حسين عبدالسميع.. مين بينادى؟! أنا محصل النور، فهمس محمود فى سره: يا نور النبى، أنا ناقص مش كفاية مصاريف العيال، خير يا سيدى الفاتورة كام، اشجينى، فرد المحصل 400 جنيه، فلطم حسين خده مولولاً: 400 عفريت يركبوك ده أنا مرتبى كله 600 جنيه، ولو دفعت لك هأكل العيال وأعلمهم منين ورينى الوصل، وأول ما وقعت عيناه على الوصل شهق شهقة الدرفيل وقال: إيه 100 جنيه زبالة ليه، احنا لاقيين ناكل عشان نرمى زبالة ب 100 جنيه فى الشهر أنا مش هدفع.. واللى عندكم اعملوه، فرد المحصل: براحتك بس ما تبقاش تعيط لما نقطع عليك النور، ومشى، فجلس حسين يفكر مع مراته فى الهم اللى جاله من غير ميعاد. قالت أم العيال: هنعمل إيه يا سونة، رد سونة: خليهم يقطعوه أوفر ده كتر النور حتى بيضعف النظر ويلا خلينا نعيش زى ما أجدادنا كانوا عايشين قبل اختراع الكهرباء، وكمان يبقى منه جو رومانسى فقاطعته أم العيال: طب والعيال هيذاكروا إزاى، رد حسين: عملت حسابى هبعت أجيب لمبة جاز، وأنا سمعت إن طه حسين كان بيذاكر عليها، فضحكت أم العيال. وسعت منك شوية يا حبيبى، إزاى يعنى طه حسين كان بيذاكر على نور اللمبة وهو أصلا ماكانش بيشوف، فشخط فيها: أنتى بتركزى معايا ليه يا ولية، على العموم بشرة خير يمكن العيال يفلحوا ويبقوا عباقرة زيه، ولا أقولك خليهم يذاكروا بالنهار.. هو فيه أحسن من نور الشمس ووقت الامتحان يبقوا يذاكروا عند الجيران، والجيران لبعضها. - وتانى يوم فى مصلحة الكهرباء لقيت طابور أطول من طابور العيش وقفت أسأل قالوا لى ده طابور الشكاوى واضح إن البلد كلها زبالتها كترت، فبلعت ريقى وعملت مش واخد بالى ووقفت فى الأول لقيت واحدة قد الترومانى بتزقنى وتصوت فى وشى: أنت أعمى مابتشوفش، مش أنا واقفة، رديت فى خجل: والله يا ست أصلى مستأذن من الشغل عشان ألحق آجى وأقدم شكوى، لقيتها انفجرت فى العياط زى أنبوبة الغاز، وقالت لى: وأنا كمان جاية أقدم شكوى أصلهم قطعوا النور علشان مادفعتش الفاتورة وبقالنا أسبوع عايشين فى الضلمة، لحد ما فى يوم وأنا مش واخدة بالى دوست على عيل من العيال فطسته، ورجعت تعيط تانى ولسه هواسيها.. لقيت واحد شكله موظف زيى - أصلهم بيبان عليهم - يقول: مسكينة الست ديه أصل ده رابع عيل تدوس عليه تفطسه، أما أنا بقى فمراتى رمتنى برة البيت وحلفت ما تدخلنى إلا لما أدفع الفاتورة، ومن ساعتها وأنا واقف فى الطابور اللى ما بيخلصش لدرجة أنى بانام هنا.. وفجأة نطت فى دماغى فكرة صرخت فيهم وقلت بلدنا بلد ديمقراطية يلا نقدم شكوى جماعية وأكيد إن شاء الله، أكيد هنصعب عليهم وبالفعل جبت ورقة وكتبت الشكوى: السيد رئيس شركة النور.. سعيكم مشكور.. وذنبكم مغفور، ربنا ما يحرق لك لمبة، ولا يفطس لك عيل، ربنا ما يحكم عليك بطابور ويكتر زبالتك.. أقبل شكوتنا ورجع لنا نورنا ربنا ما يحرمك من نور عينيك، والسلام ختام. وبعد 3 ساعات.. خرج علينا راجل عرفنا إنه السكرتير، وقال: مين اللى كتب الشكوى دى قلت له: العبدلله، قال لى: البيه عاوزك، قلت: فرجت ودخلت، واندهشت لما لقيت حجرة فخمة بتشع نور فيها يافطة مكتوب عليها نور أبوالأنوار - رئيس شركة النور ولقيته شبه بتوع السينما قاعد بيدخن سيجار زى الكفتة، قلت فى بالى: ناس تدخن كفتة وناس بتعمل شوربة على العضم، قال بمنتهى الذوق: إيه اللى مضايقك، فحكيت له الموضوع وبصراحة أقنعنى بجوابه لما سألنى: أنت عارف الفاتورة ديه بتقف على الدولة بكام، قلت له: الكدب خيبة، لقيت جاب ورقة وقلم وحسبهم لى: ثمن عداد النور 50 جنيه، وراتب المحصل 250 جنيه، وبدل ركوب المحصل 100 جنيه، يعنى يمشى على رجليه، و75 جنيه أجرة تصليح جزمة المحصل، اللى بيمشى بيها و200 جنيه ثمن الكابتشينو وساندوتشين الفول، ما أنت أكيد مايرضكش إنه يشتغل على غيار الريق، وطبعا لو حسبتهم هتلاقى إننا بنكرمك جدا فى السعر. بصراحة الراجل أحرجنى لدرجة أنى كنت هطلع كل اللى فى جيبى وأديهم له وخرجت وقلت لزملائى فى الفقر: أتارى الدولة شايلة عنا كتير.. ظلمناهم يا جماعة، بصوا هو الحل الوحيد إننا نشترك مع بعض، ونشترى ماكينة كابتشينو عشان سعادة المحصل، ما ينزلش على غيار الريق.