قد تحمل تصريحات المستشار إيهاب فهمى المتحدث الرسمى «الجديد» باسم رئاسة الجمهورية للإعلاميين بداية ضوء فى نهاية النفق المظلم الذى تتخبط فيه العلاقة بين مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها د. محمد مرسى وفريق مستشاريه وإدارة الشئون القانونية بالرئاسة وجميع الإعلاميين.حيث أوضح فهمى خلال مؤتمر صحفى عقده الأربعاء الماضى أنه بالاستعلام من الشئون القانونية برئاسة الجمهورية حول ما أثير مؤخرا عن مقاضاة الرئاسة للإعلاميين تم التأكد من تقديمها بالفعل لهذه البلاغات.. مشيرا إلى أن الرئيس وجه بسحب تلك البلاغات احتراما لحرية التعبير عن الرأى وحرية الصحافة. ولكن ما لدينا من أوراق وتصريحات رسمية يكشف عن مفاجأة مثيرة لجميع الإعلاميين على القنوات الفضائية الخاصة.. تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن «حبل شنقهم» بدأ غزله من المنطقة الحرة الإعلامية بأكتوبر ويهدد بنسف ما يمكن وصفه بالمصالحة الرئاسية.البداية مذكرة أعدها نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار عبدالمنعم الألفى - رئيس المنطقة الحرة الإعلامية - طالب من خلالها بموافقة الهيئة.. ممثلة فى مجلس إدارتها برئاسة أسامة صالح وزير الاستثمار، على التعاقد مع «جمعية حماية المشاهد» للقيام بإبداء الرأى الفنى فى المخالفات المرتكبة من القنوات الفضائية المملوكة لشركات بالمنطقة الحرة الإعلامية.
يعترف الألفى بافتقاد الهيئة للخبرة والقدرة الفنية التى تمكنها من الحكم على ما يقع من هذه القنوات من مخالفات.. وتحديد ما إذا كان يمثل مخالفة من عدمه تستوجب تطبيق الجزاء القانونى الوارد بالمادة 88 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 8 لسنة 1997 «قانون الاستثمار» واستعمال ما لها من سلطة باتخاذ قرارها بوقف أو إلغاء الترخيص الصادر للمشروع حسب جسامة المخالفة.يشدد الألفى فى مذكرته التى عرضت مؤخرا على مجلس إدارة هيئة الاستثمار على أن هناك حاجة ملحة للاستعانة بالجهات ذات الخبرة الفنية فى المجال الإعلامى التى تستطيع أن تقرر مدى وجود مخالفة من عدمه.
يستجير رئيس المنطقة الحرة الإعلامية من «الرمضاء بالنار» فيبرر اختياره ومجلس إدارة المنطقة ل «جمعية حماية المشاهد» باعتبارها إحدى الجمعيات الأهلية التى تتوافر لديها الخبرة الفنية اللازمة من الناحية الإعلامية التى تمكنها من تقديم التقارير فيما يسند إليها إبداء الرأى فيه من مخالفات ترتكبها القنوات الفضائية بالمنطقة.. وهو ما يمكن الهيئة - على حد قوله - من تفعيل سلطاتها قانونا تجاه القنوات المخالفة وتطبيق صحيح القانون.يرفض مجلس إدارة هيئة الاستثمار البت فى طلب التعاقد مع الجمعية ويطلب من رئيس المنطقة الحرة الإعلامية إعداد دراسة وافية عن هذه الجمعية وأعضائها وأهدافها.
إجابات مقتضبة على ما طرحته «روزاليوسف» من أسئلة حاول من خلالها عبدالمنعم الألفى - نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار - مقدم المذكرة - أن ينفى من خلالها عودة الرقابة مرة أخرى على أجهزة الإعلام ببداية واسعة النطاق «الفضائيات الخاصة» التى يشاهدها عشرات الملايين فى مصر.. بعد فرضها - أى الرقابة - خمسينيات القرن الماضى فى عهد عبدالناصر وتوثيقها فى أكثر من عمل درامى منها على سبيل المثال المسلسل التليفزيونى «زينب والعرش» للروائى الكبير الراحل فتحى غانم.. تم إلغاؤها بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات خلال ثورة التصحيح مايو .1971 لتبعث الحياة مرة أخرى باستخدام الجمعيات الأهلية فى إسدال «النقاب» على جميع القنوات الفضائية الخاصة.
الألفى أكد ل «روزاليوسف» أن هذه المذكرة لم تكن من بنات أفكاره وحده، بل اقتراح شارك فيه جميع أعضاء مجلس إدارة المنطقة الحرة الإعلامية الذى يضم ممثلى 5 فضائيات خاصة «دريم - المحور - النهار - مصر 25 - CBC» التى اعترضت عليها وتحفظت إلى جانب النايل سات - اتحاد الإذاعة والتليفزيون و3 من ذوى الخبرة وبعض المستشارين من هيئة الاستثمار.
ويضيف: الجمعية التى تم اختيارها أهلية أى لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالحكومة، وليس لها أية انتماءات سياسية، ولا تضم بين أعضائها من ينتمون لأحزاب سياسية، ويختتم: ما ترصده هذه الجمعية فى تقاريرها غير ملزم لمجلس إدارة المنطقة ولنا مطلق الحرية فى الموافقة عليه أو رفضه.. وحتى الآن لم يتم التعاقد معها بشكل رسمى.. بل تصلنا تقاريرها بشكل «ودى».
فى المقابل يؤكد لنا بعض أعضاء إدارة المنطقة الحرة الإعلامية أنه مع تزايد الضغوط التى تمارس علينا والشكاوى سواء من وزير الإعلام أو أعضاء مجلس الشورى واستدعائنا داخل لجان لمناقشة ما يرونه من ممارسات إعلامية غير محايدة من الفضائيات.. كان لابد من البحث عن جهة يمكن اللجوء إليها لرصد جميع البرامج التى تبث على القنوات الخاصة بما فيها القنوات الدينية.. بدلا من بحث ما يرد لنا بشكل منفرد ممن مخالفة هنا أو هناك.. وخاصة أنه للآن لم يتم تأسيس نقابة للإعلاميين يمكن مناقشة الأمر معها.. وملاحقة أعضائها فى حالة إخلالهم كما يحدث مع نقابة الصحفيين.
يكشف المسئول الذى رفض ذكر اسمه عن تعديلات مقترحة يجرى إعدادها لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ولائحته التنفيذية تتضمن نصا يمكن من خلاله توقيع العقوبات المالية الباهظة على القنوات الخاصة الفضائية المخالفة.. أخذا فى الاعتبار أن الجزاء القانونى الوارد بالمادة 88 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الذى يصل إلى وقف القناة أو إلغاء ترخيص عملها بعد إنذارها يرتبط فقط بوقوع مخالفات إدارية ولا يمكن تطبيقها على المخالفات الفنية.
وأوضح أن هذه التعديلات ستتقدم بها الحكومة بعد إجراء انتخابات مجلس الأمة.فبراير 2013 لم يكن شهرا عاديا فى حياة جمعية حماية المشاهد ففيه قامت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى بحضور وكيلها بعقد جلسة استماع لمناقشة التقارير الإعلامية الخاصة التى أعدتها وعلى إثرها أحيلت 10 قنوات للنائب العام وأيضا تقاريرها حول التغطية الإعلامية للاستفتاء على الدستور والذكرى الثانية لثورة 25 يناير وما تبعها من أحداث.. حيث قام رئيسها د.حسن على عميد معهد الإعلام ب6 أكتوبر.. وأستاذ الإعلام بجامعة المنيا باستعراض نتائج المراصد الإعلامية التى أقامتها الجمعية ونتائج متابعة القنوات الحكومية والخاصة وتقييمها مهنيا وإعلاميا.
تغنينا التصريحات الصحفية المكثفة لرئيس الجمعية ومتابعة البرامج التى استضافته على «اليوتيوب» عن التواصل معه وشغله عن رصد دؤوب لما تبثه الفضائيات الخاصة، حيث يؤكد فى تصريحات نارية أن الرسائل الإعلامية السلبية الحالية تتطلب وقفة من خبراء الإعلام لإيقاف هذا السيل الإعلامى الذى يسهم فى هدم المجتمع أكثر مما يسعى لإعادة بنائه.. لافتا إلى أن مستقبل الشعوب ليس لعبة فى أيدى ملاك وسائل الإعلام «الوفد 9/3/. 2013 يسبغ د. على العديد من الأوصاف القاسية على القنوات الفضائية الخاصة التى لا ندافع عنها بالمناسبة ولكننا نرصد أيضا رأى جمعية أهلية ستتحكم تقاريرها المرفوعة للمنطقة الحرة الإعلامية إذا ما تم التعاقد معها فى مصير ومستقبل أكثر من 100 قناة خاصة حصلت على تصاريح حكومية صحيحة للعمل فى مصر.. فإما توقعها تحت مقصلة الإعدام.. أو تمنحها قبلة الحياة.. ففى ندوة عقدتها الجمعية بعنوان الحالة المهنية للإعلام المصرى الحكومى والحزبى والخاص «إعلام ما بعد الثورة» بفندق طيبة بيراميدز أكد د.على أن مساحة الحرية التى عاشها المصريون بعد الثورة لم يحسنوا استغلالها.. فتحولت إلى فوضى وصراع بين وسائل الإعلام لاجتذاب الجمهور من خلال البرامج الأكثر إثارة لجذب المعلنين.. وصار المذيع الذى لديه القدرة على أن «يقبح» هو المذيع الأكثر شهرة.. سلاطة اللسان لم تكن الانتقاد الوحيد الذى وجهه د.على لمذيعى الفضائيات بل تساءل عن مؤهلاتهم التى تجعل أحدهم يتقاضى 13 مليون جنيه سنويا.. وأضاف: ضعف رقابة الدولة خلال العام الأخير على تدفق الأموال جعل أكثر من 6 مليارات دولار تتدفق على الإعلام لغسيل الأموال فى حالة لم تشهدها مصر من قبل . يرصد أيضا الحروب الإعلامية الحالية ويصنفها فى 5 مراحل منها: شريط الأخبار الذى يبث ويظهر أن مصر فى حالة فوضى مرعبة.. وكأنه لا يرى إلا بعين واحدة.. فيما أغمضت الأخرى عن حوادث تنشر فى الصحف القومية عن حرق المواطنين أحياء حتى ولو كانوا خارجين عن القانون، ولنا فى الشرقية نموذج واضح.. أو تثبيتهم على الطرق السريعة لسرقتهم وسياراتهم.. مرورا بالتحريض على العنف فى مواجهة المتظاهرين.. نسبة لتصريح صوتى للمرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع بتعليقهم على جذوع الشجر أثناء موقعة المقطم. - الرسائل القصيرة التى ترد على الموبايل.
- حرب ال S.M.S.. وأخيرا حرب المصطلحات التى تستخدمها القنوات الفضائية.. فبعضها يصف من يقومون بأعمال العنف بأنهم مثيرو شغب، والآخر يصفهم بأنهم ثوار. ويتهم رئيس الجمعية فى تقريرها حول التغطيات الإعلامية للاستفتاء على مشروع الدستور 2012 القنوات والصحف الخاصة التى يملكها رجال أعمال- وصفهم بأنهم من بقايا نظام مبارك بالإسهام فى زيادة الجدل ونشر التعصب مما لعب دورا مؤثرا فى زيادة عدد المواطنين الرافضين له، بالإضافة إلى قيام القنوات الفضائية الخاصة بالسماح بتجاوزات تحت مسمى حرية الرأى ما أدى إلى حدوث استفزازات متبادلة بين أحزاب الإسلام السياسى والأحزاب الليبرالية واليسارية التى ساهمت فى انقسام المجتمع المصرى. وإذا كان عبدالمنعم الألفى رئيس المنطقة الحرة الإعلامية يصف جمعية حماية المشاهد بالحيادية والمهنية والبعد عن الانحياز أو الانتماء لأى تيار سياسى.. فسأترك للقارئ الحكم عليها من خلال رؤية رئيسها د. حسن على للمشهد الإعلامى الذى يلخصه قائلا خلال الندوة التى نظمها وسبق الإشارة لها: «الإعلام المصرى بات جزءا من المشكلة بدلا من أن يساهم فى حل مشاكل مصر.. اتقوا الله.. دقيقة سكوت لله لإتاحة الفرصة لصانع القرار ليعمل.. وإلا فإن ما يحدث جريمة ليس بحق الإخوان.. وإنما بحق مصر ويعمل على إسقاطها».
مقصلة تقارير الحماية التى ستظهر بمباركة حكومية لن تقف عند حدود الفضائيات.. انتبهوا.. فالجمعية الجديدة مشهرة باسم حماية المشاهدين والمستمعين والقراء.. وكل لبيب بالإشارة يفهم.