حين أعود بذاكرتي عشرين عاما إلي الوراء أتخيل زوجتي حينما كانت فتاة يافعة، تقضي ساعات أمام المرآة، تجهز ماكياجها وتسريحة شعرها، وتنظر إلي ملابسها، حتي تتأكد من أنها متناسقة الألوان، وتتناسب تماما مع ألوان الماكياج. حين ترتدي درجات الموڤ تحرص علي وضع ظلال عيون من نفس اللون، أما رائحتها فلا يمكن وصفها، صحيح أنها كانت تنفق الكثير علي شراء أحدث البرفانات، بل تطلبها من الخارج خصيصا، لكنها كانت في كل يوم بشكل مختلف، أقف أمامها لأتأمل جمالها واهتمامها البالغ بنفسها. لكن كل ذلك تحول إلي سراب، فلم أعد أراها ترتدي إلا الجينز، وفي السهرات تقريبا لا تغير الفستان الأسود، وبرفانها لم يتغير منذ عامين، أما الماكياج فغالبا لا تلجأ إليه إلا في الضرورة القصوي، ولم تعد تذهب للكوافير إلا فيما ندر، وغالبا ما تقص شعرها بنفسها، وتستعين بتوكة لربط شعرها علي هيئة ديل حصان. كلما سألتها: لماذا لا تهتمين بنفسك كما كنت تفعلين من قبل ردت بسخرية واستخفاف: هو أنا فاضية؟! ماذا أفعل في البيت والأولاد؟! ولا تنس أنني إمرأة عاملة.. يعني لدي عملي ومستقبلي.. خلي الحكايات دي للناس الفاضية!! الخميس الماضي وصلت إلي البيت وأنا في قمة الإرهاق والتعب، أخذت حماما ساخنا وخرجت لقضاء الأمسية معها، قلت لها ما رأيك في تناول العشاء بالخارج؟ ردت: أنا تعبانة قوي.. ثم أنا لسه خارجة من المطبخ حالا وعملت أكل.. نرميه يعني؟! جلسنا نشاهد التليفزيون، وهي إلي جواري تفوح منها رائحة الثوم، لأنها كانت تعد سمكا للعشاء.. صحيح أنني أفضل الأسماك وأعشق الأكلات البحرية، لكنني لا أريد أن تكون رائحة زوجتي مزيجا من السمك والثوم وزيت القلي! تغاضيت عن الروائح غير الرومانسية.. تناولنا العشاء ثم دخلنا إلي غرفة النوم، اشتقت إليها، لكنني لم أستطع الاقتراب منها، أغلقت عيني وحاولت تخيلها في صورتها القديمة فلم أستطع، فاستدعيت صورة أخري غير صورتها، أنا أحب ديمي مور، لذلك استدعيت صورتها ومارسنا حياتنا الطبيعية وأنا أتصور أن في سريري ديمي مور وليست زوجتي! هكذا تستمر الحياة مع عدد غير قليل من الرجال، لأن مفهوم الحياة الزوجية يختلف بين الجنسين اختلافا كبيرا، فالرجل يري أن الزواج هو بداية الحياة، بينما تعتبر المرأة أنها وصلت إلي هدفها النهائي بالزواج وبناء مملكتها الخاصة لذلك تبدأ بالراحة أو حتي الإهمال، لكنها لا تدرك أبدا أن داخل كل رجل مهما كبر سنه مراهق صغير متعطش للحياة، فإما تروي عطشه، أو يبحث عن غيرها سواء كانت امرأة بديلة أو حتي مجرد صورة لممثلة جميلة مثل ديمي مور!