بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    بمحفظة أراضٍ ضخمة.. خبيران: عرض الاستحواذ على أسهم زهراء المعادي للاستثمار أقل من القيمة العادلة    ترامب يبدي استعداده للتحدث مباشرة مع مادورو رغم تصنيفه ك"رئيس منظمة إرهابية"    ماليزيا تعتزم حظر استخدام وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاما    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    الأمن يكشف ملابسات اقتحام أحد المرشحين وأنصاره لمركز شرطة فارسكور بدمياط    ياسر جلال يثني على أداء سمر متولي في "كلهم بيحبوا مودي": "بتعملي لايت كوميدي حلو جدًا"    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    التنظيم الإرهابي يحتضر.. هل أطلق ترامب الرصاصة الأخيرة في نعش الإخوان؟    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    «بوابة أخبار اليوم» تنشر نص الأمر التنفيذي لتصنيف بعض فروع الإخوان منظمات إرهابية عالمية    البيت الأبيض يُعلن تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية عالمية    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    حمزة العيلي يعلن قائمة المكرمين في مهرجان المنيا الدولي للمسرح بدورته الثالثة    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    ضبط 180 قضية سرقة تيار كهربائي وإغلاق 5 محال مخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء بالجيزة    وكيل توفيق محمد يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي وموعد تحديد مصيره    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    مفتي الجمهورية: التعليم الصحيح يعزز الوازع الديني ويصون المجتمع من التطرف    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    إذاعة القرآن الكريم تُحيي الذكرى ال 45 لرحيل الشيخ الحصري    مراسل الحكاية: المنافسة قوية بين 289 مرشحاً على 38 مقعداً في انتخابات النواب    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    مستشار الرئيس للصحة: مصر خالية من أى فيروسات جديدة (فيديو)    مفتي الجمهورية: الإسلام دين سلام وعدل وأفعال المتطرفين لا تمتُّ إليه بصلة    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي.. الحق لكل معاق!
نشر في صباح الخير يوم 24 - 11 - 2009

لكل منا اختياراته في الحياة، وقد يتمني الكثيرون أن ينجحوا في أن تكون لهم اختيارات سهلة، لكن هل يكافح البعض ويسعي للاختيار الصعب؟!
هذا ما فعلته هبة فتحي صادق - الفتاة التي ظلت تبحث عن العمل الذي يوافق طموحاتها وقدراتها، ورسالتها في الحياة، فبعد أن تخرجت في كلية الخدمة الاجتماعية - جامعة حلوان عام 2002، قررت أن تعمل في مجال المعاقين، لأنها ظلت تحلم بأن تتمكن من أن تكون وسيلة لحصولهم علي حقوقهم، أن تكون قادرة علي الدفاع عنهم، أن تشاركهم حلمهم في الخروج إلي العالم الخارجي والاندماج مع المجتمع، تحلم هبة بأن يعيش المعاقون حياة سوية في مجتمع يؤمن بأهمية تواجدهم معا، لهم نفس الحقوق، مجتمع يقبلهم ويحترمهم.
عملت هبة لفترة في مؤسسة التثقيف الفكري والأحداث الضالين المعاقين ذهنيا، دخلت عالم المعاقين، لكنها لم تتمكن من إخراجهم إلي العالم الواقعي الخارجي، لهذا سعت هبة للعمل كإخصائية اجتماعية بجمعية "شموع" لحقوق الإنسان ورعاية المعاقين، حيث إنها تري أنه سيكون المجال الذي يناسب حلمها ورؤيتها في مساعدة هؤلاء المعاقين، خاصة أن هذه الجمعية المشهرة برقم 3681 تعمل منذ تأسيسها عام 3002 علي أهداف مهمة، وهي تقديم المساعدة القانونية والخدمة الاجتماعية والاقتصادية لهم عن طريق رصد جميع الانتهاكات التي يتعرضون لها علي المستويات كافة.
تسعي جمعية "شموع" إلي مساعدة هؤلاء المعاقين لجلب حقوقهم في مجال "الحق في العمل"، و»الحق في المشاركة السياسية والفهم والتوعية السياسية"، وكذلك الانخراط في الحياة الاجتماعية العامة عن طريق إعداد كوادر قيادية في مجالات عدة حتي يتمكنوا من حل مشكلاتهم التي لن تحل إلا ب "الدمج والانخراط في المجتمع".
هبة فتاة تعمل ضمن عشرات في هذه الجمعية لتحقيق هذه الأهداف، لدرجة أنني أسألها عن نفسها، فإذا بها تجيب عن أهداف ورسالة الجمعية، أحدثها عن رؤيتها وسبب اختيارها لهذا المجال، فتتحدث عن قضية أعمق وأخطر وهي حقوق هؤلاء المعاقين، تتحدث عن قسوة المجتمع الذي يبدو رحبا، لكنه يعاني القسوة لدرجة أن هناك الكثيرين لا يسألون أنفسهم: ماذا لو كنت معاقا؟ ماذا لو كان أحد أطفالي أو أقاربي أو إخوتي من المعاقين؟ كيف كنت سأنظر لهم؟ كيف كنت أتمني أن ينظر المجتمع لهم؟!
للأسف.. نحن ننظر للمعاق نظرة سطحية لدرجة أننا لا نستطيع التفرقة بين المعاق ذي الإعاقة البسيطة أو ذي الإعاقة الكبيرة.
بنظرة خاصة وإنسانية تتحدث هبة عن عالم المعاقين الذي دخلته فقالت: لا تتخيلي مدي إحساسي بالوجع وبالعجز عندما أسمع من معاق داخل دور الرعاية يقول لي: "أنا ح أموت هنا".
للأسف يوجد شباب وأطفال في دور الرعاية غير مؤهلين نفسيا ولا اجتماعيا ولا سلوكيا، هذا بالإضافة إلي عدم تأهيلهم مهنيا، لذلك في الوقت الذي تكثف فيه الدولة والمؤسسات الرسمية جهودها لتطبيق حق المعاق في الدمج مع وفي المجتمع، نجد أن الواقع العملي داخل الكثير من دور الرعاية لا تقدم الخدمة أو التأهيل النفسي المناسب والمتزن لتحقيق هذا الهدف.
من خلال تجربتها تحكي هبة عن الواقع المؤلم والمؤسف الذي يتعامل به المعاق في المجتمع قائلة: أين حق المعاق في العمل والحصول علي أحقيته في النسبة القانونية المسموح لهم بها 5٪ بالتوظيف في المؤسسات وجهات العمل المختلفة.
وتعطي هبة مثالا "لأستاذ الجامعة الكفيف" الذي تقوم جمعية "شموع" بمساعدته قانونيا وقضائيا، حيث إنه حرم من الترقية في كليته بسبب الإعاقة.
للأسف.. المجتمع يتعامل مع المعاق بطريقة "كويس أوي إنك عايش، لكن مش مهم عايش إزاي وليه وما هي حقوقك«؟!
القصة التي روتها لي هبة تعطي صورة واضحة لمدي قصورنا في فهم "ما يحتاجه المعاق"، ففي المهرجان العربي الأول للمعاق عام 6002، الذي أقيم تحت رعاية جامعة الدول العربية، اشترك عدد كبير من "أبناء هبة" - كما تطلق عليهم - لتقديم عرض أوبريت "الليلة الكبيرة" في الجامعة البريطانية، وقدموا أداء رائعا أبهر الحاضرين.
والمفاجأة أنه بعد انتهاء المهرجان توقعنا أن يحدث تحرك إيجابي سواء من المهتمين أو من الجامعة العربية ليسألوا عما يريده هؤلاء المعاقون أو ينقصهم، لكن انفض المولد وكأن شيئا لم يكن، وهذه هي الكارثة، وهي أن الفكر الإداري لا يستثمر النجاح، فبدلا من أن يكون العرض المبهر وسيلة لجذب الأنظار لهذه الفئة التي ينقصها الكثير من الحقوق والرعاية والتأهيل اعتبر الناس أنهم حققوا لهم هدفا وقدموا لهم خدمة بالسماح لهم بعرض قدراتهم أو موهبتهم، فالرسالة معكوسة ومختلطة، وهذا ما سبب إحباطا كبيرا لي وللأطفال وللشباب المشتركين، لدرجة أنني لن أخفيك قولا بأنني "مزقت شهادة التقدير التي أخذتها لأنني وجدت أنها عبثية ولا قيمة لها، فالقيمة الحقيقية هي الانتباه الجاد والإيجابي لحقوق هؤلاء المعاقين. عندما سألت هبة عن مشروعها الحقيقي الذي تتمني تحقيقه فاجأتني، فهي لم تتحدث عن حلم شخصي لها كفتاة، لكنها قالت لي جملة واحدة "الأيتام المفقودين"!
بحماس إنساني رائع قالت: تخيلي "معاقا" ويتيما ومفقودا!
أليست كارثة إنسانية!
المشكلة أن الشرطة لو عثرت علي طفل أكبر من عامين لن يتم إيداعه في دار أيتام، بل سيتم إيداعه في مؤسسة أحداث معاقين، أي أن الطفل قد لا يكون في خطر، لكننا نضعه في المكان الخطر الذي سيجعله في خطر حقيقي، وذلك لأن المؤسسة لا تقدم الخدمة المناسبة للمعاقين، فهي ليست دارا للأيتام بها أم بديلة ورعاية، لكنها عبارة عن عنابر مفتوحة يختلط فيها الأطفال، والطفل المعاق ذو الثلاثة أعوام كأنه طفل رضيع عمره شهور، فكيف يترك ذلك الطفل مثلا بلا رعاية حقيقية؟ هل يتصور أحد هذه المأساة أن يترك طفل عمره العقلي شهور مع أطفال ذوي عشر سنوات مثلا؟!
المشكلة الأخري أن وزارة التضامن تعطي وتقدم تصاريح كثيرة للمؤسسات، لكنها لا تعطي أي وسائل تنظيمية.
هذا ما جعل هبة تسعي بشكل أساسي للتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة بإدخال خدمة البحث عن المفقودين الأيتام علي رقم 00061، لكن المطلوب الآن من المجلس أن يعلن بشكل كبير عن وجود هذه الخدمة حتي يتمكن أهالي المفقودين من محاولة العثور عليهم بطلب الرقم. تقول هبة: المشكلة أن التعاون الإعلامي والإعلاني محدود جدا في قضية الأيتام المفقودين، حيث إنه لا يوجد غير القناة الثالثة والقنوات المحلية في المحافظات هي التي تقدم هذه الإعلانات.
لذلك لابد من زيادة اهتمام التوجه الإعلامي نحو المفقودين الأيتام، ذلك بالاشتراك مع وزارات السكان والتضامن الاجتماعي والداخلية لأنها جميعها مسئولة في هذه القضية الاجتماعية الخطيرة، كما لابد من توعية الناس بعدم التقاط طفل مفقود بدلا من الإبلاغ عنه في محضر شرطة، فالبعض يعتقد أنهم يقومون بفعل خير وعمل إنساني، والبعض الآخر يأخذ الطفل المفقود "للاسترزاق به"، وهذه هي المشكلة الأخري، فنحن كمتخصصين نعرف الفرق جيدا بين الطفل الذي رماه أهله وبين الطفل التائه من أهله. لذلك المجتمع في حاجة إلي توعية بخطورة عدم الإبلاغ عن طفل مفقود قد يحرمونه من أهله إلي الأبد بسبب هذا الفعل.
تحلم هبة كثيرا للمعاقين وبحقهم في الحياة الكريمة الإنسانية، تحلم بمشروع إعادة تأهيل لليتيم المفقود وللمعاق، وتقول: نفسي نعمل لهم تشريح نفسي ونفهم نفسياتهم، نفسي نجعلهم مؤهلين للدمج في المجتمع لأنهم بهذه الطريقة هم خطر علي المجتمع، والمجتمع خطر عليهم.
سألت هبة: هل أنت متفائلة؟
أجابتني: لست متشائمة، لكنني أحاول توصيل أفكاري وأهدافي، وبصراحة ليس عندي فكرة ثابتة، لكن كل اللي "باقدر عليه باعمله".. لكن مشكلتي الأساسية هي "الإحباط".. لكن باقوم من تاني وأقول "لازم أجرب مرة تانية.. وما انسحبش"!
جميلة هبة، تلك الفتاة التي تتحدث عن عالم نكاد لا نعرفه، لكنها تعرفه وتحبه وتحلم بأن تكون قادرة علي إسعاد من فيه، تحلم هبة بتحقيق الحلم للمعاقين، حلم "الحق في الحياة الكريمة"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.