مدرسة الأقصر الإعدادية الثانوية بنات.. ليست فقط الجدران والفصول والممرات و«الحوش».. وإنما هى الصورة مكتملة التفاصيل والرتوش لمناخ نقى لا يتيح فقط الفرص الأصيلة فى تلقى التعليم وإنما فى صياغة حقيقية لشخصية ووجدان الطلاب والتلاميذ فى صفوف الإعدادى والثانوى.. وهم فى هذه السن المبكرة التى تتشكل فيها كل الأفكار والانطباعات عن المجتمع وقيمه وقواعده ومثالياته.. وخطوط التماس بين أفراده. فيتأكد لديهم الإحساس بأنهم ركيزة أساسية مهمة عزيزة غالية لوطن يرى فيهم مستقبله وأحلامه وطموحاته وسعيه إلى الارتقاء.. ركيزة لها العناية والاهتمام وبذل كل الجهد مهما كان حجمه امتدادا واتساعا. فمن هنا يبدأ الحب للناس.. والإيمان بالمجتمع والوطن وينمو الانتماء الحقيقى ويتأصل.. وهنا يقف العقل والوجدان بصلادة فى مواجهة الأفكار الظلامية والأجندات المشبوهة التى تسعى لصنع هوة مترامية الأطراف بين الشباب وبين انتمائه لوطنه ودفاعه عن كل الأهداف والمعانى النبيلة التى توارثها عبر آلاف السنين. هذا المناخ النقى الذى ما كان يمكنه التحقق أو أن يرى بصيصاً من النور فى ظل تقاطع رهيب بين الإنسان والمكان.. وخصام مفزع بين فصول وأروقة و«حوش» المدرسة وبين طلاب وتلاميذ الإعدادى والثانوى.. حوائط المدارس مهترئة والسلالم الداخلية آيلة للسقوط تدعو الله فى كل لحظة من اليوم الدراسى بالسلامة لمن كتب عليهم أن يكونوا من تلاميذ وطلاب الدور الثانى فى المدرسة. الفصول تظللها الألوان الرمادية الكئيبة.. والممرات مظلمة لا تعرف نورا أو نظافة.. «تخت» مهشمة يتكدس التلاميذ والطلاب على السليم منها.. يستند بعضها إلى بعض حتى لا يصاب هذا التلميذ أو ذلك الطالب من الوقوع على الأرض فجأة فى الحصة الدراسية.. وهو يعانى من طقس الصعيد الحار طول الوقت بينما لا توجد مروحة تهوية فى الفصل. رحلة عذاب قاسية يومية فى الذهاب إلى مدارس لا تعرف طاقة نور فى نشاط يفرج عن التلاميذ أو الطلاب قبل أن يسعى إلى تعليمهم وتدريبهم والارتقاء بأذواقهم ووجدانهم بالموسيقى والمسرح والتدبير المنزلى والتطريز والرياضة. لقد تبدلت معظم مدارس الأقصر والأخرى تنتظر.. وقد تم ترميم بعضها وإعادة بناء البعض الآخر.. وأصبح لها حوائط الفصول المبهجة ودخل الكومبيوتر إلى الفصل وشاشات عرض الدروس ومعامل الكيمياء والعيادة التى تحتفظ بالبيانات الصحية للتلاميذ وحجرات ممارسة النشاط وقاعات تعلم الموسيقى والمسرح المدرسى و«الحوش» الواسع بأشجاره العالية وملعب كرة القدم.. وقاعة تدريب المدرس. تم محو كل خطوط التقاطع بين الإنسان والمكان وإزالة أسباب الخصام بين التلاميذ والطلاب وفصولهم ومدرسيهم و«حوش» مدرستهم.. وأضحت مدرسة الأقصر الإعدادية الثانوية بنات صورة واضحة تؤكد على حجم الإنجاز التى تحقق فى زمن قياسى منذ بادرت السيدة سوزان مبارك بإطلاق مشروع لتطوير مدارس الأقصر بهدف توفير الرعاية التعليمية والبيئية والصحية. وظلت السيدة الأولى تبذل كل الجهد الدءوب فى إصرار لا يعرف كللاً أو مللاً.. تدفع فى كل اتجاه وتتيح كل الأدوات كى يتجسد لأبناء الصعيد فى الأقصر هذا الحق فى مدرسة يظللها مناخ نقى فى علاقة انسجام وتواؤم بين الإنسان والمكان بما يليق بهدف الرسالة النبيلة فى إتاحة التعليم وتنشئة العقول والوجدان.. نفس العلاقة التى تحققت فى «زينهم» ومبانيها وأهلها وناسها حين انهزم القبح ليجعل الحياة الأفضل ممكنة وحين جسد الجهد الدءوب للسيدة الأولى سوزان مبارك الرؤية الواضحة فى حتمية توافق العلاقة بين الإنسان والمكان وسط ظروف أفضل تشجع على التعلم والابتكار والإنتاج. الأقصر الإعدادية الثانوية بنات.. واحدة ضمن 57 مدرسة يتم تطوير 47 منها وإنشاء 10 جدد فى المرحلة الأولى و53 مدرسة أخرى فى المرحلة الثانية.. أضيف إليها 40 مدرسة فى المناطق التى ضمت إلى محافظة الأقصر 30 منها فى إسنا و10 فى أرمنت. الأقصر الإعدادية الثانوية بنات المدرسة الحكومية التى زرناها وعدنا بملف كامل عنها.. سنظل نحلم بأن تكون نموذجا متكررا فى كل المدارس الحكومية المصرية.