اعتاد المصريون أن يلعنوا أمريكا فى العلن، ويحلموا بزيارتها فى السر.. ظلوا هكذا طيلة سنوات تجريف الأمل.. وظلوا - كذلك - أيضا بعد الثورة رغم بزوغ شمس جديدة!
الصورة المزدوجة هذه ليست من عندنا فقط.. فالبيان الأمريكى هو الآخر.. له ما له منها.. فرغم إعلان أمريكا تأييدها لوصول الإخوان للحكم.. إلا أن سفارتها بالقاهرة كثفت من تشديد إجراءات سفر المصريين إلى الولاياتالمتحدة، وأصبحت رحلة الحصول على التأشيرة أكثر عناء، خاصة إن كان المتقدم شابا وغير متزوج.. وفى عقده الثانى أو الثالث من العمر.
فقد لاحظ كثير من الذين تقدموا للحصول على (الفيزا) بعد وصول مرسى للحكم.. أن شيئا ما اختلف فى السفارة ولم يعد الأمر بسيطا أبدا، وأكد ذلك الشعور أن المصريين أصحاب الخمسين عاما وما فوق وخاصة المتزوجين منهم، تتيح لهم السفارة الحصول على التأشيرة بشكل أسهل مادامت أوراقهم مستوفية للشروط، لكن أى مصرى أقل من هذه السن أصبح الأمر بالنسبة له شبه مستحيل ويكون رد قنصل السفارة عليه (عفوا.. تم رفض طلبك لعدم وجود روابط قوية بينك وبين بلدك)!
حاولنا أن نتحدث إلى بعض الذين تم رفض قبول طلبهم فى الحصول على التأشيرة ليحدثونا عن تجربتهم، ويجيبونا عن السؤال: هل رغبتهم فى الهجرة إلى أمريكا ازدادت بعد وصول الإخوان للحكم ؟
يقول أحمد حلمى (آدمن) صفحة (برنامج الهجرة العشوائية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية): رحلة الحصول على تأشيرة أمريكا أصبحت أصعب بعد سيطرة العسكر على الحكم.. وشبه مستحيلة بعد وصول الإخوان لكرسى الرئاسة، فبرغم استيفاء كثير من الشباب لشروط الحصول على التأشيرة، مثل الحساب البنكى والعمل وامتلاك دعوة من صديق أو من قريب يعيش فى أمريكا، أصبحت السفارة أكثر تعنتا وترفض الآن معظم الطلبات على حد علمى، ويزداد أمل الحصول على الفيزا مع زيادة عمر المتقدم.
ويضيف: ازدادت الآن رغبتى فى الهجرة لأمريكا.. لا أرى أى تغيير ولا أتوقع أى مستقبل فى مصر فى عهد الإخوان، فكنت أتمنى ألا نمضى فى طريق النموذج الإيرانى، وأن نتحول لدولة متحضرة.. وأبنى مستقبلى الذى لا أرى له أى ملامح إلى الآن.. فالحياة المستقرة لن تتحقق فى عهد الإخوان.
محمود الرفاعى أحد الشباب الذين فشلوا فى الحصول على التأشيرة يقول : أرسل لى عمى الذى يعيش فى أمريكا دعوة لزيارته.. فاستعددت بكل الأوراق اللازمة للحصول على التأشيرة والحساب البنكى ب 50 ألف جنيه وشهادة تثبت أننى مازلت أدرس بالجامعة، وحددت ميعاد المقابلة والتقيت قنصل السفارة الذى سألنى لمن أنت ذاهب؟ وعندما أجبته.. ظل يسألنى عن عمى وعن أسرته وعدد أبنائه وبعض الأسئلة الشخصية الأخرى ليتأكد من صدقى.. وفى النهاية قال لى (للأسف مش حقدر أعطيك التأشيرة) ثم أعطانى كتيبا يشرح أسباب عدم الحصول على التأشيرة، وختم كلامه قائلا (لا يوجد روابط قوية ببلدك).
أما مروان محمد الذى قال إنه متزوج ويمتلك شقة ومحلا وراتبه يفوق ال 2000 جنيه.. فقد حاول الحصول على التأشيرة لكن القنصل رد عليه (عفوا الوقت أصبح لا يسمح لإعطائك التأشيرة).. ويتشابه الأمر مع عصام حلمى الذى يمتلك حسابا بنكيا يفوق ال 50 ألف جنيه ودعوة من أخيه للزيارة، ذهب لميعاد المقابلة وسأله القنصل عن علاقته بأخيه وأسباب السفر وفى أى ولاية سيستقر، لكن فى النهاية صدمه القنصل بالرفض أيضا لنفس السبب الشهير (عدم وجود روابط قوية بمصر).
ويقول عصام: ازدادت رغبتى فى السفر بعد وصول حكم الإخوان.. فمنذ 10 أعوام أحاول تحقيق هذا الهدف، وكل ما أسعى إليه هو الحصول على الحياة الكريمة وبلد يحترمنى ويحمينى واستقرار مادى ومعنوى.. وكل هذا لن يتحقق فى مصر الآن.
(مصر ضمن الدول الخطرة).. هكذا قال باول بطرس أحد الراغبين فى الهجرة.. وأضاف أنه اتصل بمحام فى أستراليا ليسأله عن إمكانية الحصول على فيزا السياحة على أمل فى كسرها واستكمال الحياة هناك، لكن المحامى صدمه بأن الفيزا أصبحت مستحيلة لاستراليا الآن.. لأنها تصنف مصر ضمن الدول عالية الخطورة.
يذكر أنه فى مايو الماضى ظهرت نتيجة برنامج الهجرة العشوائية لأمريكا، وفاز أكثر من 5000 مصرى من أصل 400 ألف تقدموا وهى أعلى نسبة فوز فى تاريخ البرنامج.. ومؤخرا خسر بعض الراغبين فى الهجرة قضيتهم ضد الحكومة الأمريكية بشأن إلغاء نتائج الفوز لعام 2011 وكان عدد المتضررين يتجاوز ال 22 ألفا، حيث ألغيت النتائج بسبب خطأ تقنى بالحاسب الآلى حسبما أكدت السفارة الأمريكية بالقاهرة.∎