وانقسم المثقفون على إمكانية وضع تشريع يقنن عدد مرات العمرة ما بين مؤيد ومعارض للفكرة، حيث أكد البعض ضرورة تدخل الحكومة، بينما فضل البعض الآخر أن يتم ذلك عن طريق الوعى وأئمة المساجد والدعاة دون فرض قانون على الشعب المصرى الذى تتمحور آمال الأغلبية العظمى منه على زيارة بيت الله والموت بجانب قبر الرسول. فى البداية يقول الروائى يوسف القعيد: يجب تقنين مسألة العمرة وأن تكون بالأولويات بداية تكون لكبار السن ولا تتكرر غير مرة واحدة ومن يريد الذهاب أكثر من مرة تفرض عليه ضريبة مشيرا إلى أن مقولة اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع لن يتعقلها مجتمع يحكمه الإخوان والسلفيون. ويوضح القعيد أنه يمكن أيضا تقنين مسألة حيازة الأموال مع المعتمرين لأن ثلاثة أرباع من يسافرون يكونون من تجار الشنطة، وأن الأموال التى تصرف فى الخارج أولى بها المجتمع المصرى. الأديب الراحل الذى تحدثنا معه قبل وفاته بساعات خيرى شلبى يرى أن هناك لوثة دينية غير رشيدة فى مصر منذ فترات النكسة وتزايدت فى العشرين عاما الأخيرة بصورة مذهلة حيث يتوهم هؤلاء أن الإكثار من الحج أو العمرة يمحو الذنوب فضلا عن نسبة لا يستهان بها من تجار الشنطة ونسبة لا يستهان بها ممن يذهبون للعمل هناك ما بين فترات العمرة والحج ونوع آخر يذهب عدة مرات فى العام وهذه الظاهرة تشكل ثقلاً على الاقتصاد المصرى، ومصر الآن فى أشد الاحتياج إلى الأموال، ولو أن الأموال التى أنفقت هذا العام على العمرة صرفت على إعمار البلد والنهوض باقتصادها كانت ستحل أزمة كبيرة، فالاقتصاد المصرى حاليا اقتصاد هزيل أعرج والدولة تتحمل المسئولية، وآن الأوان ليتحمل الشعب المصرى جزءاً من هذه المسئولية فالعمرة ليست «حرفة» فهذا سفه. ويؤكد شلبى أهمية وجود تشريع يضبط عدد مرات الحج والعمرة قائلا: كل الأموال المصرية التى تهدر فى السعودية ينفقونها على التشدد الدينى فى مصر وتمويل القنوات التى تثير البلبلة والاضطراب داخل البلاد. الكاتب الكبير جمال الغيطانى يرى أننا فى ظروف اقتصادية صعبة والسنوات القادمة ستكون أصعب قائلا: أنا أعرف أناساً اعتمروا أكثر من ثلاثين مرة ويذهبون عدة مرات فى العام وبعد الأزمة الأخيرة وما حدث للمعتمرين فى الأراضى السعودية لابد أن نتخذ موقفاً، فلابد أن يسن تشريع يحد من المسألة وألا يكون نوعاً من الترف أو المظهرة. الدكتور جابر عصفور يرى أن فرض أى تشريع يقنن شعائر دينية يقوم بها المصريون لن يجد صدى وخاصة فى الفترة الحرجة التى تمر بها مصر، موضحا أن الشعب المصرى شعب متدين ولا تقتصر الشعائر الدينية على المقتدر، بل إن المصرى يدخر كل أمواله من أجل زيارة بيت الله وكل أمنيته أن يموت ويدفن بجانب الرسول. ويؤكد عصفور أنه من الصعب تقنين عقائد الناس، ولولا معاهدة إسرائيل ورفض البابا شنودة لحج المسيحيين لكانوا قدسوا فى القدس، مشيرا إلى أن علاج المشكلة يتمثل فى وجود نوع من الوعى وليس تعديلا تشريعيا أو تدخلا فى عقائد أحد. الدكتور صلاح قنصوة أستاذ الفلسفة يؤكد أن تقنين العمرة لا يتطلب تشريعاً ولكن يمكن التقرب للناس من خلال حملات التوعية ولابد أن يأتى هذا من قبل الشيوخ والأئمة لأن أى تشريع حاليا سيستفز الناس ولكن يمكن اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة التى يدركها الشعب بوعيه لأن الفترة الماضية أدت إلى تخلف الشعب المصرى الذى يرفض النقاش والتغيير. ويتفق الروائى مكاوى سعيد مع الرأى السابق وهو أن يتم ذلك عن طريق التوعية من الأزهر والمؤسسات الدينية.