب النور السلفى والمستشار السابق للرئيس قال: «أغلب مستشارى الرئيس تركوه لأنهم لايعلمون بقراراته إلا من خلال وسائل الإعلام، هو لا يأخذ برأى أحد من مستشاريه، فهناك أزمة ثقة فى كل من لا ينتمون إلى حزب الحرية والعدالة أو الجماعة، الرئيس فضل أن يستعين برأيهم، دون الالتفات للتوافق والحوار الوطنى، وكان هذا واضحًا من خلال تجاهل آراء مستشاريه، من تبقى الآن من المستشارين منهم أميمة كامل وباكينام الشرقاوى وأيمن على وعماد عبدالغفور، وأغلبهم من حزب الحرية والعدالة، أى ممن يثق فيهم، وهؤلاء هم من المطبخ السياسى أما بقية المستشارين فلم يكونوا سوى عرض ديكورى لديمقراطية مرسى وجماعته».
ونبه علم الدين إلى الهدف الخفى للجماعة فى سلق قانون السلطة القضائية ومحاولة تمرير أكبر قدر ممكن من قوانين السلطة القضائية قائلاً: «علينا أن نعى أن مجلس الشورى ليس منوطًا بمناقشة ووضع تشريعات بعض الأجهزة الحساسة مثل الداخلية أو القضاء، بل هيكلة تلك الأجهزة أو مناقشة قوانينها يجب أن تكون من داخل تلك الأجهزة وبمشاركتها أو من خلال مجلس النواب، ونحن لا ندرى السبب الحقيقى وراء هذا الحشد لتمرير كل هذا الكم من قوانين السلطة القضائية من خلال الشورى، فهم يعلمون أنه سيكون هناك أزمة فى مصداقية الرئيس وقراراته التى لا تعبر إلا عن فصيل واحد، مرسى فشل فى إحداث توافق وطنى، لا من خلال الحكومة أو من خلال المستشارين، هناك انفراد بالسلطة من جانب جماعة الرئيس، والتى تغيب عنها الرؤية للمرحلة الراهنة، وتساءل علم الدين لماذا لم يطرح الرئيس مرسى رؤيته الكاملة للخروج من الأزمات الحالية؟ هو لم يطلع أحدًا على ما لديه من رؤية وهذه مشكلة، لكن المشكلة الأكبر إن كانت لا توجد رؤية فى الأساس؟ وهذا هو ما نشعر به، الرئيس خالف كل وعوده بوجود مشاركة وطنية فى جميع الممارسات، سواء فى اختيار الحكومة، لو كان مرسى واضحًا منذ يومه الأول مع الشعب فى أنه لديه رؤية ولديه فريق بعينه سيتم من خلاله تنفيذ مشروعاته وطلب من الناس مهلة سنة بشرط ألا يخل بمبدأ تكافؤ الفرص كنا سنحترمه ونستوعب ما يحدث الآن، ولكنه أطاح بما وعد به الشعب وانفرد هو وجماعته بالقرارات».
تتفق معه الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد «مستشارة الرئيس السابقة» قائلة: «لم تخرج استقالة جاد الله المنتمى للإخوان عن ما قالته المعارضة، سواء فى قانون الانتخابات وسيادة القانون المنتهكة بالإعلان الدستورى ومحاولة الرئاسة المستميتة فى تفكيك واختراق المؤسسات القضائية، علينا أن نعرف أنه قبل استقالة جاد الله أو بعدها، فبوصلة الرئاسة فى المسار الخاطئ، البوصلة الحقيقية هى احترام الشعب المصرى واحترام ثورته وتحقيق مطالبها، والالتزام بما وعد به الرئيس فى حملته الانتخابية، فى وجود حكومة تمثل التوافق الوطنى بين القوى السياسية، كان على مرسى أن يدرك أن الجماعة كقوى سياسية هى جزء من مصر وليست مصر جزءًا من الجماعة، أين نحن الآن من إنجازات حكومة مرسى بعد 9 أشهر من وصوله للرئاسة؟! ما وصلنا إليه الآن من تفكيك وانهيار لجميع مؤسسات الدولة بسبب الاستعلاء والاستبكار لدى مرسى وجماعته من الاعتراف بالفشل، رفض الاعتراف بأن الانفجارات الشعبية التى شهدتها شوارع مصر المتكررة بسبب تجاهل مطالب الشارع التى عبرت عنها قوى المعارضة، أمام مرسى الآن طريقان.. طريق السلامة فى تحقيق مطالب الثورة والاستعانة بجميع القوى السياسية المعارضة قبل الحزب الحاكم للمشاركة فى صناعة القرار السياسى لتمثيل واحترام إرادة الشعب والثورة، أو طريق الندامة، والذى يسير فيه الآن بالانفراد بقرارات المؤسسة، لا توجد ديمقراطية حقيقية دون معارضة، ولا توجد دولة حقيقية بدون قضاء مستقل».
«صبحى صالح» القيادى بحزب الحرية والعدالة ونائب الشورى رفض كل هذه الاتهامات وحتى الخلط بين استقالة جاد الله ومكى بما يحدث الآن من تعديلات على قانون السلطة القضائية، وقال: «هذه محاولات لتسييس القضايا وإثارة الرأى العام، فليست هناك علاقة بين استقالة مكى وهو من السلطة التنفيذية أو استقالة جاد الله بما يجرى الآن من مناقشة مقترحات تعديل قانون السلطة القضائية، فهما سلطة، ونحن سلطة أخرى، وليس من الضرورى حضور أحد من وزارة العدل لأنها مقترحات وليست بمشروعات قوانين، كما لا يوجد مبرر لتعليق الجلسات بسبب غياب وزير العدل أو استقالته، وعندما يوضع نص قانون السلطة القضائية سيتم استطلاع رأى القضاة عليه ومناقشته، كما أن المجلس الأعلى للقضاء كان موجودًا، وبالتالى ناقشنا مقترح «الوسط» ولم يناقش القانون بعد، كل الدول الديمقراطية يتم مناقشة قوانينها داخل المجلس التشريعى وليس للسلطة التنفيذية أو القضائية».
صبحى انفعل أثناء محاورته تليفونيًا عند سؤاله أن الكثير من القضاة معترضون على التعديلات المقترحة على قانون السلطة القضائية قائلاً: «لم أر فى مؤتمر «الزند» أحدًا من القضاة، أغلبها ميكرفونات للفضائيات، هل من المعقول أن يطلب وطنى تدخل أوباما لمجرد رفضه لتعديلات على قانون السلطة القضائية؟!، ومن قال أنه ليس من حق الشورى تعديل 3 مواد مقترح تعديلها فى قانون السلطة القضائية»، نافيا محاولة الشورى تمرير قوانين السلطة القضائية قبل الانتخابات البرلمانية بقوله: «الدستور أعطى للشورى سلطة التشريع كاملة، دون انتقاص لسلطة دون غيرها، والشورى نجح فى تشريع قانون الانتخابات والضرائب والجمعيات الأهلية، كما يبحث الآن مناقشة الموازنة العامة للدولة، ولا ننسى أن الشورى وافق على إعلان حالة الطوارئ بمدن القناة»!!
وأنهى صبحى كلامه: «لا علاقة للرئيس بما سيقره القانون هو له الحق فى قبوله أو رفضه، والقضاة لهم الحق فى الطعن عليه بالمحاكم، الدستور كان محددًا للسلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية دون تداخل!المستشار الدكتور أيمن الوردانى - المحامى العام الأول ورئيس محكمة الاستئناف - أيد رؤية صبحى فى بعض الجوانب بقوله: «استقالة جاد الله لا علاقة لها بمناقشة قانون السلطة القضائية، لأن مؤسسة الرئاسة لا تعنى أصلاً بوضع نصوصه، الجهة المنوطة بصياغته وكتابته هى السلطة التشريعية والمتمثلة فى مجلس الشورى، وبالتالى لا داعى للخلط بين استقالة مكى باستقالة جاد الله، وما يحدث الآن من اعتراضات على قانون السلطة القضائية، كل النظم الديمقراطية تحرص على مبدأ الفصل بين السلطات، كما أن غياب مكى بسبب الاستقالة ليس بالأمر الذى يستدعى تأجيل مناقشة الاقترحات لأن القانون لم يشترط تواجده عند مناقشة قانون السلطة القضائية، أو ما يجرى عليه من تعديلات وإن كان يفضل وجوده، أما ما يخص رفض بعض القضاة مشروعات الاقتراحات والتعديلات فلا يوجد أى نظام ديمقراطى فى العالم يسمح لأى قاض أو موظف عام رفض أى قانون تم التصديق عليه من قبل السلطة التشريعية، هناك من هو رافض لهذه التعديلات نحن نقر هذا، كما لا نستطيع أن ننكر أن هناك بعض القضاة الموافقين عليها لإفساح المجال للقيادات الشابة، كما أن هذه النسبة الأخيرة تجاوزت ال90٪، والأمر الذى رفضه النظام السابق من قبل رفع سن القضاة».