عبر ثلاثة أيام هى عمر المؤتمر السنوى السادس للحزب الوطنى الديمقراطى كانت الرسالة واضحة جدا من أجل المواطن البسيط ومن أجل زيادة الخدمات المقدمة إليه، والعمل على أن يصله حقه كاملا، ولذلك كان خمسة ملايين فلاح فى قلب سياسات الحزب ليس فقط من خلال ما خصص لقطاع الزراعة، وانما أيضا قضايا التشغيل والمواطنة والصحة والإسكان. جاءت رسالة المؤتمر واضحة فيما يتعلق بكونه ليس موجها للفقراء إنما يسعى لإرساء وتحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية ولذلك لم ينصب تركيزه على مشروع القرى الأكثر فقرا أو مكافحة الفقر فقط، ولكنه تطرق إلى السياسة الاجتماعية بشكل عام والإنفاق الاجتماعى فى الموازنة والعشوائيات، وأعلن عن مشروع مكافحة الفقر فى المدن لمواجهة ظاهرة العشوائيات ولامس القضايا الجماهيرية المتعلقة بحياة المواطن اليومية مثل ورقة الصحة التى شملت مناقشة النظام الجديد للتأمين الصحى ودور الدولة والمواطن فى هذا النظام وكيفية تطبيقه بما يجعله مظلة تمتد لتشمل جميع المواطنين، وكذلك قضية مكافحة الإدمان التى طرح الحزب خلال المؤتمر سياسات علاجية تمثلت فى إنشاء مجموعة من المستشفيات المتخصصة فى علاج الإدمان بالمحافظات وفقا لخطة زمنية محددة بالتزامن مع بدء حملة قومية للتوعية بمخاطر الإدمان تشارك فيها الدولة ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المختلفة، كما طرح فى المناقشات مجموعة من الأفكار الخاصة بمراجعة التشريعات الخاصة بمكافحة الإدمان استهدفت تطوير هذه التشريعات وسد الثغرات القائمة فيها وتبنى الحزب تقوية الإطار المؤسسى لمكافحة المخدرات وزيادة موارده المالية، وخاصة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لمجلس الوزراء. وأخذت قضايا التعليم أيضا جانبا من المناقشات التى تناولت النظام الجديد للثانوية العامة والقبول بالجامعات من خلال إجراءات تخفف العبء عن كاهل الأسرة وتنهى الرعب الدائم من هذه المرحلة التعليمية وتواكب النظم العالمية فى التعليم بما يدعم الابتكار وينمى الإبداع ويوفر التأهيل المناسب لكل كلية أو تخصص فى الجامعة. ولم يفت المؤتمر التعرض لواحدة من القضايا المهمة وهى قضية اللا مركزية التى طرحت ضمن مجموعة من السياسات الجديدة لتطبيقها فى عدة مجالات وتوسيع النطاق الجغرافى لها فى مجال التعليم ما قبل الجامعى والمياه والصرف الصحى وزيادة الصلاحيات المالية للمحليات. كما أعلن خلال المؤتمر عن القانون الجديد للتأمينات والمعاشات الذى يجرى إعداده حاليا ويتلافى سلبيات القانون الحالى ويعطى مزايا جديدة لكل مستفيد أهمها حصوله على معاش تتراوح نسبته ما بين 65 إلى 75فى المائة من إجمالى آخر أجر حصل عليه المستفيد، ومن المقترح أن يطبق على الداخلين الجدد إلى سوق العمل أو من يعملون حاليا وتقل أعمارهم عن 53 عاما بينما يظل الباقى تحت مظلة القانون الحالى، ويمنح القانون الجديد معاشا فى حالتى العجز والوفاة تبلغ قيمته 65 ٪ من قيمة آخر أجر قبل حدوث العجز أو الوفاة حتى ولو لم يكن قد مر عليه سوى يوم واحد، وهو أفضل كثيرا من القانون الحالى المعمول به، والذى يمنح أصحاب هذه الحالات 350 جنيها فقط، والجديد فى المشروع أيضا أنه يتضمن تأمينا ضد البطالة حيث يتم صرف دفعات شهرية لمدة نصف عام فى حالة البطالة تبلغ 60 ٪ من قيمة إجمالى الأجر الفعلى الأخير قبل حدوث التقاعد. وقد جاءت كلمات القيادات الحزبية مؤكدة على مفهوم "العدالة الاجتماعية" التى هدف المؤتمر لإعلاء قيمتها، حيث أكد السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب أن ما حققته حكومة الحزب الوطنى جاء التزاما أمينا بالبرنامج الرئاسى ونجاحا فى المضى لتحقيق الالتزام به فى ظل أزمة عالمية واجهتها بنجاح مجموعة من المبادرات التى أنقذت البلاد من هوة الركود والانهيار وحققت زيادة حجم الاستثمار فى البنية الأساسية وفى دعم قطاعات الإنتاج والخدمات والتزمت بسياسات تحقيق العدل الاجتماعى لفئات المجتمع الأكثر احتياجا بسياسات دعم مشروعات القرى الأكثر فقرا ومواجهة الأزمات الصعبة والمختلفة، ولذلك جاءت أوراق السياسات محددة للأولويات منحازة للمطالب الملحة لكافة القطاعات. وأكد الشريف أن الحزب يعلن من خلال المؤتمر أنه وأعضاءه منحازون للمواطن ومعبرون عن آماله وطموحاته. وهو نفس ما أكد عليه الدكتور زكريا عزمى الأمين المساعد للتنظيم والعضوية والمالية والإدارية خلال جلسات المؤتمر وخلال كلمته الرئيسية التى قال فيها إن المؤتمر يأتى تحت شعار "من أجلك أنت" واضعا نصب عينيه خدمة المواطن وتوجيه رسالة للمجتمع مفادها أن توفير سبل الحياة الكريمة له هو كل ما يصبو إليه الحزب. وفى إطار مفهوم العدالة الاجتماعية والشفافية أعلن عزمى أن الحزب نجح فى تنمية موارده التى تأتى من اشتراكات العضوية وتبرعات الأعضاء بعد أن تم تعديل المادة 61 من اللائحة المالية للحزب والتى تخضع لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات، كما أكد عزمى أن الحزب يلتزم التزاما دقيقا بالإجراءات القانونية السليمة فى التعامل مع القضايا المرفوعة منه أو ضده وأن الحزب لايضيع أيا من حقوق الغير ويحرص على حل جميع نزاعاته وفقا لما يقضى به القانون، كما أن الحزب الوطنى له رسالة ضد أى انحراف ولايقف مع مخطئ ولكنه يواجهه مهما كان وضعه الحزبى ولن يتستر على أى عضو تثبت إدانته، وفى هذا الشأن تم شطب وإسقاط عضوية بعض الأعضاء الذين ثبت قيامهم بمخالفات وهذه سياسة الوطنى لأننا لا نتكلم عن المبادئ كشعارات فقط ولكننا نقوم بإرسائها والعمل بها. ومن جانبه قال أحمد عز أمين التنظيم أن مصر خلال الخمسة أعوام الماضية تسير للأمام باقتصاد قوى ومستوى معيشى ارتفع عما كان عليه، كما زاد متوسط الدخل السنوى الحقيقى للفرد وبلغت نسبة الزيادة للموظفين فى رواتبهم مائة فى المائة. وهناك مليون مصرى اشتروا سيارات جديدة فى نفس الفترة منها ربع مليون سيارة تم شراؤها عام 2008 فقط، وهو ما يعنى أن 250 ألف أسرة امتلكت سيارات جديدة خلال عام واحد، واشترت أكثر من 200 ألف أسرة وحدات إسكان اقتصادى أو متوسط وعملت إحلالا وتجديدا لبيوتها فى الريف، وتم توفير 5,3 مليون فرصة عمل خلال 4 سنوات، وفى عام 2008 تم توفير أكثر من 700 ألف فرصة عمل منهم 600 ألف شخص تم التأمين عليهم وزادت معدلات الالتحاق بالتعليم الخاص عاما بعد آخر، ورغم هذا التحسن فى الأوضاع يعلم الحزب أن كل ذلك ليس كافيا، لكن المسيرة مستمرة والأمل موجود رغم الأصوات التى تتحدث عن تآكل الطبقة الوسطى وأن المواطن لا يشعر بالنمو لكننا مستمرون فى رسالتنا الحزبية الموجهة للمواطن والتى تهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية. ومن جانبه أكد السيد جمال مبارك الأمين العام المساعد، أمين السياسات فى تقريره أمام المؤتمر السنوى السادس أن الوضع السياسى تغير فى مصر، وأن المجتمع يشهد الآن تحولا نحو الأفضل، وأن الحزب ماضٍ فى طريقه دون التفات إلى حملات المشككين والمغرضين الذين يرددون شعارات لا تصنع مستقبلا، ولايدخلون فى حوار حقيقى حول تفاصيل البرامج والمشروعات التى يطرحها الحزب وتنفذها حكومته، وقال إن الحزب لايبتكر الحلول ولكن لديه رؤى محددة. وأوضح أن السياسات التى يطرحها الحزب متاحة للجميع ولا تتم فى غرف مغلقة، وأن الحزب يرحب بالحوار مع المعارضة البناءة فى المجتمع للوصول إلى أفضل السياسات التى تخدم المواطن البسيط وتسهم فى تنفيذ البرنامج الانتخابى للسيد الرئيس. وأشاد جمال مبارك بمساحة الحرية والاختلاف فى الرأى التى أصبحت متاحة، مؤكدا أن الجدل الذى يشهده المجتمع الآن حول الانتخابات الرئاسية هو نتاج لسياسات الحزب ومبادراته فى تعديل المادة 76 فى عام 2005، والتعديلات الدستورية اللاحقة فى عام 2007، وما تبعها من مبادرات تمثل أبرزها فى تخصيص حد أدنى لمقاعد المرأة فى البرلمان، ووضع ضوابط جديدة للحبس الاحتياطى، وإلغاء محاكم أمن الدولة العليا، وإنشاء محكمة الأسرة، وإعداد قانون حماية الطفل، والتأكيد على استقلال القضاء، وإدخال تعديلات على قانون مباشرة الحقوق السياسية. وأوضح جمال مبارك فى كلمته أن الحزب وحكومته حققا العديد من الإنجازات، ولكن مازالت هناك تحديات فى مجال إيصال النمو إلى جميع المحافظات وشرائح المجتمع، وأن سياسات الحزب قادرة على التصدى لهذا التفاوت وفق سياسات وبرامج مدروسة أهمها مشروع الاستهداف الجغرافى للفقر فى القرى الأكثر احتياجا، وتوصيل الخدمات الأساسية إلى جميع نجوع مصر، وأشار أمين السياسات إلى أن برامج الإنفاق الاقتصادى والاجتماعى موجهة لجميع المحافظات دون تفرقة، ولكن هناك أولوية الآن لتطوير الألف قرية الأكثر فقرا. وأكد أن الحزب الوطنى هو حزب الاستثمار وتوفير فرص العمل للشباب، وأنه ليس حزبا لرجال الأعمال كما تردد المعارضة، وأن الحزب يتبنى حاليا سياسات لتطوير التعليم فى جميع مراحله، وتأهيل الشباب لسوق العمل، مشيدا فى ذلك بتغير ثقافة الشباب نحو الوظيفة الحكومية. وأوضح أن الحكومة قد نجحت حتى الآن فى توفير 4,3 مليون فرصة عمل منها 07٪ وفرها القطاع الخاص. وشدد أيضا على ضرورة ألا يقف طموحنا على البرنامج الانتخابى وأن يتركز تفكيرنا على ما هو أبعد من البرنامج لأن لدينا طموحا أكبر من ذلك بكثير للمرحلة القادمة فى الخمس سنوات المقبلة.