من الواضح أن طريقة السينما المجسمة «3» قد أطلقت عهدا جديدا في الفيلم الأمريكي، خاصة بسلاسل أفلام يطلق عليها «اللعبة» التي قدمتها بجزء ثالث أو «نارنيا» الذي عرضته في الأسبوع الماضي علي هذه الصفحات.. السينما المجسمة كما قلت أرغمت هوليوود علي تحويل المسار السينمائي لتجد بديلاً عن أفلام الرعب والجريمة ومصاصي الدماء إلي نوعية جديدة يمكن أن نسميها السينما الأخلاقية معتمدة علي أبطال من الأطفال يرغمونك بشقاوتهم علي أن تضحك ملء شدقيك مثل هذا الفيلم الكوميدي - الدرامي أحيانا - وهو «الحياة كما نعرفها». في منتصف القرن الماضي، كانت هوليوود، متمسكة علي طول الخط بأخلاقيات الفيلم السينمائي.. ولم تكن تعرف من أفلام الرعب والعنف إلا موجة الثلاثينيات التي تدور في صراعات ثلاثي الرعب الشهير.. دراكيولا والرجل الذئب وفرانكشتين.. وكانت أفلاما صغيرة الميزانية، غير ملونة لأن أجواءها عادة كانت ضبابية مظلمة وأبطالها المرعبين يتحركون في العادة فوق أسطح البيوت وهم يمارسون صراعاتهم. - أطفال هوليوود العباقرة وفي ظل الأخلاقيات السينمائية، قدمت هوليوود لونا مما يمكن أن نسميه أفلام الأطفال، واعتمدت علي أبطال صغار السن، ممن أفرختهم مدارس التدريب في الاستوديوهات، ويتمتعوا بموهبة خاصة مثل النجمة الطفلة شيرلي تمبل التي تسببت في أن يحبس المتفرجون أنفاسهم وهي تذهب يومياً إلي مستشفي يستقبل جرحي الحرب، باحثة عن أبيها الذي كان قد فقد في إحدي المعارك، وهي واثقة من أنه حي وسوف يعود.. ويقوي هذا الإحساس عندها، جار آسيوي، تظنه ساحرا هنديا يشجعها وينمي عندها الشعور أن والدها الغائب سوف يعود.. وفعلا يعود الأب الغائب المفقود وتلتقي به الابنة جريحا يحتل أحد الأسرة في المستشفي. هكذا صنعت النجمة الطفلة شيرلي تمبل نجاحها وشهرتها، وظلت تتربع علي عرش أفلام الأطفال والمراهقين حتي وصلت السابعة عشرة، وأختفت في هذه السن وتركت السينما بلا عودة إلي أن ظهرت في مقتبل العمر سفيرة لأمريكا في إحدي دول أفريقيا. - إليزابيث والكلبة «لاسي» ونجمة نجوم هوليوود اليزابيث تايلور كان لها أمجاد وهي بعد في الثامنة من عمرها، وارتبطت في أدائها بالممثل الفحل الضخم الجسم الطيب القلب ولاس بيرمي في عدد من الأفلام ارتبطت جميعا بكلبة اسمها «لاسي» وكان آخر هذه الأفلام «عودة لاسي» قبل أن تأخذ «ليز» طريقها لتصبح نجمة النجوم في هوليوود. ومنذ زمن ليس بالبعيد، قدمت لنا هوليوود ما يعتبر امتدادا لأفلام الأطفال كان أشهرها فيلم «وحدي في البيت» الذي يجد فيه طفل في السادسة نفسه وحيدا في منزل الأسرة، التي ذهبت - وقد نسيته تماما - إلي رحلة في فرنسا، ويظن لصان من اللصوص أن البيت خالٍ من ساكنيه فيدبران السطو عليه لكن الطفل يتصدي لهما لكي يبعدهما كل مرة بالكمائن الذي يعدها لهما، وتطول المعركة بينه وبينهما ويظل منتصرا حتي تعود الأم من باريس بعد أن تذكرت أنها تركته وحده.. فيلم كوميدي مرح يفجر الضحكات من القلب. - الحياة كما نعرفها عذرا لهذه المقدمة الطويلة، عن عودة هوليوود إلي نوع من أفلام الطفولة التي كانت تكسر بها عادة موجات أفلام الجاسوسية والجريمة والرعب والعنف فنحن أمام كوميديا مرحة ضاحكة أحياناً تمتلئ بالسعادة والقناعة والقفز علي كل المشكلات، وهو فيلم إنساني جدا، أخلاقي جداً، هو فيلم المخرج جيرج برلنتي «الحياة كما نعرفها». نحن أمام رجل وامرأة هولي «كاثرين هيجل»، وايريك «جورج داهمل» لا تثمر حياتهما معا إنجاب أطفال فيلجآن إلي تبني طفلة صغيرة يتيمة ماتت أمها في حادث سيارة مريع، وتبني هذه الطفلة الشقية، شقاوة محببة الكثير من الصعوبات، خاصة وهما لا يعرفان الكثير عن تربية الأطفال وتنشئتهم لكن هولي وإيريك، يتعلمان كيف يتغلبان علي مشكلاتهما المرة بعد المرة، وينجحان في أن يسوسا تلك الطفلة الشقية المشاكسة، ويجدا في هذا النجاح مصدراً للسعادة التي تشع منهما إلي المجتمع المحيط بهما.. وعندما تتشابك الأمور تضعنا أمام دراما كوميدية جذابة.. أن «الحياة التي نعرفها» كوميديا خفيفة يؤكد لنا أن هذه الحياة تحمل بذور السعادة لا الشقاء، وأن تربية الأطفال وتنشئتهم لا تجلب لنا الشقاء والعناء فما تربيتهم إلا جزء محبب لطيف من حياتنا يجب أن نسعد به لا أن نشقي كما يظن بعض البشر. - كاثرين.. عارضة الأزياء الممثلة بطلة الفيلم الشابة الجميلة كاثرين هيجل «هولي» فهي ألمانية الأصل وإن ولدت في واشنطن عام 1978، وكانت تحترف عرض الأزياء منذ الطفولة، ولم تلبث أن حصلت علي دور ثانوي صغير عام 1992 في «تلك الليلة» وبدأت مشوارها السينمائي الذي حمل لها شهرة عريضة وأقداما راسخة في هوليوود بأفلام مثل «الحقيقة القبيحة» و«القتلة» وأهلها هذا النجاح لبطولة عدد من المسلسلات التليفزيونية مثل «روزويل» و«سلوكيات جراي» الذي ارتبطت به منذ 2005 أما «إريك» البطل الشاب أمام كاثرين فهو جوش داهمل الذي رأيناه في سلسلة أفلام الخيال العمل «المتحول» في جزءيها الأولين، وأيضاً في الجزء الثالث الذي يعد للعرض عام 2011 وكان أول ظهور له في فيلم اقتباس صورة دوريان جراي المأخوذ عن مسرحية الكاتب الإنجليزي الشهير أوسكار وايلد وقد حقق فيه بداية مثيرة حققت له الكثير من النجاح. ولا يبقي إلا الحديث عن مخرج «الحياة التي نعرفها» جيرج برلنتي فقد شاهدت له فيلما من أنجح ما شاهدت وهو «نادي القلوب المحطمة.. كوميديا رومانسية» وقد كنت أتصور أنه مجرد مخرج جديد وافد، إلا أنني اكتشفت أنه كاتب سيناريو ناجح، بل هو منتج أيضاً قدم عددا من الأفلام مثل إيفروود و«إخوة وأخوات» شخصية الطفلة صوفي في «الحياة كما نعرفها» قام بأدائها ثلاثة أطفال توائم بالفعل هن بالترتيب.. ألكسز كلاجيت وبراين كلاجيت وبروك كلاجيت، «الحياة كما نعرفها» يستغرق عرضه ساعة و55 دقيقة وأنتج بميزانية بلغت 38 مليون دولار وصور في عدة مواقع في ولايتي أتلانتا وجورجيا.