يتجه العالم المتقدم بخطى سريعة نحو ما يسمى بالاتجاه الأخضر أو الاقتصاد الأخضر، وهو تحقيق تنمية عبر مشروعات صديقة للبيئة ولا تضرها معتمدة على التكنولوجيا الحديثة لتوليد الطاقة المتجددة بديلاً عن الطاقة التقليدية الملوثة للبيئة، ومصادر الطاقة المتجددة أهم ما فيها أنها من مصادر طبيعية لا تفنى كالشمس والرياح، وهى أيضاً لا تلوث البيئة. بادرة أمل عندما علمت أن مصر تستضيف أكبر تجمع دولى لأطراف بروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون بمدينة بورت غالب بمرسى علم خلال الفترة من 31 أكتوبر حتى 8 نوفمبر، وهو من أكبر المؤتمرات الدولية فى هذا المجال ل196 دولة بعد موافقتها على بروتوكول مونتريال الذى يلتزم أطرافه بمسئوليتهم باتخاذ التدابير الملائمة لحماية الصحة البشرية والبيئية من الأضرار الناجمة عن أنشطة الإنسان الملوثة للبيئة خاصة بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون أو إحداث ضرر بها، وهو ما يتوقع أن ينتج ترجمة عملية وخططاً قابلة للتنفيذ لتحقيق هذا الهدف تضعها الدول الكبرى فى هذا المؤتمر الذى دعا له المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة خلال الاجتماع الثالث عشر للجنة المتوسطية للتنمية المستدامة بالقاهرة أواخر سبتمبر، حيث إن منطقة البحر المتوسط من أكثر المناطق المهددة فى العالم بسبب تغير المناخ. الاتجاه لمصادر الطاقة الجديدة سيتم عاجلاً أو آجلاً الطاقة الموجودة المستخدمة حالياً بشكل واسع متمثلة فى البترول أو الغاز مصيرها للزوال بجانب الاحتباس الحرارى فى العالم كله، والكلام حول غرق الدلتا.. كل ذلك يجعلنا نرى الاتجاه لمصادر الطاقة المتجددة النظيفة هو مسألة وقت فقط، هذا هو رأى حسين رزق رئيس مجلس إدارة شركة للطاقة الشمسية وتكنولوجيا البيئة، ورؤيته التى دفعته للاستثمار فى مجال الطاقة الشمسية هو ما شاهده فى الخارج، فيقول: «كل البيوت فى ألمانيا تستخدم السخانات الشمسية والحكومات بالدول المتقدمة تدفع الناس دفعاً لهذا المجال، ومؤخراً انضمت لها تونس فى تجربة رائدة من الدولة لإجبار كل القرى السياحية على استخدام السخانات الشمسية، وإلا فلن يتم تسهيل دخول الماء والكهرباء لهذه القرى، وباحتكاكى بالناس، فالمستهلك يريد ترشيد الطاقة ولكن ينقصنا بعض التشجيع لبداية هذا المجال والتوعية، فقد يكون السخان الشمسى يكلف عمارة أو فيلا 25 ألف جنيه، ولكنه يخزن الطاقة الشمسية ولا تضطر لدفع كهرباء بعد ذلك، كما أن هناك ثورة علمية متمثلة فى نظام الرى بالخلايا الشمسية التى تستخدم فى ضخ المياه، والتى يشكرنا الفلاحون بعد استخدامها لكمية التوفير، وكانت تجربة غاية فى النجاح فى الفيوم فلا صيانة ولا موتور ولا رائحة. كما أن اللمبات الموفرة فى الإضاءة انتشرت هذه الأيام وهو شىء مبشر للتوسع فى هذا المجال. يرى حسين رزق أنه سيتم التوسع فى الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة ويجب أن تتم عدة نقاط أولاها دور الدولة المساند، فمثلاً الجمارك يجب أن ترفع عن مستلزمات هذه الصناعة، وما عرفته حديثاً أن هناك بالفعل قانونا خاصا بمستلزمات مصانع الطاقة النظيفة، ولم أكن أطبقه سابقاً، وهو ما ينقلنا إلى دور التوعية فى هذا المجال والمساندة المعرفية لمن يدخل هذا المجال خاصة فى النواحى الروتينية والتشريعية والقانونية، حتى لا يكون هناك ما يؤخر التقدم فى هذا الاستثمار. كما أنه فى الخارج توجد بنوك مختصة بتمويل هذا النوع من الاستثمارات، فترى التكلفة التى يحتاجها صاحب المصنع وتدرس قدراته المالية وتموله بالباقى، وبالفعل توجد بمصر بنوك تولى اهتماماً لتمويل هذا النوع من الاستثمارات وتسهيل القروض كبنك الإسكندرية والبنك العربى الأفريقى، والنظرة للمستقبل تحتم علينا تشجيع الصناعات المصرية فى هذا المجال وعلى رأسها تصنيع الخلايا الشمسية. 10 شركات لإقامة محطات كهرباء بطاقة الرياح بعد أن أصبحت الاستثمارات المطلوبة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة تتجاوز المليارات قررت الحكومة دعوة القطاع الخاص لتحمل المسئولية معها. وقد صرح حسن يونس وزير الكهرباء أثناء لقائه بالسيدة هليلين بولس مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة على هامش المؤتمر الدولى للطاقة بأن مصر سرعة الرياح بها عالية ومنتظمة على مدار العام مما أتاح الفرصة لتحقيق استراتيجية طموحة لجذب القطاع الخاص للمشاركة فيه وتم بالفعل وضع خطة لتعظيم استخدام الطاقة المتجددة لتصل ل 20% عام 2020 وأن قطاع الكهرباء والطاقة حاليا يشغل 430 ميجاوات بالإضافة إلى 120 ميجاوات يتم تنفيذها وهناك 920 ميجاوات جارى الانتهاء من تدابير التمويل اللازم لها. وقد تم مؤخرا عمل منقاصة لوزارة الكهرباء لإشراك القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح وتم اختيار 10 شركات لمرحلة ماقبل التأهيل منها شركتان مصريتان هما اوراسكوم والسويدى أما باقى الشركات فمنها اينال الإيطالية و EFD الفرنسية وRESh الإنجليزية وسوف يتم استلام الأرض بالمجان ودفع رسوم حق استغلال فقط لفترة ال25 سنة. عماد حسن استشارى دولى فى مجال الطاقة يرجع حداثة اهتمامنا بالطاقة المتجددة إلى أن سعر الطاقة فى مصر كان رخيصا نسبياً مما دفع المستهلك لعدم وضع أهمية للاستهلاك بطريقة بها ترشيد، ففاتورة الكهرباء لم تكن عالية، وعندما بدأ الموضوع يختلف وزادت التكلفة وبدأت المصادر تلتفت إلى أن طريقها للزوال مهما طال الأمر بدأت الحكومات تبنى المصانع، وتنشر فكر الطاقة المتجددة، فبدلاً من مستهلكين عددهم 40 مليونا أصبحوا 80 مليونا، ومصادر الطاقة ثابتة بل تقل، فتوجه النظر السياسى لهذه الطاقة، والنظرة الفنية لترشيد استهلاك مصادر الطاقة جعلت الاتجاه لطاقة بديلة، ومصادر أخرى كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح اتجاه حتمى لتساند طاقة البترول والفحم والغاز، وعندما وجدت الحكومة أن تكلفة هذه الطاقة مرتفعة كان لابد من تدخل القطاع الخاص وتبنت الحكومة تطبيق مشروع الطاقة المتجددة إلى سنة 2020 حتى يصل اعتمادنا عليها إلى 12% بدلاً من 1%، وهو اعتمادنا الحالى على مصادر الطاقة النظيفة، لذلك ستتم طرح مناقصة لتشجيع القطاع الخاص على الدخول لبيع الكهرباء للحكومة، والمطروح 7200 ميجاوات بسعر لم يحدد بعد لمزارع طاقة الرياح، ولأنها ستكون تكلفتها عالية لأنها مشروع جديد، وفى بدايته فستقوم الحكومة بدعم هذا الفارق بين السعر المُرضى للقطاع الخاص، وسعر الكهرباء، إلى أن ينتشر هذا الاستثمار، ولا شك أن هذه تعتبر بداية رائعة ومشجعة لمشروع العُمر بالنسبة لمصر. النظرة الموضوعية هى مفتاح النجاح يضيف استشارى الطاقة عماد حسن: ولكن حتى ينجح هذا المشروع وهذا الاتجاه يجب النظرة الشمولية الموضوعية الواقعية، وتتمثل فى تذليل التحديات التى قد تواجه بناء هذه المزارع وتواجه الطاقة العمالية هناك أولاً: الطرق والبنية التحتية التى لهذه المزارع. ثانياً: المكان الذى سيستقر فيه الموظفون فى هذه الأماكن البعيدة الغنية بطاقة الرياح كشرق خليج السويس، حيث أحسن سرعة للرياح.. والصعوبات والتحديات موجودة، ولكن حلها ليس صعباً بل تحتاج لتخطيط واع، ومراعاة العيوب الفنية والحذر والحيطة من هذه المشروعات الواعدة، لأنها لن تجلب نتائجها الإيجابية مباشرة كأى مشروع جديد، وما نحتاجه لنشر وعى الاستثمار فى الطاقة يستلزم إلغاء أو الحد من البيروقراطية التى تواجه المستثمرين، فالشركات العملاقة التى تأتى من الخارج للاستثمار فى هذا المجال يجب أن تلتفت لها الدولة، ويلتفت لها المشرع السياسى، لأننا سنكتسب منها الخبرة وستنخفض بعد ذلك التكلفة لنستثمر كمصريين ونولد طاقتنا البديلة بأرخص الأسعار، ولكن بالطبع هذا سيأخذ سنوات. القطاع المصرفى له دور كبير أما عن دور المؤسسات المصرفية، فهو دور أساسى ومؤثر على- حد قول عماد حسن- دور تمويلى مساند لهذه المشروعات بعيداً عن التطويل والتعقيد، وهو دور لا يجب إغفاله لزيادة الاستثمارات فى هذا المجال.