فى تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قالت إنه فى الوقت الذى مازالت فيه العلاقة بين زعيم مصر الإسلامى الجديد وإسرائيل فى بداية طريق هش.. فإن الهجوم الإرهابى على الحدود التى يشترك فيها البلدان مع قطاع غزة يمثل اختبارا.. حاسما لتلك العلاقة وفرصة لإعادة تشكيلها. ونقلت عن مسئولين بارزين من داخل الحكومة الإسرائيلية وخبراء فى العلاقات بين مصر وإسرائيل أن ذلك الهجوم هو أفضل دليل على التهديد الذى يواجهه كلا البلدين نتيجة انعدام الأمن والخروج على القانون فى شبه جزيرة سيناء.
وأضافت الصحيفة إن السؤال المطروح الآن: هل يكون لسيناء أولوية وسط التحديات الأخرى التى يواجهها الرئيس مرسى وهل ستقدم إسرائيل تنازلات بتعديل معاهدة السلام القائمة بين البلدين منذ 33 عاما بما يسمح بتواجد عسكرى مصرى أكثر جرأة؟ ونقلت عن دانى أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلى، قوله متحدثا عن مرسى «أصبح واضحا الآن أمامه أن هناك تقاربا حقيقيا للمصالح بين البلدين وهذا قد يجعلنا أقرب إليه.
كما نقلت عن هليل فريش، الباحث الإسرائيلى وأستاذ الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان، أن الهجوم يؤكد أن هناك خلافات بين الإسلاميين.. مؤكدا أن الإخوان وعلى رأسهم مرسى يدعمون النظام الدولى، لكن هناك متشددين يحاولون تحدى هذا النظام والاعتراض عليه.
وأضاف فريش: «الجهاديون يهددون أى نوع من النظام وأى فرد لديه سلطة ذلك الهجوم سيعزز التزام مرسى ليكون طرفا فاعلا فى الوضع الراهن المعقد من الناحية الاستراتيجية مرسى يدير الدولة، وعليه أن يعلم أن هناك من هم أكثر عداء للدولة المصرية من إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن هناك العديد من المسئولين والمحللين الإسرائيليين أشاروا إلى التعديل الذى طرأ منذ سنتين على معاهدة كامب ديفيد الموقعة عام 1979 بما يسمح لسبع كتائب مصرية إضافية الانتشار فى سيناء ونقلت عن الميجور جنرال المتقاعد دان هاريل قوله: سيكون على المصريين النظر فى المرآة ليسألوا أنفسهم ما الذى يريدون القيام به تجاه سيناء.
لكن هناك من يرى أن المصريين سيحتاجون مزيدا من القوات ومزيدا من المرونة لشن عمليات جوية واستخباراتية لإحداث تغيير فى سيناء ونقلت الصحيفة عن يورام ميتال رئيس مركز هيرتزوج لدراسات الشرق الأوسط فى جامعة بن جوريون قوله إن إسرائيل وضعت المصريين فى مأزق صعب للغاية فمن ناحية تقول إسرائيل إن هذه أراض مصرية، وإن المصريين يتحملون مسئولية إبقائها آمنة، ومن ناحية أخرى، يقولون إن هذا الأمر يحتاج لتعاون عسكرى بين البلدين وأعتقد أن هذه مهمة صعبة أيضا إذا كان هذا الهجوم سيسهم فى تحسين العلاقات المتوترة بين إسرائيل ومصر فإنه سيهدد على الجانب الآخر العلاقات المتنامية بين حكومة مرسى وقطاع غزة الذى تسيطر عليه حماس، مشيرة إلى أن تصريحات قادة حماس تجاوزت الإدانات والتعازى المعتادة ووعدت بتقديم المساعدة فى مطاردة المهاجمين الذين يعتقد أنهم جاءوا إما من غزة أو تنقلوا بحرية هناك أثناء عملية التخطيط.
وأشارت الصحيفة إلى أن غزة عانت بشكل مباشر من عواقب الهجوم، إذ أغلقت إسرائيل معبر كرم أبوسالم، وهو المعبر التجارى الوحيد فى قطاع غزة، كما أغلقت مصر معبر رفح، الذى يمر من خلاله الناس والسلع وأغلقت حماس الأنفاق التى من خلالها يتم تهريب كل شىء من مصر، مما أجبر أهل غزة على الوقوف فى طوابير طويلة للبحث عن الوقود والمواد الغذائية خوفا من ارتفاع الأسعار بعد استنفاد الإمدادات الحالية.
من جانبها، رأت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن الاعتداء الأخير فى سيناء قد يتسبب فى توتر العلاقات بين الرئيس المصرى الجديد المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى وبين حركة حماس الفلسطينية التى ينظر إليها باعتبارها فرعا للإخوان فى الأراضى الفلسطينية، وذلك إذا ثبت أن المسلحين الذين قاموا بالاعتداء قد قدموا من قطاع غزة كما يزعم المسئولون المصريون.
وقالت إنه رغم إدانة حركة المقاومة الإسلامية حماس التى تحكم قطاع غزة قتل جنود حرس الحدود المصرى على الحدود مع إسرائيل وقطاغ غزة، إلا أن العديد من الفلسطينيين فى القطاع يلقون باللائمة على حماس لعدم قيامها بما يكفى لبسط سيطرتها على الحدود.
وأضافت أن مصر وإسرائيل قامتا بإغلاق المعابر الرسمية على الحدود فيما أغلقت حركة حماس المئات من الأنفاق التى تستخدم لتهريب الغذاء والوقود ومواد البناء من مصر إلى قطاع غزة المحاصر مع اعتقاد مصر بأن المسلحين الذين نفذوا الهجوم حاولوا الهروب عبر تلك الأنفاق وقالت الصحيفة إن سكان غزة يعتمدون فى الحصول على نسبة كبيرة من السلع عبر أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة وجاءت أنباء إغلاق المعابر لتعيد إلى أذهانهم الذكريات المريرة وقت تشديد إسرائيل الحصار على القطاع ومنعت المنطقة الحصول على العديد من الاحتياجات اليومية حتى تم حفر الأنفاق.
وأضافت أنه نتيجة لذلك اصطفت السيارات فى مدينة غزة أمام محطات الوقود لتعويض النقص المتوقع فى الوقود كما تدفق الناس على الأسواق لتخزين البضائع بعد انتشار شائعات بأن الجيش المصرى يخطط لتدمير الأنفاق ونقلت الصحيفة عن أم خالد الفلسطينية من مدينة غزة قولها «الله وحده يعلم متى سيتم فتح الحدود مرة أخرى لقد ساعدنا المصريون كثيرا، وفتحوا الحدود أمامنا، وسمحوا لعمل الأنفاق على مدار الساعة، لا يمكن أن تكون المكافأة قتل المصريين».
وحثت أم خالد حركة حماس بالعمل على تقديم باقى الجناة إلى العدالة إذا ثبت أنهم من القطاع، فيما أعرب سائق تاكسى يدعى محمود سعد عن اعتقاده أن حماس غير متورطة فى الهجوم إلا أنه ألقى باللائمة على الحركة لأنها سمحت للمسلحين بالتحرك بحرية دخولا وخروجا من قطاع غزة وأضاف «الجميع يعلم جيدا أن هؤلاء الإسلاميين المتطرفين يتحركون بحرية باستخدام الأنفاق التى تتحكم فيها حماس، وكان يجب على الحركة التخلص منهم منذ فترة طويلة لأنهم يضرون بمصالحهم».
ويتفق مع هذا الرأى مخيمر أبوسعدة أستاذ العلوم السياسية جامعة الأزهر فى غزة، الذى قال لمراسل الصحيفة إذا كان من سكان غزة من شارك فى الاعتداء فإن اللوم يقع ببساطة على حركة حماس لأنها دائما ما تعطى لهم الضوء الأخضر لاستخدام الأنفاق من أجل التنقل وتهريب الأسلحة.∎