لا أتجاوز حين أقول إن محافظة الفيوم لم تكن وحدها فقط بالأمس علي موعد مع مبادرة تطلقها السيدة الأولي سوزان مبارك لتطوير 153 مدرسة من مدارسها - وقد تلقيت دعوة كريمة بحضور هذا الإعلان في قصر ثقافة الفيوم - في إطار هذا الجهد الشاق الدءوب الذي بدأ في العام 2006، ومنذ أطلقت أيضا السيدة سوزان مبارك مبادرة المائة مدرسة كعمل جليل يعكس المفهوم الحقيقي للمسئولية الاجتماعية بأداء رفيع يجسد تفاعل العمل الأهلي مع المجتمع وتقوده جمعية مصر الجديدة. فلم تتوقف المبادرة عند حدود مائة مدرسة من مدارس الأحياء الأكثر فقرا في محافظة القاهرة، وإنما امتدت لتشمل مدارس محافظات الجيزةوالأقصر وبالأمس انضمت مدارس الفيوم. وكنا في «صباح الخير» قد عدنا قبل عدة أسابيع سابقة من زيارة إلي مدارس الأقصر وتحت أَسْر الانبهار بحجم الإنجاز الذي تحقق قدمنا ملفا كاملا عن التطوير الذي شهدته مائة وستون مدرسة في الأقصر .. وفي الانتظار أربعون مدرسة في إسنا وأرمنت .. تبدل حقيقي في المباني والبشر .. وما كنا نتصور أن هذه المدارس التي نطالعها ونتجول بين فصولها هي مدارس حكومية. ووصفت ما رأيناه رأي العين في مدارس الأقصر حينئذ بالصورة مكتملة التفاصيل والرتوش لمناخ نقي لا يتيح فقط الفرص الأصيلة في تلقي التعليم وإنما في صياغة حقيقية لشخصية ووجدان الطلاب والتلاميذ في صفوف الإعدادي والثانوي .. وهم في هذه السن المبكرة التي تتشكل فيها كل الأفكار والانطباعات عن المجتمع وقيمة قواعده ومثالياته.. وخطوط التماس بين أفراده. فيتأكد لديهم الإحساس بأنهم ركيزة أساسية مهمة عزيزة غالية لوطن يري فيهم مستقبله وأحلامه وطموحاته وسعيه إلي الارتقاء .. ركيزة لها العناية والاهتمام وبذل كل الجهد مهما كان حجمه امتدادا واتساعا. وقلت من هنا يبدأ الحب للناس .. والإيمان بالمجتمع والوطن وينمو الانتماء الحقيقي ويتأصل .. وهنا يقف العقل والوجدان بصلادة في مواجهة الأفكار الظلامية والأجندات المشبوهة التي تسعي لصنع هوة مترامية الأطراف بين الشباب وبين انتمائه لوطنه ودفاعه عن كل الأهداف والمعاني النبيلة التي توارثها عبر آلاف السنين. وإنما كانت مصر كلها علي موعد ترصد فيه تجربة تحولت إلي قصة نجاح علي الأرض ..تسجل نقاط الالتقاء بين الغايات النبيلة حين تجد فرصة التحقق فتعيد قيما كانت غائبة عن المجتمع كقيمة العطاء والمشاركة .. حين يؤدي القادر واجبه الاجتماعي في صياغة مستقبل أفضل للأكثر ضعفا والأكثر احتياجا والأكثر تهمشا في هذا المجتمع .. راضيا مُرضيا ويري ما قدمه متحققا كواقع علي الأرض. لقد حددت السيدة سوزان مبارك وهي تعلن مبادرة تطوير مدارس الفيوم الأسس الموضوعية للاستثمار الأمثل في بناء المستقبل .. والتي أحدثتها قصة هذا النجاح من نقلة نوعية في شكل وأسلوب تقديم الخدمات اجتماعية .. بما يوفر منظومة حماية لجيل كامل له الحق في تلقي تعليمه في بيئة مواتية لعملية تعليمية تكسر حدود المفهوم الضيق للمدرسة. الاهتمام بالعنصر البشري ورفع كفاءة المعلم بالتدريب المستمر داخل مراكز التدريب المقامة في المدارس وتدريب الهيكل الإداري بما يعظم من ثمار العملية التعليمية التي تعتمد علي التكنولوجيا الحديثة والتي تدار بشكل مختلف لتتمكن المدرسة من القيام بدورها الحقيقي في التفاعل مع المجتمع والمشاركة في الاهتمام بالبيئة المحيطة بها. وأيضا الاستثمار التربوي حين ضربت السيدة الأولي مثلا بأولياء الأمور الذين لم يكونوا يذهبون إلي المدرسة إلا في الحالات القصوي ولكنهم أصبحوا الآن أكثر حرصا علي التفاعل مع المدارس المطورة. «مبادرة المائة مدرسة» التجربة التي تحولت إلي قصة نجاح حقيقية كواقع ملموس علي الأرض .. قدمتها السيدة سوزان مبارك بالأمس في محافظة الفيوم كنواة لمشروع قومي لتطوير المدارس الحكومية «43 ألف مدرسة وأكثر من مليون معلم في مرحلة التعليم قبل الجامعي».. لتوفر نوعية متميزة من التعليم والارتقاء بالأنشطة داخل المدرسة .. كواجب يجب أن يشارك فيه الجميع .. وزارات التعليم والتعليم العالي والثقافة والاتصالات والصحة والجمعيات الأهلية. مشروع قومي تحت مظلة هذه الفلسفة وبهذا المفهوم وبهذه الصياغة وبهذا الأداء وبهذه الإرادة الصلدة التي لا تعرف كللا ولا مللا في تصميم حديدي علي الإنجاز يصنع مجتمعا واعيا عصريا قادرا علي صياغة مستقبله.. بوابة الأمل.