محمد بن عبد الله.. رجل واحد قلب تاريخ البشرية رأسا على عقب..خرج من قلب بادية العرب.. لينير العالم كله بدين سهل وبسيط.. تحادث فيه ربك دون وسيط.. وتفترش أى بقعة طاهرة لتصلى لخالق الكون العظيم.. فتغرق فى مناجاة طويلة مع خالقك دون حجب.. عندما سئل عن لب رسالته قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، قال عنه ربه وربى.. "وإنك لعلى خلق عظيم"
بسيط وعادل.. رقيق القلب، طيب المعشر.. متواضع وكريم.. حين وصف نفسه قال "ما أنا إلا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة".. وليس كما يفعل بعضنا بالتفاخر بالحسب والنسب.. أمر الناس بالتوحيد والعدل والمساواة والأمانة..،وألزم نفسه قبل غيره بها..وقال: طِيب المعشر ورقة اللفظ وتبسمك فى وجه أخيك صدقة..
"قل: آمنت بالله، ثم استقم" ذاك ما نصح به أعرابيا حين سأله عن الدين الكامل.
هذا هو دينى.. دين لم أرثه ميراثا فقط.. ولكننى اعتنقته عن قناعة كاملة، فما باله قد تحول لسفسطة حمقاء حول وجوه النساء وكفوفهن، ولحى الرجال وثيابهم..من ذاك الذى اختطف دينى فلم يعد منه إلا تفاصيل تثير الغيظ والحنق..ويدفعنا فيه مجموعة من المدعين يطلقون لحى ويهزون رؤوسهم كالعالم ببواطن الأمور وهم يجهلون جوهر ذاك الدين السمح الجميل..
دينى هذا ليس دينا مبتسرا بحاجة لأن يوضع فى حضانة خوفا عليه من نسمة الهواء.. إنه دين ولد فى الهواء الطلق.. أنزله ربى ورب كل العباد ليطرد أمامه كل الأساطير والقيود التى وضعها البشر على عقولهم.. دين يعلى شأن العقل والتفكير والحرية فى الحكم والقياس.
دينٌ خرج به مجموعة من الناس أبسط منا.. وأخلص منا.. وأكثر حرية فى التفكير والسؤال والاعتراض فما بال كل هذا قد تحول لمصيبة عند هؤلاء القوم.. الخروج عن العادة كفر لايعدله كفر حتى لو كانت العادة فى الأصل خطأ.. يفكرون نيابة عنا.. ويقررون نيابة عنا وعن الله سبحانه وتعالى نفسه.. من أسلم ومن كفر.. من على صواب ومن على خطأ ، من يدخل الجنة ومن يخلد فى النار.. وعندما يطلب منهم كلمة حق فى فتوى جريئة أراهم يتهربون ويخشون أصحاب المصالح الدنيوية مثلما حدث عندما طالبنا بفتوى جريئة بمنع رحلات الحج والعمرة هذا العام درءاً لوباء الأنفلونزا الذى اجتاح العالم رغم وجود قياس منذ أيام رسولنا الكريم.. ولكن هكذا هم يملأون الدنيا صراخاً وفتاوى فيما لاطائل منه ويتقاعسون عن أداء مسئوليتهم الأساسية..وأجدنى أتساءل:
من أين أتى هؤلاء بكل هذه الجرأة فينزع أحدهم الدين عن الآخر.. والأدهى.. من أين يستقى كل هؤلاء مصادرهم.. إن كانت غير موجودة فى صلب الدين نفسه!!
من هو الذى يملك تفويض من الله فيحكم على دين هذا ونوايا ذاك؟؟ كيف يبيحون عمليات إعادة العذرية للبنات المغتصبات.. فيفتحون باب الغش والخطيئة على اتساعه.. ثم يتحدثون عن تغطية النساء لوجوههن وعدم مخاطبة الرجال أو الخروج للعمل.. أو حتى قيادة السيارات وارتداء البنطلون.. من منطلق سد باب الذرائع.. فلا نحن عرفنا متى يسدون باب الذرائع.. ولا متى يفتحونه على مصراعيه.
لماذا أفسد هؤلاء الفقهاء الذين لا يفقهون من الحديث أكثره دينى وشوهوا صورته فبات دين العنف والانتقام واللامنطق.. وأصبحنا نحن أمة ضحكت من جهلها الأمم.