ليس الهدف من دراسة قيادة محمد (صلى الله عليه وسلم) جعله قائد ثورة، أو صاحب مبدأ فلسفى، أو مصلحًا اجتماعيًا، كما فعل بعض الكتاب المعاصرين؛ فالإسلام دين اختار الله عز وجل محمدًا (صلى الله عليه وسلم) لتبليغه. وشاء خالق الأكوان أن يكون ذلك اليتيم القادم من واد غير ذى زرعٍ أعظم عظماء الدنيا، وأن يتمكن أتباعه من تغيير معالم الخريطة البشرية لسكان الأرض. سياسته فى بناء الدولة: دولة عَقَديَّة: الدولة المثلى هى الدولة التى لا تقتصر أهدافها على توفير الرفاهية المادية لشعبها، بل التى تجعل فى طليعة أهدافها بناء شعبها بناءً فكريًا سليمًا، لأنه بالفكر السليم تبنى الحضارات، وترقى العلوم، ولذلك عمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على بناء دولة عقدية، تتبنى عقيدة بناءة، وتعمل- بغير إكراه- على أن يكون شعبها مؤمنًا بعقيدتها. - قيام الدولة على قواعد شعبية مؤمنة: إن أية دولة لا تقوم على قاعدة شعبية واسعة تؤمن بها، وتنفذ بكل إخلاص نظمها، وتدافع بكل تفانٍ عنها، هى دولة لا تملك مقومات وجودها، ولا تسير فى الطريق الذى يحقق لها وجودها، وهى دولة لا تلبث أن تنهار عند أول صدمة وإن بدت لنا من الخارج قوية متماسكة. مكان إقامة الدولة: لما جعل الرسول يبحث عن المكان الذى يقيم فيه الدولة الإسلامية، أخذ يبحث عن مكان ذى مواصفات معينة، لا أى مكان. ومن هذه المواصفات: وجود الموارد الطبيعية التى تؤمن الكفاية الذاتية والرخاء الاقتصادى، اتصاف أهلها بالفروسية والنجدة، والخبرة بالحرب وتأهلهم لها، وتوافرت هذه الصفات فى الطائفوالمدينةالمنورة. سياسته الداخلية: سيادة الدولة على أراضيها: أعلن رسول الله هذه السيادة حين منع أن يتحاكم فى أرض الإسلام لأى نظام عام غير النظام العام للدولة الإسلامية، وقد نصت المعاهدة التى عقدها الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع اليهود على هذا، حيث جاء فيها: «... وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده. فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم». جمع ما أمكن من الكفاءات المخلصة فى الدولة: وكلما كثرت هذه الكفاءات كلما ازدادت الدولة رقيًا، ولذلك كان رسول الله حريصًا على استقدام كل الكفاءات المخلصة لتسهم فى بناء دولة الإسلام ورقيها وازدهارها. امتصاص الحقد: رئيس الدولة العبقرى هو الذى يعرف كيف يمتص حقد الحاقدين من شعبه، هذا ما دأب عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فلننظر إلى تصرفه مع أبى سفيان قائد حرب قريش الذى ملأ الحقد قلبه على محمد، لأنه تصور أن محمدًا سيسلبه الشرف الذى هو فيه. وأكد له أن الإسلام لا يزيد العزيز إلا عزًا، وذلك عندما أعلن يوم فتح مكة: «أن من دخل دار أبى سفيان فهو آمن». تَطْيِيب القلوب: قد يضطر رئيس الدولة أن يتصرف تصرفًا يخرج فيه عن المألوف، حتى يُظَن أنه منع الخير عمن يظن بأن له حقًا فى هذا الخير، وفى هذه الحالة لابد له من بيان وجه المصلحة فى تصرفه هذا لمن تضرروا من هذا التصرف، ولابد من تطييب قلوبهم، وقد كان رسول الله يفعل هذا ويحرص عليه، فإنه (عليه الصلاة والسلام) ما أن يلاحظ تذمرًا أو عدم رضا من شعبه لموقف من المواقف أو تصرف من التصرفات حتى يسرع لبيانه وتطييب قلوب الشعب. الاستقرار الداخلى: كل دولة لا يتهيأ لها الأمن والاستقرار الداخلى تبقى فى اضطراب دائم يمنعها من بناء ذاتها، ويضعفها عن الوقوف فى وجه عدوها. ولذلك كان رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) حريصًا على هذا الاستقرار الداخلى فى دولة الإسلام، وقد كان رسول الله لا يرى حرجًا فى تقديم بعض التنازلات السياسية، غير العقدية، فى سبيل إيجاد الاستقرار فى الدولة، ونجد هذا فى موقفه المتكرر مع رأس المنافقين عبد الله بن أبى بن سلول، وأخمد رسول الله نيران فتنة بين المهاجرين والأنصار أشعلها بن سلول التى كادت أن تقسم الناس إلى كتلتين متحاربتين، أخمدها بعبقرية نادرة، وحيث أمر الناس بالمسير، فمشى بهم يومهم ذلك حتى أمسى، وتابع المشى بالليل حتى أصبح، وتابع المشى فى اليوم الثانى حتى الضحوة الكبرى، دون أن يمكنهم من الاستراحة فنسى الناس الفتنة، واشتغلوا بأنفسهم، ولم يعد لهم حديث إلا التعب. سياسته الاقتصادية: استنباط الثروات الطبيعية: الثروة الحقيقية هى الثروة التى تشكل زيادة فى الدخل العام للدولة، ولذلك عمل رسول الله على ألا يبقى فى دولة الإسلام أرضًا ميتةً غير مستغلة فقال: «من أحيا أرضًا ميتةً فهى له»، وقال: «من أحيا أرضًا قد عجز صاحبها عنها وتركها بمهلكة فهى له». عدم امتلاك ما تعلق به نفع عام: المعروف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقر الملكية الفردية بشروطها المعروفة، ولكنه لم يبح امتلاك عين تعلقت بها منفعة عامة للمسلمين، كالمساجد والطرقات والمراعى والممالح. - التوجيه نحو العمل: رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لا تقوم دولة ولا يبنى اقتصاد إلا بالعمل اليدوى الذى يمارسه أهل البلاد، وإن الاعتماد فى الاقتصاد على أيد غريبة يعرض الاقتصاد إلى هزات عنيفة ليس فى مصلحة الدولة أن تتعرض لها، ولذلك كان رسول الله يوجه أصحابه المؤمنين نحو العمل اليدوى، ويقول: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبى الله داوود كان يأكل من عمل يده». عدالة الأسعار: وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعمل على استقرار الأسعار، ويمنع من التلاعب بها عن طريق التغرير بالبائعين وشراء السلع منهم قبل تعرفهم على السعر الحقيقى لها، وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن تلقى البيوع، أو عن طريق الاحتكار، فقد قال «من احتكر طعامًا أربعين يومًا يريد به الغلاء فقد برئ من الله وبرئ الله منه». - إعادة توزيع الثروة بعدالة: سلكت إعادة التوزيع هذه طرقا متعددة تهدف كلها إلى إتاحة فرصة الحصول على المال للفقراء، ففى السنوات الأولى من الهجرة كان رسول الله يرسل إلى الغزو من المهاجرين أكثر مما يرسل من الأنصار، لعلهم يحصلون على شىء من الغنائم يُحسِّنون به وضعهم الاقتصادى. وكانت الزكاة، وزكاة الفطر، وحظ الفقراء من خمس الفىء، والصدقات، والكفارات تسهم إسهامًا فعالاً فى ردم الفجوة الاقتصادية بين فئتين من الناس هما: الأغنياء والفقراء، ولم يمض زمن طويل حتى ردمت هذه الفجوة، وارتفع الفقراء إلى مصاف الأغنياء حتى لم يجدوا فى اليمن فى زمن عمر بن الخطاب من يقبل الزكاة. ∎ سياسته الخارجية معرفة خصائص الشخصيات القيادية عند العدو: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حريصًا على ذلك، وكان هذا يساعده كثيرًا فى اختيار التصرف الأمثل تجاه كل شخصية من هذه الشخصيات. ففى صلح الحديبية قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موفَدٌ من العدو «مكرز بن حفص بن الأخيف» فلما رآه رسول الله مقبلاً قال: «هذا رجل غادر»، ثم أقبل عليه «سهيل بن عمرو» فلما رآه الرسول مقبلاً قال: «قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل...». إقناع العدو بقوة الدولة الإسلامية: إذا استطاعت الدولة أن تقنع عدوها بقوتها، بل بأنها أقوى منه، وأوقعت الرعب منها فى قلبه، أمكنها أن تحسم كثيرًا من المواقف قبل الخوض فيها، ومن هنا كان يقول النبى: «نصرت بالرعب» ويعمل جاهدًا على إقناع عدوه بقوته، والأمثلة عديدة. احتواء العدو: كان الرسول يمارس سياسة الاحتواء هذه على أدق ما يمكن أن تمارس فيه ورأينا كيف احتوى زعماء مكة بما بذله لهم من مال، ووفر على نفسه عداوتهم. إيثار السلم على الحرب: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤثر حل مشكلاته مع أعدائه بالطرق السلمية، ويتحاشى الصدام المسلح وإراقة الدماء ما استطاع، وهذا ما شاهدناه منه (عليه الصلاة والسلام) عندما حلَّ المدينةالمنورة وفيها من اليهود الحاقدين جماعات غير قليلة، فلم يبدأهم بالحرب، بل عقد معهم معاهدة سياسية جمدت عداوتهم إلى حين. المعاهدات المؤقتة: من شأن كل دولة عقدية أن تكون معاهداتها كلها مؤقتة وليست بدائمة، ولذلك رأينا رسول الله يلغى بأمر من الله جميع المعاهدات الدائمة بينه وبين المشركين، ويعطى أصحابها مهلة قدرها أربعة أشهر، وعليهم أن يعلنوا بعدها ولاءهم للدولة الإسلامية. التبادل الدبلوماسى: كان رسول الله يقر التبادل الدبلوماسى بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى، وقد استقبل (عليه الصلاة والسلام) كثيرًا من الرسل والوفود، وكان (عليه الصلاة والسلام) يراعى الأعراف المرعية فى استقبال الرسل والوفود والحفاظ عليهم وحمايتهم، وقد صح عنه أنه قال لرسولَىْ مُسَيْلَمَة: ''وأما والله لولا أن الرسل لا تُقْتَل لضربت أعناقكما''. ولا يفوتنا فى هذا المقام تناول شخصية الرسول العسكرية لارتباطها الوثيق آنذاك بالشخصية السياسية: الصفات الشخصية للرسول القائد: رسول الله كان قائدًا عسكريًا فذًا باعتراف جميع المحللين العسكريين. اللياقة البدنية: لم تكن حرب الأمس كحرب اليوم- حرب أَزرار- بل كانت حربًا تعتمد على اللياقة البدنية وكان (عليه الصلاة والسلام) يفوق فى لياقته البدنية جمهور أصحابه، وشارك أصحابه المسير الطويل المضنى حين فرضه عليهم فى غزوة بنى المصطلق، وشارك أصحابه فى حفر الخندق- لصد هجوم الأحزاب عليها- فكانوا كلما اعترضهم ما يعجزهم حفره من صخرة ونحوها لجأوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتتفتت الصخور تحت ضربات معوله القاضية. بُعد النظر: إن الدارس لسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يرى أن الله تعالى أعطاه من بعد النظر ما لم يعط غيره، لقد رأينا بعد نظره يوم وضعت قريش الشروط لصلح الحديبية، فقد رأى عقلاء أصحابه أن فى هذه الشروط إجحافًا بالمسلمين، ورأى فيها رسول الله- بما آتاه الله من بعد النظر- النصر للمسلمين، ورأى أن قريشًا بوضعها هذه الشروط إنما تحفُرُ قبرها بيدها. سرعة اتخاذ القرار الصحيح: وفى هذا المقام ما بلغ فيه الرسول شأنًا لم يجاره فيه أحد من أقرانه، فعندما عاد المسلمون من أحد قد أنهكتهم الحرب، اتخذ الرسول قراره السريع- رغب تعب قواته- باللحاق بالعدو المنتصر- بعد أن أرسل له من يخوِّفه ويخذِّله- ولحق بالعدو، وما أن سمع العدو بمقدمه حتى فر من وجهه. رباطة الجأش: فالمتتبع لسيرة المصطفى (عليه الصلاة والسلام) يجد أنه من أشد الناس امتلاكًا لأعصابه، وأكثرهم رباطة لجأشه فى الأزمات، فيوم حنين حين تفرق عنه أصحابه، بقى رابط الجأش يفكر فى كيفية إعادة تجميع قواته. ∎ إعداده المحاربين: ∎ تدريبه على استخدام أدوات الحرب بمهارة: فكان (عليه الصلاة والسلام) يطلب من جنوده أن يجعلوا من التدريب وإتقان استخدام أدوات الحرب مادة للهجوم. تحقيق أسطورة ''الشعب هو الجيش'': كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يطمح أن يجعل الشعب كله جنودًا، وقد تحقق له ما أراد، وذلك عندما أطلق صيحة الحرب، وأخذ يعد العدة لقتال الروم فى تبوك، التحق بالجيش كل قادر على حمل السلاح، لم يتخلف من الناس إلا من كانوا لا يعدون من جيش رسول الله من المنافقين، وثلاثة من أهل الإيمان لا عذر لهم فى تخلفهم. الإيمان: غرس رسول الله فى نفس كل جندى من جنوده الإيمان بالله تعالى، والإيمان بالقيادة- لا كقيادة عسكرية فحسب، بل هى نبوة مسددة بالوحى - والإيمان بسمو وعدالة المبادئ التى تدعو إليها القيادة، والإيمان بأن الوقوف فى وجه هذه المبادئ ومنعها من الانتشار جريمة فى حق الإنسانية. المحبة: لم يكتف الرسول (صلى الله عليه وسلم) بغرس الإيمان فى نفوس جنوده، بل غذى هذا الإيمان بالحب، هذا الحب هو الذى جعل أبا دجانة ينصب نفسه ترسًا لرسول الله فى أحد، فجعلت السهام المصوبة على رسول الله تقع فى ظهر أبى دجانة، وأبو دجانة سعيد بها فى ظهره ما دامت لم تصب رسول الله، وهو يقول: ''نفسى دون نفسك فداء يا رسول الله، وهذا الحب هو الذى جعل نسيبة بنت كعب المازنية تنزل إلى مقدمة الصفوف وتقف مدافعة عن رسول الله فى أحد ودماؤها تنزف من جراحها. العزم والتصميم على المضى فى المعركة: أوجد رسول الله فى نفس جنوده العزم والتصميم على المضى فى المعركة حتى الرمق الأخير، حتى يكون النصر أو الشهادة. التسليح: لم يغفل الرسول القائد عن دور السلاح فى اكتساب النصر، ولذلك نراه يولى التسليح اهتمامًا كبيرًا، ويراعى فى التسليح أمرين: الأول: وفرة السلاح، والثانى: نوعية السلاح، لقد كان رسول الله يدرس أسلحة العدو وطبيعة قتاله، وفاجأ الأحزاب بالخندق الذى حفره فى منطقة هجوم الأحزاب. ∎ مقدمات القتال وأساليبه: الحرب الإعلامية: لا تقف عند حدود إضعاف معنويات العدو وإشاعة الفوضى بين صفوفه فحسب، بل تتجاوزه إلى إبطال إعلام العدو. استبعاد المخذِّلين عن الجيش: وكان رسول الله يسعى السعى الحثيث لأن يضم جيشه المؤمنين المخلصين، وأن يخلو من أهل الشك. تحديد الهدف وعدم الانثناء عنه: ولذلك رأينا رسول الله يحدد الأهداف التى يريد تحقيقها، ثم يتحرك نحوها بخطوات ثابتة، لا تلهيه عنها المعارك الجانبية التى يفرضها عليه العدو. لقد وضع الرسول أول هدف عسكرى له، وكان هذا الهدف هو القضاء على اليهود فى الجزيرة العربية ككيان سياسى وقوة عسكرية، وجعل ذلك مقدمًا على الهدف العسكرى الثانى وهو القضاء على المشركين الوثنيين ككيان سياسى وقوة عسكرية. حرمان العدو من موارده الاقتصادية: الحرب عصبها المال، فإذا حرمت أمة من مواردها الاقتصادية، استحال عليها أن تخوض حربًا مجدية، وأدرك الرسول القائد هذه الحقيقة، ولذلك فإنه كان يحارب أعداءه بحربين: حرب اقتصادية، وحرب السلاح. عدم تمرير اعتداء دون عقاب: السكوت عن الاعتداء وتمريره دون انتقام دليل ضعف فى الدولة، ولذلك فإن رسول الله لم يكن يترك أى اعتداء يمر دون أن ينتقم له من المعتدى. ∎ الأمن: أمن المعلومات: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفرض احتياطات أمنية مشددة على المعلومات العسكرية، حتى لا تتسرب هذه المعلومات إلى العدو فيستفيد منها، ففى فتح مكة أمر رسول الله الناس بالتجهيز للقتال، وأخفى وجهة سيره حتى على أقرب الناس إليه- وزيره الأول أبى بكر، وزوجاته- فقد دخل أبو بكر على ابنته عائشة- زوج رسول الله- وهى تهيئ جهاز رسول الله للقتال فقال لها أبو بكر: أى بُنية، أأمركم رسول الله أن تجهزوه؟ قالت: نعم، قال أبوبكر: فأين ترينه يُريد؟ قالت: والله لا أدرى.... أمن العمليات: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يخرج فى غزوة فينزل منزلاً إلا ويقيم حرسًا يحفظ الجيش من المباغتة. أمر القتال الواضح الصريح: وكان رسول الله يحرص على أن يكون أمر القتال الذى يعطيه جيشه محددًا وواضحًا وصريحًا ولا يحتمل التأويل. وحدة القيادة: أصل من الأصول الإسلامية فى الصلاة والخلافة وقيادة الجند. انتهاج أسلوب الهجوم: المستقرئ للسيرة النبوية يجد أن الرسول (عليه الصلاة والسلام) لم يحارب حربًا دفاعية إلا فى غزوة الأحزاب. «كلمة السر»: نظرًا لطبيعة القتال فى عصر رسول الله وما يحدث فيه من اختلاط القوات الصديقة بالقوات المعادية، فقد كان لابد من تمييز العدو من الصديق، ولذلك كان (عليه الصلاة والسلام) يجعل فى كثير من غزواته كلمة تعارف. الحرب وسيلة وليست غاية: فالحرب عنده (صلى الله عليه وسلم) لضمان مسيرة الدعوة إلى الله، ونشر العدل، ولذلك اتصفت الحرب بأنها حرب إنسانية لا تستهدف إراقة الدماء، ولا إذلال الرقاب، وإن رسول الله كان إذا بعث جيشًا قال: «انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين». خلاصة القول، تتجسد فى مقولة وآية قرآنية؛ فالمقولة هى: «ملعون فى كل الأديان، من يهدر حق الإنسان، حتى لو صلى أو زكى وعاش العمر مع القرآن»، والآية: «إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد».