المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب| فيديو    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    لأول مرة في تاريخ طب الأزهر.. حفل تخرج للطلاب الوافدين    وزير الكهرباء يبحث في بكين شراكات مصرية - صينية لاستخراج العناصر النادرة    ماذا قال البنك المركزي عن معدلات التضخم المتوقعة خلال عام 2026؟    سوريا: خيارات ضيقة أمام «قسد»| اعتقال «والى دمشق» فى داعش وتوغل إسرائيلى بالقنيطرة    محمد صلاح يحتفل بالكريسماس مع مكة وكيان رغم تواجده مع منتخب الفراعنة بالمغرب    منتخب مصر يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة جنوب أفريقيا غدًا    أجواء شديدة البرودة والصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تحذر من طقس الغد    رضوى الشربيني ساخرة: معقولة كل الرجالة دول طلقوا علشان ستات تانية    تكدس مروري في الرياض بسبب حفل تامر عاشور    اخر تطورات سعر الدولار اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 في البنوك    دميتروك: زيلينسكي أهان المؤمنين بتصريحاته حول الموت في عيد الميلاد    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات في المنصورة ويقرر غلق جميع المحال المخالفة لاشتراطات السلامة المهنية    اصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص على طريق المنصورة - دمياط    لأول مرة... مجموعة مسلحة موالية لإسرائيل تجبر سكاناً على النزوح في غزة    سيناريوهات التعامل الفلسطيني مع خطة ترامب وقرار مجلس الأمن بشأن مستقبل غزة    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    معهد «الصناعات الكيماوية» ينظم مؤتمرًا بالقومي للبحوث عن دعم المنتجات الوطنية    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    البابا تواضروس يهنئ الكاثوليك بعيد الميلاد    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    أشرف زكي يفجر مفاجأة عن أزمة ريهام عبد الغفور الأخيرة    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف قرن علي مرور «سايكو»
نشر في صباح الخير يوم 26 - 10 - 2010

احتفل الأمريكان والإنجليز والفرنسيون وكثير من معاهد ومؤسسات وجمعيات السينما في العالم بمرور خمسين عاما بالتمام والكمال علي العرض الأول لفيلم «سايكو»، الذي يعد واحدا من أكثر الأفلام تأثيرا وحضورا في الذاكرة في نظر الكثير من الباحثين ومؤرخي السينما وعشاقها.. كما يعتبره البعض الآخر درة أعمال المخرج ألفريد هيتشكوك الذي أثرت أفلامه وصبغت السينما في العالم كله بطابع «هيتشكوكي» مميز ترك بصماته علي عشرات السينمائيين ومئات الأفلام من بعده.
ولد هيتشكوك عام 1899 في بريطانيا بعد اختراع فن السينما بسنوات قليلة، وانضم إلي رواد هذا الفن منذ شبابه المبكر كمصمم ديكور ومساعد مخرج ثم كمخرج موهوب صاحب أسلوب، واستطاع أن ينقل فن السينما خطوات إلي الأمام، كما رسخ فكرة أن المخرج - وليس الممثل أو كاتب السيناريو - هو المؤلف الحقيقي للفيلم السينمائي.. وتميز هيتشكوك بوجه خاص في أفلام التشويق، وهو تعبير ارتبط باسم هيتشكوك أكثر من أي شخص آخر.. وتحت هذا التشويق الهيتشكوكي يمكن أن نجد عدة «تيمات» - موضوعات - تتكرر في أفلامه مثل الرجل البريء المطارد بتهمة لم يرتكبها، والمعارك بين الجواسيس والصراع بين الحب والواجب الوطني أو الأخلاقي، والمجرم السيكوباتي الذي يقتل لأسباب نفسية، بالإضافة إلي فيلمه الشهير «الطيور» الذي ينتمي لسينما الرعب من الكائنات المتحولة.
من الصعب أن نحصر إنجاز هيتشكوك السينمائي في موضوع واحد، خاصة أنه قام بصنع ما يزيد علي خمسين فيلما علي مدار أكثر من ستين عاما من الإبداع المتواصل في السينما الصامتة والناطقة والأبيض والأسود والألوان.. ولكن من بين كل أفلامه هناك عدة أفلام حققت نجاحات غير عادية جماهيريا ونقديا منها «دوار» - أو «دوخان» - و«النافذة الخلفية» و«الشمال عن طريق الشمال الغربي» و«سيئة السمعة» و«غريبان في قطار» و«الطيور» و«ظل من الشك» وعلي رأس هذه الأفلام يأتي «سايكو» الذي كان عرضه في صيف 1960 حدثا لا ينسي في حياة ملايين الأمريكيين.. قبل أن ينتقل تأثيره إلي بلاد العالم الأخري.
طبيعة هذا التأثير وأسبابه يحتاجان إلي بعض التفصيل الموجز الذي لا يمكن أن يغطي كل شيء لأن هناك دراسات ورسائل جامعية وكتب عديدة حول هذا الفيلم وأفلام هيتشكوك الأخري.. ويكفي أن أؤكد أن هيتشكوك يحتل المركز الأول بفارق كبير جدا عن أي شخص بعده في عدد الصفحات التي كتبت عن أي صانع سينما في العالم.. كما أن «سايكو» يحتل المركز الأول بين كل ما كتب عن هيتشكوك!
قبل «سايكو» كان هيتشكوك قد رسخ اسمه في هوليوود - التي انتقل إليها في بداية
الأربعينيات من القرن الماضي - كواحد من أكثر المخرجين شعبية.. رغم أن النقاد كانوا ينظرون إليه باعتباره مخرجا تجاريا لا يستحق اهتمام المثقفين.. ومن الجدير بالذكر هنا أن هيتشكوك رغم أفلامه الكثيرة التي تعتبر علامات في تاريخ السينما الآن لم يحصل علي جائزة الأوسكار علي الإطلاق، مع أن فيلمه «ريبيكا» حصل علي أوسكار أفضل فيلم التي تمنح للمنتج، وهذا التجاهل النقدي والأكاديمي - من الجامعة ومن أكاديمية علوم وفنون السينما - يبين النظرة السطحية التي كانت سائدة لأفلامه باعتبارها ترفيها تجاريا وليس فنا رفيعا.
مع ذلك فإن النجاح التجاري والشهرة التي حققها هيتشكوك جعلت منه «أيقونة» - أي رمزا - لدي الجمهور الأمريكي خاصة بعد قيامه بتقديم سلسلة من أفلام الجريمة في التليفزيون تحت عنوان «ألفريد هيتشكوك يقدم».
في نفس الوقت، ومع حلول عام 1960 كان هيشكوك قد تم اكتشافه وإعادة تقييمه من قبل عدد من النقاد الفرنسيين الشبان مثل فرانسوا تريفو وإريك رومير وكلود شابرول وجان لوك جوداز، المؤسسين لمجلة «كاييه دو سينما» - أو «كراسات السينما» - ومعظم هؤلاء تحولوا إلي مخرجين ورواد لما عرف باسم سينما «الموجة الجديدة» في فرنسا.. ومن هؤلاء انتقل الاهتمام بهيتشكوك إلي مجالات النقد الإنجليزي والأمريكي.
كل هذه العناصر أعطت لهيتشكوك نوعا من الثقة المطلقة، والقدرة علي تقديم ما يرغب فيه رغم كل المعوقات.. وعندما وجد صعوبة في الحصول علي التمويل الكافي من استديوهات هوليوود لتمويل مشروع فيلم «سايكو» قرر أن ينتجه بنفسه.. واستفاد من عمله في التليفزيون ليصنع فيلما قليل التكلفة بممثلين وفريق عمل غير مكلفين .. وتكلف الفيلم حوالي 800 ألف دولار.. ولكنه تحول إلي أنجح فيلم صنعه هيتشكوك، حيث حقق في عرضه الأول في أمريكا فقط ما يزيد علي ثلاثة ملايين دولار!
في «سايكو» أعاد هيتشكوك تعريف سينما الرعب وقدم قصة لا تنسي ومشاهد حفرت في أذهان ونفوس الملايين منذ ذلك الحين.. ومن ممن شاهدوا الفيلم لا يذكر مشهد القتل تحت الدش، حين يباغت القاتل بطلة الفيلم الجميلة جانيت لي ويقتلها قبل نصف ساعة من بداية الفيلم، مما يشكل صدمة مضاعفة للمشاهدين الذين لم يألفوا فكرة موت البطل في منتصف أو ثلث الفيلم!.. ومن يمكن أن ينسي مشهد قتل التحري الخاص بطعنة بالسكين في رأسه وسقوطه متدحرجا علي السلالم.. أو مشهد «السيدة بيتس» - الهيكل العظمي المحشو بالقش - عندما تستدير لمواجهة الجمهور في نهاية الفيلم.. أو مشهد أنطوني بيركنز، الممثل الوسيم الجذاب وهو يرتدي ملابس أمه ويصرخ كالمجنون عند القبض عليه.
ورغم أن هيتشكوك صور فيلمه بالأبيض والأسود لكي يجنب مشاهديه منظر الدم، كما اعتمد في مشهد القتل تحت الدش علي القطع السريع حتي لا يظهر الجسد العاري للممثلة، وكان يهدف أيضا إلي تجنب الصدام مع الرقابة علي الأفلام التي كانت تمنع مثل هذه المشاهد وقتها.. إلا أن الفيلم تسبب في رعب شديد للمشاهدين.. وكانت صرخاتهم تصل للشارع خارج السينما حيث كان يصطف المئات دائما لمشاهدة العرض التالي!
لم يكن «سايكو» مجرد فيلم رعب رخيص، وإلا ما عاش طوال هذه السنوات، ولكنه عمل فني عظيم عن النفس البشرية التي يتنازع داخلها الخير والشر، وعقد الطفولة القديمة، وهو فيلم عن الإنسان ومخاوفه في النصف الثاني من القرن العشرين، الذي انهارت فيه الخرافات والمعتقدات البدائية، وتبين أن الخوف الوحيد الحقيقي داخل الإنسان هو الخوف من نفسه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.