عندما يذهب د.عصام شرف لبدو سيناء فتلك إشارة غير خافية علي اهتمام حكومة الثورة بسيناء، التي طالما تعالت الصيحات بضرورة تنميتها لتجتذب الكثير من المصريين ليكونوا حائط صد وخط دفاع بشري ضد أي عدوان إسرائيلي محتمل، خاصة وقد بانت بشائر تنذر بوفاة معاهدة السلام، ولنتذكر كلمة مهمة جدا قالها شارون عام 1982 قال إن اتفاقية كامب ديفيد لن تعيش أكثر من عشرين عاماً.. وهنا نسأل كيف تنتهي الاتفاقية؟ هناك طريقان إما بحرب أو باتفاقية أخري.. ولا يخفي علينا تلك الأصوات الثورية التي تطالب بمراجعة بنود هذه الاتفاقيات والعقود التي تحتم علينا السماح بتصدير الغاز المصري لإسرائيل بسعر يقل كثيراً عن سعره العالمي ولا يخفي أيضاً تصريحات ذلك ال «نتن ياهو» المهددة بشن الحرب علي مصر لاسيما بعد الثورة المصرية التي قلبت كل مخططاتها في مصر رأساً علي عقب بعد أن استكانت لمخطط التوريث المباركي الذي يحمي مصالحها بل وأصبح احتمال وصول الإخوان للحكم أمراً وارداً بل وأكثر من ذلك استطاعت حكومة الثورة ومنظماتها الشعبية تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بعد سنوات وسنوات من الإخفاق والتحايل والتعنت.. كل هذا يفرض علي إسرائيل كثيرا من المخاوف أعلنت عن نفسها في تلك التدابير التي قامت بها لإثارة العديد من الفتن الطائفية بحرق الكنائس في أطفيح وإمبابة وغيرها وباعتراف جاسوسها الذي سقط في أيدي المصريين منذ أيام. في كتابه «داخل مصر - أرض الفراعنة علي شفا الثورة» Inside Egypt الذي صدر عام 2008 يصور الكاتب الصحفي الإنجليزي John R. Bradley وضع بدو سيناء تصويراً صادقاً إذ يقول «إن الامتداد العمراني المدني في أراضي سيناء قابله نوع من التهميش للبدو الذين يعانون كثيراً من البطالة والعزلة في الصحراء فضلاً عن الجهل ونقص التدريب لإنشاء مشروعات صناعية صغيرة تناسب طبيعة المنطقة، ويلفت الانتباه إلي أنه في عام 2002 فقط توفرت ما بين 10 - 30 ألف فرصة عمل في 110 فنادق في سيناء، ولكن المفارقة أن غالبية الذين تم توظيفهم جاءوا من القاهرة أو الدلتا للحد من مشكلة البطالة هناك. وأن البدو يشعرون بأن الحكومة تتعمد تهميشهم وعزلهم لصالح الذين يأتون من خارج أراضيهم، مستنداً إلي حالة قرية «جرغانة» الساحلية في سيناء، التي يعيش أهلها قرب غابات من أشجار المانجروف ويعتمدون بشكل أساسي علي الصيد في الصيف وحفظ الأسماك في الشتاء، موضحاً أن أهالي هذه القرية يتعرضون لمحاولات الإبعاد من جانب أصحاب القري السياحية في المنطقة المدعومين من الحكومة والذين يحاولون منعهم من الصيد الذي يتكسبون منه. وأضاف برادلي إن وضع البدو في جنوبسيناء مختلف عن شمالها حيث يستطيع أهل الجنوب التكسب علي الهامش من صناعة السياحة المنتشرة هناك في حين يبدو الوضع مأساويا في الشمال، فالسياحة تكاد تكون شبه معدومة ووعود الحكومة بتقديم الدعم والمساعدات وبناء المشروعات الجديدة تحولت إلي مزحة وهو الأمر الذي حول أهل هذه البقعة إلي قنبلة موقوتة. وأن من العار علي مصر في ظل هذه المعاناة للبدو أن تقتصر المساعدات التي يتلقونها علي تلك التي تأتي من الخارج والأسوأ من ذلك أن بعض هذه المساعدات يأتي من البرنامج العالمي للغذاء التابع للأمم المتحدة، الذي يفترض أنه معني بتوفير المعونات للشعوب المنكوبة التي تعاني من مجاعات». أما نحن فمنذ غنينا مع شادية «سينا رجعت كاملة لينا» كانت لنا جولات ومحاولات لاستعادة أهلها للتراب المصري ولكن كلها لم تبرح نقطة البداية. أولي الجولات كانت.. مؤتمر الاستثمار الأول لسيناء.. وحضره وزيرا الاستثمار.. والإدارة المحلية.. وكلاهما قال كلاماً جميلاً و«زي الفل».. أما الواقع.. فقد كان «شيئاً آخر». .. فهل يستطيع أحدكم أن يعرف من ذاك المسئول عن «تجميد» المشروع القومي لتنمية سيناء.. وتعطيله. هذا المشروع الذي عكف عليه الدارسون والباحثون طوال 10 سنوات.. حتي أقره مجلس الوزراء «المصري» في 13 أكتوبر 1994 أي منذ 17 عاماً.. أو يقل قليلاً.. وتحدد له 75 مليار جنيه شمال سيناءوجنوبها ليزرع ما يقرب من ثلاثة ملايين مواطن فوق أرض سيناء ويخلق 2,1 مليون فرصة عمل حتي عام 2017 .. وللعلم.. فقد أعيد دراسة الاستراتيجية في سبتمبر 2000 لتصل التكلفة الاستثمارية للمشروع إلي 251 مليار جنيه منها 69 مليارًا للشمال.. وتحمل القطاع الخاص 56% من إجمالي الاستثمارات. أين هذا المشروع الآن؟.. ومن المسئول عن عدم عقد اللجنة الوزارية العليا للإشراف عليه المسئولون يقولون.. إن ما حدث في حق سيناء جريمة!!.. فمن إذن المسئول عن هذه الجريمة؟.. أيضاً من المسئول عن توقف قطار «القنطرة» رفح.. عند بئر العبد.. فلا هو توقف عند القنطرة فيوفر مئات الملايين التي دفعناها من «دم قلبنا» في كوبري الفردان.. ولا هو استمر وواصل حتي العريش ميناءً.. وحياة.. ثم رفح.. ومن المسئول عن سرقة قضبانه.. وحتي محطاته؟! .. من المسئول عن توقف مشروع ترعة السلام.. فتحصد بورسعيد والإسماعيلية أفضل ثماره.. وتقف سيناء تنتظر!!.. من المسئول عن إهدار حياة 70 ألف فدان جاهزة في السر والقوارير بوسط شمال سيناء المنفذ الدائم للعدو والغزو والعدوان.. وأخيراً وليس آخراً من المسئول عن اغتيال الأمل في إقامة مشروعات استثمارية علي ثروات سيناء وكنوزها وثرواتها المعدنية.. أسئلة كثيرة وغيرها أكثر أرجو أن يكون د.عصام شرف رئيس حكومة الثورة قد وجد إجابات مقنعة عليها أو علي الأقل يكون قد بدأ البحث والتحري عنها وألا يكتفي من زيارته الأخيرة بتناول الكبسة مع بدو سيناء الكرماء..!!