مفاجأة في سعر الدولار اليوم في البنوك    مفاجأة عن نهج الرئيس الجديد لتايوان مع بكين    توافد طلاب الشهادة الإعدادية على لجان الشرقية لأداء امتحانة العربي والدين (صور)    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    جلسات تحفيزية بفندق الإقامة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الترجي    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتوجه نصائح لمواجهة ارتفاع الحرارة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    أكثر من 142 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية اليوم    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد زغلول «عربيد».. وأحمد عرابى من «الخوارج»


ملخص ما نشر



بعد أن اختار أمير المؤمنين أحد أبنائه لولاية العهد- وهو أمر شرعى - وفقا لما يسميه الليبراليون والعلمانيون ودعاة الشذوذ والإباحية بمبادئ الشفافية.. قرر الأمير إصلاح ما تم إفساده على مدى قرنين من الزمان بدءا بالعلمانى الخبيث «محمد على» ونهاية برأس الكفر «مبارك»، وهو ما أكد الأمير أنه لن يتم فى عام أو اثنين، بل يحتاج إلى 30 عاما قابلة للزيادة.. وكان الأمير قد قرر منع وفود المنظمات الإفرنجية المشبوهة من زيارة الإمارة متسائلا: كيف نسمح للغزاة من أشباه الرجال وكذا النساء المتبرجات بالتجول فى شوارعنا ودخول بيوتنا؟ ثم دعا الأمير إلى الحرية المنضبطة وهى التى ليست بالفوضى والتطاول على ولى الأمر التى تهز الاستقرار وتصنع القلاقل وتعرقل مسيرة البناء، مستشهدا بحرية جريدة «حماة الشريعة» التى لم يتصل يوما بفضيلة الشيخ رئيس تحريرها ليمنع نشر هذا المقال أو تلك الأخبار.


الحلقة الأخيرة


قبل أن تستغرقنا التفاصيل، لابد من التأكيد مجددا على أن إصلاح ما تسبب فيه المجرمون الفاسدون الذين سبقوا وخربوا، هو المرحلة الأصعب. لقد ألقى الفاسق محمد على بذرة الفساد الأولى، ولذلك يهلل له الغربيون ويصفق له العلمانيون والليبراليون فى مصر الجاهلية.







ليت أن الكارثة تقتصر على فعل الفاسدين الفاسقين من الملوك المقلدين، مثل فؤاد وفاروق لعنهما الله، اللذين جلبا بدعة الدستور والمجالس النيابية الوثنية الموروثة عن ملاحدة اليونان، وتفرغا لشن الحرب الصليبية على الإسلام والمسلمين، ذلك أن من يسمونهم بزعماء الحركة الوطنية كانوا أكثر استهتارا بالدين والشريعة. أحمد عرابى، الذى ألف عنه العلمانيون عشرات المسرحيات والروايات والمواويل، وتناسوا عامدين أنه خرج عن طاعة أمير المؤمنين. مصطفى كامل، الزنديق الذى زرع فى النفوس لعنة الوطنية والعصبية الجاهلية، وبلغ به الاستهتار أن يقول كلمات مثل «بلادى بلادى لك حبى وفؤادى» ويدعى أنه لو لم يكن مصريا لود أن يكون مصريا. أخزاه الله! ألم يكن الأولى به أن يقول: لو لم أكن مسلما لوددت أن أكون مسلما؟! الطامة الكبرى نجدها عند من يسميه الجاهليون بزعيم الأمة، فسعد زغلول هذا مقامر سكير عربيد، ومن دعاة السفور والفجور، ومجاهر بأن الشعب مصدر السلطات.. إنه أول من جعل العلمانية دينا والليبرالية مذهبا، وسار على دربه الفاجر خليفته الناس، فقرب إليه النصارى وقدمهم على المسلمين.


لابد أن يعى شعبنا المسلم حجم الميراث الثقيل، الذى كان علينا أن نواجهه، وبخاصة فى السنوات الستين السابقة لولايتى المباركة، حيث عدو الإسلام الأكبر جمال عبدالناصر، عميل الصهيونية والصليبية والشيوعية والعلمانية. كان عليه اللعنة جاحدا للشريعة، كارها لكل ما هو إسلامى، مؤلبا للطبقات وراعيا للأحقاد، مدمنا للسخرية من علماء الدين والتهكم عليهم. ألم يقل يوما إن العلماء يصدرون الفتاوى مقابل أكلة دسمة؟!


عذب المسلمين فى معتقلاته وسجونه، وعلق على المشانق أعلامهم ورموزهم، وبارك الكتب والأفلام والمسرحيات التى تسفههم وتحط من شأنهم وتدعو إلى تحقيرهم. عاقبه الله بالهزيمة المذلة المهينة فى حرب الساعات الست، ثم جاء السادات الذى ادعى أنه يبنى دولة العلم والإيمان، فإذا به يدعو المسلمين إلى التعاون المحرم شرعا مع القردة من بنى صهيون، ويسمح لزوجته السافرة المتبرجة أن تراقص الرئيس الأمريكى الكافر. أهلكه الله على يد الشهيد خالد الإسلامبولى وصحبة المجاهدين الميامين، وجاء الملعون الكافر مبارك ليسير على خطاه، ويركع للنصارى واليهود، ويترك لنا الإمارة أطلالا وأنقاضا وخرابا.


أحمد الله لأن رؤية الإصلاح الاقتصادى على أسس شرعية، باتت واضحة بما لا يدع مجالا للتشكيك والمتاجرة. عشر سنوات عملنا فيها ليل نهار لرفع الأنقاض التى تراكمت عبر أكثر من قرنين، وأمامنا عشر سنوات أخرى للتأسيس وتربية القيادات المؤمنة الملتزمة المحترمة الواعية بمقاصد الشريعة فى الإطار الاقتصادى، ثم عشر سنوات للبناء والتشييد والتهيؤ للانطلاق. ثلاثون عاما لا أكثر، وقد مضى منها عشر سنوات، ولم يبق إلا عشرون. نجحنا بعون الله فى القضاء على التعاملات الربوية بإغلاق البنوك الربوية والبورصة الماسونية وما شابه ذلك من البدع والضلالات، وأزلنا كل ما فيه شبهة من حرام، فلا أمل فى تحقيق مشروع النهضة الشاملة بمعزل عن الطهارة والتطهير: طهارة الضمائر والأيدى التى تصنع النهضة المباركة، وتطهير المجتمع المسلم من بقايا الفساد والانحلال. بيت المال الآن لا يوجد فيه مليم واحد من حرام، فلا ضرائب أو مكوس ترد إليه من موائد الميسر ومواخير الدعارة ومتاجر الخمور.




بالأموال الحلال، نبدأ بعد عشر سنوات فى تنفيذ مشروعاتنا العملاقة، والإعلان عنها الآن ليس مستحبا. يكفى القول إن الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية ستشهد طفرة هائلة، تثير دهشة العالم وحقده أيضا، ولابد أن نتهيأ ونستعد لحملات التآمر والتشهير والتشكيك.


سيكون شعارنا واضحا حازما حاسما: الزراعة الحلال والصناعة الحلال والتجارة الحلال. على العلماء الدنيويين المتخصصين فى هذه الأشياء أن يجتهدوا، شريطة التأكد من ورعهم والتزامهم الدينى، ثم يعرض الأمر على مجلس شورى العلماء لتعديله وإقراره وفق ضوابط شرعية، وبعد أن ينتهوا يعرض الأمر علىّ لاعتماده والشروع فى تنفيذه.


مشكلة البطالة لا تغيب عن ذهنى ساعة واحدة، ولقد قطعنا خطوات جبارة فى التصدى للمشكلة الموروثة من حكم الجاهلية. عندما اتخذت قرارى التاريخى، فى مطلع ولايتى المباركة، بتكريم المرأة المسلمة وإعفائها من مشقة العمل ومذلة مغادرة البيت، اقتربت مشكلة البطالة من النهاية السعيدة الموفقة، لكنها عادت لتطل بعد ذلك. العاملون القدامى فى قطاعات السياحة والبنوك واللهو، وملايين الخريجين الجدد فى المدارس الفنية المتوسطة والجامعات، فضلا عن بعض الذين فقدوا وظائفهم فى المصانع والشركات الخاصة التى تعتمد على المعاملات الربوية، وعددهم لا يزيد على أربعة أو خمسة ملايين، كل هؤلاء انضموا إلى طابور الباحثين عن وظائف. لقد استوعبت أجهزة الأمن مليونين أو ثلاثة منهم، لكنها تشبعت ولم تعد فى حاجة إلى المزيد. خلال عشر سنوات سيتحقق التوازن من جديد، أما العلاج الجذرى الناجع فلن يتأخر عن عشرين عاما.


أعرف أن المواطن المسلم يعانى بعض الشىء من توافر محدود لسلع قد يراها ضرورية، مثل اللحوم والخضروات والفاكهة والمسلى والزيت والسكر والشاى والصابون والمنظفات، فضلا عن أزمات طارئة فى الخبز والبنزين والكيروسين والغاز، وانقطاع جزئى للكهرباء والماء.


هذا كله صحيح لا يمكن إنكاره، لكن المبالغة فى أهمية هذه الأشياء يعبر عن نوايا سيئة. الكارهون لإمارتنا وصحوتنا المباركة يتصيدون الأخطاء ويصيدون فى الماء العكر، وقبل شهرين تقريبا نشرت مجلة أمريكية علمانية تقريرا حاقدا عن أزمة الدواء فى مصر، فمن أين استقى الكاتب معلوماته المضللة؟ إنه لم يزر إمارتنا يوما، ولا أحد من أبناء شعبنا المسلم يرضى له ضميره أن يتنكر لدينه وولى أمره منحازا إلى الكفار. لقد استدعيت فضيلة الشيخ وزير الداخلية وكلفته بالتحقيق السريع فى كيفية نشر هذه الافتراءات الخبيثة، واستطاع مشكورا أن يصل إلى الخائن الذى سرب ما ورد فى التقرير، وهو الآن قيد التحقيق العادل وسينال جزاءه الرادع.


........
ما يُسمى فى الصحف العلمانية الأمريكية والأوروبية واليابانية بتقييد النشاط السياحى ليس صحيحا، فنحن نرحب بالزائرين وفق مجموعة من الضوابط التى وضعها مجلس شورى العلماء. لا نسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء فى الفنادق والشوارع والمطاعم، والعلة فى ذلك أن نسبة كبيرة منهم لا يربطون بعلاقات زواج شرعية، فكيف إذن نحمى الفاجرين ونسمح لهم بالزنى فى إمارتنا؟ لا نوافق على السفور والخلاعة وارتداء النساء للملابس المثيرة الخادشة للحياء، ولن نضحى بديننا وأخلاقنا وشرفنا تحت شعارات زائفة خادعة مثل الحرية الشخصية والثقافة المختلفة. لا خمور فى دار الإسلام، وإذا كانت عقيدتهم الفاسدة تبيح لهم السكر والعربدة، فنحن لا نفعل، وموافقة دولة مثل تركيا على سلوكهم الأعوج المنحرف لا يلزمنا بشىء. تركيا ليست دولة إسلامية كما يتوهم السذج، والتيار العلمانى الخبيث يحكمها، ويفسد هويتها منذ انقلاب الهالك أتاتورك على دولة الخلافة. أغرب ما فى الأمر أن المنظمات الدولية أسرعت بالصراخ والعويل عندما التزمنا بفتاوى العلماء فى تحريم الأصنام والأوثان، وبادرنا بهدم وإزالة كل ما من شأنه الإساءة إلى ديننا، مثل التماثيل ومعابد الفراعنة الكفار.
يقولون إن التخلص من هذه الموبقات قد نفرت السائحين، وهو ما يبرهن على أن الهدف من زياراتهم لا يتجاوز إحياء الوثنية والتعبد لغير الله. لا تعنينا مليارات السياحة، فهى أموال مشبوهة مشينة تخلو من البركة، والبرنامج البديل هو السياحة الداخلية ويحقق نجاحا لافتا. إيرادات العام الذى يقترب من نهايته تجاوزت أربعة ملايين من الجنيهات. الوصول إلى الرقم الذى وعدت به، وهو عشرون مليار جنيه، سيتحقق إن شاء الله بعد عشرين عاما.


.....
أشعر بالارتياح لما تحقق فى السنوات العشر من ولايتى، وأحمد الله على نعمائه. الإمارة المسلمة لا تنتج ولا تستورد ما يغضب الله، فلا سجائر أو معسل، ولا خمور أو بيرة، لا أدوات تجميل أو أفلام ومسلسلات خليعة. هذه الأنشطة المحرمة المدمرة كانت تدر المليارات فيفرح بها السفهاء قصيرو النظر، ويتناسون أنها تزيل البركة وتلوث الطهارة. أيهما أفضل: مجتمع فقير لا يشعر بتأنيب الضمير، أم مجتمع غنى يبيع شرفه ويتخلى عن أخلاقه؟ لو نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية، فنحن بفضل الله أغنى من أمريكا واليابان والسويد وبلاد الكفر كافة.


بعض من يسمون أنفسهم بعلماء الاقتصاد، وكلهم من المهاجرين الفارين الذين رضوا بحياة المذلة والهوان خارج الإمارة المباركة، يشنون حملات مأجورة على السياسة الاقتصادية التى لا تشجع المستثمرين فى زعمهم، ويعترضون فى صفاقة على أن يتولى وزارة بيت المال عالم فاضل من كبار فقهاء الأمة، وحجتهم المتهافتة أنه لم يدرس الاقتصاد وفنون الإدارة. أقول لهم: خسئتم! لقد امتلأت عهود الجاهلية بوزراء يحملون الدكتوراه من السوربون وكمبردج وكولومبيا، وخدموا عدو الإسلام عبدالناصر، وصديق الصهاينة السادات، ورأس الكفر مبارك. إلى أين وصلوا بنا؟ لوزير بيت المال عشرة من المستشارين، سبعة منهم فقط من علماء الشريعة، وثلاثة من أهل العلم الاقتصادى الشرعى، فكيف يقولون بعد ذلك إن فضيلة الشيخ الوزير ليس متخصصا؟! الاقتصاد يحتاج إلى البركة، وسنرد عمليا على هؤلاء الأدعياء بعد عشرين سنة، يومها سيعاينون النهضة الكبرى، وينكسون رءوسهم خزيا وعارا، وإن غدا لناظره قريب.


فى الوصايا السبع، التى اطلعت عليها قبل دخولى لمقابلة أمير المؤمنين، وحفظتها عن ظهر قلب: عندما ينظر أمير المؤمنين فى ساعته، اعلم أن الزيارة قد انتهت. الأمير، حفظه الله، يتثاءب وأرفع عينى إلى ساعة أنيقة فوق عمود قريب مزخرف، فأرى أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل بعدة دقائق، هل يحق لى أن أبادر بإعلان نهاية الحوار واستكماله فى يوم آخر، أم أن فعلة كهذه تمثل جريمة تستوجب العقاب؟! الوصايا لا تتطرق إلى مسألة التثاؤب، ولا مهرب إلا الصمت والانتظار.


يتثاءب أمير المؤمنين من جديد، ثم يتمطى فى رضا وارتياح، يتساءل فى مرح تنم عنه عيناه:


- هل تحن إلى النوم وأحلامه أيها العجوز؟


يلهمنى الله بالإجابة التى لابد أنه ينتظرها، بما هو مجبول عليه من تواضع وبساطة:


- أى أحلام تفوق الجلوس فى حضرتكم يا أمير المؤمنين؟


يشرق وجهه علامة السرور والغبطة، ويزداد يقينى أنه أقرب إلى الطفل فى مشاعره وردود أفعاله:


- سأمنحك دقائق أخرى لتنتهى مما عندك من أسئلة نرد بالإجابة عنها على مكائد الأعداء الموتورين، واعلم أنك لبق بليغ تحسن صنعة الكلام، وقد ألهمنى الله بأن ألحقك للعمل فى مكتبى إن شاء الله.


عندما تحملت مسئولية الإمارة قبل عشر سنوات، كان تقديرى أن جملة عدد النصارى لا يزيد على أربعة ملايين، أو خمسة على الأكثر،لكن المأجورين العملاء الخونة من أقباط المهجر كانوا يسرفون فى الكذب، يبالغون فيزعمون أنهم خمسة عشر مليونا، كنت على يقين كامل من أن أحداً منهم لم يمنحنى صوته فى فتنة الانتخابات الرئاسية التى خضتها مكرها، موقنا أن الضرورات تبيح المحظورات، لكننى لم أفكر فى الثأر والانتقام، فالعدل أساس الملك، وأحكام الشريعة هى التى تفصل بيننا وتنظم العلاقات وفق أسس واضحة لا أستطيع أن أتجاوزها.


منذ اليوم الأول لولايتى المباركة بدأوا فى إثارة الفتن والاضطرابات والقلاقل، وكان أول ما طنطنوا به فى الداخل والخارج على حد سواء هو الطمع فى بناء المزيد من الكنائس. سبحان الله!. ألا تكفيهم كنائسهم؟ هل رأيت نصرانياً يصلى فى الشارع تحت قيظ الشمس؟ المسلمون الذين يصلون فى العراء هم من يحتاجون إلى المساجد، بعد أن حارب العلمانيون بناء بيوت الله لأكثر من مائتى عام. قلت لكبيرهم عندما قابلته، على الرغم من ضيق الوقت وتعدد المشاغل، أن ينسى فكرة بناء كنائس جديدة، أو ترميم القديم المتهالك منها فالقائم يكفى ويفيض. شرحت له فى إسهاب حكم الشريعة التى ألتزم بها، فالبلاد التى أحدثها المسلمون وأقاموها بعد الفتح مثل التجمع الخامس ومدينة الرحاب، ومساكن شيراتون والشيخ زايد والعاشر من رمضان وأكتوبر، وغير ذلك من الضواحى والأحياء، لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة. ولأن مصر قد فتحت صلحاً بين المسلمين وبين سكانها، فى عهد عمرو بن العاص رضى الله عنه، فإن الرأى عند جمهرة العلماء هو إبقاء ما وجد من الكنائس عند الفتح، ومنع بناء أو ترميم ما هُدم منها.


لم يقتنع الرجل السفيه بما قلته، وهو خلاصة العلم، وتطاول فحدثنى عن سماحة الإسلام وإقراره لحرية العبادة والعقيدة، فكأنه يفهم فى الشريعة وأحكامها أكثر من أمير المؤمنين. وبخته بما يتناسب مع جهله وإساءة الأدب، ثم مارست صلاحياتى فأصدرت قرارا بعزله من وظيفته، وسمحت له تفضلا منى باختيار دير منعزل يقيم فيه ولا يبرحه بعدها تصاعدت الفتنة بلا مبرر، وتظاهر بعض النصارى لإعلان احتجاجهم غير المفهوم، فتصدت لهم قوات الأمن بالحسنى، ولما أبوا واستكبروا وبادروا بالعدوان والاعتداء، وقع صدام طفيف أسفر عن مقتل عدة مئات، نتيجة للتزاحم والهرج والمرج عند الفرار. عندما أبلغت أن قطاعات منهم تزمع الهجرة كنوع من الابتزاز الرخيص، أمرت بتسهيل إجراءات خروجهم آمنين، وألقيت خطاباً تاريخياً قلت فيه إنه لولا ضيق وقتى وانشغالى بجلائل الأمور، لذهبت إليهم فى المطارات والموانىء مودعاً.


فتنة الهروب الأولى هذه لم يشارك فيها إلا ما يزيد قليلاً على مليون من النصارى، وهدأت الأمور أياماً قبل أن يشعلوها من جديد.. أصدر مجلس شورى العلماء فتوى موفقة مباركة، يقول فيها إنه يجب على أهل الكتاب، بمقتضى أنهم رعايا يحملون جنسية الدولة المسلمة، ويعيشون على أرضها وبين أهلها، أن يلتزموا بالنظام الإسلامى، دون مساس بعقائدهم أو حريتهم الدينية، ليس عليهم أداء الصلاة ولا دفع الزكاة ولا أداء الحج ولا الجهاد، أما غير هذه الأمور فلابد من النزول على حكم الشريعة الإسلامية، فمن سرق منهم يقام عليه حد السرقة كما يقام على المسلم، وكذلك من زنى أو قطع الطريق أو ارتكب جريمة من الجرائم، وهذه غاية العدل والمساواة، للمجتمع المسلم عادات وتقاليد يجب على كل من يعايشه أن يحفظ عليها، فلا يصح التبرج ولا يجوز الاختلاط، أما أحوالهم الشخصية التى أحلها لهم دينهم، كالزواج والطلاق وأكل الخنزير وشرب الخمر، فالإسلام لا يتعرض لهم فى هذا بمنع ولا إبطال شريطة ألا يجاهروا بها، فالمجتمع الإسلامى إنسانى نظيف عفيف، ليس فيه ملاه ليلية، وليس فيه مجون واستهتار بالأعراض والأخلاق.


على الرغم من كل هذا التسامح واللين، فقد عصى بعض النصارى وتمردوا رافضين الخضوع لإرادة الأمة، وأسرفوا على أنفسهم بالعناد السفيه الأرعن، دون تقدير للعواقب والنتائج. أقر مجلس شورى العلماء بالإجماع قانوناً يحظر فيه على غير المسلمين أن يلتحقوا بالجيش والشرطة منعاً للحرج واتقاء للفتنة، كما أقر قانوناً يفرض الجزية على النصارى مقابل إعفائهم من مشقة الدفاع عن الإمارة وحماية أمنها الداخلى. ورأى العلماء الأفاضل أن ما يسرى على المرأة المسلمة من القعود فى البيت وتجنب الاختلاط والسفور ينبغى أن يطبق على النساء غير المسلمات، تحقيقاً لمبدأ المساواة وإقراراً للعدل، ولمنع الاضطرابات والقلاقل كما أصدر فضيلة الشيخ وزير الداخلية، معتمداً فتوى وقعها عدد كبير من خيرة العلماء، وعُرضت علًّى فأجزتها، قراراً يقضى بحظر إطلاق عدد محدود من الأسماء على أبناء النصارى مثل جورج ومينا ولويس وعبدالمسيح، وتضمن القرار نفسه حظراً يطول المسلمين، ويمنعهم من تسمية أبنائهم ببعض أسماء مخالفة لصحيح الدين مثل عبدالنبى وعبدالرسول وعبدالإمام وعبدالحسين. تقبلت الأغلبية قرار فضيلة الشيخ الوزير، أما النصارى فقد عارضوا، وشنًّ المقيمون منهم فى أمريكا وأوروبا حملات إعلامية بذيئة تندد بما يقولون إنه انتقاص من حقوقهم.


الهجرة الثانية أسفرت عن خروج مليونين أو ثلاثة من النصارى، وعندما أجرينا تعدادا للسكان قبل عامين، بعد الحصول على فتوى شرعية بجواز ذلك الفعل المستحدث، تبين أن عدد النصارى فى عموم الإمارة نحو مليون ونصف المليون، يعيشون كراما آمنين راضين، ويمارسون العمل فى حرية كاملة باستثناء وظائف قليلة حساسة، رأينا أن يتجنبوها خوفاً من الفتنة مثل القضاء والمحاماة والطب والصيدلة، فهل توجد شبهة اضطهاد أو تمييز؟!!


تظاهر بعض السفهاء من نصارى المهجر، فى أمريكا وكندا واستراليا تحديداً احتجاجاً على إلزام النصرانيات بارتداء غطاء الرأس والثياب المحتشمة، وتجاهل المتظاهرون عمداً أن الحكمة فى القرار هى تأمين ذهاب النساء لتأدية الصلاة فى الكنائس أيام الآحاد، فهل يعقل أن يكون خروجهن متبرجات سافرات، مثيراً للغرائز والشهوات؟! لقد كانوا يفتعلون الأزمات لإشعال نيران الفتنة، والمرأة النصرانية الوحيدة التى تعرضت للجلد تأديباً وتهذيباً، ضبطها رجال الأمر بالمعروف سافرة متعطرة، فى ملابس ضيقة شفافة بعيدة عن الاحتشام، فهل نتجاوز عن جريمة فاضحة كهذه لإرضاء اليهود والنصارى من دعاة ما يسمى بحقوق الإنسان؟ هذا والله لن يكون.


مشكلة مشابهة أثاروها فى الصحف والفضائيات الإفرنجية العلمانية، عند الإعلان عن تطبيق حد الردة. الردة كما يعلم الجميع هى الرجوع عن الإسلام بنية الكفر أو قول الكفر أو فعله، والإسلام لا يُكْرِه أحداً على الدخول فيه، لكن من اعتنقه وآمن به لا يحل له أن يتلاعب أو يتراجع. الردة خيانة عظمى لله واستهتار برسالته، والمرتد إما أن يتوب فيعود للإسلام، أو يصر على ردته فيقتل، أما محاولات تمييع هذا الحكم فهو درجة فى العبث والإفساد فى الأرض. بالنسبة لابن المرتد فمما لا شك فيه أن من ولد فى الإسلام فهو مسلم، لأنه ولد بين مسلمين، فيحكم بإسلامه تبعاً لأبويه، فإن أرتد الأبوان فإن الابن يبقى علي إسلامه ولا يتبعهما فى ردتهما، وهذا الحكم محل اتفاق بين الفقهاء. والطفل الذى يكون فى بطن أمه وقت الردة، لكنه ولد بعد ردتها، يحكم أيضاً بإسلامه. وإذا ارتد رجل مسلم دون امرأة مسلمة، وولد له بعد ذلك، فإنه يكون مسلماً تبعاً لأمه، فالابن يتبع خير الأبوين ديناً، وإذا كان الحمل فى حالة الردة من أبوين وولد فيها، فهو كافر أيضاً. الأمر بالغ البساطة والوضوح كما ترى، ولا شىء فيه يستدعى الاستياء، لكن الحماقة أعيت من يداويها.


الاتفاق كامل بين علماء الأمة، القدامى منهم والمحدثين على فساد عقيدة النصارى، التى طالها التحريف والتشويه، ويستطيع المشككون من الفرنجة وغيرهم، إذا كانوا يبتغون وجه الحق والعلم الصحيح أن يعودوا إلى كتاب «إغاثة اللهفان»، ففيه ما يلقى الضوء ساطعاً على تهافت هذه العقيدة الفاسدة.


يقول المؤلف رحمه الله: أن أصل معتقد النصارى هو أن أرواح الأنبياء عليهم السلام كانت فى الجحيم فى سجن إبليس، من عهد آدم إلى عهد المسيح، وكان سجنهم بسبب خطيئة آدم عليه السلام، وكان كلما مات واحد من بنى آدم أخذه إبليس وسجنه فى النار، فلما أراد الله خلاصهم من العذاب، تحايل على إبليس فنزل من السماء والتحم ببطن مريم حتى ولد وكبر، فمكن أعداءه اليهود من نفسه حتى صلبوه.


هذا هو جوهر العقيدة المسيحية، ويستطيع كل عاقل رشيد أن يستنبط منها بلا عناء جملة من الأكاذيب الفاضحة.


أول هذه الأكاذيب نسبة أشياء إلى المولى عز وجل وعلا، يأنف أى عاقل أن ينسبها إلى بشر مثله.


الأكذوبة الثانية هى نسبة الظلم إلى الله، حيث زعموا أنه سجن الأنبياء فى النار بسبب أمر لم يقع منهم، وهو خطيئة آدم.


ثالث الأثافى أنهم نسبوا إلى الله سبحانه وتعالى هذه الوسيلة العجيبة، حين زعموا أنه لم يستطع تخليص أنبيائه بغير هذه الوسيلة وهى الصلب.. حاشا لله.


علماء الإمارة يا أخى الكريم لا يفتون بغير علم، ونحن نعتز بديننا وندافع عنه ونتسابق للاستشهاد تحت رايته، لو سألت أى نصرانى عن حقيقة دينه واعتقاده لن يقدم إجابة مشبعة مقنعة، فهل يريدون لأبنائنا أن يعتنقوا هذه الألغاز الغريبة، ثلاثة فى واحد وواحد فى ثلاثة، لابد للنصارى أن يراعوا شعور وعقول المسلمين، وأن يحترموا شعائر الذين يعيشون بين ظهرانيهم، وأن يقدروا الأمة التى تظلهم برعايتها، لا يجوز أبدا أن يعلنوا عن عقيدة أو فكر ينافى عقيدة الدولة ودينها، وليس من التسامح أبدا، ولا من الوحدة الوطنية فى شىء، وهذا المصطلح دخيل لا أصل له، أن نتنازل عن ديننا إرضاء لأى مخلوق كائناً من كان.


لقد أباح بعض النصارى لأنفسهم حتى الفتوى فى أمور ديننا، وتهور بعض شبابهم المتعصب فطبعوا منشورات مسيئة وشرعوا فى توزيعها، لولا أن بادر فضيلة الشيخ وزير الداخلية بالتدخل الحاسم لوأد الفتنة فى مهدها، اعتمدوا فى منشورهم هذا على ما جاء فى كتاب لرجل اسمه محمد سليم العوا، قال فيه ما نصه: «الداعون إلى إصلاح أوضاعنا الاجتماعية والسياسية على أساس الإسلام، مدعوون إلى النظر فى إجمالى ذلك وتفصيله، وإلى الكف عن ترديد ما فى الكتب الفقهية الموروثة من آراء على أنها دين دائم، وكثير منها فى حقيقته اجتهاد متغير».


ما يقوله هذا الدكتور المستغرب لا يلزمنا بشىء، وقد كان من أوائل الذين غادروا الإمارة بعد أن فتحها الله لنا، ومؤلفاته جميعا محظورة التداول لما فيها من غرائب وشوائب، والحظر نفسه مطبق على كتب أخرى مليئة بالشطحات وما يسمونه بالتجديد، لأمثال محمد عبده والمراغى وشلتوت وأمين الخولى وخالد محمد وعبدالله النفيس ومحمد الغزالى.


لا يعترف علماء الإمارة بشىء اسمه الدولة المدنية والمواطنة والدستور، وغير ذلك من البدع الجاهلية والترهات الوثنية التى لا أصل لها ولا اعتراف بها فى عقيدة المسلم الحق، كان لزاما علينا أن نبنى مجتمعنا الإسلامى بعد أن نفرغ من هدم أعمدة الجاهلية القائمة، والغريب يا أخى الكريم أن بعض العلمانيين الفرنجة يستنكرون استخدام كلمة الجاهلية، واستنكارهم هذا ينهض دليلا على جهلهم الفادح الفاضح، فشيخنا ومعلمنا وأستاذنا الشهيد سيد قطب هو من يقول إن الجاهلية ليست اسما لمرحلة تاريخية سابقة على الإسلام، بل إنها تنطبق انطباقا حرفيا على كل وضع، بصرف النظر عن اعتبارات الزمان والمكان، إذا كان الوضع مشابها لتلك المرحلة التاريخية السابقة على الإسلام، ويقول رحمه الله إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده، ولو لم يصحبه شرك فى الاعتقاد بالإلوهية، ولو قدمت الشعائر التعبدية له وحده.


إمامنا الشهيد سيد قطب يحدد وظيفة المرأة المسلمة فى رعاية الأسرة والاهتمام بالأطفال، ومثل هذا العمل الجليل يحتاج إلى نوعية معينة من التعليم والثقافة: معلومات عامة، الطفل وغرائزه، صحة الحامل، أدب الأطفال، التربية الجنسية، التدبير المنزلى، ويحذر إمامنا الشهيد من تعليم المرأة على مثال الرجل، فالمساواة بينهما فى مجال التعليم ليست إلا نوعا من الشذوذ، وانقياد لنمط الثقافة الأوروبية الدخيلة، فضلا عن إفساد طبيعة الأنثى.


يعيبون علينا الامتناع عن إيفاد البعثات العلمية لدراسة الطب والهندسة والكيمياء فى الغرب الكافر، ويزعمون أن هذه السياسة الرشيدة ردة حضارية، وتخلف ثقافى، ألا ساء ما يقولون! لماذا لا يعود السفهاء من نقادنا إلى إمامنا الشهيد، فهو من ينصحنا بما ينبغى فعله، يقول رحمه الله: تجب الحيطة كذلك فى أثناء دراسة العلوم البحتة، التى لابدلنا فى موقفنا الحاضر من تلقيها من مصادرها الغربية، من أية ظلال فلسفية تتعلق بها، لأن هذه الظلال معادية فى أساسها للتصور الدينى جملة، وللتصور الإسلامى بصفة خاصة، وأى قدر منها يكفى لتسميم الينبوع الإسلامى الصافى.


نحن لا نعرف البدع ونتحاشاها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والحفاظ على نقاء عقيدة المسلم أحب إلينا من دراسة علوم الكفار والتفوق فيها، فهى مشوبة بالكثير من نوازع الإلحاد والكفر، الجهاد هو المبدأ الذى نعتنقه ولا نفرط فيه، ونموت تحت رايته شهداء إن شاء الله، لن يهدأ لنا بال حتى ترفرف أعلامنا فى الأندلس السليبة، وفى كشمير المضطهدة الصابرة، وفى باحة الأقصى وأرض اليونان المغتبصة، الوصول إلى هذه الغايات النبيلة لن يتحقق فى يوم وليلة، لكن النية الصادقة ستصل بنا إلى المرام.


ما ننشغل به الآن هو زراعة الثقافة الإسلامية الصحيحة فى نفوس الأطفال والشباب، مع العمل على زيادة النسل وتشجيع الوفرة فى المواليد، ما هى إلا سنوات قلائل حتى نبدأ الزحف، مسلحين بالإيمان الذى يكتسح أسلحة الدمار الكافرة، وأحيلك فى نهاية حوارنا المبارك إلى كلمات للإمام الشهيد سيد قطب، يقول فيها إن هناك حزبا واحدا لله لا يتعدد، وأحزابا أخرى للشيطان والطاغوت! إن هناك دارا واحدة هى دار الإسلام التى تقوم فيها الدولة المسلمة فتهيمن عليها شريعة الله، وتقام فيها حدوده، ويتولى فيها المسلمون بعضهم بعضا، وما عداها دار حرب، علاقة المسلم بها، إما القتال أو المهادنة على عهد أمان، ولكنها ليست دار إسلام، ولا ولاء بين أهلها وبين المسلمين.


السادس


هأنذا يمتد بى العمر لأرى القاهرة فى الثانية صباحا، شوارع خالية، وظلام منتشر، وبيوت تفوح منها روائح النوم الثقيل، السائق يغالب أمواج النعاس، ولاشك أنه يلعننى فى أعماقه، أما أنا فمسكون بالسعادة والنشوة، انفرادى بالحوار مع أمير المؤمنين يفتح لى أبواب الأمل، وطموحى إلى العمل فى جريدة «حماة الشريعة» يتراجع، فالأمير سيلحقنى بمكتبه، وظيفة ذات شأن ونفوذ وحصانة، وراتبها يوفر لى طعاما حسنا وشرابا سائغا، ويتيح أن أشترى كل شهر علبة سجائر وكيسا من البن، وربما أعود إلى التواصل مع الموز الذى أعشقه، والحمام الذى أهيم به.


أفتح باب الشقة فتستقبلنى الصالة المستطيلة الكئيبة المعتمة، وتحلق بى أحلام اليقظة، فأرى نفسى من سكان «مدينة العلماء»، الضاحية الراقية التى تنعم بالهدوء والنظافة ووفرة المجمعات الاستهلاكية.


أبدل ثيابى وأتهيأ للنوم، ولعله الشيطان الرجيم من يدفع بصورة الشيخ محمد عبده إلى خيالى، أراه فى مرض الموت، يترنم ببيت من الشعر كنت أظننى قد نسيته:


ولكنه دين أردت صلاحه


أحاذر أن تقضى عليه العمائم


... وأنام!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.