«مملكة الجبل»، «العار»، «أمير الانتقام»، «إمبراطورية ميم» و«اختفاء سعيد مهران»، خمسة مسلسلات وأكثر مأخوذة من أفلام سينمائية يتم تصويرها حاليا ليشاهدها الجمهور في شهر رمضان المقبل، وقد سبق لنا مشاهدة مسلسل «الباطنية» العام الماضي، وأيضا شاهدنا منذ عدة سنوات مسلسلات مأخوذة من أفلام سينمائية منها «ثلاثية نجيب محفوظ» و«نحن لا نزرع الشوك»، و«رد قلبي» لذلك فقد حرصنا علي الذهاب لأصحاب هذه المسلسلات لنعرف منهم حقيقة إعادة تقديم أعمال سبق تقديمها، وهل سيستطيعون التغلب علي مشكلة المط والتطويل، في مسلسل 30 حلقة .. وهل سيتقبل المشاهد أبطالا جددا بعد أن ارتبط بأبطال العمل الأساسي في ذهنه.. هذا ما سنعرفه من خلال هذا التحقيق. علا غانم إحدي المشاركات في مسلسل «العار» للسيناريست أحمد أبوزيد أكدت لنا أن ظاهرة تحويل الأفلام إلي مسلسلات جذابة للغاية وما جذبها للمشاركة في مسلسل «العار» أنه سبق تقديمه من قبل في فيلم سينمائي ومازاد إعجابها بالمسلسل أن مؤلفه ليس هو صاحب الفيلم، وحرص علي البدء بنهاية الفيلم، وهذا يعني أن المتفرج سيشاهد منطقة مختلفة تماما عن الفيلم، وتستطيعين القول أنه يستكمل فيلم «العار»، وبالطبع سيضيف شخصيات وتفاصيل جديدة تماما عن الفيلم، وهذا يعني أنه مختلف تماما عن مسلسل «الباطنية» المأخوذ عن الفيلم. أما المخرج مجدي أحمد علي فتحدث عن هذه الظاهرة قائلا: هذا الاتجاه يعبر عن فلس ويعني أننا أصبحنا لا نجد موضوعات لنقدمها، لذلك نبحث في الدفاتر القديمة التي سبق أن نجحت لنستغلها وهذا يعبر عن استهلاكية بشعة، حيث نقبل بأي مادة قديمة لتقديمها، لم يصبح هناك حدود لما يمكن أن نقدمه، نحن لا نبحث عما تحتويه حياتنا من تفاصيل وموضوعات تصلح للتقديم، بل نسعي إلي محاولة إحياء ما سبق أن قدمناه دون أن نطور من أنفسنا. واستنكر مقارنة مسلسله «مملكة الجبل» بفيلم «الجزيرة» وقال: هل أي عمل يهتم بمشاكل الصعيد وبالخروج علي القانون يسمي فيلم «الجزيرة» وهل أي مخدرات أو تجارة سلاح تعتبر «الجزيرة»، هذا قصر نظر ويجب أن نبعد عن الاستسهال وأن نبحث داخل النص لنجد أي وجه تشابه بينه وبين «الجزيرة». كما استنكر عمرو سعد بطل مسلسل «مملكة الجبل» مقارنة فيلم مدته ساعتان بمسلسل 30 حلقة. أما محمود أبوزيد كاتب فيلم «العار» الذي يعيد تقديمه ابنه أحمد أبوزيد كمسلسل تليفزيوني سيتم عرضه في رمضان، يقول: المشاهد لن يري فيلم «العار» يعاد أمامه مرة أخري، ولن يكون المسلسل تكرارا للفيلم وإلا كنت قد كتبته أنا، كل فيلم له بداية وله نهاية، ونهايته تصلح لأن تكون بداية لعمل جديد وأؤكد أن نهاية المسلسل ستكون غير متوقعة ومختلفة وبرؤية جديدة ل «العار» ويضيف: إن جملة الأم في فيلم «العار» التي قالت فيها «إن العار مش في فقر الفلوس لكن العار في فقر النفوس»، ستٌظهر في المسلسل كيف يكون فقر النفوس. ويري أنه لا ضرر من أن نعيد تقديم ما يصلح من الأعمال القديمة برؤية جديدة مادام العمل سيلقي قبول الناس ويقنع المتلقي، وهذا يعود إلي الكاتب والمخرج ومدي حرفيتهما لتجنب المط والتطويل لكي لا يصاب المشاهد بالملل. أما المخرج سعيد حامد فيقدم مسلسل «اختفاء سعيد مهران» مع النجم هشام سليم وتردد في الكواليس أن المسلسل مأخوذ عن قصة فيلم «اللص والكلاب» وقد نفي سعيد حامد هذا التشابه وأكد لنا أن بطل مسلسله يستعير فقط اسم بطل فيلم «اللص والكلاب» سعيد مهران ويقلده في أفعاله وتصرفاته. ويضيف: لا أؤيد أن يصبح هذا اتجاها للاقتباس الكامل من الأفلام وتحويلها إلي مسلسلات لأن الأحداث في الفيلم تكون جرعة كاملة ومكثفة لمدة ساعتين، لكن في تحويلها لمسلسل في 22 ساعة وإضافة تفاصيل إلي الفكرة الأساسية تجعلنا نبتعد عنها في بعض الأحيان، كما أن الأفلام الأساسية شاهدها الناس كثيرا وحفظوا تفاصيلها، لكن عمل ك «العار» مثلا به تفاصيل كثيرة ومتشعبة سواء تم تناولها في فيلم أو مسلسل فهو يحتمل تلك المادة التي قد تضاف له. أيضا هناك مسلسل آخر بعنوان «أمين الانتقام» علي غرار فيلم «أمير الانتقام» بطولة «هاني رمزي» وإخراج أشرف سالم الذي يؤكد أن أي تشابه هو في الاسم فقط، لكن في إطار ومحتوي مختلف تماما لأن هذا الفيلم يعد من كلاسيكيات السينما المصرية، أما المسلسل فهو كوميدي يستعرض قصة شاب ثري يعود من الخارج ليكتشف استيلاء شركاء أبيه علي أمواله ليحاول استرجاع حقه في رحلة مليئة بالمواقف الكوميدية. ويضيف: أنا غير متجاوب مع هذه الموضة من الأعمال لارتباط الأعمال الأصلية في أذهاننا بصورتها وأحداثها وأبطالها، ويجب أن يكون السيناريست محترفا جدا لأنه سيضطر إلي إضافة تفاصيل، وقد يخرج عن الإطار المركز الذي شاهدناه في الفيلم وأنا عن نفسي أحب ما شاهدته من قبل واعتدت عليه، وعلي العمل الجديد أن يكون مكتوبا بحنكة لإجباري علي متابعته بشغف، لكن هناك أعمالا درامية قد لا تأخذ الفيلم الأساسي بحذافيره، لكن تكتفي بخط درامي واحد أساسي وتضيف إليه بعد ذلك. أما الكاتب لينين الرملي سيقدم لنا مسلسل «إمبراطورية ميم» في قالب جديد ويقول: إن المسلسل لا علاقة له بالفيلم وليس نسخة من قصة إحسان عبدالقدوس خاصة لأنها كانت قصة قصيرة، وكان رب الأسرة فيها أبا علي عكس الفيلم الذي كان المحور فيه الأم وكذلك مسلسلنا ونحن أخذنا من الفيلم موقفا واحدا فقط، وهو موقف الانتخابات التي يقوم بها الأبناء ونستعرض حياتهم ومشاكلهم التي تنتج عن الاختلافات القائمة بينهم، أيضا تدخل الأبناء في حياة الأم، ومخطئ من يتصور أننا نعيد الفيلم لأن العصر اختلف واختلفت مشاكله عن تلك المطروحة في الفيلم ومن يتجه لإعادة الأعمال القديمة يضع نفسه في مقارنة صعبة جدا لأكثر من سبب خاصة من ناحية تكثيف الأحداث لتصل إلي 30 حلقة وأيضا يجب أن يضع النص في زاوية جديدة غير التي قُدمت فيها من قبل. أما الكاتب «بشير الديك» فيري أن هذا الاتجاه يعتبر إفلاسا فكريا واستغلالا لنجاح عمل ونقص في الموضوعات رغم أن مصر بها العديد من الموضوعات والقضايا التي تصلح كمواد درامية ومعظم هذه الأعمال يتنبأ لها بالفشل، وهذا الاقتباس من القديم يؤكد علي عدم رؤية الواقع المعاصر، وقد تكون هذه الأعمال عرضة للمط والتطويل للشخصيات والأحداث. أما د. رفيق الصبان فرأيه أنها أصبحت موضة ويشبه ما يحدث للتاجر الذي تعجز تجارته فيعود لتجارته العتيقة ويبحث في دفاتره القديمة، وأمريكا قامت بهذا من قبل، لكن في حدود ضيقة جدا وفشل بعضها. والتحدي هنا من خلال ال 30 حلقة، أنه يجب تقديم مادة تحبس أنفاس المتفرج لأن المتفرج سبق أن شاهدها من قبل بالفعل وحفظها وعرف خاتمة الأحداث، لذلك نفترض أنه لن تكون هناك مفاجآت، ففي مسلسل «نحن لا نزرع الشوك»، رغم أن حسين كمال هو من قدم الفيلم وقدم المسلسل وآثار الحكيم قدمت دورا جيدا جدا إلا أن الدور ارتبط في ذهن الناس بشادية، وكذلك مسلسل «الباطنية» رغم الجهود المبذولة فيه، أما مسلسل «العار» فهو مغامرة صعبة جدا لأن الفيلم ترك أثرا كبيرا وجمع نجوما عمالقة ومن المستحيل أن يحل محلهم أحد. أما الفنانة آثار الحكيم فكانت قد قدمت في مسلسل «نحن لا نزرع الشوك» الدور الذي قدمته من قبل الفنانة شادية في الفيلم تقول: إن الذي شجعها لتقديم هذا العمل أن الفيلم كان ممنوعا من العرض في التليفزيون وكان يعرض فقط علي الفضائيات التي كان عددها قليلا جدا وقتها. وأيضا شجعني أن الأستاذ حسين كمال هو مخرج المسلسل وهو من سبق أن أخرج الفيلم أيضا، مما يعني أنه سيقدمه في أفضل صورة لكي لا يقل في المستوي عن الفيلم وتعمدت ألا أشاهد الفيلم. أما بالنسبة لزيادة عدد الأعمال المقتبسة من أفلامنا القديمة فأعتقد أن هذا لن يضر المتفرج ولن يفيده بسبب كثرة الأعمال المعروضة والتسابق من أجل العرض الرمضاني، وهذا يشتت المتفرج ولا يوجد إنسان عنده القدرة علي متابعة هذا العدد فالمتفرج يتابع عملا أو اثنين بالأكثر. وأعتقد أن الفن تحول إلي بيزنس من قبل البعض سواء في المسلسلات أو الأفلام أو الأغاني، حيث تظهر موضة ويجري الجميع وراءها، لكن «كل ما يزيد عن حده ينقلب ضده»، كما نقول بالعامية وأصبحنا في متاهة بسبب كل هذه الفضائيات، لن ننتهي منها إلي يوم القيامة لأن آليات صناعة الفن أصبحت محكومة بعدة اعتبارات أصبحت غير مفهومة. ولكن الأغلبية العظمي من هذه الأعمال التي تحولت من أفلام إلي مسلسلات كانت مأخوذة عن قصص أدبية أي أنها مادة ثرية وكافية ليتم عملها في 30 حلقة، حيث إنها في الفيلم تم تنقيحها واختصارها لتعرض علي مدار ساعتين مما يعطي للمؤلف فرصة لأن يضيف للفكرة الأساسية ومواءمتها مع العصر الحالي لأنه بالتأكيد مشكلاتنا وقضايانا اختلفت عما كانت من قبل وكمثال فإن فيلم «إمبراطورية ميم» الذي استعرض حياة الأم ومشاكل أولادها المراهقين إذا تم تحويله إلي مسلسل الآن ستختلف مشاكل المراهقين اختلافا تاما في هذا العصر، لوجود آليات جديدة في العصر وأصبح هناك إنترنت وموبايل والعولمة وتأثيرها علي الشباب والمراهقين.