محسن محيي الدين من مواليد شبرا في 1/11/1959 كان من المفترض أن يتخرج سنة 1984من معهد السينما قسم الإخراج ولكن تعطل تخرجه حتي 1988نظرا لانشغاله في الأعمال الفنية.. رصيده أكثر من عشرين فيلما بخلاف المسلسلات الدرامية. أعتزل الفن فجأة بعد أن أطلق لحيته.. واعتبر أن الفن حرام وتزوج زميلته الفنانة نسرين التي تحجبت واعتزلت الفن. اليوم خرج عن صمته بعد عشرين عاما وتحدث عن رحلته ما بين البعاد والعودة رحلة ضمت بداخلها رحلات عديدة نحو الله ونحو الذات ونحو الفن والواقع، تحدث معي كفنان ومخرج ومؤلف ومذيع وأيضا كقلب بداخله إنسان له فكر ورؤية خاصة جدا. ∎ بداية سألته: هل سقوط النظام السبب المباشر في عودة محسن محيي الدين؟ - ومن قال لك إنني ابتعدت عن الأضواء طوال العشرين عاما الماضية؟ لقد كنت متواجدا علي الساحة الإعلامية والفنية فلقد قدمت برامج كثيرة من خلال شاشة قناةart وقناة «إقرأ» علي سبيل المثال برنامج «محمد عظيم الدنيا والآخرة» و«حبيب الله» و«شباب الإسلام» و«أنوار الصالحين» و«إيمانيات» الذي قدمت فيه لأول مرة الشيخ محمد حسان وعلي المستوي الفني كتبت أعمالا للطفل عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وسنته الشريفة من خلال حلقات مسلسلة عنوانها «يوميات عبدالله» كانت تذاع علي قنوات الart ولم تكن تذاع أعمالي علي القنوات المصرية وفضائياتها! ولقد قدمت عملا سينمائيا بعنوان «الانتفاضة» وتم رفضه من الرقابة وذلك مع بداية الانتفاضة الفلسطينية وكان يتحدث عن هجرة شباب مصر إلي إسرائيل وزواجهم من اليهوديات لينجبوا لنا أعداء تحت اسم سياسة التطبيع أيضا قدمت عملا فنيا بعنوان «الخيط الضعيف» عن علاقة المسلمين والمسيحيين وهو موجود علي شبكة الإنترنت ولكن ما حدث أن النظام السابق كان يعلم أن الدين الإسلامي قوي وسيجعل الإنسان مدركا لحقوقه وواجباته وهذا مالا يريده النظام السابق والنتيجة أننا بعدنا عن الله والحقوق اتلخبطت وكل واحد راح يدور علي حقه علي حساب الثاني حتي اختلت الموازين وعشان كده كنا بنضيع وهذه هي غاية النظام السابق لهذا ووسط هذه الأمور كان لازم أن أقف وقفة مع نفسي وأعرف إيه اللي لازم أقدمه أو لا أقدمه. ∎ سألته: تركت تألقك الفني وكنت بطلا لأفلام يوسف شاهين صف لي رحلتك الداخلية ولقاؤك مع ذاتك؟ - أجابني: فيما مضي كنت أتصور أنني مصلح وأنا أقدم أي عمل فني والحقيقة أنني أدركت خطأ هذا كله فأنا كنت أعمل بفكر بشر وليس بفكر الله وأدركت أن الموهبة ليست ملكا لصاحبها ولكنها هي موجودة في كل إنسان كي يسخرها لله تعالي فيفيد بها الناس لا أن يضرهم.. الواحد زمان كان بيمثل دور عشان الناس تنبسط ولكن آن الأوان أن يدرك كل إنسان أن عليه دوراً ورسالة للنهوض بأخلاق الناس ومبادئهم وفكرهم ولهذا قررت أن أبحث وأقرأ وأسمع كثيرا لأتعرف عن دوري الحقيقي في الدنيا فلقد كان السؤال الدائم بداخلي هو: أنا في الدنيا ليه؟ وعشت فترة صعبة وكل ما أدخل مشروعاً تجارياً أفشل فيه وظل بي الحال هكذا لمدة ثلاث سنوات من غير شغل وخلالها جاءني عرض من الفنانة نيللي لمشاركتها في عمل الفوازير وهذا كان حلم حياتي ولكنني اعتذرت لها فلقد اتخذت طريقي لله تعالي ولن أقدم عملا سوي الأعمال التي تساهم في زيادة المعرفة والوعي والدين والأخلاق.. وذات يوم وبينما أنا أصلي في أحد المساجد اقترب مني رجل وعرفني بنفسه وبأنه أحد العاملين في منظمة الإغاثة الإسلامية السعودية وعرض علي أن أكتب عملا للأطفال في هذه المنظمة وبالفعل التقيت مع المسئولين فيها وكنت أول من قدم دراما للأطفال في هذه المنظمة وكتبت وأخرجت عملا بعنوان «فريق الإغاثة» وهو من سبع حلقات وحقق نجاحا كبيرا بفضل الله ثم توالت العروض علي وقدمت برامج دينية لقناتي art وإقرأ. ∎ سألته: أعلم أنك التقيت بالشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله حدثني عن ذكرياتك معه؟ - أجابني: تعلمت منه الكثير ولكنه تحمس لزوجتي نسرين ورحب باجتهادها وتعلمت من الداعية عمر عبد الكافي والشيخ محمد حسان ووجدي غنيم وأدركت أن الطريق إلي المعرفة والعلم يبدأ بالسمع الجيد لازم تسمعي كويس كل الآراء والاتجاهات وتسمعي بدون كبر فأغلب الناس للأسف بتسمع بكبر ثم عليك بأن تبحثي وتفكري كويس ثم تسألي الله العون انظري لكلام الكفار حينما جاء علي لسانهم في القرآن «وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير» هذا يؤكد لك أن الاستماع الجيد ضروري للمعرفة وعندما عملت في البرامج الدينية كان علي أن أتعلم الكثير وأكثف بحثي ودراستي. ∎ سألته: ما رأيك فيما تشهده الساحة السياسية من تعدد الفرق الإسلامية؟ - أجابني: هذه الفرق الإسلامية سأشبهها بمثال كانت زوجتي نسرين تقوله... كانت تقول لو تخيلنا أن هناك فيلاً وجئنا بمجموعة لا تعرف ما هو شكل الفيل وأغمضنا أعينهم وتركنا كل منهم يتعرف عليه ثم عدنا وسألنا كل واحد ما الفيل؟ - أحدهم: الفيل له أذن كبيرة فقط وأجاب آخر: الفيل له زلومة طويلة فقط، ورد الثالث: لا الفيل له جسد ضخم فقط!! إلخ فإن كلا منهم سيعتقد أنه يملك الإجابة الصحيحة والدقيقة لشكل الفيل في حين لو اجتمعت كل الآراء فإنها ستعطي الوصف الكلي لهذا الفيل! وهذا ما يحدث في الأحزاب الإسلامية أن كل حزب منهم لديه جزئية من العلم في الدين الإسلامي مختلفة أو مكملة للآخر هذا الاختلاف له حكمة وميزة وهو أننا نسمع بعضاً مش نحارب بعض كما يحدث الآن لابد لهذه الأحزاب أن تتوحد فالإسلام تعلمناه من النبي صلي الله عليه وسلم. فالله فرض الدين علي العباد وتركهم يختارون ولو فكر أحد في أن يفرض علي الناس شيئا فسوف يخلق مجتمعا من المنافقين ظاهرهم غير باطنهم. فالمسلم سواء كان بذقن أو من غير ذقن، وسواء كان بجلابية أو ببدلة جينز. المسلم هو الإنسان السمح، سمح إذا باع وسمح إذا اشتري وإذا تحدث وإذا تعلم أو علم غيره، فالرسول الكريم قال له الله تعالي: «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك» والرسول أوصانا بأهل الكتاب خيراً.. فلابد لكل الاتجاهات إسلامية وغير إسلامية أن تتوحد فأنا ضد أغلبية الحزب الواحد أيا كان مسماه ولكن أنا مع توحد كل الاتجاهات تحت هدف واحد وطريق واحد! ∎ سألته: خلال العشرين عاما هل تابعت الدراما والسينما المصرية والعالمية؟ - أجابني: كنت أتابع ولكن برؤية جديدة وهي ماذا يريد أن يقوله الآخر لنا وما هي رسالته وكيف يحاربنا ويبث أفكاره من أجل هدمنا كعرب وكمسلمين وذلك من خلال أعماله الفنية، أنظري للأفلام الأمريكية أغلبها دروس في الإرهاب والسرقة والنصب والجنس وغياب القيم والدين وللأسف احنا بقينا صورة بهتانة بنقلدهم فقط أصبحنا مجرد مسخ لا هوية لنا ولا نمطاً يميزنا فأنا أتابع الفن بعين تترجم ما وراء السطور وبينها. ∎ سألته: حدثني عن فيلمك الجديد الذي ستقدمه خلال عام 2012« الخطاب الأخير»؟ - أجابني: فؤجئت أن الرقابة وافقت عليه بدون إبداء أي ملاحظات ولقد قمت بكتابة هذا الفيلم وهو من إخراجي أيضا وسأضطر أن أمثل فيه دور الحاكم لأن نجوماً كثيرين خافوا من تقديم هذا الدور وهذا الفيلم يضم نجوما كباراً ساهموا بتنازلهم عن أجورهم الكبيرة ويضم عدداً كبيراً من الشباب والوجوه الجديدة كلهم ساهموا بدون أجر في سبيل تحمسهم لفكرة الفيلم ورسالته فهو يتحدث عن أن الحكام كلهم بقوا نفس الفكر والتعامل والرؤية كلهم شخصية واحدة وهذا أقدمه في قالب الكوميديا السوداء فهي فانتازيا هدفها الاتعاظ ويضم الفيلم استعراضات ستقدم بشكل جديد ورؤية مختلفة عما هو معتاد عليه في الأفلام وسيضم الفيلم مواهب جديدة في الموسيقي التصويرية وكتابة الأغاني والديكورات وسيقوم ابني أحمد بعمل جرافيك الفيلم ولكنه لن يقوم بالتمثيل فهو لم يتحمس لهذا منذ أن شارك في طفولته في أحد الأعمال الفنية. ∎ سألته: الفيلم يضم استعراضات ألا يتعارض هذا مع التزامك الديني؟ - ضحك ضحكته الشقية قائلا: كثيرون يعتقدون أن الدين يحجم الخيال وهذا ليس صحيحا يمكنني أن أقدم إبداعي في حدود القيم والدين فلا تحاولي أن تحصلي علي تفاصيل أكثر عن الفيلم. ∎ سألته: كيف تريان أعمالكما الفنية عندما يعاد عرضها علي الشاشة؟ - قال لي: أنا ونسرين لا نشاهد أنفسنا في أي عمل قدمناه فهذه هي طباعنا من قبل اعتزالنا للفن فنحن لا نحتفظ بأي أشرطة لأعمالنا ولا أي صور فوتوغرافية لنا حتي الأعمال التي قمنا بإنتاجها سويا مثل مسرحية «نسرين صانعة الألعاب» وفيلم «شباب علي كف عفريت» ولكن نسرين لا تزال حتي اليوم تحب مشاهدة مسرحية «سك علي بناتك» كلما عرضت في التليفزيون تضحك كلما شاهدتها