تدرج الاهتمام بالعمل الاجتماعى من المظهرية تشبها بأوروبا، إلى الاهتمام بالطبقة المتوسطة من أبناء الوطن، إلى أن أصبح منذ الربع الأخير من القرن العشرين عملا اجتماعيا منظما.. أساسه البحث العلمى والدراسة المجتمعية المتأنية والمصحوبة بالتحليل العلمى. وإذا كانت الرائدة هدى هانم شعراوى هى رائدة دخول المرأة المصرية إلى جانب الرجل فى الحركة الوطنية لمقاومة الإنجليز، وأيضاً اهتمامات الدكتورة درية شفيق ببنات الطبقة المتوسطة العاملة، فإن السيدة الأولى سوزان مبارك هى رائدة العمل الاجتماعى الحديث الذى يقوم على أساس الدراسة الميدانية والبحث العلمى لوضع خطة للنهوض بالمجتمع وأبنائه من أبناء الأحياء الشعبية وتحسين الأموال المعيشية والظروف البيئية لهم. وفى هذا المجال خاضت السيدة سوزان مبارك معارك اجتماعية مبنية على الدراسة ووضع خطة للتنفيذ وإشراك أبناء المجتمع فى تنفيذ الخطة. العمل الاجتماعى للتنمية وتطوير المجتمع هو الأساس فى خطوات السيدة الفاضلة سوزان مبارك. ولعل أصدق ما قيل عن الجهد الذى تبذله السيدة سوزان مبارك ما كتبه المفكر الاشتراكى الراحل الأستاذ لطفى الخولى المحامى ورئيس تحرير مجلة الطليعة التى كان يصدرها الأهرام ثم توقفت. كتب لطفى الخولى فى جريدة الأهرام: يشد الانتباه فى واقعنا المصرى المعاصر منذ سنوات عمل ونشاط سيدة متميزة فى المجتمع تثير التقدير والاحترام. تبدو هذه السيدة التى تمتلك حسا عاليا من المواطنة المسئولة يتجسد فى المشروعات الكبيرة والصغيرة التى تتصدى لإنجازها، كما لو كانت موظفا عموميا كادحاً، يسعى بدأبه الذى لا يكل وحرصه البالغ على إجادة تخطيط وتنفيذ ما يقوم به حتى يكسب رضاء رؤسائه، والفوز بترقية أو علاوة فى النهاية، ولكن أى رؤساء وأى علاوة؟! تستطيع هذه السيدة أن تعيش راضية قانعة بالراحة والتبجيل فى كنف زوجها الذى يتولى مركزا مرموقاً لدى أهل بلده. وكان يمكن أن تكتفى فى حياتها بممارسة الطقوس الاحتفالية وتكتسب الوجاهة الشرفية فى المجتمع. ويستطرد الأستاذ لطفى الخولى قائلا: لم تقبل هذه السيدة بحكم تكوينها الثقافى والتزامها الاجتماعى ووعيها بدورها كمواطنة، أن تكون سجينة الطقوس الاحتفالية، أو ألا تتجاوز بنشاطها دائرة الأعمال الخيرية، وقررت أن توظف طاقتها ووضعها المتميز فى خدمة تطوير المجتمع وتحديثه، وذلك من خلال استنهاض القوى الذاتية المختزنة - دون استغلال - تحت جلد الغالبية العظمى من الرجال والنساء العاديين، والمثقفين وذوى الخبرة، ورجال الأعمال. وفى هذا المجال ركزت السيدة المتميزة على أربعة عناصر ضرورية لإعداد النوعية البشرية المصرية المؤهلة لاقتحام القرن الحادى والعشرين وتحدياته الثقافية والعلمية، والروحية والتكنولوجية والاقتصادية والقيمية غير المسبوقة. والعناصر الأربعة حددتها فى: أولاً: تأهيل المرأة والأمومة. ثانياً: تربية وتكوين الطفل المعاصر. ثالثاً: تحديث التعليم نهجاً وأساليب. رابعاً: هندسة وجدان المواطن بالثقافة والفنون. باختصار قادت السيدة المتميزة كتيبة النساء والرجال المتطوعين معها؛ عملية نفض الصدأ عن روح المجتمع، الأمر الذى يجعله يعيد شحن نفسه بحيوية الخلق والابتكار وصنع سفينة المستقبل الخاصة به والتى تؤمنه من مخاطر العولمة القادمة. هذه السيدة الموظف العمومى لدى المجتمع المصرى تحمل اسم (سوزان) وهى قرينة السيد حسنى مبارك رئيس جمهورية مصر العربية. كانت السطور السابقة كلمات من القلب نطق بها المفكر والكاتب الصحفى لطفى الخولى وهو يتابع نشاط السيدة الفاضلة سوزان مبارك قبل أن يرحل عن دنيانا. أما عمنا وأستاذنا الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى فقد كتب تحت عنوان: "هى.. الوجه الثقافى المضىء لمصر المحروسة" كتب عبدالرحمن الأبنودى فى مجلة آخر ساعة عام 8991 يقول: هذه السيدة "الخيرة" لا تضيع العمر هباء، ولا الأيام سدى، وإنما يمثل الوجه الثقافى المضىء لمصر المحروسة هاجسا حقيقياً لديها. ليست كل نساء القمة على شاكلة واحدة ومن ينظر إلى ما تحققه السيدة الفاضلة "الخيرة" "سوزان مبارك" من عمل صالح فى جميع مجالات النشاط اجتماعية، وثقافية، وإنسانية، يعود إلى التربة الأصيلة التى نبتت منها. إن إيمانها بالعمل من أجل فقراء بلادها يمثل أحد همومها الكبيرة ويخرجنا من صمتنا لنتقدم إليها باسم كل من لحق بهم معروفها، وأمدت إليهم أياديها الطيبة بتحية واجبة وخاصة جداً باسم كل من أضيروا من الزلازل، وباسم كل الأطفال الذين عادوا إلى مدارسهم التى تهدمت بعد أن أعيد بناؤها ليكملوا مسيرتهم نحو الغد على تراب هذا الوطن. إن اهتمام السيدة سوزان مبارك بطفل القرية الذى لم يلتفت إليه أحد من قبل يعطيها ريادة إنسانية متميزة فى عمل غير مسبوق. ليست كل نساء القمة على شاكلة واحدة، بل إن مواقعهن تشكوهن إلى الله.. عليهن إن خلصت نياتهن لخدمة هذا البلد أن يتخلصن من روح التكسب الشخصى والمنفعة الذاتية وأن يتبعن القدوة الصالحة المتمثلة فى شخص السيدة الفاضلة الخيرة "سوزان مبارك". حرصت على انتقاء بعض كتابات المفكرين المصريين عن نشاط السيدة سوزان مبارك، لأن الكتابة عن هذا النشاط ليس من باب النفاق أو التقرب إلى السلطة الحاكمة، ولكنها رصد أمين يعكس واقعاً نعيشه ونلمسه؛ فالسيدة الفاضلة سوزان مبارك لا تعلن عن أعمالها، ولكنها تتحدث عنها بعد استكمالها والانتهاء منها. فمثلاً هذا الأسبوع خطفت رجلى إلى مرسى مطروح، وهناك شاهدت حديقة رائعة باسم حديقة سوزان مبارك يستمتع فيها الأطفال وأسرهم بقضاء وقت ممتع فى هذه الحديقة التى تتوسط مدينة مطروح. كما أن محافظة مطروح أقامت فى واحة سيوة مركز سيوة الحضارى الذى أقامته القوات المسلحة على مساحة ألفى متر مكعب بتكلفة بلغت أربعة ملايين من الجنيهات، ويهدف المركز إلى النهوض بالمرأة السيوية من خلال إنشاء فصول محو الأمية وإتاحة الخدمات الصحية لها، كما أنشأت المحافظة الوحدة الإنتاجية التى أقيمت على مساحة خمسة آلاف متر مربع، وقاعة المؤتمرات التى أقيمت على مساحة ألف متر مربع ويضم المركز جناحا لرعاية الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة وعيادات طبية للأطفال والأسنان، ومعملا للتحاليل الطبية علاوة على ثلاث مكتبات للأسرة تم تزويدها بصالة ألعاب ومركز تدريب الحاسب الآلى ومكتبة للسيدات وأخرى للطفل ويهدف المركز إلى النهوض بالمرأة السيوية من خلال تقديم خدمات محو الأمية والخدمات الصحية فى مجال رعاية الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة وتعليم الفتاة السيوية أعمال الحياكة والتريكو. وهكذا نرى السيدة سوزان مبارك لا تهتم فقط بالمدن الكبيرة فى المحافظات، ولكنها تهتم أيضا بالأماكن النائية مثل واحة سيوة. وكما قال الأستاذ لطفى الخولى إنها حددت أربعة عناصر لخدمة المجتمع فى مصر وهى تأهيل المرأة والأمومة وتربية تكوين الطفل المعاصر وتحديث التعليم وهندسة وجدان المواطن بالثقافة والفنون. ومشروعات السيدة الفاضلة سوزان مبارك مستمرة فى جميع أنحاء مصر لأنها تتابعها بنفسها وتطالب المتطوعين بكتابة تقارير أسبوعية وشهرية عن الخطط وتنفيذها فى جميع المواقع، هذا بالإضافة إلى أنها من حين لآخر تفاجئ المواقع بزيارات ميدانية لتتفقد العمل بنفسها. لقد أصاب لطفى الخولى وعبدالرحمن الأبنودى كبد الحقيقة وهما يصفان السيدة سوزان مبارك بالإنسانة الخيرة، والموظف العمومى الكفء الذى لا يكل ولا يمل العمل يومياً وبدأب شديد. ولعلى أكون هنا قد أوضحت بداية العمل الاجتماعى المنظم على أساس علمى وهو النظام الذى وضعته السيدة سوزان مبارك وضربت لنا به المثل أمام الذين يريدون السير فى طريق التنمية عن طريق العمل الاجتماعى للنهوض بمصر.