وصلتنى هذه الرسالة الصادقة من فتاة أوشكت على إتمام الثلاثين من عمرها، كتبت مُعلقة على "جلسة مغلقة" فى العدد الماضى والتى كنت طرحت فيها أهمية أن تفهم الفتاة معنى اختيار شريك الحياة ومعنى العلاقة الزوجية.. تساءلت الفتاة فى رسالتها.. "هل يجب ويلزم أن تختار الفتاة الشخص الذى يعيش في أحلامها، نحن نعيش فى مجتمع يحاكم المرأة بمنتهى القسوة على أى شىء "عنوستها، طلاقها، ترملها... إلخ" فصدقينى.. أنا أعانى من هذا الأمر، فقد طال الأمر ولم يتقدم أحد لخطبتى ثم التحقت بالعمل فى شركة كبرى وتوافد الخاطبون"غير الصالحين" ثم اضطررت لقبول زميل لى يقل عنى فى المستوى الاجتماعى والمادى، لكنه طيب، يحاول قدر الإمكان إرضائى حتى رغم أننا نركب المواصلات العامة المزدحمة، وإذا قارنت هذا الخطيب بفارس أحلامى، أجد أن الفارق كبير، والحقيقة أننى لا أعرف ماذا أفعل، هل أتراجع عن هذه الخطبة وأعاود الشعور بالوحدة والألم مرة أخرى.. أم أستمر فى إتمام الزيجة.. حائرة ومرتبكة.. ماذا أفعل؟! - عزيزتى.. ذكرت فى رسالتك كلمة توقفت أمامها لأنها أزعجتنى كثيراً.. وهى "اضطررت لقبول خطبة زميل لى يقل عنى فى المستوى الاجتماعى والمادى" لمجرد أنك تشعرين بالوحدة وقد بلغت 92 عاما!! كلمة "اضطررت".. تعنى أنك غير مقتنعة بهذا الشاب الذى تصفينه بأنه طيب وحنون معك.. والفرق كبير وشاسع بين أن تقبلى الارتباط والزواج من شخص أنت مقتنعة به تماماً لأنك تحبينه وتريدين إكمال حياتك معه، وبين أن تقنعى نفسك به لأن به مواصفات إنسانية جيدة. لهذا عليك أن تكونى صادقة مع نفسك ومعه، فنحن لا نتزوج رجالاً "طيبين" فحسب، كل منا يختار زوج المستقبل لأنه يحبه ويريد أن يمنحه الحب والعطاء ومشاركة كل تفاصيل الحياة، الزواج اندماج وتكافؤ ورحلة طويلة علينا أن نستمتع بصحبة من اخترناهم فى هذه الرحلة لا أن نتعامل مع الزوج على "أنه ونس".. أفضل من الوحدة، فهذا المنطق غير صادق وفيه الكثير من الأنانية لأنك دون أن تدرى قد تتسببين فى إيذاء هذا الشاب الذى قد يكون طيباً وحنوناً معك لأنه يحبك بصدق وأنت لاتبادلينه الحب، لكنك توافقين على منحه الحب لك.. وهذه أنانية وعدم تكافؤ.. لأن الحب تبادل فلن تشعرى بالحب إذا أعطيت واستمتعت بالعطاء فيه كاستمتاعك بالحصول على الحب فيه. أرجوك.. قبل أن تتخذى قراراً فى إتمام أو إلغاء هذه الزيجة.. عليك أن تراجعى عقلك وتتبعى قلبك وتسألى نفسك هذا السؤال: "هل علاقتى بخطيبى يتوافر فيها المعرفة والاحترام والاهتمام والمسئولية.. هذه العناصر الرئيسية الأربعة.. هل نتبادلها بمنتهى التوازن والحب والتلقائية بين بعضنا البعض"؟!! عليك أن تقيمى العلاقة وتختبرى مشاعرك جيداً.. وتتخيلى المستقبل مع هذا الشريك.. هل ستكونين سعيدة ومستمتعة.. لن تقبلى بأقل من أن تكونى سعيدة أو على الأقل راضية على أن علاقتكما بها الكثير من الإيجابيات التى ستخلق حياة مستقرة وهادئة وجميلة ومحترمة. لأن الاختيار الخطأ سيكون أسوأ بكثير من "الوحدة".. وقتها ستندمين وتقولين "ليتنى كنت وحيدة بدلاً من أن أكون زوجة تعيسة"!!؟