عاصم حنفى روزاليوسف الأسبوعية : 10 - 09 - 2011 قبل خمس سنوات.. وقبل أن يغادر موقعه كرئيس للجمهورية الفرنسية.. اكتشف موظف الحسابات في قصر الإليزيه.. أن الرئيس جاك شيراك حصل من القصر الجمهوري علي تذكرة سفر باسم المدام.. سافرت بها في رحلة خاصة بعيدا عن المهام الرئاسية.. و.. رفض الموظف إعطاء شيراك شهادة بخلو طرفه قبل أن يسدد ثمن التذكرة.. ومع أن شيراك وافق علي دفع ثمن التذكرة مع الغرامة المقررة.. إلا أن الفضيحة انتشرت بجلاجل وشراشيب.. أن رئيس الجمهورية المحترم استغل منصبه في الحصول علي تذكرة سفر علي حساب صاحب المحل!! خرج جاك شيراك من القصر الجمهوري تلاحقه الفضيحة التي نجح في تسويتها ماليا.. وإن لم ينجح في حصارها دعائيا! عندنا ولحسن الحظ.. المدام تسافر مرة واثنتين وعشرة ولا تكتفي.. ويسافر معها الأولاد والأحفاد والأصهار والأقارب والمعارف والخدامة الفلبينية.. ولا أحد يحاسب ولا أحد يهتم.. بل عندنا اختراع لا تعرفه البلاد الفرنسية المتخلفة.. هو الطائرة الرئاسية المخصوصة.. لزوم تحركات الرئيس والعائلة.. ولو راجعت سيادتك كشف سير وتحركات طائرة الرئاسة عندنا لاكتشفت العجب.. ولأدركت أننا نعيش في بلد الأمن والأمان بحق وحقيقي.. وعرفت أننا شعب الأصالة والحضارة.. ولسنا كالشعب الفرنسي الحاقد الذي طابعه الغدر.. وقد غدروا بالرجل الطيب جاك شيراك فأوقعوه في شر أعماله.. مع أنه حكمهم بالحسني وبالشوكة والسكين علي مدي اثني عشر عاما.. لكنه الطبع والعادة.. والشفافية كما الكتالوج والأمانة التي علي أصولها..! هذه المرة.. أمسكوا بجاك شيراك لجريمة تافهة.. إنه وظف 28 شخصا في بلدية باريس.. إبان عمله كعمدة لباريس قبل عشرين عاما.. وفي الحقيقة فإنهم كانوا يعملون للدعاية لحزب شيراك من أجل انتخابه رئيسا للجمهورية!! جريمة عادية تتكرر عشرات المرات في بلادنا الآمنة السعيدة.. لكنهم هناك جرجروه إلي المحكمة ليواجه عقوبة السجن والغرامة.. مع أن حزبه قام بتسوية المسألة مرتين.. مرة بدفع مبلغ 800 ألف يورو مقابل رواتب الموظفين الذين وظفهم بالحزب.. والمرة الثانية دفع اثنين مليون يورو كغرامة.. إلا أن ذلك لم يشفع لشيراك الذي يعاني الزهايمر والشيخوخة ويواجه السجن والغرامة! حاجة غريبة بصحيح.. وشعب لا يعرف الأصول ولا الأخلاق الحميدة.. ولو كان شيراك يعيش في مصر المحروسة لأقاموا له التماثيل وخرجوا بالسنج والمطاوي يكسرون صفوف أعدائه وحساده.. ولرفعوا شعار آسفين يا شيراك.. ولقبضوا الشيء الفلاني من محاسيب الحزب الحاكم وفلول النظام الفرنسي.. بفضل الفلوس الكثيرة التي يملكها الفلول والتي يمكن أن تخرجه من القضية مثل الشعرة من العجين..! الحمدلله أننا نعيش في بلد الأمن والأمان.. وعندنا الأمور أحسن وأفضل.. وهل شاهدت تلك المحاكمة الكوميدية للرئيس النائم.. ويحاكمون أولاده بسبب فيلتين هدية من أونكل حسين.. وقد أسقطوا من الحساب مئات الأفدنة والعقارات والشركات والأراضي والإقطاعيات.. علي اعتبار أن الحساب بعدين..! مسكين شيراك بالمحامي الخصوصي والذي جهز مرافعة سياسية قانونية واقعية.. وليس كالمحامي خليفة خلف خلاف.. والذي هو رأس حربة للفلول.. يلعب بفلوسهم ويتفاوض باسمهم.. فيشتري ذمة الشهود ويجند المؤيدين بالطوب والحجارة!! هل عرفت الآن ميزة التمسك بالحكم.. والبقاء فيه ثلاثين سنة أو حتي خمسين.. وهل عرفت السبب الحقيقي وراء انتشار وباء التوريث في كل الجمهوريات العربية.. من سوريا إلي ليبيا واليمن ومصر والجزائر وغيرها.. إنك في الحكم لا يمكن أبدا أن تتعرض للمحاكمة والبهدلة.. ولا يمكن أن يجرسك شعبك بجلاجل وشراشيب.. لمجرد أنك اختلست تذكرة سفر للمدام.. أو وظفت عددا من الموظفين يعملون لحسابك الشخصي.. أو اشتريت فيلتين من أونكل حسين بتراب الفلوس. بالأصالة عن نفسي.. وبالنيابة عن عموم الشعب المصري.. أقولها من القلب للرئيس جاك شيراك.. آسفين يا شيراك!