الشيخ مصطفى راشد أحد علماء الأزهر ومن أبرز الذين ينادون بدولة علمانية تحترم الدين والقانون.. لديه دراسات عديدة معظمها أثارت جدلا فى العالم الإسلامى مثل دراسته «الحجاب ليس فريضة إسلامية» و«استحالة تطبيق الشريعة فى الوقت الراهن» و«اللحية والنقاب ليسا من الإسلام». الشيخ حصل على العالمية (الدكتوراه) فى الشريعة والقانون من جامعة الأزهر منذ 1987.
يقول د. مصطفى حول سبب غيابه عن مصر: أنا حاليا فى جولة مكوكية ما بين أستراليا وكندا وإيطاليا وأمريكا، لحضور وتنظيم مؤتمرات خاصة بحوار الأديان والثقافات من خلال جمعية الضمير العالمى ومركزها الرئيسى أستراليا، كما أعطى بعض المحاضرات فى بعض الكليات بهذه الدول.. بجانب مراجعتى لبعض الترجمات لبعض كتبى مثل الإنجليزية والإيطالية والفرنسية.
∎ ما سر انتشار خبر حصولك على الدكتوراه مؤخرا؟
- فوجئت بخبر حصولى على الدكتوراه فى موضوع «الحجاب ليس فريضة إسلامية»، وفوجئت بأن أكثر من 80 صحيفة نشرت الموضوع، بجانب أكثر من 2 مليون موقع على الإنترنت، ناقش هذا الموضوع، فى حين أننى لم أصرح بذلك مطلقا، وحتى الموقع الموجود باسمى لم يذكر ذلك.. لكن للأسف لم يكلف أحد نفسه سؤال صاحب الشأن، حتى إن صحيفة الأنباء الكويتية أفردت صفحات وسألت كبار رجال الدين من عدة بلدان فى هذا الموضوع دون سؤالى. فأنا لم أحصل على أى دكتوراه بعد دكتوراه فى الشريعة ومقارنة الأديان عام .1993 . ∎ نشرت دراستك عن الحجاب منذ أكثر من عامين.. فهل واجهت انتقادات بسببها؟ - «الحجاب ليس فريضة إسلامية» هى فتوى موجودة بآخر كتاب صدر لى بعنوان «الرد على الفتاوى الوهابية والفكر المتطرف الإرهابى».
وهاجمنى مفتى السعودية ومفتى قطر، ومدير الأوقاف الكويتية، وعدد آخر من الأسماء المعروفة فى المحيط الإسلامى.. وجميعهم هاجمونى دون سند شرعى.
فالكثير من دراساتى أثارت جدلاً، لأن خفافيش الظلام مُدعى الدين لايقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون، فقد هُوجمت أيضا على فتواى بأن الإسلام لم يقل بتحريف الإنجيل والتوراة.. ولا وجود لحد الردة فى الإسلام.. وجواز الحج خلال ثلاثة أشهر وليست عشرة أيام فقط، وغيرها من الأمور الكثيرة التى لا تروق لدعاة التشدد. إذن بعد الصعود الدينى الذى حدث فى مصر مؤخراً، وأعنى هنا المتشددين.. كيف ترى الوضع الراهن للبلاد؟ - مصر تقف الآن على حافة الهاوية.. فإما تتحول إلى صومال جديدة، وإما أن تجد من ينقذها، فتتحول إلى دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتأخذ بأساليب العلم الذى يلقى حرباً شعواء من دعاة الدولة الظلامية.
∎ الجماعات والأحزاب الإسلامية الآن أصبحت فى صدارة المشهد السياسى.. هل تؤيد وجودها؟ - أنا ضد كل الجماعات المتأسلمة.. فكل منهم يكفر الآخر ويدعى أنه الفرقة الوحيدة الناجية من النار، إنها جماعات تضر بالإسلام والمسلمين أكثر من أى عدو آخر، ووجود أحزاب دينية سيؤدى لهدم بنيان المجتمع، لأن تناحر الأحزاب على أمور دنيوية أمر به نقاش وحوار وتراجع، أما تناحر الأحزاب الدينية فلا يقبل الحوار أو التراجع، لأنه يجعل من شخصه وكيلا عن الله، فكيف يتراجع المتحدث باسم الله للبشر؟!
فالتاريخ خير شاهد.. لم تنجح دولة علمياً أو ديمقراطياً قامت على أسس دينية منذ عهد الخلفاء حتى يومنا هذا، ومن يُقحم الدين فيها هو شخص أفاق مخادع يستغل الدين ليصل إلى أغراضه الشخصية، وهى أخطر أنواع الديكتاتورية. ∎ كنت عضوا فى جماعة الإخوان.. فهل ما زلت على صلة بها؟ - تركت الإخوان منذ 30 عاما لعدم اتفاقى مع رؤيتهم الإنسانية والإسلامية.. ومازال لى أصدقاء من أعضاء الجماعة القدامى، ولم تحدث بيننا مواجهات فكرية، لكن ليس لدى مانع من هذه المواجهات العلنية إذا كانوا يستطيعون ذلك. ∎ وكيف ترى مواقف الجماعة الحالية؟ - الجماعة فى طريقها للانحسار بسبب صراعها على السلطة والاستحواذ عليها بمفردها، وعلى قيادات الإخوان أن يسايروا السبل الديمقراطية وأساليب الدولة المدنية دون لف وتأويل، وإلا سيخسرون الفرصة التى أتت إليهم على طبق من ذهب، وأن يعتبروا من وضع الرئيس السابق، لأن ثورة الجياع القادمة لن ترحمهم.
∎ حزب النور يريد وضع مادة دستورية تقول «إن السيادة لله» بدلا من «السيادة للشعب» فما رأيك فى هذا المعنى؟.. وهل تعتقد أن الدستور القادم سيعطى للأقليات حقوقها؟ - هذا كلام لزوم دغدغة مشاعر البسطاء.. فالسيادة لله لا تحتاج للكتابة، كمن يريد أن يكتب فى الدستور الشمس تشرق من المشرق، لكن هؤلاء يعملون بأسلوب مبرمج على شعارات لا يعرفون مداها أو هدفها، ولو استمرت اللجنة التأسيسية التى يسيطر عليها الإخوان والسلفيون، فلن يَعطى الدستور القادم حقوقا للأقليات الدينية والعرقية، ولأن هذا التيار الدينى لا يَعطى أخاه المسلم حقوقه لأنه لا يتبع جماعته، فما بالك بالمختلف معه فى الدين والعقيدة.
∎ فى الآونة الأخيرة أثير موضوع زواج اليمين، وجماعة الأمر بالمعروف، ففى وجهة نظرك لماذا مثل هذه الموضوعات الشائكة تثار الآن؟ - زواج ملك اليمين موجود بالقرآن والسنة، لا أحد يستطيع أن يلغيه، والرسول والصحابة تزوجوا ملك يمين، أما ما يسمى بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فاسمها الحقيقى جماعات الاستخدام الكاذب للدين، وهذه الجماعات مثل أى جماعة إجرامية تظهر فى فترة غياب القانون والدولة النظامية المدنية. ∎ لكن هذا بالرغم أن مفتى الجمهورية د. على جمعة صرح بأن ملك اليمين زني وحرام شرعا؟! - كل الاحترام ل د.على جمعة.. لكن ملك اليمين كان مطبقاً بالدول الإسلامية حتى 90 سنة مضت فقط، وجمهور الفقهاء السابقين أجازوه، لكن نحن نرى مثل د. جمعة أن ملك اليمين انتهى عصره بزوال علته، لأن الشرع يدور مع مصلحة الأمة فى الارتقاء بها وسط الأمم.
∎ الرئيس مرسى فى زيارته الأخيرة للسعودية صرح بأن «مصر والسعودية حاميتان للإسلام الوسطى».. فهل توافقه الرأى؟ - أختلف مع الرئيس مرسى لأن السعودية تطبق الفكر الوهابى المتشدد الدموى، وتَدعى أنه شرع الله، فى حين أنها لا تطبق أوليات هذا الشرع، وهو نظام الخلافة فى الحكم، لأن الشرع الإسلامى لا يعرف النظام الملكى فى الحكم - الذى يملك المال والشعب - كما هو حادث بالسعودية.
∎ هل مازال الأزهر هو المرجعية الوحيدة لجميع مسلمى العالم، أم هناك كيانات أخرى تنجح فى سحب البساط؟ - نعم مازال الأزهر هو المرجعية الأولى للعالم الإسلامى السنى وبعض الشيعى، ومنهجه يُدرس فى كل دول العالم بما فيها السعودية وإيران - ولو أنكروا ذلك - ولن يستطيع أحد سحب البساط من الأزهر، وللأسف من يحارب الأزهر هم الجماعات الإسلامية المصرية، بدلاً من أن تفتخر بعالميته. ∎ إذا لماذا انحازت فئة كبيرة من الشعب المصرى للجماعات الإسلامية أثناء الانتخابات؟ - لم ينحز العدد الأكبر من الشعب المصرى للجماعات الإسلامية، فكل ما حصل عليه مرشح هذه القوى -د.مرسى- هو 13 مليونا، منهم 5 ملايين صوتوا له نكاية فى العسكر، فهل 8 ملايين هم غالبية وسط 85 مليون مصرى؟!