عاصم حنفي روزاليوسف الأسبوعية : 12 - 12 - 2009 ومع أن سويسرا محايدة بامتياز.. إلا أن جيشها العرمرم يسد عين الشمس.. بما استفز رجل الشارع هناك.. الذى رأى أن الجيش لا يفعل شيئا سوى أنه يأكل وينام ويصرف الشىء الفلانى على الأسلحة والمناورات والتدريبات.. فقام رجل الشارع بجمع مائة ألف توقيع يقترح تسريح الجيش الكسلان.. الذى يأخذ إجازة السبت والأحد من كل أسبوع.. يعنى إذا هجم الأعداء على سويسرا الآمنة.. فسوف يختارون طبعا عطلة نهاية الأسبوع!! ومع أن اقتراح تسريح الجيش لم يحصل على الأغلبية المطلوبة من الناخبين.. إلا أن رجل الشارع لاييأس أبدا.. وكل بضعة شهور يجدد اقتراحه عسى أن يحصل يوما على موافقة الناخبين.. ويوفر للميزانية كام مليون فرنك يصرفها الجيش الذى لايفعل شيئا..! وبنفس الأسلوب بدأت بعض الجماعات السويسرية فى الإعداد لجولة جديدة للاستفتاء على ضرورة بناء مآذن للمسلمين.. ومع أن عدد المساجد فى عموم أنحاء سويسرا يقفز إلى حوالى الثلاثمائة مسجد.. فإن المسلمين هناك لا يهتمون كثيرا بوجود المآذن.. بدليل أن عدد المآذن فى عموم سويسرا لايزيد على أربع مآذن بالعدد.. ولم يكن هناك حظر على بنائها.. لكن الجالية الإسلامية ومعها الحق وجدت فى الماضى أن بناء المآذن مكلف فاكتفت بالمساجد دون المآذن.. حتى جاء الاستفتاء الأخير ليمنعها تماما.. ويبقى فقط على المآذن الأربع الحالية. الحل يأتى من داخل سويسرا إذن.. ويبحث عدد من المفكرين السويسريين المرموقين اللجوء إلى صناديق الاقتراع بطرح استفتاء جديد لإلغاء حظر المآذن.. وينوى نادى "هلفتيا"، وهو ناد اجتماعى سياسى.. ينوى طرح خطة عمل لإلغاء نتيجة الاستفتاء الأخير بالطريق الديمقراطى. فى الوقت ذاته.. قامت الجالية المسلمة هناك بفتح المساجد والمراكز الإسلامية فى عموم سويسرا للناس.. حتى يتعرفوا بشكل واقعى على حقيقة الديانة الإسلامية.. وذلك ردا على حملات حزب الشعب اليمينى المتطرف.. الذى إنتهز عملية الاستفتاء ليقوم بعمليات منظمة للتخويف من الإسلام والتهويل من أسلمة المجتمع.. مع خلط ملفات التدين بالإرهاب.. ليعطى صورة غير حقيقية عن الدين الإسلامى..! وعقب الاستفتاء الذى صوت فيه 57٪ من الناخبين بضرورة حظر المآذن.. عقب الاستفتاء قامت مراكز البحوث العلمية بتحليل نتائجه.. التى كان من أبرزها أن المدن والمقاطعات التى تضم مساجد ومراكز إسلامية لم تصوت ضد المآذن.. فى حين طالبت بحظرها المدن والمقاطعات التى لا تعرف المساجد والمراكز الإسلامية.. بما يعنى أن تعرف المواطن السويسرى على المساجد ينفى المخاوف من تأثيرها الضار على المجتمع السويسرى المحافظ.. والذى يتبنى العلمانية فى مواجهة التيارات الدينية المسلمة أو المسيحية أو اليهودية هناك. وتعترف الجالية المسلمة فى سويسرا.. أنها فوجئت بردود الأفعال العصبية من العالم الإسلامى والعربى.. كرد الفعل التركى.. الذى أشار إلى أن المآذن هى رؤوس حراب المسلمين والمساجد هى قلاعهم.. والمصلين هم جنود الله الذين سيحررون سويسرا من "الكفار" غير المسلمين.. ترى الجالية الإسلامية أن أفرادها من المسلمين هم فى حقيقة الأمر من المواطنين السويسريين.. وأنهم أجدر على مخاطبة المجتمع بحكم أنهم عارفون بطبيعة العلاقات هناك وأسلوب تفكير المواطن السويسرى.. ويطالبون صراحة المجتمع الإسلامى خارج سويسرا.. بعدم التدخل فى شئونهم الداخلية.. على اعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها.. ويقومون الآن بالحوار المجتمعى عبر المقالات والبيانات الصحفية.. ويؤكدون أنهم بالأسلوب الديمقراطى الذى تنتهجه سويسرا.. قادرون على استرداد حقوقهم.. وأن صناديق الاستفتاء هى سبيلهم لاستعادة المآذن من جديد.. تماما كما يفعل مواطنو سويسرا الذين يذهبون دوريا لصناديق الاقتراع.. يطالبون بتسريح الجيش الكسلان الذى يتكلف الشىء الفلانى.. ولا يفعل شيئا سوى الأكل والنوم والغياب الإجبارى فى عطلة نهاية الأسبوع!!