سؤال مفاجئ وجهه لى حفيدى.. هو الجيش اللى كان أيام ما حسنى مبارك سقط غير الجيش ده؟ ليه الجيش ده وحش كده؟ أصابنى الخرس.. ولم أجد ما أرد به على الطفل الصغير الذى كان يتابع باهتمام ما أشاهده على شاشة الكمبيوتر دون أن أنتبه.. سؤاله أعادنى بالذاكرة عشرة شهور للوراء.. نفس الطفل احتضنه أحد ضباط الجيش مساء يوم سقوط الطاغية ساعة خرجنا نحتفل فى ميدان التحرير ببداية عصر جديد (أو هكذا كنا نعتقد يومها) حمله الضابط بين يديه وسأله حتطلع إيه لما تكبر؟ تفاجأ صغيرى بالسؤال فلم يرد.. فأكمل الضابط مجيبا على سؤاله: تطلع ضابط، وأكمل: ضابط جيش.. وابتسم الصغير وهز رأسه بالموافقة وانطلقنا جميعا نؤيده بصدق. نفس الطفل أوقعه الجيش الآن فى حيرة من أمره وهو يتابع القسوة والوحشية التى يتعامل بها مع بنات وولاد.. مشاهد خجلت من عدم انتباهى أن هناك من تابعها معى دون أن أدرى.. وبقى السؤال الذى أوجعنى: هو ليه الجيش بقى وحش كده؟ تشاغلت ولم أجبه.. فيكفى تحطم الصورة لدينا نحن الكبار ولا داعى أن تنكسر نفس الصورة لدى جيل فى بداية الوعى.. لا داعى لأن يدرك مبكرا أن جيشنا لم يعد هو جيشنا.. فجيعتنا فيه كبيرة لو كان السادة القائمون على الأمور يدركون!! بعد مضى كل هذه الشهور التى أذاقنا فيها المجلس العسكرى المر.. لم يعد هناك شىء يغيظنى أكثر من العبارة التى يلوكها الجميع كاللبانة دون أى تفكير.. قال إيه المجلس العسكرى لم يتعود ممارسة السياسة وهذا سبب تخبطه فى إدارة البلاد.. كان يمكن تقبل هذا الكلام الممجوج فى البدايات الأولى.. يوم خرج أول اعتذار مبطن عقب تصرفات همجية شبيهة بما يحدث الآن.. وقالوا يومها: رصيدنا لديكم يسمح.. وقتها كان يمكن تقبل مقولة أنهم لم يتعودوا ممارسة السياسة.. ولكن وبعد مرور عشرة أشهر بكل التجارب المريرة التى مررنا بها تصبح هذه المقولة مرفوضة جملة وتفصيلا.. فالواضح لكل ذى عينين أن المجلس يمارس السياسة بحرفية عالية للوصول لهدف معين وضعوه نصب أعينهم من اليوم الأول ولا أعرف كم سيلزمهم من الشهداء والمصابين بعاهات ليدركوا أن ما يريدون الوصول إليه بعيد المنال جدا. الدكتور الجنزورى والذى تحول بحكم المنصب إلى »شاهد ما شافش حاجة« يريدنا أن نكذب أعيننا ونصدقه، فعلى الرغم من عشرات الفيديوهات ومئات الصور واللقطات الحية من مواقع الأحداث والتى تصرخ ليل نهار على شاشات التليفزيونات »غير الرسمية طبعا« بكل ما يحدث.. الدكتور خرج علينا فى مؤتمره الصحفى قائلا إنه لم تطلق رصاصة ولم يتم أى اعتداء من قوات الأمن على المتظاهرين أو المعتصمين...!! يا خبر أسود يا دكتور يعنى نصدقك ولا نكذب عنينا؟!! أى أمن الذى تقصده يادكتور. هو فعلا لم تكن هناك قوات أمن لو كنت تعنى الشرطة.. ولكن كان هناك الجيش.. فهل تريد أن تفهمنا أنك لم تتابع أو لم تشاهد صوراً لضباط الجيش يصوبون مسدساتهم وبنادقهم لصدور أولادنا فى الشارع لم تشاهد أفراد القوات المسلحة يعتلون سطح مجلس الوزراء والمبانى المجاورة له يلقون بوابل الحجارة ويلوحون بأيديهم بحركات بذيئة لايأتى بها إلا الصيع والبلطجية؟!! دماء الشباب الأبرياء التى سالت ألم تحرك داخلك أى شىء.. بأى ذنب قتلوا يادكتور؟ هل شاهدت الشباب الذين سحلوا فى الشوارع على يد أفراد من الجيش وكيف كان الضرب بوحشية وغل غير مبرر على الإطلاق وبتعمد أن يكون الضرب على الرأس عشرات المرات.. ألم تشاهد الفتاة التى سحلت وهتك عرضها على الملأ واستأسد عليها رجال الجيش المصرى فلم يكتفوا بتعرية جسدها على الطريق بل انهالوا عليها بالضرب.. ترضى أن يحدث هذا لبنتك؟ أجبنى أرجوك. ليه قلوبهم انتزعت منها الرحمة؟!! لم تحولوا إلى وحوش تنهش أعراض النساء وتفتك بالشباب؟ وبعد كل هذا تحتد على مذيع قناة العربية وتسأله شفت بعينك؟ أيوه يادكتور أنا شفت وكلنا شفنا ومش مسئوليتنا إن أنت ماشفتش.. أو بمعنى أدق مش عايز تشوف. أما أصحاب »الإسلام هو الحل« وأصحاب »أختى كاميليا وأختى عبير«.. المشغولون بعد الأصوات التى جمعوها ودماء خيرة شباب مصر تسيل فى الشوارع والبنات تهتك أعراضهن ويضربن.. فكل ما أرجوه أن يدركوا جيدا أن ما حدث منذ أدرتم ظهركم للثورة بداية من أحداث محمد محمود وانتهاء بواقعة قصر العينى قد أسقط كل الأقنعة عنكم.. وإسلامنا برىء منكم.. أنتم مجرد ظاهرة صوتية.. لكن الدين الذى نعرفه هو المعاملة، هو الدفاع عن الشرف والعرض، هو نصرة المظلوم، هو إعلاء كلمة الحق. هذا هو ديننا.. فهل مازال هو دينكم .. للأسف الميه كدبت الغطاس ..!!؟