تكتفي الفنانة الكبيرة هند رستم بمشاهدة أفلام يوسف شاهين وعادل إمام أما الجيل الجديد من الفنانين فتشاهدهم بالصدفة عن طريق التليفزيون، ورغم ذلك فهي ترفض السينما الجديدة بسبب العنف غير المبرر والشتائم وأفلام العشوائيات مؤكدة أن مصر ليست بهذه الصورة السيئة التي يقدمونها بها.. هند ترفض لقب ملكة الإغراء وتري فيه إهداراً لموهبتها الفنية كما تري أن الفن السينمائي اليوم ليس مرآة للمجتمع ولا يعبر عن مشاكله. قضايا عديدة قد ناقشناها مع واحدة من جيل الفنانات الكبار اللاتي أثرين السينما المصرية بالعديد من الأفلام الخالدة. في البداية ما رأيك في السينما الحالية؟ - في الحقيقة أنا لا أري إلا أفلام يوسف شاهين أو عادل إمام.. وبالنسبة لنجوم الجيل الحالي فأنا أعرفهم «من بعيد» وأحيانا أري أفلاماً معروضة في التليفزيون ولكن صعبة جدا في نقدي.. فعندما أري إعلاناتها أتساءل عن دور الرقابة فهي مليئة بالسب والشتائم والعنف غير المبرر. مصر ليست بهذه الصورة والتليفزيون يدخل جميع البيوت ونحن هنا نعلم الأطفال جميع الأشياء السلبية دون أن نشعر بذلك. إذن ترين أن الرقابة لا تقوم بدورها؟ - بهذه الصورة نعم الرقابة لا تقوم بدورها علي الإطلاق فالرقابة هي الأم الكبيرة للمشاهد ومن المفترض أن تراقب كل ما يعرض وترفض ما يسيء للمشاهد. وهل تعتقدين أن السينما نجحت في التعبير عن الواقع أم قدمته بصورة مغايرة للحقيقة؟ - طبعا لا فنحن لدينا مشاكل كثيرة لم تعالجها السينما أهمها البطالة ولكنها ركزت علي العنف والعشوائيات نعم لدينا عنف ولكن ليس بهذه الدرجة المبالغ فيها. ملكة الإغراء لقبت بملكة الإغراء و«مارلين مونرو الشرق» فماذا يمثل لك ذلك؟ - أنا لم أقدم الإغراء بل قدمت الزوجة الدلوعة، المرأة المعجبة بشكلها وجسدها، جمالها ولا أعتقد أنه ليس هناك امرأة غير معجبة بنفسها فكل امرأة تملك قسطا من الإغراء قد يظهر في الابتسامة أو النظرة أو الحوار. كما أنني أرفض الإغراء المبتذل وعندما قدمت إغراء قدمته بصورة محترمة وفي سياق العمل. وبالنسبة للقب ملكة الإغراء فقد ظلمني كثيرا لأنه يوحي بأن صاحبته تتربع علي عرش الأنوثة والإغراء فقط بينما المتتبع لأعمالي يري أنني قدمت أدوارا متنوعة اعتمدت علي مقدرتي التمثيلية وليست الجسدية. فقدمت حوالي 124 فيلما منها حوالي 20 عملا بهم إغراء وتشبيهي بمارلين مونرو لم يسعدني بل أسعد بلقب هند رستم فقط. قدمت فيلمين مع فريد الأطرش ولم تتعاملي مع العندليب فما السبب؟ - كان من المقرر أن أشارك عبدالحليم حافظ في فيلم «أبي فوق الشجرة» وكنت سعيدة جدا بذلك لأنه كان سيعرض معه في نفس العام فيلم «الخروج من الجنة» ولكني عندما قرأت السيناريو لم أجد نفسي فيه فاعتذرت للمخرج حسين كمال ولإحسان عبدالقدوس. بماذا تشعرين عند رؤية أعمالك حاليا؟ - أحيانا أكون سعيدة وأحيانا أخري لا فهناك أفلام حسب السن والوعي والتفكير وأنظر إليها حاليا بأداء آخر ورؤية أخري كما أنقد نفسي كثيرا. وهل تشعرين بالرضا عن جميع أعمالك؟ - بالطبع لا أرضي عن جميع أعمالي فهناك بعض الأعمال قدمتها من باب المجاملة وهذا خطأ كبير وأخري من أجل المال والمظهر حيث يريد الفنان أن يظهر بمظهر حسن وأخري من باب التواجد فمهما كبر اسم الفنان لابد له أن يتواجد ولكن لدي بعض الأفلام التي أعتز بها ومنها «شفيقة القبطية» وهي قصة حقيقية و«الراهبة»، «الجبان والحب»، «باب الحديد»، فجميعهم أولادي ولكن هناك أبناء عصاة. وما العمل الذي تمنيت تقديمه ولم تتمكني؟ - كنت أتمني تقديم دور «مريم المجدلية» وكنت مرشحة له بالفعل وكان العمل مشتركا مع بعض الدول العربية والأجنبية ولكن كان يتم سحب البساط من السينما المصرية في ذلك الوقت ولم يسمح لبعض الفنانين بالعمل في الخارج وتوقف المشروع. الجيل الحالي ما رأيك في الجيل الحالي ومن هي خليفة هند رستم؟ - أعتقد أن الجيل الحالي مظلوم ويعاني كثيرا بسبب الظروف الحالية وكثرة عدد الفنانين فهو جيل حائر لا يجد من يقف بجواره، عندما ظهرنا كان يقف معنا نجوم كبار ولا أنسي مساعدة وإرشاد الفنان حسين رياض أو الفنانة فردوس محمد وغيرهما من كبار مخرجينا. والجيل الحالي ينقصه مخرج واع ومثقف يوجهه والمخرج هو الذي «يبرز» النجم ويقدمه للجمهور وسمعت عن تدخل بعض الفنانين في عمل المخرج كأن تطلب نجمة من المخرج أن يصورها من الزاوية التالية. وأذكر عندما أبديت ملاحظة للمخرج صلاح أبوسيف في فيلم «بين السما والأرض» اعترض وقال أخرجي مكاني الفيلم فلم أكررها. ولا أعتقد أنه توجد فنانة أخري تشبهني أو تعد خليفة لي فكل فنان له أسلوبه، طريقته الخاصة به. إذن ما ميزات جيلك؟ - كان يسوده الحب والتفاهم وروح الفريق وأيضا احترام العمل، ذوق الجمهور والحرص علي إرضائه فكان يحرص علي تقديم فن بالمنطق والعقل عكس ما يحدث حاليا. وكنت أبكي بعد الانتهاء من كل عمل فني بالإضافة إلي المايسترو أو المخرج فكان ذا شخصية قوية يعلم ويرشد ولا يسمح بتدخل أحد في عمله وقد عملت مع كبار مخرجينا سواء صلاح أبوسيف، حسين كمال، فطين عبدالوهاب، ولكن للأسف لم أعمل مع كمال الشيخ. السير الذاتية ما رأيك في طوفان السير الذاتية؟ وهل توافقين علي تقديم حياتك في عمل فني؟ - لقد رأيت العديد من الأعمال التي تناولت سير العديد من الفنانين ولم أعجب بها بل علي العكس تماما فهي لم تقدم الحقيقة ولن تستطيع تقديمها كما يجب ويشوبها نوع من المبالغة كما أرفض تقديم حياتي فهي ملكي وملك أسرتي والأفضل لكتابنا أن يقدموا للجمهور قصة واقعية لأن كتابة السير الذاتية فقر كتابة. من هو الفنان الذي يجذب انتباهك حاليا؟ - رغم أنني غير متابعة لنجوم الجيل الحالي ولكن لفت انتباهي خالد صالح في فيلم هي فوضي وأعجبت به وأتوقع له مستقبلا فنيا وكذلك منة شلبي ومن المطربين أعشق نانسي عجرم وإليسا وأموت في شقاوة ودلع هيفاء وهبي. من هم الفنانون الذين تحرصين علي الاتصال بهم؟ - مريم فخر الدين، سميحة أيوب، وماجدة الصباحي، حيث أعشقها فهي «بنت بلد وجدعة» وكذلك نبيلة عبيد وإلهام شاهين. من هو الشخص الذي تدينين له بالفضل في مشوارك الفني؟ - المخرج الكبير حسن الإمام وله فضل كبير علي فهو شخصية قوية ومميزة وشرسة أثناء العمل وهذا لصالح الفنان ولكن علي الجانب الإنساني فقد كان إنسانا معطاء وخيرا. ما الذي أخذه الفن منك وما أضافه إليك؟ - الفن لم يأخذ مني شيئا بل علي العكس أضاف لي الكثير من حب الناس والشهرة والمجد والمال. ألم يراودك الحنين للوقوف أمام الكاميرا؟ - لا. فقد اعتزلت الفن وعمري 42 عاما عندما قدمت بعض الأعمال التي لم تلق نجاحا في ذلك الوقت فقد تغير مناخ السينما واختفي المخرج الدؤوب والقصة الجيدة.. كما ظهر بعض الفنانين المغرورين فرفضت العمل في هذا المناخ وقررت أن أعتزل وأحتفظ بصورتي الجميلة لدي الجمهور وأفلامي الناجحة وكذلك ذكرياتي الجميلة مع زملائي. رفضت الرجوع رغم كل الإغراءات والمحاولات فكنت أتمني أن أعيش جو الأسرة وأتفرغ لزوجي وابنتي الوحيدة. ألم تشعري بالندم علي قرار الاعتزال مبكرا؟ - لم أندم علي قرار اتخذته فلقد اخترت الطريق الصحيح فما الفائدة التي كنت سأجنيها إذا تركت أسرتي وتفرغت تماما للفن ففي النهاية سأكون وحيدة ولكن ما أندم عليه هو أنني لم أقدم عملاً أو مسلسلاً تليفزيونياً كنت أتمني تقديم ولو مسلسل واحد فالفيديو يدخل جميع البيوت وله طعم ومذاق خاص وقد عرض علي أكثر من مسلسل بعد اعتزالي الفن ولكن الظروف لم تكن مناسبة فرفضت. عودة النجوم لكن بعض النجوم عادوا بعد فترة غياب؟ - هذا شيء جميل وسعدت جدا بعودتهم لأن هذا يعني أنهم سيقدمون لنا فنا جميلا وراقياً ذوا قيمة عالية فلقد تعبت عيوننا مما نراه علي الشاشة، نريد أن نري فناً حقيقياً وسعدت بعودة شويكار وسمعت أن فاتن حمامة ستقدم مسلسلاً ولكنها اعتذرت وأتمني أن تعود ماجدة الصباحي ولكني حزنت عندما رأيت بعض الأعمال التي قدمها عمر الشريف بعد عودته من أمريكا فهي لا تليق بفن أو شهرة عمر الشريف ربما لعبت المادة دوراً قوياً ولكنه لم يقدم أعمالاً قوية بعد عودته، مصر صنعت شهرته وليس أمريكا. كيف تقضي يومك وما هواياتك؟ - أستيقظ مبكرا في الرابعة صباحا وأقوم بإعداد القهوة لنفسي ثم استعد لقراءة الصحف في السابعة صباحا وأمارس حياتي بشكل طبيعي. وبالنسبة لهواياتي ركوب الخيل والسباحة ولكن توقفت عنهما بعد إجراء عملية قلب مفتوح ولكن حاليا أقرأ الصحف وبعض الكتب الفلسفية والأدبية خاصة لإحسان عبدالقدوس فأنا أعشق كتابته. ما أبرز عيوب هند رستم؟ - العصبية والعناد.. وكان المخرج حسين الإمام وفطين عبدالوهاب يلقبونني «بعند رستم» وكذلك التدخين الكثير رغم أنني منعت عنه. ولمن تلجئين وقت الشدة؟ - صعب جدا أن ألجأ لأحد عندما أكون في حالة ضيق أو شدة، من أبرز عيوبي الكبرياء ولا أحب أن يراني أحد أثناء ظروفي السيئة. لو عاد بك الزمن هل ستختارين نفس طريقك؟ - نعم لن أختار غير الفن فأنا عاشقة له ولم أشعر يوما بالندم لاحترافي الفن رغم مقاطعة أهلي. أخيرا كيف ترين تجربتك الفنية؟ - كانت تجربة سعيدة وفرحت بها وقد أعطاني الفن حب الناس والشهرة والمال ودخلت مجالاً مختلفاً عن المجالات الأخري من حيث نظرة المجتمع إليه وأشكر الله علي نجاحي في تلك التجربة وماذا أريد أكثر من ذلك.