عاصم حنفى روزاليوسف الأسبوعية : 29 - 10 - 2011 ولأننا من أهل الحداقة والمفهومية.. فإننا نبارك للتيار السلفى وللفلول ولجميع الأحزاب التى هى ليست ثورية.. نبارك لها مقدما بالفوز والاكتساح فى انتخابات مجلس الشعب القادمة.. وقد انكشف الثوار تماما.. فإذا بهم إخوة أعداء متشاجرون مختلفون متنافرون.. وقد قرروا خوض معركة تكسير العظام ضد بعضهم البعض... وتابع معى أسماء الثوار فى قوائم الانتخابات.. لتكتشف أن الكاتب الناصرى المشهور يخوض الانتخابات على قوائم الإخوان.. والمحلل الاستراتيجى يخوضها عن السلفيين.. واليسارى الفاقع يلعب فى ملعب الإخوان.. والمنسق العام يناضل من أجل وضع اسم ولده على رأس قوائم الحزب ضد إرادة الأعضاء.. فى حين يخوض هو الانتخابات منافسا ومتحديا لطبيب صاحب شعبية جارفة.. وكأنه يخوض الانتخابات من باب سد الخانة.. بطريقة خالتى عندكم؟!.. وكأنه يضمن السقوط لكنه يخوضها من باب تسجيل المواقف والاشتراك المشرف.. وخد عندك الناشط السياسى صاحب الصوت العالى والبوق الإعلامى.. يخوضها منافسا للمرشحة الثورية فى دائرة من دوائر البهوات تاركا دوائر الفقراء والغلابة الذين يتحدث باسمهم.. وكأن الهدف هو مجرد إثبات الحضور فى تلك الانتخابات العجيبة.. التى سوف تشهد صعودا كبيرا للتيار الدينى.. صعودا غير مسبوق.. بفضل الثوار الذين فشلوا فى التصالح مع أنفسهم فدخلوا الانتخابات منقسمين متشرذمين.. وقد مارسوا فضيلة التلسين ضد بعضهم البعض.. فعرفنا منهم أن العديد من الثوار يخوضون الانتخابات من أجل الفوز بالمنح والعطايا والفلوس الكثيرة التى تقدمها جهات مصرية وأجنبية.. فيخوض الواحد منهم الانتخابات ليصرف بعض الفلوس فى الدعاية.. ويحتفظ بأغلبها فى البنوك تحت الحساب الشخصى تذكارا لتلك الأيام التى لم تشهد مصر لها مثيلا فى زماننا الحديث!! كنت أحسب أن الثوار سيخوضون الانتخابات بقائمة موحدة.. اسمها قائمة الثورة.. تتحدى الفلول والوجوه التقليدية وجماعات السلف والإخوان.. فإذا بالثوار لا يفتقدون فقط الحس الجماهيرى الثورى.. وإنما يفتقدون كذلك معرفة أرض الواقع وتفاصيله.. وكأنهم يعيشون واقعا افتراضيا.. وليس واقعا حقيقيا من شحم ولحم. وزمان.. وفى دائرة قصر النيل... كان هناك نائب برلمانى يكتسح المنافسين على الدوام.. اسمه قبارى عبدالله... كان نموذجا للمثقف الثورى.. مع أنه بالكاد يفك الخط.. لم يكن قبارى يطيق قعدات المثقفين وحواراتهم.. لكنه يتفوق تماما فى الجلوس مع البسطاء وأولاد الشوارع.. يكلمهم ويتعرف على مشاكلهم ويداعب أحلامهم ويعمل مخلصا على حلها وتجاوزها. المهم أن قبارى لم يصرف أبدا مليما فى الدعاية الانتخابية.. كانت دعايته تقوم على الاتصال المباشر بالناس.. والجلوس معهم على المقاهى والغرز وصوانات العزاء والأفراح فوق السطوح.. يعرف جميع أبناء الدائرة بالاسم واللقب.. وكان بابه مفتوحا لاستقبال الناخبين طوال الوقت.. أما اليفط واللافتات الانتخابية فيقيمها أهل الدائرة على حسابهم الخاص.. حبا وكرامة..! تذكرت قبارى وهناك من يحدد نصف مليون جنيه كحد معقول لمصاريف الدعاية الانتخابية.. وأضع يدى على قلبى وهناك من يسعى للترشح عسى أن يفوز بالدعم والمساندة والمنح الكثيرة التى يصرفها وتصرفها بعض الجهات والمنظمات العربية والدولية. ولا أعرف لماذا.. وهناك كلام كثير عن الناشط فلان الفلانى الذى يتقاضى 20 ألف دولار شهريا من معهد الديمقراطية التابع للعم سام.. والناشطة فلانة الفلانية التى تتقاضى 12 ألف دولار فى الشهر نظير كلامها عن الحرية وضرورة التغيير وقد ركبت الزلمكة والبى إم دبليو بعد الوقوف طويلا فى طوابير السكرتيرات الباحثات عن عمل!! يؤكد المتشائمون أن النظام الذى نعيشه الآن هو مجرد «نيولوك» للنظام القديم.. تغيرت بعض الوجوه.. وغاب بعض الأشخاص.. لكن السياسات لم تتغير والممارسات لم تتبدل.. وهناك من يقول بأن الثورة قد ماتت بفعل فاعل.. وإكرام الميت دفنه.. أما المتفائلون وأنا منهم.. فأرى أننا بحاجة إلى وجوه ثورية بحق وحقيقى.. ليس من عينة الناشط فلان الفلانى.. والناشطة فلانة الفلانية.. وجوه ثورية من عينة قبارى عبدالله.. هل عندكم قبارى عبدالله؟!