استيقظت من نومى على جرس التليفون فكانت المتحدثة زميلتى فى أيام الدراسة والتى تعيش فى الخليج، فقالت لى ذنبى فى رقبتك أنا وزوجى وأولادى بعد أن سمعت كلامك وأنهيت عقدنا فى الخليج مع نهاية العام للعودة إلى أرض الوطن. قلت لها: لماذا القلق والخوف من العودة؟ قالت شوفى تونس حيعملوا إيه فيها الإسلاميين، تونس اللى هى أكثر بلد ليبرالى فى الوطن العربى يريدون لطالبات الجامعة ارتداء النقاب فما بالك فى مصر ماذا سيفعل بنا الإسلاميون لو مسكوا الحكم؟ قلت لها ضاحكة أنت منذ عشر سنوات فى الخليج أى أن المسألة ستكون سهلة بالنسبة لك تعودتى على أزيائهم وعاداتهم، فردت عليا غاضبة، كلها مظاهر شكلية ولكن الحقيقة مختلفة فمن الذى أدخل قنوات الغناء والرقص فى القنوات الفضائية مش روتانا وإيه آر تى؟! من هم أكثر زبائن الملاهى الليلية فى مصر ولبنان من هم أكثر سائحى لندن وباريس؟! قاطعتها قائلة: مهلا على يا حبيبتى ذنبك ليس فى رقبتى مصر غير أى بلد وشعبها صاحب حضارة وتاريخ ويعلم جيداً ماذا يريد، وحتى صبره على الفساد والظلم والحكام دائما كان برضاه، ولكن عندما يثور لا يقف أمامه أحد ولا خراطيم مياه ولا الغاز القاتل ولا الرصاص المطاطى. ثم قلت لها فاكرة قبل حرب أكتوبر كانت الناس بتقول إن انتصارنا على إسرائيل من رابع المستحيلات وبالمناسبة أنا سألت والدك وقتذاك يعنى إيه رابع المستحيلات وقال لى الغول والعنقاء والخل الوفى والرابع الشىء الذى لا يمكن تحقيقه وانتصرنا. ثم قلت لها تتذكرى عند كل لقاء بيننا كنا نتحدث عما وصلت به بلدنا من تأخر وتخلف فى كل شىء كنا ننهى حديثنا بأن الشعب تعود على هذه الأوضاع والممارسات وأنه من رابع المستحيلات يثور على ما هو فيه وكل واحد بيحاول يحل مشكلته بطريقته الخاصة أو بالسفر أو الهرب. قاطعتنى قائلة بمناسبة السفر قبل الاتصال بك اتصلت بابتهال وسارة وسونيا وسمير فوجدت ابتهال سافرت لندن لتعيش فيها مرة أخرى وسارة بتبيع شقتها وحترجع لندن وسمير حيسافر فرنسا أما سونيا فأخيرا وافقت تسافر لابنها فى أمريكا، كلامها أحزننى على أصدقائى فقاطعتها قائلة يا منى المارد لم يخرج من القمقم لم يعد له مرة أخرى المصريون بعد اليوم لن يسمحوا لأحد مهما كانت هويته أن يقهرهم مرة أخرى أو يخدعهم الناس تريد حقها فى العدل والحرية والعيش بكرامة ولو أى حد مسك الحكم ولم يحقق لهم مطالبهم سيخرجوا من كل فج عميق مثل ما حدث فى يوم 25 يناير بل وأكثر، الناس ملت من الوعود والشعارات، الشعب يريد لقمة وهدمة نظيفة وفرصة عمل شريفة ودواءه عند مرضه، فجأة انقطع الخط الشحن خلص والكهرباء مقطوعة فى منزلى، وربنا يولى من يصلح لهذا الشعب الطيب العظيم.