سعد الصغير إذن هو مرشحى وزعيمى.. ليس لأنه مطرب مشهور.. وإنما لأنه فارس بارز وبطل مغوار.. وقد قمت ببعض التحريات الخاصة.. فعرفت أن المقصود بأغنية «باحبك يا حمار» هو أحد المخلوعين فى العهد البائد.. وأن سعد الصغير لم يستطع الإفصاح عن الاسم خوفا من المخابرات والمباحث والسى آى إيه.. فاكتفى بالرمز على اعتبار أن الحدق يفهم.. ونحن الشعب الذى خرم التعريفة ودهن الهوا دوكو.. ويفهمها وهى طايرة. ولا أجد حرجا أبدا فى انتخاب صاحب أغنية «العنب العنب».. فقد كانت أغنية وشعار المرحلة لسنوات عديدة.. ولا نمانع أبدا فى أن تكون نشيدنا الوطنى فى حال نجاح زعيمنا ورئيسنا سعد الصغير..!
أسبابى لانتخاب الصغير عديدة.. ليس منها أنه أشطر من الشاطر.. ولا أكثر شهرة.. وأنه يتمتع بكاريزما خاصة عند الجماهير.. عكس الشاطر المتجهم الذى لا يعرفه أحد.. ولو مشى الشاطر فى الطريق العام لن يعرفه خمسة.. فى حين أن الصغير يحتاج لقوات خاصة لحمايته من حب الجماهير.. وقد حضرت مؤتمرا جماهيريا لسليم العوا فوجدت عدد الحضور لا يزيد على العشرة ويحاولون تجميع الجماهير من النواصى والقهاوى.. وحضرت مؤتمرا آخر للشيخ حازم أبوإسماعيل فوجدتهم يجذبون الجماهير بساندوتش وحاجة ساقعة.. فى حين حضرت مؤتمرا غنائيا لسعد الصغير فلم أجد مكانا لقدم واحدة. . مع أن الحفل أقيم فى ميدان عام وكان الحاضرون بعشرات الألوف..!
أسبابى الحقيقية لانتخاب الصغير.. أنه أكثر واقعية من جميع المرشحين المحتملين.. ويكفى أنه الوحيد الذى أشار إلى الموظفين عندما أعلن أنه سيعفيهم جميعا من دفع الضريبة.. ويكفى أنه أعلن عن استعداده لعلاج جميع مواطنى مصر بالمجان وعلى نفقة الدولة كما كان الحال زمان.. وعلى اعتبار أن بند العلاج يمثل عبئا اقتصاديا طاحنا للمواطن.. والناس تمد يدها بالتسول أو بالسرقة لمواجهة تكاليف العلاج.. فإذا بالصغير يعلن عن خطوته المباركة فى برنامجه الحافل والواضح والمحدد والواقعى.. عكس برامج باقى المرشحين الغائمة والعائمة.. والتى تتكلم فى العموميات ولا تدخل أبدا فى صلب القضية كما فعل زعيمى المحتمل سعد الصغير..!
وبالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن جمهور الموظفين والفقراء والكحيانين والذين يبلغون ثلاثة أرباع المواطنين أعلن تأييدنا بلا قيد أو شرط لسعد الصغير الذى لم تغيره الشهرة والفلوس.. هو يقول نفس الكلام.. ويؤكد أن الحظ والصدفة جعلته مطربا ناجحا فلماذا لا يجرب حظه فى انتخاب الرئاسة.. والكثير من المرشحين ليسوا من أصحاب المؤهلات الرئاسية.. هم دخلوها بالصدفة.. وبعضهم هرب من الترشح فى الوقت المناسب وقد قبض الثمن.. تماما مثل محترفى دخول المزاد بهدف الحصول على عرقهم من المتزايدين الحقيقيين.. ثم لا تنسى أنه فى حال نجاح سعد الصغير رئيسا للجمهورية.. فمن المؤكد أن الراقصة دينا سوف تحصل على لقب نائب الرئيس.. وشوف انت بقى..!
نزول سعد الصغير لملعب الانتخابات لن يكون عبئا على أحد.. ولن يخصم من رصيد الكبار عمرو موسى وأبوالفتوح والصباحى.. لكنه سوف يخصم من رصيد النص كم من المرشحين وعددهم فى اللمون.. ثم إن كلامه عاقل ومتزن وقد رفض الرقص أمام لجنة الترشيح.. ووقف شامخا بالبدلة والكرافتة والنظارة السوداء فشر أحمد شفيق شخصيا..!
فى بداية الثمانينيات وفى فرنسا.. رشح أحد المهرجين نفسه فى مواجهة زعيم الحزب الاشتراكى وقتها فرانسوا ميتران.. المهرج واسمه «كلوش» وجد إقبالا وتأييدا كبيرا من الجماهير الفرنسية التى لا يعجبها العجب.. لكنها التفت حول كلوش وراحت تصوره على أنه الزعيم المنتظر لقيادة فرنسا.. كانت مؤهلات كلوش أنه أتى من الشارع.. تربى فيه وعرف الجوع والبرد والتشرد.. قبل أن يلعب الحظ معه لعبته.. فبدأ يطرق أبواب المسارح الصغيرة باسكتشاته الفكاهية التى تنتقد وتسخر من كل شىء.. وخصوصا رموز السياسة والفن والمجتمع.. ومن المسرح الصغير إلى مسارح باريس المحترمة ثم إلى التليفزيون ليتحول كلوش إلى واحد من نجومه المرموقين باسكتشاته الفاقعة وفلسفته العميقة التى تسخر من الدنيا وما فيها..!
وعندما رشح الحزب الاشتراكى زعيمه فرانسوا ميتران رئيسا للجمهورية.. قرر كلوش ترشيح نفسه منافسا على المنصب المهم.. إلا أنه فوجئ بحجم التأييد الهائل الذى حظى به.. بما اضطره للتراجع معلنا أنه شخصيا يؤيد فرانسوا ميتران.. واعدا الجماهير بالترشح فى مرة قادمة أمام مرشح جديد.. وهو ما لم يحدث لأن كلوش مات بعدها فى حادث عبثى سخيف..!
يتكرر الحال عندنا.. وهاهو سعد الصغير يخوض السباق الرئاسى مسلحا برائعتيه «باحبك يا حمار».. و«العنب العنب».. وأتمنى له النجاح.. فهو صاحب شعبية حقيقية.. وأغنية «باحبك يا حمار» نالت جائزة الجمهور والنقاد وأصحاب العربات الكارو.
سوف أنتخب سعد الصغير زعيمى المحتمل ورئيسى القادم بإذن واحد أحد.. الذى كلما رأيت صورته يقدم أوراق الترشيح بالبدلة والكرافتة والنظارة السوداء.. هتفت من أعماق أعماق قلبى: باحبك يا حمار..!