بالفيديو.. تعرف على الشروط العامة للقبول بالكليات العسكرية دفعة أكتوبر 2025    رئيس الجالية المصرية في النرويج: ثورة 30 يونيو بداية عهد جديد من العمل الجاد والتنمية الشاملة    وزير الاستثمار يستعرض إنجازات الهيئات والقطاعات التابعة للوزارة خلال الفترة من 2014 للآن    كشف بترولي جديد في حقول عجيبة بالصحراء الغربية بإنتاج 2500 برميل يوميا    إذاعة جيش الاحتلال: زيارة نتنياهو إلى واشنطن يمكن أن تكون مطلع الأسبوع المقبل    حكومة الاحتلال: نتنياهو يعمل على إنهاء العملية في غزة باستعادة الرهائن وهزيمة حماس    نائب وزير الخارجية الإيراني: طهران تصرّ على حقها في التخصيب السلمي لليورانيوم داخل أراضيها    مباشر مباراة إنتر ميلان ضد فلومينينسي اليوم في كأس العالم للأندية 2025    سيدات بتروجت يحققن لقب الدوري الممتاز لتنس الطاولة    الاتحاد السكندري يدخل معسكرا مغلقا استعدادا للدوري    المنطقة الأزهرية في القليوبية تتابع انضباط امتحانات الثانوية مع رؤساء اللجان (تفاصيل)    محافظ المنوفية يقدم واجب العزاء لوالد سائق حادث الطريق الإقليمي بمنزله في «طملاي»    «ترابي وناري ومائي».. تعرف على لغة الحب لكل برج حسب نوعه    فرق طبية وقاعات انتظار لاستقبال المرشحين ل انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في أسيوط    تقديم خدمات طبية مجانية ل 6 آلاف مواطن في المنيا خلال يونيو    بقيمة 103.5 مليون يورو.. مجلس النواب يوافق على اتفاقية تعاون مع ألمانيا    سيامة دياكون جديد بالكنيسة المرقسية بالأزبكية    رئيس حزب "المصريين الأحرار": 30 يونيو أعظم ثورة في تاريخ مصر الحديث    أكرم القصاص: ما تحقق منذ 30 يونيو إنجاز تاريخى فى مواجهة أزمات مستعصية    «حماة الوطن» يدعو الأحزاب لجلسة تشاورية لإعداد قائمة لخوض انتخابات مجلس الشيوخ    «التنظيم والإدارة» يعلن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية    يويفا يؤجل قراره بشأن مشاركة كريستال بالاس في الدوري الأوروبي    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    ممنوع نزول البحر لليوم الثاني.. ماذا يحدث على شواطئ الإسكندرية؟    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    4.8 مليار متر مكعب سنويا، الري تنفذ مشروعات جديدة لإعادة استخدام المياه    وزير الخارجية الألماني يصل إلى كييف في زيارة رسمية    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟... أمينة الفتوى تجيب    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    عون يبلغ ابانيارا بأن الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض بقاء اليونيفيل في الجنوب    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    انطلاق القوافل الطبية العلاجية بالجيزة غدا- تفاصيل    ماذا يحدث للجسم عند تناول ماء الكمون مع الملح الاسود؟    هانى سرى الدين: ضريبة السجائر والكحوليات والبترول الخام ضمن الإصلاحات الهيكلية    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    حبس قاتل أمه ودفنها في الزراعات بالمنيا    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    دورتموند يتحدى مفاجآت مونتيري بدور ال16 بمونديال الأندية    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    آسر ياسين يكشف تفاصيل ارتباطه بزوجته: «حماتي قالت عليا بتهته في الكلام»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    مقتل شخصين في كمين استهدف رجال إطفاء في ولاية أيداهو الأمريكية    إصابة 3 أشخاص في حادث انقلاب سيارة جنوب العريش    يحيى الفخراني: أكتشف شيئًا جديدًا في نص «الملك لير» كل مرة    جوارديولا: مانشستر سيتي سيعاني أمام الهلال.. و«الزعيم» يفتقد الدوسري    عماد الدين حسين: أداء الحكومة في التعامل مع حادث الطريق الإقليمي يأخذ 4.5 من 10    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    «بيحب ويكره».. مدرب منتخب مصر السابق يهاجم حسام حسن بسبب شوبير والشناوي    بيت السناري يستضيف افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان الأراجوز المصري    ترامب يتهم جيروم باول بإبقاء معدلات الفائدة مرتفعة بصورة مصطنعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره طريق الإسكندرية الصحراوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي.. الحق لكل معاق!
نشر في صباح الخير يوم 24 - 11 - 2009

لكل منا اختياراته في الحياة، وقد يتمني الكثيرون أن ينجحوا في أن تكون لهم اختيارات سهلة، لكن هل يكافح البعض ويسعي للاختيار الصعب؟!
هذا ما فعلته هبة فتحي صادق - الفتاة التي ظلت تبحث عن العمل الذي يوافق طموحاتها وقدراتها، ورسالتها في الحياة، فبعد أن تخرجت في كلية الخدمة الاجتماعية - جامعة حلوان عام 2002، قررت أن تعمل في مجال المعاقين، لأنها ظلت تحلم بأن تتمكن من أن تكون وسيلة لحصولهم علي حقوقهم، أن تكون قادرة علي الدفاع عنهم، أن تشاركهم حلمهم في الخروج إلي العالم الخارجي والاندماج مع المجتمع، تحلم هبة بأن يعيش المعاقون حياة سوية في مجتمع يؤمن بأهمية تواجدهم معا، لهم نفس الحقوق، مجتمع يقبلهم ويحترمهم.
عملت هبة لفترة في مؤسسة التثقيف الفكري والأحداث الضالين المعاقين ذهنيا، دخلت عالم المعاقين، لكنها لم تتمكن من إخراجهم إلي العالم الواقعي الخارجي، لهذا سعت هبة للعمل كإخصائية اجتماعية بجمعية "شموع" لحقوق الإنسان ورعاية المعاقين، حيث إنها تري أنه سيكون المجال الذي يناسب حلمها ورؤيتها في مساعدة هؤلاء المعاقين، خاصة أن هذه الجمعية المشهرة برقم 3681 تعمل منذ تأسيسها عام 3002 علي أهداف مهمة، وهي تقديم المساعدة القانونية والخدمة الاجتماعية والاقتصادية لهم عن طريق رصد جميع الانتهاكات التي يتعرضون لها علي المستويات كافة.
تسعي جمعية "شموع" إلي مساعدة هؤلاء المعاقين لجلب حقوقهم في مجال "الحق في العمل"، و»الحق في المشاركة السياسية والفهم والتوعية السياسية"، وكذلك الانخراط في الحياة الاجتماعية العامة عن طريق إعداد كوادر قيادية في مجالات عدة حتي يتمكنوا من حل مشكلاتهم التي لن تحل إلا ب "الدمج والانخراط في المجتمع".
هبة فتاة تعمل ضمن عشرات في هذه الجمعية لتحقيق هذه الأهداف، لدرجة أنني أسألها عن نفسها، فإذا بها تجيب عن أهداف ورسالة الجمعية، أحدثها عن رؤيتها وسبب اختيارها لهذا المجال، فتتحدث عن قضية أعمق وأخطر وهي حقوق هؤلاء المعاقين، تتحدث عن قسوة المجتمع الذي يبدو رحبا، لكنه يعاني القسوة لدرجة أن هناك الكثيرين لا يسألون أنفسهم: ماذا لو كنت معاقا؟ ماذا لو كان أحد أطفالي أو أقاربي أو إخوتي من المعاقين؟ كيف كنت سأنظر لهم؟ كيف كنت أتمني أن ينظر المجتمع لهم؟!
للأسف.. نحن ننظر للمعاق نظرة سطحية لدرجة أننا لا نستطيع التفرقة بين المعاق ذي الإعاقة البسيطة أو ذي الإعاقة الكبيرة.
بنظرة خاصة وإنسانية تتحدث هبة عن عالم المعاقين الذي دخلته فقالت: لا تتخيلي مدي إحساسي بالوجع وبالعجز عندما أسمع من معاق داخل دور الرعاية يقول لي: "أنا ح أموت هنا".
للأسف يوجد شباب وأطفال في دور الرعاية غير مؤهلين نفسيا ولا اجتماعيا ولا سلوكيا، هذا بالإضافة إلي عدم تأهيلهم مهنيا، لذلك في الوقت الذي تكثف فيه الدولة والمؤسسات الرسمية جهودها لتطبيق حق المعاق في الدمج مع وفي المجتمع، نجد أن الواقع العملي داخل الكثير من دور الرعاية لا تقدم الخدمة أو التأهيل النفسي المناسب والمتزن لتحقيق هذا الهدف.
من خلال تجربتها تحكي هبة عن الواقع المؤلم والمؤسف الذي يتعامل به المعاق في المجتمع قائلة: أين حق المعاق في العمل والحصول علي أحقيته في النسبة القانونية المسموح لهم بها 5٪ بالتوظيف في المؤسسات وجهات العمل المختلفة.
وتعطي هبة مثالا "لأستاذ الجامعة الكفيف" الذي تقوم جمعية "شموع" بمساعدته قانونيا وقضائيا، حيث إنه حرم من الترقية في كليته بسبب الإعاقة.
للأسف.. المجتمع يتعامل مع المعاق بطريقة "كويس أوي إنك عايش، لكن مش مهم عايش إزاي وليه وما هي حقوقك«؟!
القصة التي روتها لي هبة تعطي صورة واضحة لمدي قصورنا في فهم "ما يحتاجه المعاق"، ففي المهرجان العربي الأول للمعاق عام 6002، الذي أقيم تحت رعاية جامعة الدول العربية، اشترك عدد كبير من "أبناء هبة" - كما تطلق عليهم - لتقديم عرض أوبريت "الليلة الكبيرة" في الجامعة البريطانية، وقدموا أداء رائعا أبهر الحاضرين.
والمفاجأة أنه بعد انتهاء المهرجان توقعنا أن يحدث تحرك إيجابي سواء من المهتمين أو من الجامعة العربية ليسألوا عما يريده هؤلاء المعاقون أو ينقصهم، لكن انفض المولد وكأن شيئا لم يكن، وهذه هي الكارثة، وهي أن الفكر الإداري لا يستثمر النجاح، فبدلا من أن يكون العرض المبهر وسيلة لجذب الأنظار لهذه الفئة التي ينقصها الكثير من الحقوق والرعاية والتأهيل اعتبر الناس أنهم حققوا لهم هدفا وقدموا لهم خدمة بالسماح لهم بعرض قدراتهم أو موهبتهم، فالرسالة معكوسة ومختلطة، وهذا ما سبب إحباطا كبيرا لي وللأطفال وللشباب المشتركين، لدرجة أنني لن أخفيك قولا بأنني "مزقت شهادة التقدير التي أخذتها لأنني وجدت أنها عبثية ولا قيمة لها، فالقيمة الحقيقية هي الانتباه الجاد والإيجابي لحقوق هؤلاء المعاقين. عندما سألت هبة عن مشروعها الحقيقي الذي تتمني تحقيقه فاجأتني، فهي لم تتحدث عن حلم شخصي لها كفتاة، لكنها قالت لي جملة واحدة "الأيتام المفقودين"!
بحماس إنساني رائع قالت: تخيلي "معاقا" ويتيما ومفقودا!
أليست كارثة إنسانية!
المشكلة أن الشرطة لو عثرت علي طفل أكبر من عامين لن يتم إيداعه في دار أيتام، بل سيتم إيداعه في مؤسسة أحداث معاقين، أي أن الطفل قد لا يكون في خطر، لكننا نضعه في المكان الخطر الذي سيجعله في خطر حقيقي، وذلك لأن المؤسسة لا تقدم الخدمة المناسبة للمعاقين، فهي ليست دارا للأيتام بها أم بديلة ورعاية، لكنها عبارة عن عنابر مفتوحة يختلط فيها الأطفال، والطفل المعاق ذو الثلاثة أعوام كأنه طفل رضيع عمره شهور، فكيف يترك ذلك الطفل مثلا بلا رعاية حقيقية؟ هل يتصور أحد هذه المأساة أن يترك طفل عمره العقلي شهور مع أطفال ذوي عشر سنوات مثلا؟!
المشكلة الأخري أن وزارة التضامن تعطي وتقدم تصاريح كثيرة للمؤسسات، لكنها لا تعطي أي وسائل تنظيمية.
هذا ما جعل هبة تسعي بشكل أساسي للتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة بإدخال خدمة البحث عن المفقودين الأيتام علي رقم 00061، لكن المطلوب الآن من المجلس أن يعلن بشكل كبير عن وجود هذه الخدمة حتي يتمكن أهالي المفقودين من محاولة العثور عليهم بطلب الرقم. تقول هبة: المشكلة أن التعاون الإعلامي والإعلاني محدود جدا في قضية الأيتام المفقودين، حيث إنه لا يوجد غير القناة الثالثة والقنوات المحلية في المحافظات هي التي تقدم هذه الإعلانات.
لذلك لابد من زيادة اهتمام التوجه الإعلامي نحو المفقودين الأيتام، ذلك بالاشتراك مع وزارات السكان والتضامن الاجتماعي والداخلية لأنها جميعها مسئولة في هذه القضية الاجتماعية الخطيرة، كما لابد من توعية الناس بعدم التقاط طفل مفقود بدلا من الإبلاغ عنه في محضر شرطة، فالبعض يعتقد أنهم يقومون بفعل خير وعمل إنساني، والبعض الآخر يأخذ الطفل المفقود "للاسترزاق به"، وهذه هي المشكلة الأخري، فنحن كمتخصصين نعرف الفرق جيدا بين الطفل الذي رماه أهله وبين الطفل التائه من أهله. لذلك المجتمع في حاجة إلي توعية بخطورة عدم الإبلاغ عن طفل مفقود قد يحرمونه من أهله إلي الأبد بسبب هذا الفعل.
تحلم هبة كثيرا للمعاقين وبحقهم في الحياة الكريمة الإنسانية، تحلم بمشروع إعادة تأهيل لليتيم المفقود وللمعاق، وتقول: نفسي نعمل لهم تشريح نفسي ونفهم نفسياتهم، نفسي نجعلهم مؤهلين للدمج في المجتمع لأنهم بهذه الطريقة هم خطر علي المجتمع، والمجتمع خطر عليهم.
سألت هبة: هل أنت متفائلة؟
أجابتني: لست متشائمة، لكنني أحاول توصيل أفكاري وأهدافي، وبصراحة ليس عندي فكرة ثابتة، لكن كل اللي "باقدر عليه باعمله".. لكن مشكلتي الأساسية هي "الإحباط".. لكن باقوم من تاني وأقول "لازم أجرب مرة تانية.. وما انسحبش"!
جميلة هبة، تلك الفتاة التي تتحدث عن عالم نكاد لا نعرفه، لكنها تعرفه وتحبه وتحلم بأن تكون قادرة علي إسعاد من فيه، تحلم هبة بتحقيق الحلم للمعاقين، حلم "الحق في الحياة الكريمة"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.