لسنا دولة داخل دولة ولا يحمكنا قضاء مستقل، لكن لنا شريعتنا التي لا يمكن أن نخالفها؛ هذا ما أكده لنا رجال الدين المسيحي الذين وجهوا اللوم أيضا لمن أثاروا تلك القضية لمصالح خاصة واختصموا الكنيسة أمام المحكمة، ثم عادوا يطالبون برضاها وإصدارها تصريح زواج ثانياً!.. وتحدثوا معنا بكل صراحة. يؤكد الأنبا بولا قائلا: المرجعية في الطلاق في المسيحية هي الكتاب المقدس فقط، وإذا تدخل قاضي الأحوال الشخصية فسيحكم في أمور عقائدية عبادية مسيحية استنادا إلي لائحة 1938 التي ترفضها الكنيسة أصلا. ويوضح: مفهوم المسيحية في الزواج يختلف عن مفهوم الزواج في غيرها، فالزواج هو رغبة متبادلة بين اثنين تشهر أمام القاضي، وتوثق أمام الدولة، ولكن هذا هو نصف الزواج عند الأقباط ويتبقي الجزء الثاني وهو عمل إلهي مكمل عندما يأتي الكاهن ويصلي لله أن يبارك في الاثنين، ولذا لا يتم الزواج إلا من خلال عبادات من قبل الكاهن داخل الكنيسة فما جمعه الله لا يفرقه إنسان، والوحيد الذي يحق له توثيق الزواج هو الكاهن، وإذا كان مفهوم الزواج هو الترابط والتوحد، فالطلاق يعني شق الجزء الواحد إلي نصفين. ويكمل: لا طلاق إلا لعلة الزني، وهو نص في إنجيل «متي»، في موعظة السيد المسيح، وقيل إن من يطلق المرأة لعلة الزني يجعلها تزني، وإن ذهبت لكاهن لكي يزوجها من آخر سيكون مشتركا معها في الخطيئة أمام الله، وإذا ذهبت لدولة تسمح بالزواج المدني فهو أيضا زني، ومن يتزوج مطلقة يزني، استنادا إلي إنجيل «لوقا» «من يتزوج من مطلقة رجل يزني»، لأنها مازالت في نظر الله زوجة ومرتبطة برجل آخر. والكاهن سيحاسب أمام الله إذا أعطي تصريحا بالزواج مخالفا لذلك. والحصول علي تصريح الزواج يصدر من الكنيسة وليس من المحاكم، وأي قبطي يوقع عقد الزواج يعي جيدا أن هناك قوانين كنسية تحترم والمحاكم تلتزم بالنصوص الدينية. بداية أكد نيافة الأنبا مرقس - أسقف شبرا الخيمة وعضو المجمع المقدس والمسئول عن الإعلام - التزام الكنيسة بنص الإنجيل وقال إنه بعد الاجتماع الطارئ الذي عقدته الكنيسة الأرثوذكسية لمناقشة قرار محكمة القضاء الإداري فإن قرار البابا واجب النفاذ علي جميع الأقباط، فنحن نخضع لتعاليم الكتاب المقدس وهناك نص واضح في الإنجيل بضرورة أن يطاع الله أكثر من البشر، لذلك نرجو من الدولة الإسراع في إخراج مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين إلي النور وإقراره للعمل به في المحاكم وفي هذه الحالة سوف تحل الكثير من المشاكل، لأن القضاء سيحكم بقانون واحد لجميع الأطراف. وعن الزواج المدني قال الأنبا مرقس إنه نوع من الارتباط غير معترف به ويسبب الكثير من التفكك الأسري، كما أنه زواج غير كنسي ولا يحل فيه الروح القدس. والذين يحاكمون الكنيسة في ساحات المحاكم مخطئون تماما لأن الإنسان يلجأ للحكم الكنسي قبل أي شيء آخر، وكما قال السيد المسيح بنفسه «إذا اختلف اثنان يحلوا مع بعضهم أولا وإذا لم يصلح يستدعوا الكنيسة وإذا لم يسمعوا للكنيسة يكونوا في نظرك كالوثني والعشار وهم ليسوا من أعضاء الكنيسة». • احترام القضاء ويقول نيافة الأنبا بسنتي - أسقف حلوان والمعصرة ورئيس دير الأنبا برسوم العريان - إن قرار المجمع المقدس لا يعني أن للأقباط المسيحيين الأرثوذكس قضاء مستقلا عن قضاء الدولة الذي نحترمه ولا نحن دولة داخل الدولة لكنه لا يجوز أن يلزمنا القضاء بأمور دينية تخالف تعاليم الإنجيل وشريعة الكتاب المقدس. • لائحة معدلة ويقول القمص مينا جرجس - راعي كنيسة مارجرجس بالعجوزة - أنه لا طلاق إلا لعلة الزني ونحن نؤكد أن مصدر تشريعاتنا هو الإنجيل وليس البشر ولأن الزواج سر من أسرار الكنيسة المقدسة وليس بين آلاعيب البشر الذين يقحموننا في ساحات المحاكم. وأقول للذين حاولوا العبث وإشعال تلك القضية إن كل من يحاول مخالفة نصوص الإنجيل ويسعي لاستغلال الموقف لصالحه يجب أن يراجع نفسه أولا. • مشروع الأحوال الشخصية بينما يري القمص داود إبراهيم - راعي كنيسة العذراء بالوراق - أن لائحة 38 هي السبب الرئيسي فيما يحدث الآن ويجب تغييرها لأن بها بنوداً متعددة لإتمام حالات الطلاق بين المسيحيين ولابد من الإسراع في قبول مشروع الأحوال الشخصية للمسيحيين الذي ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة. وأضاف القمص داود إبراهيم أن الكنيسة طوال تاريخها لم تعرف التمرد ولا تقبله إنما تحتمل ولا تتمرد. • الشق الديني ويؤكد القمص سرجيوس سرجيوس - راعي كنيسة مارجرجس هليوبوليس - بمصر الجديدة -أن قداسة البابا شنودة الثالث لم يعترض لمجرد الاعتراض إنما يؤكد احترامه للقانون تماما لكن الحكم الذي يتعارض مع شريعة الإنجيل وعقيدة الكنيسة هو الأمر غير المقبول عندنا. أما الذين حاولوا انتهاز الفرصة والعبث في مثل هذه المسائل الحساسة عليهم أن يراجعوا أنفسهم وضمائرهم أمام الله والكنيسة. • طوق النجاة أما القمص متياس إلياس راعي كنيسة السيدة العذراء - بالوحدة إمبابة - فيؤكد أن لائحة 38 معترض عليها من البداية، إلا أن القانون الموحد الذي طالب به رؤساء الكنائس في مصر كان بمثابة طوق النجاة والخروج من هذا المستنقع، لكنه بكل أسف لم يناقش أو ينفذ من قبل الجهات المسئولة، وقد حان الوقت كي يخرج ليري النور ويعمل به من خلال ساحات المحاكم. • أغراض شخصية كذلك يعترض القمص مينا ظريف علي اللائحة القديمة 38 التي يؤخذ بها داخل ساحات المحاكم وتعمل بها رغم كونها مرفوضة عندنا قلبا وقالبا بالكنيسة الأرثوذكسية وكذلك سائر الطوائف الأخري والحل هو قانون الأحوال الموحد بالنسبة للمسيحيين في مصر، وأنا أري الذين أثاروا تلك المشاكل لهم أغراضهم الشخصية بعيدا عن تعاليم الإنجيل والكتاب المقدس، فأي زواج يتم خارج الكنيسة يعتبر زواجا مدنيا غير مبارك وهو ضد تعاليم المسيحية ومرفوض شكلا وموضوعاً، كما أن الكاهن له سلطان أن يعطي بركة ربنا في الزيجة وفيما خلا ذلك غير مقبول أو صحيح. وأوضح القمص مينا أن موقف قداسة البابا شنودة ليس رفض قرار المحكمة، إنما للتمسك بوصية الإنجيل ولا يستطيع أن يخالف ذلك والعقل والقلب يقولان: اسمع كلام ربنا ولا أسمع صوت البشر وأقوم بتنفيذ ما يخالف الشريعة.