فيما بدا وكأنه محاولة من الدعوة السلفية لرد الصاع صاعين لجماعة الإخوان، بعد أن تدخلت الأخيرة لإفشال صفقة شراء البنك «اليونانى» الذى سعى هذا التيار عقب رفض البنك المركزى المصرى السماح لهم بتأسيس بنك خاص تحت اسم «النور الإسلامى»، كان أن تحرك التيار السفى فى اتجاهين مختلفين لمحاصرة الاستثمارات الإخوانية فى عقر دارها وهو ما ينذر بمواجهات مستقبلية أكثر سخونة، إذ يعتبر كلا الطرفين ما فعله الآخر اعتداء على «حرم» المال الخاص به واقتصادياته.
التحرك الأول بدأ قبل أسبوعين عندما التقى وفد من رجال الأعمال المنتمين لتيار رئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان» وعددا من رجال الأعمال الأتراك، حينها عرض الوفد على أردوغان تيسيرات استثمارية تسمح للتيار بالتواجد داخل تركيا المهد الأول لاستثمارات رجل الإخوان القوى خيرت الشاطر، وهو ما لقى بحسب مصادرنا ترحيبا من رئيس الوزراء التركى، إذ وعدهم بالتعاون فى استثمارات «بيت الأعمال» الذى يؤسسه حاليا التيار السفى.
وتأتى الخطوة الثانية بسعى القائمين على الكيان السلفى الجديد لشراء بنوك أخرى غير التى أفشلتها لهم جماعة الإخوان، لكن هذه المرة فى دول الخليج والمملكة العربية السعودية حيث يعتبر التيار أكثر نفوذا وتأثيرا.
ورغم النفى المعلن لقيادات التيار السلفى من كون «بيت الأعمال» خطوة لمحاصرة اقتصاديات الإخوان إلا أن مصادرنا بالدعوة السلفية عاودت تأكيدها بأن الفكرة عندما نبتت فى رأس الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة، وأشرف ثابت عضو الهيئة العليا لحزب النور، كانت لقطع الطريق على جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد انفراد الأخيرة بالحكم وتخليها عن الجماعة السلفية التى ظلت حائط الصد للإخوان، ويريد برهامى ببيت الأعمال تكوين كيان سياسى واقتصادى ضخم ينافس به الجماعة للحيلولة دون انفرادها بالسلطة ورأس المال، فضلا عن الإنفاق على حزبه خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة والاعتماد على شرعية بيت الأعمال كستار يحوى بداخله الأموال والتبرعات التى يتحصل عليها السلفيون من الخارج.
يسعى برهامى من خلال بيت الأعمال لفتح الباب أمام كبار رجال الأعمال المصريين للدخول فى مشروعات كبرى مع الكيان السلفى وبعث رسائل مطمئنة لهم بأن عصر الحزب الواحد انتهى مع النظام السابق والحزب الوطنى وأنهم ليسوا مجبرين للتعامل مع رجال الأعمال الإخوان والوقوع تحت سيطرتهم، ومن رجال الأعمال المستهدفين منصور عامر.
كما أن الجماعة السلفية تتطلع إلى استقطاب رجال الأعمال الصاعدين، من خلال تشكيل «لجنة حوكمة» لحل المشاكل بين رجال الأعمال داخليا ولإصلاح ذات البين إذا ظهر خلاف بينهم قبل اللجوء إلى القضاء الرسمى.
ويستهدف بيت الأعمال العمل على فكرة الصكوك الإسلامية ونقل الودائع وفقا لما كشفه لنا أسامة الفيل المسئول الاقتصادى لحزب النور، إذ أكد على أن فكرة الصكوك الإسلامية التى يعتمد عليها بيت الأعمال هى عبارة عن وثيقة بقيمة مالية معينة تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها، مقابل دفع القيمة المحررة بها، وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها أو بدفعه للغير للاستثمار نيابة عنها، وتعمل على ضمان تداوله، ويشارك المكتتبون فى الصكوك فى نتائج هذا الاستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار ويخضع التصرف فى الصك لأحكام التصرف فى المشاع فى الفقه الإسلامى، مشيرا إلى أن بيت الأعمال سيقوم بتقسيم الصكوك إلى صكوك قصيرة الأجل «ويطلق عليها البعض شهادات الإيداع أو الاستثمار» لمدة ثلاثة شهور أو ستة شهور أو سنة، وصكوك متوسطة الأجل وأخرى طويلة الأجل.
وقال وليد السيد، المدير التنفيذى بمؤسسة بيت الأعمال، فى بيان رسمى إن برنامج «بادر» هو برنامج قومى، يهدف لتمكين الشباب من اكتساب المهارات والخبرات المطلوبة، لبدء مشروعاتهم فى مختلف القطاعات، ويدعمهم فى تأسيس شركاتهم وتوفير رأس المال المطلوب، مع توفير الخبرات والاستشارات وكذلك الحاضنات التى قد يحتاجون إليها، وذلك فى إطار فعاليات البرنامج والمسابقات القومية لرواد الأعمال من الشباب المصرى الذى يرغب فى تحويل مشروعاته وأفكاره وأحلامه لنجاح حقيقى وملموس، ويبلغ حجم الاستثمارات الموجهة لدعم مشروعات المشاركة فى المبادرة 500 مليون جنيه مصرى.
وعن بدايات الفكرة أوضحت المصادر أن محركها الأساسى بخلاف تدخلات الإخوان كانت بعد رفض المركزى لبنك النور، إذ برر البنك المركزى هذا الأمر وقت أذ بأنه نزولا على خطة الإصلاح المصرفى التى بدأها البنك منذ عام 2003 والتى أسفرت عن استقرار الجهاز المصرفى وحمايته من مشكلات كثيرة عصفت ببنوك عالمية وقت الأزمة العالمية اعتمد على تقليص عدد البنوك العاملة فى السوق من خلال عمليات الدمج والاستحواذ، وذلك لإنشاء كيانات مصرفية كبيرة قادرة على الاضطلاع بمهام المعاملات المصرفية وتلقى ودائع العملاء وحمايتها.
وأن اتجاه البنك «المركزى» لعدم إنشاء بنوك جديدة بالسوق مازال ساريا، إضافة إلى ما سبق فإن القانون يمنع تملك الأفراد للبنوك ولابد أن يكون المالك للبنوك مؤسسات مالية ومصرفية كبرى، ومن ثم فإن الدعوات الفردية أو الحزبية لإنشاء بنوك لن تكون مقبولة قانونيا من الأساس.
وتتخذ المؤسسة المالية السلفية من منطقة «زيزينيا» فى الإسكندرية مقرا رئيسيا لها، ويرأس مجلس أمناء المؤسسة المهندس محمد عبدالفتاح «أبو إدريس» الرئيس العام للدعوة السلفية بعضوية 9 رجال أعمال أبرزهم: الدكتور بسام الزرقا، نائب رئيس مجلس الأمناء ورئيس المجلس التنفيذى، المهندس حسام صالح، الأمين العام، والدكتور وليد السيد، المدير التنفيذى، والدكتور محمد سعيد، وإيهاب عبدالجليل، والمهندس إبراهيم رجب، والمهندس محمد سباخى، والمهندس محمد النجار. أما جانب البيزنس فهو جانب المؤسسة ويشمل جميع أشكال إقامة المشاريع، وخلق فرص عمل حقيقية للناس مساهمة فى حل مشكلة البطالة، وتأكيدا على إصرار الجماعة السلفية على العمل الجاد فى مجال الاقتصاد الإسلامى وسعيهم لإنشاء كيان اقتصادى قوى خاص بهم، أطلق بيت الأعمال عدة مشروعات أولها شركة للاستشارات الهندسية للمساعدة فى إعداد دراسات الجدوى ل 4 شركات قابضة يتم طرحها للاكتتاب العام بالبورصة المصرية خلال العام الجارى، وأسست «بيت الأعمال» شركة «بيت العرب للسياحة» برأسمال يزيد على 5 ملايين جنيه مصرى، من خلال أسهم يمتلكها عدد «35» من رجال الأعمال، ويرأس مجلس إدارة الشركة المهندس أشرف أحمد نصير، والمهندس محمد أحمد عبدالعظيم نائبا، ووليد عبدالحميد العضو المنتدب، بالإضافة إلى شركة «كيم جلاكسى للكيماويات» إحدى شركات المهندس محمد النجار، أمين الاستثمار وعضو مجلس أمناء بيت الأعمال.∎