صباح الخميس الماضى.. وبينما أنا مندمجة فى الحكى عن المتواليات الهندسية للإصابة بأنفلونزا الخنازير.. وهى المتواليات التى حدثنا عنها د. عبدالرحمن شاهين فى البيت بيتك اليوم السابق.. موكدا أنه لايتم إغلاق مدرسة إلا بعد متابعة الإصابة بها والتأكد من أنها اتخذت شكل المتواليات الهندسية إلى أن تصل لعدد معين ساعتها يتم اتخاذ القرار بإغلاق المدرسة.. كنت أحكى وأنا أضرب كفا بكف من حديث المتواليات الهندسية هذا.. خاصة وقد تابعت بنفسى قرارات إغلاق مدارس لإصابة طالب أو طالبين بها. وفجأة قاطعتنى زميلتى سلوى الخطيب بسؤال.. هو انتى ضد إغلاق المدارس..؟! السؤال للأمانة باغتنى لا لشىء إلا لأنه لم يخطر ببالى أن تكون سلوى واحدة من الملايين فى بلادنا الذين يعتبرون المدرسة شيئا من الكماليات يمكن الاستغناء عنه. أعرف واقع الأمر فى بلدنا أن المدارس لم يعد لها دور ولم يعد لوجودها أى أهمية.. وهذا ما دفع العديد من الزملاء الكتاب والإعلاميين على شاشات التليفزيون إلى المطالبة بإلحاح بإغلاق المدارس.. ماهى مالهاش لازمة..؟! محركهم جميعا فى هذه المطالبات حالة الرعب التى سيطرت على الجميع من الأنفلونزا الخنازيرى.. وتمسكوا بمبدأ الباب اللى يجيلك منه الريح.. وكانت المدرسة هى هذا الباب بحكم أنه أسهل باب من ناحية الغلق.. أما السينما والنادى والمترو والمولات التى يتسرمح فيها الأولاد بحكم أنهم أصبحوا عواطلية أو مجاميع الدروس الخصوصية.. أو الدروس فى السنتر.. فلا مشكلة..!! ولا يمكن أن يطالبوا بإغلاقها بالطبع.. لأنه لن يستمع أحد لمطالبهم لكن فى وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم وأيضا فى مكاتب المحافظين هناك من يخافون ويرضخون لهذه المطالبات.. ربما لأنهم فى قرارة أنفسهم يدركون أن المدارس شىء لا لزوم له فى حياتنا. ما يؤكد حديثى هذا أن المدارس التى أغلقت لظهور حالتين أو ثلاث من الإصابة بأنفلونزا الخنازير هى مدارس اللغات أو المدارس الخاصة.. حيث درجة الاستعداد ودرجة النظافة وعدد تلاميذ أقل بالفصول مقارنة بالمدارس الحكومية.. ولكن لأن أولياء الأمور فى هذه المدارس منهم من يستطيع الوصول لوزير التربية والتعليم فيستصدر أمرا بإغلاق المدرسة.. ومنهم من يستطيع الوصول لمكتب المحافظ ليخرج نفس القرار دون الرجوع لمتواليات وزارة الصحة الهندسية.. لهذا تجد أن معظم ما أغلق من مدارس هى مدارس خاصة للغات.. (آخر بيان صدر عن محافظة القاهرة يوم الجمعة الماضى.. أنها أصدرت قرارا بإغلاق 51 مدرسة و81 فصلا دراسيا لظهور حالات إصابة بها) لاحظ أن المحافظة لم تذكر عدد حالات الإصابة بهذه المدارس.. وأتحدى أن يزيد على ثلاث أو أربع حالات.. هذه المدارس هى المستقبل والمصرية للغات والألسن للغات وحضانة مدرسة الألسن والفاروق للغات والنزهة للغات وسانت فاتيما للغات والواحة للغات والكرمة والفرير ودى لاسال.. صدقتونى أنها مدارس الناس التى تستطيع أن تستصدر قرار الإغلاق..؟! هذا فى الوقت الذى يتم فيه إغلاق الفصول التى بها إصابة فقط فى المدارس الحكومية. كنت أتحير من حرص الأهالى هنا على إغلاق المدرسة بكاملها.. وهم يملكون حرية إبقاء أبنائهم فى البيت إذا كانوا على هذه الدرجة من الخوف عليهم من المرض.. إلى أن فهمت الفولة.. إنه مبدأ علىَّ وعلى أعدائى فبقاء الولد فى البيت والعملية التعليمية منتظمة فى المدرسة.. سيحرمه من متابعة الدروس ولكن إغلاق المدرسة بكاملها.. يبقى الوضع على الكل.. وهكذا ضاع عام دراسى على الطلبة ومنهم من يدرسون شهادات أجنبية لاتعرف الدلع الذى ننعم به فى دراستنا.. ومطالبون بأداء الامتحانات فى مواعيد محددة ومناهج محددة لاتعرف إلغاءات التربية والتعليم عندنا.. هؤلاء ضاعوا فى الرجلين.. أو ربما وجدوا لهم طريقا فى الدروس الخصوصية أو مراكز الدروس الخصوصية التى ارتفعت أسعارها فى موسم الأنفلونزا الخنازيرى بطريقة جنونية.. وهم يذهبون ليتكدسوا بأعداد تفوق أعدادهم داخل فصول مدارسهم.. دون أن يخاف عليهم أهاليهم الذين طالبوا بإغلاق المدارس هنا من الأنفلونزا. أعرف مديرة إحدى المدارس الخاصة التى أغلقت مرتين.. المرة الأولى كانت الإصابة لديها ثلاثة طلاب فى مراحل متفرقة من الدراسة.. ولايجمعهم فصل واحد.. تقول فى صباح يوم صدور قرار الإغلاق كانت هناك لجنة من وزارة الصحة فى زيارة لمدرستى وأشادت بمستوى النظافة ومستوى تهوية الفصول بالمدرسة وبعدما خرجت اللجنة من عندى فوجئت بقرار من التربية والتعليم بغلق المدرسة..!! فى المرة الثانية كان عدد حالات الإصابة لايتعدى الخمس حالات موزعة على مبنيين منفصلين من مبانى المدرسة.. وكنا فى يوم الاثنين والمدرسة طبيعى معلنة عن أجازة الكريسماس لمدة أسبوعين تبدأ صباح الخميس وفوجئت بقرار من المحافظة هذه المرة بإغلاق المدرسة.. تضرب كفا بكف.. وتسأل كيف أكون أنا أحرص على العملية التعليمية بمدرستى من أولياء الأمور أو من وزير التربية والتعليم والمحافظ؟! أجبتها ومن قال لك إن الوزير والمحافظ حريصان على العملية التعليمية.. وأكملت داخلى أن التعليم فى بلدنا لم يدخل أصلا فى قائمة الأولويات.. للأسف..!! حاولت أن أعرف من المسئول عن تصدير كل هذه الحالة من الذعر لنا.. ولم أستبعد بالطبع نظرية المؤامرة.. إن الحكومة قررت إلهاءنا فى شىء يمس حياة أولادنا لتتفرغ هى للضريبة العقارية أو لعشرات من المشاكل الأخرى فى حياتنا.. إلا أننى استبعدت هذا الاحتمال لا لشىء، إلا لأنى أدركت بالمتابعة أنهم فى حالة ذعر أكثر منا.. وذعرهم ناتج عن قلة الحيلة أو بمعنى آخر لعدم قدرتهم على مواجهة أى أزمة.. فما بالك بأنفلونزا الخنازير.. والتى اعتقدوا أنهم ماداموا ذبحوا الخنازير يبقى مافيش مشكلة.. طب إزاى الحال والأنفلونزا القادمة من النوع المعيزى.. هيذبحوا المعيز..؟! ألم أقل لكم قلة حيلة..!!