عاد مشهد الاشتباكات مرة ثانية إلى ميدان التحرير فى ليال لم ينم فيها المصريون من خلال التظاهرات التى قام بها العديد من الشباب فى التحرير، وساعات طويلة من الفر والكر بين المتظاهرين وقوات الأمن التى اعتدت على المتظاهرين، وسيطرت سحابة من الدخان على سماء الميدان، نتيجة استخدام قوات الأمن للقنابل المسيلة للدموع، لمطاردة متظاهرى التحرير، فيما قابلهم المتظاهرون بإلقاء الحجارة مرددين الهتافات المعادية لهم. وبعد ساعات من المواجهات والكر والفر أجبر المتظاهرون المتواجدون فى ميدان عبدالمنعم رياض قوات الأمن المركزى على الانسحاب إلى ميدان التحرير، بعد أن قاموا بإشعال النيران فى الحواجز الأمنية، كما واصل المتظاهرون الهجوم على قوات الأمن المركزى، فيما قام الأمن بتكثيف هجومهم على المتظاهرين باستخدام القنابل المسيلة للدموع والطلقات المطاطية. كما نظم المئات من المتظاهرين مسيرات حاشدة باتجاه مبنى وزارة الداخلية بشارع محمد محمود، والذى شهد حالة من الغليان بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى، مرددين الهتافات المعادية بالإضافة إلى ارتفاع بعض الأصوات التى نادت باستقالة حكومة شرف والتسليم الفورى للسلطة، حيث رفع المتظاهرون فى الميدان لافتة كبيرة لعلم مصر ومكتوب عليها «الشعب يريد مجلس رئاسى مدنى»، مطالبين برحيل المجلس العسكرى، وتسليم السلطة للمجلس الرئاسى المدنى، فيما قامت قوات الأمن المركزى بتكثيف تواجدها أمام وزارة الداخلية، وأحاطت قوات الأمن بالوزارة تماماً، وشكلت كردوناً أمام البوابة الرئيسية بشارع الشيخ ريحان، ومنعت مرور السيارات وأغلقت المنطقة تمامًا.. وقد شهد الميدان تواجد اثنين من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية هما الدكتور محمد سليم العوا وحازم صلاح أبو إسماعيل. العوا أوضح قائلا: إنه على حكومة الدكتور عصام شرف واللواء منصور عيسوى وزير الداخلية، أو أى شخص يحدث فى عهده ما حدث للثوار اليوم من إطلاق للنار وقنابل مسيلة للدموع، أن يقدم استقالته فوراً، مضيفاً «كنا هنا بالأمس مسالمين ومصابرين ثم ذهبنا فضربوا إخواننا، ونحن منذ اليوم فى ثورة مستمرة لاستعادة الحقوق التى سلبت من الشعب المصرى»، محملاً المجلس العسكرى والحكومة المسئولية على حد سواء. وشدد العوا على أنهم سيلجأون إلى العصيان المدنى عندما يحين وقته، مشيراً إلى ضرورة الإفراج عن جميع من تم اعتقالهم اليوم، ومن تم القبض عليهم فى المستشفيات، وضرورة عودتهم اليوم إلى بيوتهم. والمثير للدهشة أن حازم صلاح أبوإسماعيل كان من أبرز من أشعل الفتنة داخل ميدان التحرير من خلال تصريحاته الرنانة بضروة النزول إلى الميدان ونصرة إخوانهم وقال إن ميدان التحرير هو صاحب القرار النهائى فى إدارة المرحلة الانتقالية، وليس أى جهة أو سلطة، مناشداً جميع المتظاهرين عدم مغادرة الميدان، ومعلناً أنه سيعتصم حتى تتحقق مطالب الشعب. هذا فى الوقت الذى أرسلت فيه 68 شخصية عامة وسياسية و11 من شباب الثورة خطاباً إلى المشير محمد حسين طنطاوى، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتضمن 6 مطالب رئيسية للخروج من الأزمة الراهنة، على رأسها تشكيل حكومة إنقاذ وطنى تعبر عن روح الثورة المصرية، وتتمتع بجميع الصلاحيات وتتولى وضع الدستور. ومن بين الموقعين، علاء عبدالمنعم وعبدالله السناوى وبهاء طاهر وحسن نافعة ومحمد أبوالغار ومحمد نور فرحات. فيما طالب عمرو موسى المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المجلس العسكرى، بعقد اجتماع عاجل مع جميع الأحزاب والأطياف والقوى السياسية لمناقشة الوضع الراهن والاتفاق على مخرج حقيقى للأزمة التى تمر بها مصر. ووصف موسى الأحداث التى شهدها ميدان التحرير أمس ب«التدهور الخطير»، مشيرا إلى أن ما حدث ينذر بنتائج خطيرة للغاية على استقرار مصر وعلى مستقبل العملية الديمقراطية، بل وعلى ثورة 25 يناير نفسها. وطالب موسى بوقف كافة المواجهات بين المتظاهرين، ويجب وقف استخدام العنف ضد المتظاهرين فالتظاهر والاعتصام حق سلمى للجميع، مطالباً الجميع بأن يضعوا أمن مصر فوق كل اعتبار. ومن جانبه أكد حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن إدانته البالغة لسلوك رجال الشرطة تجاه المتظاهرين سلمياً بميدان التحرير ولجوء الشرطة إلى الاستخدام المفرط للقوة مما أدى إلى إصابة العشرات من المتظاهرين سلمياً، وطالبت المنظمة رجال الشرطة بضبط النفس والتعامل مع المتظاهرين والمواطنين وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التى تضمن الحق فى التجمع والتظاهر السلمى. وأشار إلى أن تلك الأحداث تعد تطوراً خطيراً فى مجريات الأحداث على الساحة المصرية إذ أنها تعطى انطباعاً للعامة لأن ثمة شيئاً لم يتغير منذ ثورة 25 يناير وأن الأمور مازالت كما هى من حيث أسلوب تعامل رجال الشرطة مع المتظاهرين، وشددت المنظمة على ضرورة ضبط النفس من جانب كلا الطرفين والاحتكام إلى صوت العقل واللجوء إلى تطبيق قواعد دولة القانون، وطالبت المنظمة النائب العام بضرورة فتح تحقيق عاجل وفورى فى الأحداث من أجل الوصول إلى المتسببين ومحاكمتهم. حزب الشعبى الوحدوى كما أكد حزب الشعبى الوحدوى تحت التأسيس أن مشاهد العنف التى يمارسها رجال الشرطة بحق المعتصمين فى ميدان التحرير تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عقلية رجال الشرطة فى مصر لم تتغير رغم قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير. كما يحمل الحزب كافة القوى السياسية التى زجت بالمصريين فى طرق بعيدة أدت إلى تقسيمهم وتفرقهم لمجموعات صغيرة تبحث عن أهداف حزبية وسياسية خاصة بعيداً عن الأهداف الثورية الحقيقية التى من أجلها خرج المصريون فى الخامس والعشرين من يناير.. ويدعو جميع القوى الثورية وجموع الشعب المصرى لإنقاذ الثورة والنزول إلى ميدان التحرير للاعتصام من جديد حتى تتحقق جميع مطالبنا الثورية.. فثورة يناير قامت من أجل التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية ومازالت الأوضاع كما هى والحرية مسلوبة والعدالة الاجتماعية حلم نتطلع إليه.. ويطالب الحزب المجلس العسكرى بتحديد جدول زمنى لتسليم السلطة للمدنيين من خلال إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية فى موعد أقصاه أول مايو المقبل. وأكد أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط أن ما حدث من هجوم على المعتصمين يعتبر تصرفا أحمق، موضحا إننا لانقبل الاعتداء على المتظاهرين السلميين، وقال إن تظاهرة الجمعة كانت لها عدة مطالب وهى تسليم السلطة فى موعد محدد. وأكد أبو العلا أن الخروج من هذه الأزمة يكون بالاعتذار عن العدوان الذى جرى وبيان إيجابى عن المجلس العسكرى. ومن جانبه أكد د. حمدى عبدالحافظ القيادى فى التحالف الاشتراكى أن ما حدث فى ميدان التحرير يؤكد أن الوضع الأمنى فى البلاد مازال غير مسيطر عليه وينبئ بتطورات خطيرة من خلال تكرار حلقات العنف والاشتباكات وهذا ليس فى التحرير فقط ولكنها تكررت فى محافظات الوجه القبلى. وأشار إلى أن ما يحدث من تصريحات من بعض التيارات «تصريحات مستفزة وتمس هيبة الدولة». وقال إن هذه الاشتباكات تهدف إلى إثارة القلائل وتأجيل الانتخابات. لافتا إلى أنه لابد ألا نستسلم لهذه الأمور التى تعود بنا إلى الوراء. وأكد سامح سيف اليزل الخبير الأمنى أنه لابد أن نفكر فى شكل مصر خارجيا فى هذا التوقيت الحرج فيما نقوم به من أفعال سواء مظاهرات أو احتجاجات لأن الأمر لايتوقف على النظر إليه محليا فقط ولكن أيضا دوليا. وأضاف أن ما يجرى يجعل علينا مسئولية كبرى بأن نراعى الله فيما يحدث فى مصر، لأن الأمر لم يعد مجرد مظاهرة أو احتجاج ويتوقف الأمر عند هذا الحد. فنحن نتسبب فى «وقف حال البلد بأيدينا» لأن هذا يؤثر على أى استثمارات تأتى إلى مصر. وقال إن الأحداث التى وقعت تهدد بعدم إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات فى موعدها، مما يستدعى ضرورة التعامل مع مثل هذه الأمور بشكل سياسى وليس أمنيا. لافتا إلى أننى أخشى أن تبدأ المرحلة الأولى ثم يتم للأسف وقف الانتخابات ولوحدث هذا فإن ذلك يعنى الرجوع إلى الوراء، مشيرا إلى أن الدعائم الرئيسية للديمقراطية هى الانتخابات والبرلمان وقال إنه لو تم تأجيل الانتخابات فإن ذلك يعنى طول الفترة الانتقالية. وأبدى المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة سابقا قلقله من تطور الأحداث المؤسفة داخل ميدان التحرير بهذا الشكل. وقال إن مجموعة من مصابى الثورة قد قررت الاعتصام فى أعقاب انتهاء فاعليات جمعة المطلب الوحيد الجمعة 18 من نوفمبر، وقامت بإنشاء خيام فى منطقة الصينية وسط ميدان التحرير إلا أنهم فوجئوا فى الساعات الأولى من صباح اليوم بهجوم مجموعة من رجال الأمن عليهم فى محاولة لتفريقهم وفض الاعتصام بالقوة مما أدى إلى نشوب اشتباكات بين الطرفين نتج عنه إصابة عدد من المعتصمين وتم إلقاء القبض على عدد منهم أفرج عن معظمهم من معسكر الأمن المركزى بالدراسة متسائلا لماذا نضطر إلى أن ندخل فى هذه الدائرة كل مرة؟! منتقدا فض الاعتصام بالقوة، لافتا إلى أن الحكومة غائبة متسائلا لماذا أصرت جحافل الشرطة على فض الاعتصام بالقوة مما ينذر بتطورات خطيرة خلال المرحلة المقبلة