ما هذا الفالس الرائع الذى تبدأ به أغنية «إيه، فى أمل» التى يحمل اسمها ألبوم فيروز الجديد الذى جاء جماله بالفعل على قدر الشوق الذى نحمله لصوتها ولموسيقى الرحبانية وللفن الراقى الأصيل.. فالفالس الذى تستهله آلة الكمان، بعدها تتتابع على نقل أنغامه عدة آلات بتوزيع موسيقى عظيم. ثم عبر عزف النغم المحلق يهل صوت فيروز الشبيه بالحالة التى تبعثها نغمة الفالس، فيستمر المستمع فى التحليق مع مكملات انسيابية الفالس، حيث المفردات التى تبدأ بها فيروز الغناء تتضمن مشهدا معجونا بالحالة التى تبعثها الموسيقى المصاحبة، حيث تقول الكلمات: «رغم الزهر اللي متلى الحقول / وشو ما تحكى وتشرح لى وتقول». ثم بنغمة كأنها تجيب فيها على مطلبه بأنه مطلب غير معقول تقول: «حبيبى حبيبى / تانرجع، لأ مش معقول» بعدها تعود إلى المفردات المنسابة كما الفالس، فتقول: «عندى سنونو وفى عندى قرميد / بعرف شو يعنى إذا انت بعيد». مع ذلك تعترف: «بس حبيبى إحساسى / ما عاد يرجع لى من جديد». وعلى الرغم من أنها قد صرحت بأن إحساسها بحبيبها لم يعد يرجع لها من جديد، مع ذلك يبدو أنها قد قررت أن تحفظ الباب مواربا حيث تتساءل: «فى أمل»، وفى الحال تجيب: «إيه فى أمل». ثم تقطع الأمل حين تحدد أنواعاً بائسة من الأمل قائلة: «فيه أمل أوقات بيطلع من ملل، وأوقات بيرجع من شى حنين لحظات ت يخفف زعل، وبيذكرنى فيك لون شبه بيك، بس ما بينسينى شو حصل». ثم تكرر: «رغم الزهر اللى متلى الحقول. حبيبى حبيبى، تارجع، لأ مش معقول. فى قدامى مكاتيب من سنين، زهقت ورد ومنتور وياسمين». وتحسم المشاعر بشكل قاطع : «حبيبى حبيبى، ما عاد يلمسنى الحنين». الفالس نفسه ومن بعده الإجابة عن: لماذا الحنين لم يعد قادرا على التأثير عليها ولا حتى أن يلمسها: «فى ماضى منيح، بس مضى. صفى بالريح، بالفضا. وبيظل تذكار عن مشهد صار، فيه خبز، فيه ملح، فيه رضا. يوميا ليل وبعده نهار، عمرى قدامى عم ينقضى». وتعود النغمة التى بدأت بها الأغنية، إنما فى صحبة كلمات أخرى: «شوف القمح اللى بيطلع بسهول، شوف الميه اللى بتنزل ع طول، حبيبى إحساسى ألقاك معقول يزول». أما نهاية الأغنية فتقفز إلى تعليق الحبيبة على ما يرويه الطرف الآخر عنها حين رفضت العودة إليه، حيث تقول له: «شو بتخبر أصحاب وزوار عنى إنى محدودة وبغار»... ثم كأنها تقول له «إنت عارف وأنا عارفة» تختتم الأغنية بجملة ساخرة، تضغط فيها على كلمة: «بس»، حيث تقول: «بس حبيبى، كرمى لى، بيناتنا بنعرف شو صار»... كلمات ولحن عميق للرحبانى الابن، كلوحة رائعة تتحول عند المتلقى إلى مشاهد ومشاعر وآفاق مما كان ومما صار، تتعدد باحاتها من مستمع إلى آخر مع «زياد» الذى تؤكد كلماته وألحانه أنه بالفعل رحبانى، أما صوت الرائعة فيروز فهو كالعطر الذى يزداد عبيره جمالا مع مرور السنين. اشتقنا إليك يا فيروز.