ينتابني هذا الشعور كثيرا.. وأعتقد أن كثيرا منكم سيشاركونني هذا الشعور التعيس.. شعور بأن مجتمعنا «مش متربي» أو أن الناس في مجتمعنا أصبح أغلبهم «غير أخلاقيين» أتحدث عن الحد الطبيعي البديهي من الأخلاق العامة. أخلاق أن تسير في الشارع وأنت في حالك.. ليس أمرا صعبا يتطلب مجهودا أخلاقيا كبيرا. أخلاق أن تغض بصرك كرجل أو كشاب.. ليس أمرا مستحيلا أخلاق أن تحمي فتاة من نظرتك المقتحمة المهينة.. لن تكلفك عبئا كبيرا. أخلاق أن نفي الناس المارين بجوارك من لفظ جارح أو خادش للحياء.. ليس مشكلة. أخلاق أن تتحمل مسئولية دورك في الحياة كرجل أو كامرأة أو كشاب عاقل وأن تقول 0 لمن يخطئ ويرتكب ذنبا في حقك وحق الأخلاق العامة «عيب».. فلن تكلفك كلمة عيب ثمنا باهظا. لو تحدثت عن البديهيات.. سأتحدث كثيرا ولن تكفي الصفحات ولكن يبدو أن من يحاول لعب دور «المصلح» الإيجابي في هذا البلد سيصبح من «التعساء المجانين» وهذا ما حاولت القيام به منذ أيام. الشارع الذي عشت وتربيت فيه كان ينتمي إلي الشوارع المحترمة ذات المستوي المعيشي الجيد في منطقة - من المفترض أنها راقية ولكن يبدو أن الأمور تحولت ومازالت تتحول بشكل سريع.. فإذا بي أفاجأ بشباب لا أعرف من أين أتوا يعبثون فسادا في الشارع يعاكسون الفتيات وخاصة وأن الشارع الذي كنت أعيش فيه بالقرب من مدرسة بنات. والأمور تزداد تدهورا.. ومنذ أيام قررت أن أكون إيجابية ففوجئت ببعض المراهقين لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة.. يجلسون بالقرب من مدخل العمارة.. ويسبون بعضهم بأفظع الألفاظ والحقيقة أنني لم أتمالك نفسي من الغضب فقمت بتوبيخهم وكنت في قمة غضبي وانفعالي. وفوجئت ببعض أصحاب المحلات وهم جيران يتساءلون: ماذا حدث.. هل ضايقك أحد منهم؟! فقلت: لم يوجه لي أحد سب لي ولكن الشتائم هي إهانة لنا جميعا.. وصرخت: ليه شوية عيال يجبرونا علي هذا المستوي المتدني لم أصدق أن رجالا محترمين يجلسون ويشاهدون مشهدا توبيخيا لهؤلاء الصغار ولم يقل أحدهم متفقا معي علي الموقف بأن نقول سويا عيب وأصبح شغلهم الشاغل هو فيه حد منهم ضايقك؟ وبعد أن أعطيت محاضرة «نظرية» أعرف أنها لم تلق أي تأثير عن أن هؤلاء الصغار الذين نتركهم وهم يفسدون بأخلاقهم هم مسئوليتنا وسيحاسبنا الله بذنبهم - لأننا «كسلنا». نقول عيب.. أصبحت «عيب» في هذه الأيام.. «فذلكة» و«جنون» يتهم به قائلها. لم يحدث شيء سوي أنني شاهدت ابتسامات هؤلاء الصغار الكيدية واستكمالهم للشتائم بينهم وبين بعضهم البعض بصوت منخفض «نكاية» في لقد شاهد الكبار استكمال المشهد.. وصمتوا.. ولم يقل أحد «عيب». ألم أقل لكم أن يقيني بأننا أصبحنا شعبا «مش متربي» يزداد يوما بعد يوم!!